بحث فى المدونة

الأربعاء، 30 سبتمبر 2020

الانتفاضة التى انقذت الامة

 

الانتفاضة التى أنقذت الأمة

الذكرى العشرون

محمد سيف الدولة

Seif_eldawla@hotmail.com

 

انها الانتفاضة التى تفجرت فى فلسطين فى 28 سبتمبر 2000 بعد اقتحام شارون للمسجد الاقصى، والتى استمرت عدة سنوات سقط خلالها 4000 شهيد و40 ألف جريح فلسطينى وأوقعت (باسرائيل) خسائر جسيمة بلغت أكثر من 1000 قتيل و4000 جريح.

لقد أعادت هذه الانتفاضة المباركة الروح الى الأمة كلها، فلقد جاءت بعد 10 سنوات عجاف، كاد اليأس أن يتسرب الى نفوسنا بأنه لا قبل لنا بأعدائنا:

·       ففى 1991 كان الأمريكان وحلفاؤهم قد قاموا باحتلال الخليج العربى فيما سمى بحرب تحرير الكويت بمشاركة بعض الأنظمة العربية مثل مصر وسوريا والسعودية وقطر والإمارات والمغرب، وحاصروا الشعب العراقى 10 سنوات.

·       كما كانت موازين القوى الدولية قد اختلت بشدة لاول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، بعد سقوط وتفكك الاتحاد السوفيتى عام 1991 وانفراد الامريكان بنا وبالعالم كله، وما زاد الطين بلة هو هجرة مليون يهودى سوفيتي الى فلسطين

·       هذا بالإضافة الى ما حدث فى 1993 حين وقعت منظمة التحرير الفلسطينية اتفاقية أوسلو التى اعترفت فيها (باسرائيل) وتنازلت عن حقها فى 78 % من ارض فلسطين، وألقت سلاحها وتنازلت عن حقها فى المقاومة وسط مباركة عربية رسمية تقودها مصر والسعودية بأوامر أمريكية.

·       وبدأت حملات التحطيم المعنوى والتسفيه والتشهير والسخرية والشماتة من كل أولئك الذين رفضوا نهج كامب ديفيد والاعتراف باسرائيل ورفضوا الاستسلام للأمريكان والتحالف معهم.

·       وظهر الامر حينها وكأن قوى الشر والاستعمار والعدوان قد انتصرت الى غير رجعة

·       وانعكس ذلك على آلاف مؤلفة من شباب وكوادر وقيادات القوى الوطنية المصرية والعربية، فانهار بعضها واستسلم وانسحب من الحياة السياسية، وغير البعض الآخر ولاءه وانتماءه ونشاطه وتخلى عن المشروع الوطنى الثورى، وشاع الحديث على نهاية الصراع العربى الصهيونى وانتصار (اسرائيل) وسيادة الولايات المتحدة واستحالة مواجهتهما، وتم عزل وحصار ومطاردة الصامدين المؤمنين والمتمسكين بشرعية التحرير والمقاومة وحتمية النصر، واتُهِموا بالإرهاب والتطرف وعدم الواقعية.

***

فى هذه الأجواء البائسة تفجرت انتفاضة الأقصى كطوق نجاة انتشل الجميع من مستنقعات اليأس والإحباط والهزيمة والمهانة والاستسلام، فأعادت الروح إلى الأمة فأحيتها من جديد، خاصة وإنها قد جاءت بعد شهور قليلة من نجاح المقاومة اللبنانية فى مايو 2000 فى الانتصار على العدو الصهيونى واجباره على الانسحاب من لبنان بعد 18 عاما من الاحتلال.

لقد تمكنت انتفاضة الاقصى من ضخ دماء جديدة فى الحياة السياسية، فلقد ألهمت بطولاتها وعملياتها الاستشهادية وانتصاراتها الشعوب العربية، وأعادت ثقتها فى أن الامة لم تمت ولا يمكن أن تموت، كما أعادت الحياة الى مشروع النضال والمقاومة، وحتمية مواجهة الهيمنة الأمريكية والاحتلال الصهيوني.

وسرعان ما تشكلت فى العالم العربي حملات تضامن شعبية واسعة لنصرة فلسطين، وتراجع فى لمح البصر خطاب التسوية والصلح مع اسرائيل، وانقلب السحر على الساحر وانعزل كل أصدقاء (إسرائيل) من المستسلمين والمطبعين.

وفى مصر تشكلت عشرات اللجان الشعبية لدعم الانتفاضة الفلسطينية ضمت فى صفوفها آلاف المصريين من كافة التيارات السياسية الذين نجحوا جنبا الى جنب فى تشكيل رأى عام شعبى قوى ضد (اسرائيل) يطالب بقطع العلاقات معها وطرد سفيرها وإلغاء كامب ديفيد، وانتشرت حملات التبرعات وقوافل الإغاثة، ونجحت هذه الحالة الثورية فى تنظيم أكبر وأنجح حملات شعبية عربية لمقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية منذ زمن طويل، مما أعاد للجميع الثقة فى النفس وفى الناس وفى جدوى النضال والدأب والمثابرة، وأعاد إليهم الإيمان بعدالة قضيتهم وصحة مواقفهم ، وبإمكانية النجاح والتقدم والانتصار وكسر كل القيود .

ومن هذه الروح التى بثتها انتفاضة الاقصى توالت وتولدت حركات وطنية متتالية ضد الاحتلال الامريكى للعراق 2003 ثم ضد العدوان الصهيونى على لبنان 2006 وعلى فلسطين 2008-2012، ورويدا رويدا انتقلت هذه الحركات لمواجهة أنظمتها الحاكمة التى سكتت أو تواطأت مع الاعتداءات الامريكية والإسرائيلية بالإضافة الى كل جرائمها الداخلية فى مواجهة شعوبها، الى أن تفجرت ثورات الربيع العربى بشرارة انطلقت من تونس الشقيقة ولحقتها مصر لتسقطا حكامهما المستبدين التابعين ولا تزال المعركة مستمرة.

وفى النهاية سيسجل التاريخ أن انتفاضة الأقصى المباركة كانت واحدة من اهم حلقات النضال الشعبى العربى فى العصر الحديث، وانه كان لها دورا وتأثيرا كبيرا فى إعداد الأرض المناسبة والظروف التى مهدت للثورات العربية فيما بعد.

ولكن الأهم من ذلك انها أكدت حقيقة موضوعية يجب ألا تغيب عنا أبدا وهى أنه مهما اختلت موازين القوى وتوهمت قوى البغى والعدوان انها بلغت ذروة القوة والسيطرة والانتصار، فان النصر النهائى دائما ما يكون من نصيب الشعوب، لسبب بسيط هو انه ليس لها خيار آخر.

*****

30 سبتمبر 2020

 

الاثنين، 28 سبتمبر 2020

شكرا جمال عبد الناصر

 

شكرا جمال عبد الناصر

محمد سيف الدولة

Seif_eldawla@hotmail.com

 

فى الذكرى الخمسين لوفاة جمال عبد الناصر، علينا ان نتوجه اليه بخالص الشكر والتقدير على ما حققه خلال مدة حكمه التى لا تتجاوز 18 عاما، وكذلك على الدروس الثمينة التى تعلمناها من الهزائم والعثرات وبعض الثغرات الجسيمة والخطيرة فى النظام الذى قام بتأسيسه، حتى نتجنب تكرارها فى المستقبل:

فلنشكره اولا:

·       على تحقيق الاستقلال وتحرير مصر من احتلال بريطانى دام 74 عاما، وعلى تأميم قناة السويس وتمصير البنوك والشركات والمصالح الاقتصادية الاجنبية الاستعمارية.

·       وعلى انحيازه الى فقراء الأمة فى كل مناحى الحياة الاقتصادية والصناعية والزراعية والتعليمية والسكنية والعلاجية.

·       وعلى تحرير ثروات البلاد ومقدراتها من سيطرة كبار ملاك الاراضى الزراعية وكبار الراسمالين واحتكار الشركات والبنوك الاجنبية.

·       وعلى المشروعات الكبرى التى كان على راسها بناء السد العالى رغم كل الضغوط والعقبات الخارجية، وعلى تأسيس القطاع العام ومئات المصانع والصناعات الوطنية وتعيين ملايين العمال والموظفين.

·       وعلى احياء الوعى الشعبى المصرى بانتمائنا الوطنى والقومى وهويتنا العربية، وبعودة مصر الى دورها التاريخى منذ عصر الحروب الصليبية وما قبلها، الى مكانتها فى القلب من الامة وعلى راس قيادتها فى مواجهة الغزوات والمخاطر الخارجية.

·       ونشكره الف شكر على تعميق العداء الى الكيان الصهيونى وعدم الاعتراف بشرعية (اسرائيل) ولا الصلح او التفاوض معها حتى فى احلك ظروف الهزيمة.

·       وعلى عدم استسلامه بعد هزيمة 1967، وعلى شروعه الفورى فى اعادة بناء القوات المسلحة والاشتباك مع العدو فى حرب الاستنزاف، مما كان له دورا كبيرا فى الاعداد لحرب 1973.

·       وعلى دوره فى دعم فلسطين وقضيتها وتبنيه لحركات المقاومة ومساندته لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية.

·       وعلى عدم الاكتفاء بتحرير مصر من الاحتلال البريطانى بل الاشتباك بكل قوة مع اى احتلال اجنيى آخر لاى قطر عربى وتقديم الدعم لثورات التحرر وحركات المقاومة بالمال والسلاح والمساندة السياسية والدولية.

·       وعلى احتفاظه بارادة مصر مستقلة عن الدول الكبرى شرقا وغربا، وقيامه بدور قيادى مع زعماء مثل نهرو وتيتو فى بناء وتأسيس منظمات دولية ترفض الانحياز والتبعية لاى من القوتين العظمتين.

·       وعلى فضله الكبير فى وجود اجيال متعاقبة من انصاره وتلاميذه من الشباب المصرى والعربى المتمسك بعروبته المناهض للولايات المتحدة ولاسرائيل والمناضل من اجل وحدة الامة ولو بعد حين.

·       وهكذا

***

ولكننا من ناحية أخرى ندين للتجربة بالعرفان، لما تعلمناه من دروس ثمينة من اخطائها الجسيمة وهزائمها القاسية ومأساة الارتداد والانقلاب عليها وعلى كل ما دعت اليه ونادت به:

·       فلقد تعلمنا من هزيمة 1967 القاسية والتى لا نزال نسدد فواتيرها حتى اليوم، ان الجيوش لا يجب ان تتورط فى الصراعات السياسية ولا يجب ان تتحول الى مراكز قوى فوق الشعوب ولا ان تكون بمنأى عن المراقبة والمسائلة والحساب من المؤسسات البرلمانية والقضائية والاعلامية والسياسية والشعبية.

·       وتعلمنا كثيرا من ردة نائبه ورئيس الدولة من بعده، محمد انور السادات؛ هذه الردة  التى اسقطت مصر فى التبعية للولايات المتحدة بعد حرب 1973، وعقدت اتفاقيات كامب ديفيد مع العدو الصهيونى واضعفت مصر والامة العربية وسلمت الاقتصاد المصرى للسوق العالمى ولمؤسسات الاقراض الدولى وللشركات متعددة الجنسية، وسلمت ثروات البلاد الى حفنة من الراسماليين ورجال الاعمال..الخ، تعلمنا منها اخطر درس، وهو ان النظام الذى اسسه عبد الناصر كان مخترقا من داخله حتى النخاع، وانه لم يكن قادرا على حماية نفسه ومنجزاته وانحيازاته وخطه الوطنى ومكاسب ومصالح شعبه بعد رحيل عبد الناصر، فلقد كان قائما على وجود رجل واحد، وبمجرد رحيله سقط كل شئ بسهولة متناهية وبدون مقاومة تذكر خلال سنوات قليلة. تعلمنا أن الرهان يجب أن يقوم على الشعوب وقواها الوطنية قبل ان يقوم على الزعماء والقادة.

·       وتعلمناه درسا هاما من تجربته الاقتصادية وهو ان العدالة الاجتماعية او الاشتراكية لا يمكن ان تبنى كما حدث بدون اشتراكيين وكوادر من الناس منحازة الى مصالحها، ولا يمكن ان تبنى وتستمر تحت قيادة رجال الاعمال وكبار الراسماليين لانهم فى اول فرصة سيقومون بالانقضاض والارتداد عليها ليعيدوا نهب واسترداد ما تم مصادرته من اموالهم وثرواتهم وشركاتهم وسيقومون باختراق القطاع العام وافساده وشراء كبار قياداته وخصخصته وشراءه بابخس الاثمان وتصفية الصناعات الوطنية لحساب المنتجات اجنبية التى اخذوا توكيلاتها، وسيقودون خطة اغراق مصر فى التبعية الاقتصادية واخضاعها لرؤوس الاموال الاجنبية وضرب الاقتصاد الوطنى.

·       وتعلمنا من واقع النظام السياسى التى اسسه عبد الناصر، الخطأ الجسيم فى تأميم الحياة السياسية وادارة البلاد بتنظيم او حزب وحيد من صناعة السلطة وتابع وموالى لها، لانه فى هذه الحالة سيكون مرتعا لأسوأ العناصر الانتهازية فى البلاد، رجال كل العصور وكل الانظمة وكل الحكام، ليس لهم مبدأ او عقيدة، يبيعون الوطن والشعب بحفنة جنيهات.

·       وتعلمنا كثيرا من مأساة تزوير الانتخابات والاستفتاءات ونسب الـ 99% حتى لو كان نجاح عبد الناصر مضمونا فى اى انتخابات رئاسية، ولا نزال ندفع أثمانا فادحة لها حتى يومنا هذا.

·       وتعلمنا خطأ حل الاحزاب، وعلى الأخص الوطنية منها، وحصار عناصر المعارضة واعتقالهم والزج بهم فى السجون والمعتقلات، وخطأ مواجهة الافكار والمفكرين والتيارات الفكرية، بالاجهزة الامنية التى تضخمت وامتد نفوذها الى كل مؤسسات الدولة، واصبحت هى التى تدير وتخطط وتنظم الحياة السياسية والبرلمانية فى مصر، وتحدد من الذى يشارك فيها ومن الممنوع من شرعيتها.

·       وتعلمنا خطأ الرأى الواحد واعلام الدولة وتأميم الصحف والصحافة والصحفيين وكل منابر الاعلام، وكيف أدت الى تمرير أبشع الجرائم الوطنية فى حق البلاد والعباد، بدون أى قدرة على النقد او الرد او المحاسبة او التعقيب أو التنبيه.

·       وحتى فى تجربة الوحدة مع سوريا التى كانت "أمل الأمة" ولم تستمر سوى ثلاث سنوات 1958 -1961، فلقد تعلمنا منها ان الوحدة لا يمكن ان تأتى من أعلى، ولا يمكن ان تكون وحدة بدون وحدويين وقوميين حقيقيين، ولا يمكن ان يكتب لها النجاح لو كان القائمين عليها هم اجهزة الامن والمخابرات فى كل دولة، لان ولائهم لدولهم قبل ان يكون للوحدة. بينما الوحدة بين دولتين أو أكثر لا تعنى فى النهاية سوى الغاء كل منهما لصالح الدولة الجديدة الوليدة.

·       وخلاصة السطور السابقة فى كلمات قليلة اننا قد تعلمنا من ثورة يوليو 1952 – 1973، ان الثورات لا يمكن ان تقوم بالتنظيمات السلطوية الفوقية وبالموظفين والاتباع والاجهزة الامنية والعناصر المنافقة والانتهازية ورجال الأعمال، بل لابد ان تقوم وتأتى وتحكم بكوادرها فى حماية الملايين من جماهير شعبها، وفقا لرؤية منهجية علمية وبرنامج عمل وطنى وتحالف عريض وواسع من التيارات والقوى الوطنية المناهضة للاستعمار والصهيونية المنحازة للشعوب الساعية الى سد احتياجاتها المعيشية المؤمنة بالمشاركة والحرية والديمقراطية.

***

فى نهاية هذه السطور اعود واقول انه رغم كل شئ الا ان تقديرنا لجمال عبد الناصر يعلو ويزداد كلما قمنا بالمقارنة بين خطه الوطنى القومى التحررى المنحاز الى الفقراء، وبين ما آلت اليه الأحوال فى مصر وباقى اقطار الأمة فى السنوات الاخيرة، من تبعية وتطبيع وافقار واستبداد.

*****

28 سبتمبر 2020

الثلاثاء، 22 سبتمبر 2020

لن تقود (اسرائيل) الأمة

 

لن تقود (اسرائيل) الأمة

محمد سيف الدولة

Seif_eldawla@hotmail.com

 

" ان مصر قادت الشرق الأوسط 40 سنة وهذه هى النتيجة، واذا تركتم (اسرائيل) تقود ولو عشر سنوات فسوف ترون "

 

    هذا ما قاله بيريز لبعض رجال الأعمال العرب على هامش مؤتمر الدار البيضاء عام 1994 وفقا لما ورد في كتاب "سلام الأوهام" لمحمد حسنين هيكل.

***

حينها، اتهم البعض بيريز بالبلاهة، فكيف يمكن ان يخطر بباله أمر كهذا؟ كيف يجرؤ على تخيل ان العرب مهما كانت سوءاتهم يمكن ان يعطوا راية القيادة لعدوهم اللدود والمعتدى الأول على اوطانهم وشعوبهم على امتداد قرن من الزمان؟

***

فهل ما نراه اليوم يؤشر ان بيريز لم يكن أبلها ولا يحزنون، بل كان على علم بما ستؤول اليه الأمور ان عاجلا أم آجلا، بعد توقيع ثلاث اتفاقيات عربية مع (اسرائيل) كامب ديفيد 1978-1979 واوسلو 1993ووادى عربة 1994؟

 

لأنه اليوم وبعيدا عن التصريحات والبيانات الرسمية العربية الكثيرة حول حقوق الشعب الفلسطينى ودولته المستقلة، فلقد أصبح واضحا للجميع ما كانت عديد من الانظمة العربية تحاول اخفاءه منذ سنوات طويلة من ان معظمها تلتزم بالاسس والشروط والقواعد التى سنها الامريكان والصهاينة للمنطقة:

·       فغالبية العرب الرسميين اليوم يبايعون ويباركون السيطرة المنفردة للولايات المتحدة الأمريكية على العالم والمنطقة، ويتحالفون معها ويتبعونها ويحتمون بها ويسيرون فى ركابها او يسعون الى ذلك.

·       وأصبحوا يتبنون الموقف العقائدى الصهيونى من ارض فلسطين، وهو الموقف الذى ينطلق من انها أرض اليهود التاريخية ووطنهم القومى فيما عدا الضفة الغربية وغزة، فلقد اعترفوا جميعا بـالشرعية المزعومة لـ (اسرائيل) او فى سبيلهم الى ذلك.

·       والجميع تاب وأناب بذريعة التفوق العسكري للكيان الصهيوني، وقرروا انهم لن يحاربوها مرة أخرى مهما حدث، وان حرب 1973 كانت آخر الحروب.

·       والجميع التزم صراحة او ضمنا بقاعدة ان امن (اسرائيل) هو قدس الاقداس، ممنوع الاقتراب ممنوع اللمس.

·       والجميع ينسق امنيا مع الكيان الصهيونى بدرجة أو بأخرى.

·       والجميع شارك على امتداد ما يقرب من نصف قرن فى حصار واجهاض المقاومة المسلحة للعدو الصهيونى بدءا بأيلول الاسود 1970 وتل الزعتر 1975 وطرد ونفى القوات الفلسطينية من لبنان 1982، والعمل منذ ذلك الحين على شيطنة المقاومة فى لبنان وفلسطين وتجريمها وفرض الحصار عليها.

·       والجميع مارس ضغوطا هائلة على القيادات الفلسطينية الرسمية للتنازل عن 78 % من وطنها والقاء السلاح والكف عن المقاومة والتفاوض مع العدو على 22 % فقط من فلسطين هى الضفة وغزة كما تقدم، الى أن آلت الأمور الى ما آلت اليه من تآمر الجميع على تصفية القضية الفلسطينية وابتلاع (اسرائيل) لما تبقى من الارض المحتلة.

·       واعتمد غالبية الحكام العرب صراحة او ضمنا التوصيف الامريكى الصهيونى للمقاومة بأنها إرهاب، وامتنعوا عن دعمها باى شكل من الأشكال بدافع الخوف أو التواطؤ، بل ان منهم اليوم من يطالب بنزع سلاحها.

·       والغالبية العظمى منهم قبلت صاغرة إعادة صياغة المنطقة وتشكيلها وادارتها وفقا للمشروع الامريكى الصهيونى، القائم على مجموعة من المحميات الامريكية التابعة، المسماة بالدول والدويلات العربية، فى القلب منها المحمية الكبرى والقاعدة العسكرية الاستراتيجية المسماة بـ (اسرائيل).

·       اما عن التطبيع فحدث ولا حرج، فهو قائم على قدم وساق سرا وعلانية، بدءا بمصر كامب ديفيد ونهاية بالامارات والبحرين وما بينهما، وما خفى كان أعظم.

***

خلاصة القول ان أنظمتنا العربية المصونة ونظامها العربى الرسمى الموقر قد سلموا القيادة العامة للأمريكان والقيادة الإقليمية للصهاينة، وقرأوا الفاتحة على ذلك، وماتوا واندفنوا كقوى داعمة لقضايانا الوطنية والقومية. فالبقية فى حياتكم.

***

أما الشعوب فلم تكف عن المقاومة ولم تستسلم أبدا؛ تواطأت علينا كل القوى الكبرى وانظمتها الدولية المتعاقبة وقاموا برعاية الحركة الصهيونية وزراعة وتأسيس وحماية وتسليح وتمويل (اسرائيل) على امتداد ما يزيد عن قرن من الزمان، شهدنا فيه حربين عالميتين وقوى عظمى قديمة وجديدة وأسلحة نووية واعتداءات وحروب ومذابح أوروبية وامريكية وصهيونية لا أول لها ولا آخر، وصعود وسقوط انظمة وحكام، قرن شهدنا فيه اهوالا عظيمة وواجهنا تحديات جسام واختلالات رهيبة فى موازين القوى، ورغم كل ذلك ما زلنا هنا لم نفنى او نتبدد او نعترف او نستسلم، أربعة أجيال متعاقبة من المقاومة، امنهم مهدد ووجودهم على المحك، يعيشون داخل قرى محصنة، فبماذا تفيدهم صفقات يعقدونها او وريقات يوقعونها مع هذا الحاكم او ذاك؟

ابدا لن تقودنا (اسرائيل).

*****

22 سبتمبر 2020

 

 

الخميس، 17 سبتمبر 2020

الرد على أنصار كامب ديفيد

الذكرى 42

الرد على أنصار كامب ديفيد

محمد سيف الدولة

                                                                                         Seif_eldawla@hotmail.com

 

تتعرض فلسطين وكل الأمة اليوم لعدوان تطبيعى جديد على أيدى المحميات الامريكية فى الخليج المسماة بالامارات والبحرين، بالاضافة الى ما أعلن عنه الرئيس ترامب من ان هناك المزيد من الدول العربية على وشك ان تعترف (باسرائيل) وتقيم معها علاقات طبيعية.

وللاسف الشديد كان العدوان الاول واللبنة الأولى فى مشروع تفكيك الدعم العربى لفلسطين، على ايدى النظام المصرى تحت رئاسة الرئيس الراحل انور السادات، والذى قام فى مثل هذا اليوم من 42 عاما بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد فى 17 سبتمبر 1978 ثم معاهدة السلام فى 26 مارس 1979، والتى مثلت ضربة قاصمة لميزان القوى العربى بعد أن انسحبت منه القائدة العربية الكبرى الاقوى والاقدر على مواجهة المشروع الامريكى الصهيونى فى المنطقة الذى يهددها قبل أن يهدد فلسطين.

ومنذ ذلك الحين أخذت كافة المنابر الاعلامية ومؤسسات التعليم العربية تسقط الواحدة تلو الأخرى تحت سيطرة انظمة الحكم التابعة للامريكان والصديقة لهم والمتورطة بالفعل او على وشك التورط فى اتفاقيات سلام وتطبيع مع العدو الصهيونى وما ارتبط بذلك من فرض حصار على كل الوطنيين الرافضين للاتفاقيات وللعلاقات مع (اسرائيل)، ومنعهم من الظهور او المشاركة فى كل وسائل الاعلام ومنابره.

ولذلك وفى محاولة لكسر هذا الحصار المفروض علينا جميعا، ورغبة فى ايصال الرواية الحقيقية للجيل الجديد الذى طال تضليله وتزييف وعيه، فإننا سنحاول فى هذه الورقة تفنيد اهم الحجج التى كان يقدمها أنصار المعاهدة والصلح مع العدو ولا يزالون، على امتداد 42 عاما، للدفاع عنها والترويج لها وطمس حقائقها، ولعلها يكون فيها أيضا ما يفيد أشقائنا من شعوب الخليج، فى معركتهم القادمة ضد العدو الصهيونى فى بلادهم.

 

1)   يدعون: "نحن نمثل القوم الاخيار المعتدلين فنحن انصار السلام، نكره الحرب وويلاتها. أما انتم فدعاة حرب ودمار."

·       ونرد: بأن الدعوة الى السلام مع المغتصب الصهيونى لفلسطين وغيرها، هو قبول للاغتصاب، وهو انحياز للعدو، وتفريط فى الارض، وضربا للسلام الحقيقى المتمثل فى قدرتنا على الحياة الآمنة المستقرة فى وطننا مثل باقى أمم وشعوب الارض. فالسلام المعروض علينا هو سلام (اسرائيل) وأمن (اسرائيل).

·       ومع ذلك، فعندما نطالب بالغاء كامب ديفيد، فاننا لا نستهدف الحرب، وانما نستهدف التحرر مما فرضته علينا من قيود فى تسليح سيناء والدفاع عنها، وقيود فى السيادة، وفى اقامة العلاقات أو قطعها، وتوقيع المعاهدات أو الغاءها بما يتناسب ومصلحتنا الوطنية والقومية.

***

2)    ويتفاخرون: "استرددنا سيناء وحررنا ارضنا المحتلة."

·       ونرد: بأننا كنا قادرين على استرداد سيناء بالقوة والقتال، فلقد نجحنا فى حرب 1973 فى التغلب على العقبة الاساسية فى المعركة وهى عبور قناة السويس، ومهما كانت العقبات والمصاعب الحربية الباقية لتحرير سيناء، فانها تظل أهون من المانع المائى.

·       كان قد فات الكثير ولم يتبقَ الا القليل، ولكن يا خسارة!

·       كما ان هناك فرق كبير بين استرداد الارض بقوتنا وعرق جبيننا ودماء شهدائنا وبين الاسترداد الحالى، فهو مرهون بشروط الاعتراف باسرائيل والتطبيع معها واعطاءها الاولوية على الامة العربية، والالتزام بالسياسة الامريكية فى المنطقة ...الخ. فان اخللنا باى شرط من هذه الشروط، نكون عرضة لاعادة احتلال سيناء مرة أخرى.

·       وكما قال اساتذتنا وشيوخنا الراحلون: "لقد أخذنا نحن سيناء، واخذوا هم مصر كلها."

·        كما اننا أخذناها منزوعة السلاح فى ثلثى مساحتها، ومقيدة التسليح فى الثلث الباقى الا بإذن (اسرائيل)، أى انها رهينة يمكن للصهاينة اعادة احتلالها فى أى وقت يشاءون.

·       ليس هذا الكلام من عندنا، فآفى ديختر وزير الامن الصهيونى صرح عام 2008 فى احدى محاضراته، بانهم خرجوا بسيناء بشرط امكانية العودة اليها متى يشاءون بموجب ضمانات امريكية.

·       ومع ذلك ان ذهبنا مذهبكم، وباركنا بنود الاتفاقية التى اعادت لنا سيناء منذ 40 عاما، ألم يأن الأوان بعد للتحرر من باقى البنود وقيودها والمتمثلة فى تقييد التسليح والتطبيع بالاكراه والانحياز لأمن (اسرائيل) على حساب الامن القومى المصرى والعربى.

***

3)    ويعيرون: "فعلنا ما لم تستطع سوريا ان تفعله حتى الآن، فالجولان ما زالت محتلة. "

·       ونرد: بان رفض خيار السادات وخيار كامب ديفيد لا يعنى على اى وجه قبول الخيار السورى، بل أن لدينا عديد من التحفظات على المواقف السورية.

·       ولكن ليكن واضحا انه بعد انسحاب مصر من الصراع، لم تعد سوريا ولا غيرها قادرة على الحرب، فلا حرب بدون مصر، ولا نصر بدون مصر. هذه هى دروس 14 قرن من تاريخ امتنا.

***

4)   ويشـمتون: "الفلسطينيون عادوا يطلبون الان بما سبق أن رفضوه فى كامب ديفيد."

·       ونرد: بأنه ليس صحيحا ان كامب ديفيد قدمت اى شيء ذى قيمة للفلسطينيين.

·       بل على العكس لقد بيعت فلسطين للصهاينة مقابل استرداد سيناء، ولقد تم بذلك بموجب الاعترف باسرائيل. وقد لخص بيجين ذلك فى مقولته عن السادات عندما صرح قائلا: " فليأخذ لمصر بقدر ما يعطى من فلسطين "

·       كما أن السادات لا يملك فلسطين لكى يتنازل عنها.

·       كان يستطيع أن يعقد ما يشاء من معاهدات بدون الاعتراف باسرائيل والتنازل عن فلسطين.

·       ان ما خص الفلسطينيين فى كامب ديفيد هى وثيقة الحكم الذاتى، وهي لا تتعدى كونها حكما ذاتيا للسكان مع بقاء الارض تحت الاحتلال.

·       ومع ذلك الذين وقعوا اتفاق اوسلو مع (اسرائيل) عام 1993، ماذا أخذوا حتى الآن؟ لم يأخذوا شيئا، ولن يأخذوا.

·       كما انه ليس صحيحا ان كل الفلسطينيين يطلبون الصلح مع العدو الصهيونى.

·       لقد رفض الفلسطينين وكل العرب الاعتراف باسرائيل منذ 1948

·       وكان الحق معهم، لانه لا يجوز لأحد ان يتنازل عن جزء من وطنه للعدو، حتى ان اختلت موازين القوى.

·       وما زالت الغالبية العظمى من الشعب الفلسطينى ترفض الاعتراف بإسرائيل.

·       وما زالت المقاومة وقيادتها فى الارض المحتلة ترفض التنازل عن فلسطين 1948

·       أما اولئك الذين قبلوا الصلح مع (اسرائيل)، فهم مكرهون. ألم يرضخ ابو عمار ورفاقه لذلك، بعد ان تم طرده من لبنان عام 1982 ونفيه الى تونس؟

·       واضيف للاكراه الصهيونى، اكراه جديد هو انسحاب مصر من المعركة، فلا حرب بدون مصر، ولا نصر بدون مصر.

***

5)    ويتخاذلون: "لا نستطيع ان نواجه امريكا"

·       ونرد مذكرين: ان المبدأ الوحيد فى مواجهة الاعداء الذين يهددون وجودنا واختصاصنا باوطاننا، وسيادتنا عليها، ويسرقون خيراتها، ويسلبوننا ارادتنا، ويسعون الى تبعيتنا، هو ان " الدفاع عن الوطن واجب مقدس "

·       هكذا علمتنا الشرائع والاديان والدساتير ومواثيق القانون الدولى والأمم المتحدة وتجارب التاريخ ونضال الاجداد والاجيال السابقة، وتجارب الشعوب المحترمة فى كل اقاصى الارض

·       ان التنازل عن الاوطان والخضوع للعدو بحجة انه الاقوى، وأننا لا قبل لنا به، هى مغالطة مفضوحة، وجريمة تصفها قوانين العقوبات بالخيانة العظمى، لان الاحتلال اساسا لا يتم الا عندما تختل موازين القوى لصالحه. فان انطلقنا من قاعدة ان القوة فوق الحق، فان هذا يعنى ان نستسلم له منذ اللحظة الاولى.

·       كما ان التنازل للاقوى، تزيده قوة وتزيدنا ضعفا، فنقدم تنازلا جديدا، وهكذا فى دوامة جهنمية لا تنتهى الا بالقضاء علينا.

·       لقد كانت معظم بلاد العالم الثالث محتلة فى وقت من الاوقات، ولكنها نالت حريتها بالجهد والنضال والتضحيات

·       بل ان العديد من الدول الكبرى الحالية قاتلت لتتحرر من الاحتلال الاجنبى مثل فرنسا فى الحرب العالمية الثانية والصين فى الحرب العالمية الاولى وما بعدها، بل أن امريكا ذاتها قاتلت الاحتلال البريطانى.

·       فالقاعدة الثابتة تاريخيا هى ان الاستعمار لا يدوم والسبب واضح ومنطقى وهو ان الاحتلال بالنسبة للمعتدى هو مجرد مكاسب اضافية يمكنه ان يستغنى عنها ويعيش بدونها، اما الاحتلال بالنسبة الى المعتدى عليه، فهو تهديد لوجوده ذاته.

·       ولذلك تنجح الشعوب دائما فى التحرر ويحمل الاستعمار عصاه ويرحل.

·       وبالتالى فحجة اننا لا قبل لنا بالولايات المتحدة او بغيرها، هى حجة غير مقبولة وغير لائقة، ويجب الامتناع عن مناقشتها اساسا، فهى خارج السياق الوطنى.

·       ومع ذلك، عندما خاف الرئيس السادات من امريكا وقرر السير فى ركابها، والخضوع لشروطها، لم تكن وحدها فى الميدان، فقد كان هناك ايضا الاتحاد السوفيتى. وكان لدينا ارادتنا الوطنية، وكان معنا كل الدول العربية وكل دول العالم الثالث وعدم الانحياز.

·       وبعد سقوط الاتحاد السوفيتى وانفراد الولايات المتحدة بالعالم، اصبحت اشد خطورة علينا، وهو ما ثبت فى احتلالها للعراق وفى دعمها اللانهائى لاسرائيل، وفى سعيها الى تفتيت السودان وغيرها، وفى ضغوطها المستمرة على مصر. وأصبح التحرر من هيمنتها اهم من ذى قبل، والصمود امامها وليس الخضوع لها، هو الموقف الوطنى الفطرى والطبيعى.

·       وكل الدول المحترمة فى العالم تفعل ذلك، وتصر على التمسك باستقلالها وسيادتها وأقربهم الصين والهند وإيران وفنزويلا.

·       ومع ذلك فليس السبيل الوحيد للتعامل مع امريكا، هو الاشتباك معها عسكريا، وانما قد يكون باستعادة ارادتنا الوطنية، ولم الشمل العربى، وتجميع عناصر قوتنا، والتعامل معها بندية، وحصار مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية فى بلادنا للضغط عليها لتغيير سياستها من قضايانا القومية. هكذا فعلنا بسلاح النفط عام 1973. وهكذا يجب ان يكون سلوك الامم الحرة.

***

6)   ويتنازلون: "اسرائيل امر واقع وهى عضو فى الامم المتحدة ومعترف بها دوليا ولن نستطيع استرداد فلسطين منها أبدا."

·       نعم هى امر واقع، ولكن بمعنى انها عدو قائم بالفعل، حقيقى وليس وهمى، وإلا من الذى كنا نحاربه طوال هذه السنين، ومن الذى كان يعتدى علينا ويقتلنا، ويغتصب اراضينا طول الوقت. فلم نكن نحارب طواحين الهواء، نعم هى امر واقع بهذ المعنى.

·       اما (اسرائيل) التى نرفض الاعتراف بها، فهى دولة (اسرائيل) المشروعة الطبيعية، فالاعتراف الذى يطلبه منا الصهاينة والذى اعطاها اياهم السادات هو الاعتراف بشرعية الاغتصاب الصهيونى لفلسطين، والاعتراف بان هذه ارضهم التاريخية، وانهم نجحوا فى تحريرها من الاحتلال العربى الذى قائما فيها منذ الفتح العربى.

·       ان مثل هذا الاعتراف قد رتب آثاراً خطيرة اهمها: دعم الرؤية الصهيونية المزيفة للتاريخ والتى تنطلق من أن الوجود العربى فى المنطقة هو وجود استعمارى غير مشروع يجب ان يزول، وهو ما ينطبق على فلسطين 1948 وعلى الضفة الغربية وغزة، وينطبق علينا نحن ايضا فى مصر. انه انتحار.

·       ومن آثاره ايضا ان اكثر من 80 دولة اعادت علاقتها باسرائيل بعد اعترافكم بها، مما ساعد على ضخ دماء جديدة فى اقتصاد الكيان الصهيونى أطالت عمره لعدة عقود قادمة، وخففت العبء على كاهل حلفاؤه الرئيسيين امريكا واوروبا الغربية.

·       وايضا اعطى اعترافكم، الضوء الاخضر لكل القوى الطائفية فى الوطن العربى، وبمساندة من الصهاينة، لتكرار نموذج الدولة اليهودية وتأسيس دويلات طائفية شيعية وسنية وكردية ودرزية ومارونية وقبطية وامازيغية وهكذا، فى اتجاه مزيد من تفتيت الامة العربية. وتهديد لكيان دولكم ذاتها، القائمة منذ الحرب العالمية الاولى.

·       كما ان فى تاريخنا القديم والحديث امثلة ونماذج ناجحة وملهمة على قدرتنا على تحرير ارضنا المغتصبة، فلقد سبق ان حررنا المشرق العربى من الاحتلال الفرنجى الذى دام ما يقرب من 200 عاما (1096 ـ 1291). والجزائر تحررت بعد احتلال فرنسى دام 130 عاما (1830 ـ 1962) والامثلة كثيرة. فلا تضعفوا من عزائمنا.

·       اما الامم المتحدة وما يسمى بالشرعية الدولية فلا يجب ان تكون مرجعية لنا على اى وجه، فكل الشرعيات الدولية والقوى الكبرى على امتداد قرنين من الزمان هى التى سلبت منا حياتنا واحتلت اوطاننا وناصبتنا العداء ولا تزال، انهم العدو الاصلى. 

·       وها هى الصين لم تعترف ابدا بانفصال تايوان عنها، وكذلك لم تعترف المانيا الاتحادية بعد الحرب العالمية الثانية بشرعية المانيا الشرقية، ونحن فى مصر لم نعترف ابدا بشرعية الاحتلال البريطانى لنا، وكذلك فعلت كل الشعوب العربية وباقى شعوب العالم فى مواجهة مستعمريها.

·       وأخيرا، افيدونا، افادكم الله، بأى منطق تطالبون الشعب الفلسطينى بالتنازل عن ارض 1948 لاسرائيل، فى الوقت الذى رفضتم، عن حق، التنازل عن شبر واحد من الارض المصرية فى طابا.

***

7)   ويراوغون: "لا يجب ان نتورط فى اى حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل كما حدث فى 1967"

·       ونرد: انكم تتناسون ان ما حدث فى 1967 كان عدوانا صهيونيا بدعم أمريكي، مخطط له سلفا منذ عدة سنوات.

·       وهو العدوان التوأم لعدوان 1956، وفى المرتين لم نكن نحن البادئين.

·       وأى عدوان يجب ان يُرَد. أم أن لكم رأيا آخر ؟؟

·       وأن الخطأ الكبير الذى وقعنا فيه فى 1967 لم يكن التورط فى الحرب، وانما كان فى عدم الاستعداد لها.

·       ولقد استعددنا جيدا فى 1973، وكدنا أن نفعلها، لولا خوف السادات وخطاياه العسكرية وتنازلاته الوطنية.

·       والموقف الصحيح الآن ليس هو الهروب من الحرب، بالصلح مع (اسرائيل)، وانما هو الاستعداد الدائم للعدوان القادم.

·       وألم تدعوا ان حرب أكتوبر هى آخر الحروب، فاذا بكم تحاربون مع الامريكان فى حرب تحرير الكويت؟ وتقدموا تسهيلات لوجيستية للقوات الأمريكية ساعدتها فى غزوها للعراق؟ وتنخرطون حتى يومنا هذا فى كل التحالف العسكرية التى يؤسسها الأمريكان فى المنطقة؟

·       ومع ذلك، فنحن عندما نطالب بالغاء كامب ديفيد، فاننا لانطالب بدخول الحرب، وانما نسعى الى التحرر من قيودها واستعادة حريتنا فى تسليح سيناء والدفاع عنها، واستعادة حقنا فى اقامة او قطع العلاقات مع اسرائيل مثلها فى ذلك مثل اى دولة اخرى، وحقنا فى العودة الى الصف العربى بما يحقق مصالحنا الوطنية والقومية، وحقنا فى الاختيار طوعا بين التطبيع او المقاطعة مع اسرائيل بما يخدم مصالحنا الوطنية وليس فرضا واكراها.

·       وأنتم ترددون حجة التوريط هذه، كلما وقع عدوان صهيونى جديد على اى قطر عربى، وكلما طالبناكم بالتحرك لدعم الحقوق العربية ونصرة الاشقاء.

·       ولكننا عندما نطالبكم بدعم اهالينا فى فلسطين، وبفتح المعبر أو سحب السفير أو تجميد العلاقات، او الضغط فى المنابر الدولية، فان كلها مطالب بسيطة وممكنة لا يمكن ان تؤدى الى حرب، الا ان كان التزاماتكم بموجب المعاهدة أسوأ بكثير مما نعلم.

***

8)   ويتحايلون: " كفانا حروب من أجل فلسطين، ولننتبه الى انفسنا قليلا "

·       ونرد: هذه مغالطة كبيرة اخرى، فاننا لم نحارب الحروب الاربعة الاخيرة من اجل فلسطين، فـحرب 56 و67 والاستنزاف و73 هى حروب من اجل تحرير الارض المصرية المغتصبة من العدوان الصهيونى

·       ونكرر أننا لم نكن نحن فى اى مرة من هذه الحروب، البادئين بالعدوان.

·       وهم لم يعتدوا علينا، لاننا حاربنا من اجل فلسطين، ولكن لكى يرغموننا على الاعتراف باسرائيل، وعلى الانصياع لسياسات الولايات المتحدة.

***

9)   وينسحبون ويتملصون: " مشكلة فلسطين ليست مشكلتنا "

·       ونرد: تنتمى كل من مصر وفلسطين الى امة واحدة ووطن واحد منذ الفتح العربى الاسلامى. بما يعنيه ذلك من وحدة الشعب والارض والتاريخ والحضارة واللغة والمصير ومن ثم وحدة العدو والصديق.

·       وتجاهل هذه الحقائق يرتد بنا الى ما قبل الميلاد، عندما كنا نحن وفلسطين وكل الشام تحت الاحتلال الاجنبى لاكثر من 9 قرون متواصلة. فعزل مصر عن امتها العربية الاسلامية هو عودة الى حلول واختيارات ثبت فشلها منذ أكثر من 2300 عام. 

·       فان لم تستوعبوا ذلك، فيكفيكم ان المشروع الصهيونى تأسس فى مواجهتنا جميعا، واستهدف اوطاننا جميعا طبقا لوثائقه وسياساته على امتداد قرن من الزمان.

·       فان لم يكن، فلأن الكيان الصهيونى ما زال يستهدف إعادة احتلال سيناء، وما زال يتحرش بها بالاختراق والتجسس والارهاب ومحاولات التدويل المستمرة.

·       فان أصررتم رغم كل ذلك، على التخلى عن فلسطين فلا تقايضوها بسيناء، لأن فى هذا مشاركة فى العدوان، وانحياز الى المغتصب.

***

10)                     ويكذبون: "تخلى عنا العرب وتركونا نواجه اسرائيل منفردين "

·       ونرد: أن هذا ليس صحيحا على الاطلاق، فبعد هزيمة 1967، قررت الدول العربية مجتمعة فى مؤتمر الخرطوم، دعم مصر بكافة الامكانيات المطلوبة، وتعويضها عن خسائرها الناجمة عن اغلاق قناة السويس.

·       وقبل ذلك واثناء العدوان الثلاثى، قامت سوريا بتفجير انابيب البترول فى 14 نوفمبر 1956، مما أدى مع اغلاق قناة السويس، الى حرمان انجلترا وفرنسا من البترول العربى، ومثل ذلك ضغطا كبيرا على قوى العدوان.

·       وفى حرب 1973 تاكد هذا الدعم وشاركت دول النفط العربية بتوظيف البترول كسلاح للضغط على الولايات المتحدة ودول اوروبا الغربية وهو ما مثل سلاحا شديد الفاعلية. وكان الرئيس السادات هو الذى طلب من دول النفط الكف عن هذا السلاح فى 22 فبراير 1974.

·       كما شاركت دول عربية اخرى مثل العراق والجزائر وليبيا بدعم عسكرى مباشر للقوات المصرية

·       فلم يتخلَ عنا أحد أبدا طوال ايام المعركة، ولكن بدأت المشاكل مع ظهور اتجاهات السادات حول قبول وقف اطلاق النار والدخول فى مفاوضات فض الاشتباك مع العدو.

·       ولكن حتى لوصح ذلك، وهو غير صحيح، فان الموقف المبدئى من العدو لاتحكمه مواقف الدول العربية وأنظمتها. وانما تحكمه المصالح الوطنية والقومية التى يجب ان تنطلق من ان وجود واستمرار هذا الكيان الصهيونى يمثل تهديدا حالا ومستقبليا لوجودنا وأمننا القومى.

***

11)                     ويبررون:" لم يكن أمام السادات بديلا آخر"

·       ونرد: أن هذا ليس صحيحا على الاطلاق، فلقد نجحنا فى تخطى العقبة الاصعب وهى عبور قناة السويس

·       وكان وضعنا بعد حرب اكتوبر، أفضل كثيرا من وضعنا بعد 1967 حين قررنا الصمود ومواصلة القتال.

·       كان يملك ان يعيد تنظيم صفوفه ويستعد لاستكمال معركة التحرير ولو بعد عدة اشهر او حتى عدة سنوات

·       وكان يملك ان يصفى الثغرة عسكريا، بدلا من ان يقبل بانسحاب القوات المصرية التى عبرت، ويعيد 90 % منها مرة أخرى الى غرب القناة مقابل انسحاب القوات الاسرائيلية من الغرب الى الشرق.

·       وكان يمكن أن يستمر فى توظيف التوازن الدولى بين امريكا والسوفيت، بدلا من وضع 99 % من الاوراق فى يد الامريكان.

·       وكان يمكن ألا يطلب من دول النفط بوقف سلاح البترول كما فعل، وأن يستمر الضغط الى حين الانسحاب.

·       وكان يمكن ان يرفض ادخال المراقبين الامريكان الى سيناء فى اتفاقية فض الاشتباك الثانى 1975

·       وان يرفض نزع سلاح ثلثى سيناء وتقييد الثلث الباقى.

·       وان يرفض ان تكون الرقابة الاجنبية الحالية فى سيناء، امريكية الادارة والتكوين والسيطرة 

·       وان يرفض المعونة الامريكية، خاصة العسكرية منها

·       وان يرفض الشروط الامريكية الخاصة بمصر اقتصاديا وسياسيا والتى صاغت مصر على المقاس الامريكى.

·       كان هناك الكثير الذى يمكن ان نفعله، بحرب أو بدون.

·       لم يكن هناك اكثر من البدائل.

***

12)                     ويقايضون: " السلام هو الرخاء."

·       ونرد: دعونا نتفق أولا على أن قضايا الوطن والوجود والاستقلال ليست مجالا للمقايضة فى بورصة الارباح والخسائر الاقتصادية. كما أن الشعوب لا تحسبها بهذ المنطق وإلا ما قدمت ملايين الشهداء دفاعا عن أوطانها وأراضيها، وما نجح أحدا أبدا فى التحرر من الاستعمار الاجنبى.

·       ولنتفق ثانيا على أنه فى الحساب الختامى، لن يتحقق الرخاء الحقيقى الا بتحرير كامل التراب الوطنى، فالارض هى مصدر الخير والامكانيات، لنا وللاجيال القادمة.

·       ومع ذلك فإن ذهبنا مذهبكم، فدعونا نرصد من الذى حصد سلامكم مع اسرائيل ؟؟

·       لقد حصدته طبقة رجال الاعمال التى صنعتها المعونة الامريكية للدفاع عن السلام وعن التبعية لامريكا، أما باقى الشعب الطيب الذى صنع النصر وقدم التضحيات، فلقد خرج من المولد بلا حمص.

·       ولنقرأ معا ما ورد فى تقرير التنمية البشرية الصادر عام 2007، بعد 33 سنة من السلام:

·       14 مليون مصرى يعيشون تحت خط الفقر

·       منهم 4 مليون لا يجدون قوت يومهم

·       وان 55 % من المصريين فقراء

·       وان مصر تحتل المركز 111 فى ترتيب البلاد الاكثر فقرا

·       وانه فى المقابل هناك 20% من المصريين يملكون 80 % من ثروات البلاد

·       وان 1 % من فقط من هؤلاء يمتلكون 50 % من حجم هذه الثروات

·       ويتشارك الـ 99 % من باقى الاغنياء فى الـ 50 % الباقية

·       كانت هذه ارقام 2007، واليوم فى 2018 فان الارقام الرسمية المصرية ذاتها، تؤكد ان احوال غالبية المصريين الاقتصادية، قد ازدادت سوءا اضعافا مضاعفة ما كانت عليه منذ 10 سنوات، خاصة بعد تعويم الجنيه والغاء الدعم والرفع الهائل للاسعار.

***

13)                     ويرهبوننا: "الالغاء يعنى الحرب"

·       ونرد: ان كان ما تدعونه من ان الغاء المعاهدة يعنى بالضرورة حربا مع (اسرائيل)، فان هذا دليلا لنا وليس علينا، على ان هذه معاهدة بالاكراه، يجب التحرر منها.

·       واذا كان ذلك كذلك، فالى متى نظل نعيش تحت التهديد والاكراه؟ فاتفاقيتكم ليس لها مدة زمنية مثل باقى الاتفاقيات المماثلة.

·       ولكن ما تدعونه غير صحيح، فاسرائيل والولايات المتحدة ستفكران ألف مرة قبل أن تزجا بمصر مرة أخرى فى الصراع.

·       ولقد سبق أن قامت مصر فى 8 أكتوبر 1951 بالغاء معاهدة 1936 من طرف واحد، فى وقت كانت قوات الاحتلال البريطانى لا تزال فى القنال.

·       كما قامت فى نفس اليوم والتاريخ بالغاء اتفاقتى 19 يناير 1899 و10 يوليو 1899 الخاصين بالسودان.

·       وفى 1956 نجحت مصر فى تأميم قناة السويس، والغاء لاتفاقية القناة الموقعة فى 1869.

·       وفى 5 مارس 1984نجحت القوى الوطنية اللبنانية فى الغاء المعاهدة مع اسرائيل التى كان قد تم توقيعها بالاكراه فى 17 مايو 1983.

·       والامثلة كثيرة، وكلها كانت فى نهاية المطاف خطوات ناجحة فى طريق التحرر.

***

14)                     ثم يخادعون: " نحن مضطرون ومجبرون على الاستمرار فى المعاهدة حتى لا نعرض مصر لمخاطر جسيمة، نحن نحمي الشعب ونقود السفينة الى بر الامان."

·       ونرد: ان كنتم مجبرين بالفعل، فانتم مكرهون، والاكراه كما قلنا من قبل يبطل التصرف، طبقا لقواعد القانون الدولى.

·       ولكن الحقيقة غير ذلك، فانتم راغبون ولستم مجبرين. والا فلماذا تفتحون شواطئ سيناء للسياح الاسرائيليين 14 يوما بدون تأشيرة، ولماذا تصدرون البترول وتستوردون الغاز من اسرائيل؟ ولماذا وقعتم اتفاقية الكويز ولماذا تغلقون المعبر، وتحاصرون أعداء اسرائيل من القوى الوطنية، ولماذا توالون امريكا فى كل صغيرة وكبيرة...الخ

·       ان كنتم مجبرين بحق، ففرملوا الهرولة الحالية فى اتجاه التطبيع. وخططوا لمستقبل متحرر من كامب ديفيد وامريكا، ولو بعد حين.

***

15)                     واخيرا يتحدوننا ويسألون: "كفى مزايدة علينا، هل لديكم الآن من بديل؟ "

ونرد: بالطبع، هناك العديد من البدائل الواقعية والممكنة، آخرها خلال ثورة يناير قبل أن يتم اجهاضها، حين أضعنا جميعا فرصة تاريخية للتحرر للأبد من قيود المعاهدة.

أما اليوم فان الخطوة الاولى على أضعف الايمان هى أن ترفعوا الحظر المفروض على الشخصيات والتيارات الوطنية والمناهج التعليمية والكتابات الصحفية والسياسية الرافضة للتبعية الامريكية والمناصرة لفلسطين والمعادية للصهيونية و(اسرائيل)، من اجل تربية واعداد جيل وطنى جديد قادر على المواجهة والتصدى لكل انواع الضغوط والتهديدات والمخاطر الامريكية والدولية والاسرائيلية.

*****

17 سبتمبر 2020