بحث فى المدونة

الأحد، 26 يونيو 2022

برجاء الاسراع بتكذيب هذا الخبر

كتبت منذ عدة أيام مقالا بعنوان ((اتفاق دفاع عربى اسرائيلى مشترك والتحول من محميات أمريكية الى محميات اسرائيلية)) (1) تعقيبا على مشروع القرار الصادر من الكونجرس فى 9 يونيو الحالى بتكليف البنتاجون باتخاذ ما يلزم لدمج الدفاعات الجوية لاسرائيل مع عدد من الدول العربية لمواجهة المخاطر الايرانية. وتعليق"مايكل معلوف" المستشار السابق بالبنتاجون لقناة روسيا اليوم عليه ((بان اسرائيل هى التى ستتولى القيادة وان الدول العربية بدأت بالفعل تعتمد على التكنولوجيا الاسرائيلية)).

واليوم 26 يونيو 2022 نشر موقع روسيا اليوم (2) تقريرا نقلا عن "وول ستريت جورنال" (3) يدعى فيه ان اجتماعا قد انعقد فى شهر مارس فى مدينة شرم الشيخ المصرية بين مسئولين عسكريين من (اسرائيل) ودول عربية تحت الرعاية الامريكية للنظر فى امكانيات التنسيق ضد قدرات إيران الصاروخية والطائرات بدون طيار.

***

واول خاطر سيطرأ على ذهن أى مواطن مصرى حين يطلع على هذا التقرير، سيكون هو الانكار التام ورفض تصديق الخبر، والخوف الشديد من ان يكون خبرا صحيحا، والشعور بصدمة وغضب شديدين اذا كان كذلك، مع الشعور بالعجز وقلة الحيلة امام القيود الحديدية المفروضة على حرية الرأى خاصة اذا تعلق الأمر بامور ذات طابع عسكرى، والترحم على آبائنا وأجدادنا الذين وقفوا عام 1979 وقفة رجل واحد ضد اتفاقيات كامب ديفيد وما ورد فيها من قيود عسكرية على قواتنا فى سيناء، والذى لخصوه حين ذاك فى الشعار الشهير: (( أخذنا نحن سيناء وأخذوا هم مصر كلها.))

لكن يظل لدينا أمل كبير فى ان يكون تقريرا زائفا، خاصا وان التقرير ذكر ان المسئولين العرب رفضوا التعليق على ما ورد فى التقرير بالتأكيد أو النفى. ولذلك نرجو من الجهات المصرية الرسمية ان تسارع الى نفى الخبر للرأى العام المصرى، الذي لن يتقبل بأى حال من الأحوال انخراط الدولة المصرية ومؤسساتها الوطنية فى اى تنسيق او تحالف عسكرى مع العدو الصهيونى المسمى (باسرائيل) مهما كانت الذرائع أو الضغوط الامريكية والدولية.

وفيما يلى اهم المقتطفات من التقرير المذكور:

((عقدت الولايات المتحدة اجتماعا سريا لكبار المسؤولين العسكريين من إسرائيل ودول عربية في مارس بمدينة شرم الشيخ المصري .. "لاستكشاف كيف يمكنهم التنسيق ضد قدرات إيران الصاروخية والطائرات بدون طيار".

وأوضح التقرير أن "المحادثات التي لم يكشف عنها من قبل، والتي عقدت في شرم الشيخ بمصر، كانت هي المرة الأولى التي يلتقي فيها مثل هذا النطاق من كبار الضباط الإسرائيليين والعرب تحت رعاية عسكرية أمريكية لمناقشة كيفية الدفاع ضد تهديد مشترك".

وقال المسؤولون للصحيفة إن "الاجتماع جمع كبار الضباط العسكريين من إسرائيل والسعودية وقطر ومصر والأردن وجاء في الوقت الذي تكون فيه إسرائيل وجيرانها في المرحلة المبكرة من مناقشة التعاون العسكري المحتمل"، حيث "أرسلت الإمارات والبحرين مسؤولين لحضور الاجتماع، مثل الولايات المتحدة التي بعثت الجنرال فرانك ماكنزي، ثم قائد القيادة المركزية الأمريكية". ... وأشارت الصحيفة إلى أن "هناك عاملا آخر يدفع إلى توسيع التعاون العسكري، وهو رغبة الدول العربية في الوصول إلى تكنولوجيا الدفاع الجوي الإسرائيلية والأسلحة ... وان المناقشات بين دول الشرق الأوسط حول التعاون في مجال الدفاع الجوي، لا يزال أمامها طريق طويل لتقطعه ولا تزال حساسة من الناحية الدبلوماسية".... وأوضحت الصحيفة أن "المتحدثين باسم إسرائيل والدول العربية - باستثناء الإمارات العربية المتحدة - رفضوا التعليق أو لم يردوا على طلبات التعليق على الاجتماع"،... وأضاف تقرير الصحيفة، وفقا لأشخاص مطلعين على المحادثات: "في محادثات شرم الشيخ رفيعة المستوى، توصل المشاركون إلى اتفاق من حيث المبدأ بشأن إجراءات الإخطار السريع عند اكتشاف تهديدات جوية"..... و"الخطوة التالية هي تأمين دعم القادة السياسيين لتقنين ترتيبات الإخطار وتحديد مصلحة قادة الشرق الأوسط في توسيع التعاون"......وتابعت الصحيفة في تقريرها: "بالنسبة لدول الشرق الأوسط، إيران ليست الخطر الوحيد المحتمل..كما تعمل الجماعات السنية المتشددة على تطوير استخدام الطائرات بدون طيار لتنفيذ الهجمات".
وأردفت: "الأردن ومصر، اللتان سبقت علاقاتهما الدبلوماسية مع إسرائيل منذ فترة طويلة اتفاقيات إبراهيم، تتعاونان بالفعل في مجال الدفاع الجوي مع إسرائيل .. إن توسيع هذا التعاون يواجه تحديات سياسية كبيرة"......"وقد جمع لقاء شرم الشيخ بين الفريق أفيف كوخافي، رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي، واللواء فياض بن حامد الرويلي، رئيس أركان القوات المسلحة السعودية، كما شارك الفريق الركن سالم بن حمد النابت الذي يقود القوات المسلحة القطرية، وكذلك كبار القادة من الأردن ومصر...))

*****

(1)           اتفاق دفاع عربى اسرائيى مشترك

(2)           موقع روسيا اليوم

(3)           وول ستريت جورنال

محمد سيف الدولة

 

السبت، 18 يونيو 2022

اتفاق دفاع عربى (اسرائيلى) مشترك

فى 20 يناير 2020 كتب نتنياهو تغريدة قال فيها ((ان غايتنا هى القضاء على التهديد الايرانى .. مثلما تغلبنا من قبل على التهديد الكبير الذي تمثل بالقومية العربية))

***

فى الايام القليلة الماضية صدر مشروع قانون بالكونجرس ينص على تكليف البنتاجون باتخاذ ما يلزم لدمج الدفاعات الجوية لاسرائيل مع عدد من الدول العربية لمواجهة المخاطر الايرانية. والدول هي: المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين وعمان والكويت وقطر، وكذلك الأردن ومصر والعراق.

ولقد علق "مايكل معلوف" المستشار السابق بالبنتاجون لقناة روسيا اليوم ((بان اسرائيل هى التى ستتولى القيادة وان الدول العربية بدأت بالفعل تعتمد على التكنولوجيا الاسرائيلية))

***

·       فى عام 1994 قال بيريز لعدد من رجال الأعمال العرب على هامش مؤتمر الدار البيضاء عام 1994 وفقا لما ورد في كتاب "سلام الأوهام" لمحمد حسنين هيكل: ((ان مصر قادت الشرق الأوسط 40 سنة وهذه هى النتيجة، واذا تركتم اسرائيل تقود ولو عشر سنوات فسوف ترون)).

·       فى ذلك الحين لم يتوقف أحد أمام هذا التصريح أو يأخذه على مأخذ الجد، واحتاج الأمر الى ما يقرب من ربع قرن، ليروا نبوءته تتحقق امام اعينهم.

·       وفى عام 2016 نشرت جريدة الاهرام "ورقة" أعدها الجنرال "مايكل فلين" مستشار الامن القومى المستقيل من ادارة ترامب بمشاركة عدد من الشخصيات العسكرية والإستخبارية من أعضاء مركز لندن لأبحاث السياسات فى العاصمة الأمريكية واشنطن، تتحدث عن تأسيس منظمة جديدة باسم ((منظمة اتفاقية الخليج والبحر الأحمر)) لتكون بمثابة حلف عسكرى جديد تحت قيادة الولايات المتحدة الامريكية وعضوية مصر والسعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان والأردن، تحتل فيها اسرائيل صفة المراقب، وتكون لها ثلاثة أهداف محددة هى القضاء على داعش، ومواجهة ايران، والتصدى للإسلام المتطرف. وهى بمثابة إتفاقية دفاع مشترك، يكون الإعتداء على أى دولة عضوا فى المعاهدة، بمثابة إعتداء على الدول الأعضاء جميعاً، كما ورد بالنص فى الورقة المذكورة.

·       وفى هذه المرة ايضا، لم يتوقف كثير من المحللين العرب امام هذا المشروع، واعتبروه احدى شطحات ترامب وفريق ادارته. ليروه يتحول بحذافيره الى مشروع قانون متداول بشكل رسمى داخل الكونجرس بعدها بستة سنوات وبعد رحيل ترامب وادارته.

***

ولكن فى الشهور والسنوات القليلة الماضية بدأ مقدمات وتفاصيل مشروع الحلف العربى الاسرائيلى الجديد تتضح للجميع شيئا فشيئا:

·       ففى 9 يونيو 2022 ذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن (إسرائيل) قامت بنشر منظومة رادارية في عدة دول في الشرق الأوسط بما في ذلك الإمارات والبحرين بهدف مواجهة تهديدات إيران الصاروخية.

·       وفى 30 يناير 2022 كانت القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية قد اعلنت عن بدء أكبر تدريب بحري في منطقة الشرق الأوسط،(IMX/CE 2022)  ويضم التدريب 9000 فرد وما يصل إلى 50 سفينة تابعة لأكثر من 60 دولة شريكة ومنظمات دولية من بينها (مصر) والسعودية وباكستان وسلطنة عمان واليمن والإمارات والبحرين بالإضافة الى تركيا وباكستان ودول اخرى و(اسرائيل) فى سابقة هى الأولى من نوعها. وهي المناورات التى قال عنها الفريق بحرى تشارلز برادفورد قائد القوات البحرية بالقيادة المركزية الامريكية قائد الاسطول الخامس والقوات البحرية المشتركة: ((انها تهدف الى تعزيز علاقات القوات البحرية للدول المشاركة))

·       وفى ذات السياق وصلت الأمور الى حد صدور فى 13 يناير 2021 دعوة صهيونية للامارات للمشاركة فى مراقبة القوات المصرية فى سيناء! حيث كتب "اساف اوريون" الرئيس السابق للقسم الاستراتيجى فى مديرية التخطيط بهيئة الاركان العامة لجيش الدفاع الاسرائيلى، مقالا فى معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى قال فيه ((لا تزال معاهدة السلام المصرية-الإسرائيلية ذروة الإنجازات الأمريكية في الشرق الأوسط، وقد لعبت القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون دوراً حيوياً في دعمها منذ عام 1982.. وإن دعوة دول الخليج للمشاركة من شأنه أن يساعد على تحسين الأمن، وتقليل العبء والمخاطر الأمريكية، وتقليل التكاليف، وتعزيز هيكل السلام الإقليمي)).

·       والقائمة تطول وتتضمن عشرات ومئات التفاصيل والمعلومات الأخرى المتداولة التى تتعلق بتنسيقات وترتيبات امنية وعسكرية واتفاقيات وصفقات تجارية كبرى جارية على قدم وساق.

***

وقفات وتساؤلات:

حينما يحيطنا (العار) من كل جانب ويتدهور بنا الحال الى الدرجة التى تتحالف فيها دول وانظمة حكم عربية مع (العدو) بل وتنضوى تحت قيادته وحمايته، فانه لا يكون هناك اى مجال لتذكيرهم بالثوابت الوطنية والعقادية والحقوق التاريخية وبقضايا فلسطين والعروبة والامة الواحدة والقومية العربية، فمثل هؤلاء لم يعودوا يفهمون هذه اللغة او يتعاطون معها. ولذا سنخاطبهم بلغة المصالح التى لا يفهمون سواها:

·       بعد أن اعلنت والامارات والبحرين رسميا ترحيبهم بهذا المشروع وفتحوا اراضيهم بالفعل للرادارات الاسرائيلية، هل ستقبل مصر والعراق والسعودية والاردن بذلك؟

·       وهل سينتهى المطاف بالنظام العربى الرسمى الى تسليم قيادته رسميا الى عدو الامة التاريخى؟

·       وهل ستقبل الدول المذكورة الانخراط فى تحالف عسكرى لحماية أمن (اسرائيل)؟

·       وماذا سيكون مستقبل المنطقة والعواقب المترتبة فيما لو تم الاقدام على ذلك؟

·       وماذا ستكون ردود فعل شعوب ومؤسسات هذه الدول على المدى القريب او البعيد، فى مواجهة هذا الاستسلام الكامل وهذا الانتحار التاريخى؟

·       ومن ناحية أخرى بأى حق يصدر الكونجرس الامريكى قانونا لالزام الدول العربية او اى دولة اخرى بترتيبات واجراءات امنية هى من أخص خصائص استقلالها وسيادتها وشئونها الداخلية وامنها القومى؟

·       وبأى دستور او قانون او اى منطق  وطنى تقبل هذه الدول الخضوع لقوانين وتعليمات أجنبية؟

·       وايهما أخطر على الامن القومى لدول مثل مصر والاردن؟ ايران ام (اسرائيل)؟

·       واذا كان لايران اطماع اقليمية حقيقية تمس امن واستقلال وسيادة ومصالح الدول العربية، فهل نواجهها تحت مظلة المشروع الصهيونى، أم نتداعى لتأسيس واحياء المشروع القومى العربى فى مواجهتها وفى مواجهة اى مشروعات اقليمية منافسة او معادية اخرى.

·       والى هذا الحين، ما هى المصالح السياسية والأمنية للدول العربية فى انفراد (اسرائيل) بالمنطقة بعد القضاء على المشروع الايرانى؟

·       أفلم يكن العرب وكل دول العالم الثالث من أكثر المستفيدين من وجود نظام عالمى "ثنائى القطبية" قبل انهيار الاتحاد السوفيتى؟ فما وجه المنطق والمصلحة فى تسليم المنطقة لقوة اقليمية واحدة، خاصة اذا كانت هى ذلك الكيان العدوانى الاستيطانى العنصرى الارهابى؟

·       مع أهمية الانتباه الى ان إيران كسبت تعاطف قطاعات واسعة من الراى العام العربى، من صورتها كقائدة التصدى والمواجهة والمقاومة للمشروع الامريكى الصهيونى فى المنطقة، فى الوقت الذى تتبارى فيه الدول العربية للالتحاق بهذا المشروع والالتحاف بالحماية الامريكية عبر البوابة الاسرائيلية؟

·       ومن الاساس لماذا قبلت الدول العربية العزف على ذات اللحن الأمريكي الإسرائيلي الاوروبى القاضى بحظر السلاح النووى على جميع دول المنطقة فيما عدا (اسرائيل)، بدلا من الشروع فى بناء مشروعات نووية عربية لتعديل موازين القوة والردع فى مواجهة السلاح النووي الإسرائيلي.

·       واذا كانت الولايات المتحدة تخطط لمغادرة المنطقة وتسليمها (لإسرائيل) للقيام بذات الدور التي كانت تضطلع به هى بعد الحرب العالمية الثانية، فهل تقبل المحميات الامريكية ان تتحول الى محميات اسرائيلية؟

·       وقبل ذلك وبعده يأتى السؤال الأهم وهو ماذا نحن فاعلون؟

*****

محمد سيف الدولة

 

 

السبت، 4 يونيو 2022

فى ذكرى النكسة .. اسرائيل لا تزال هى العدو

بعد 55 عاما من العدوان الصهيونى واحتلال سيناء والجولان والضفة الغربية عام 1967، ما الذى تغير فى مصر؟

تغيرت الدولة المصرية ولم تتغير (اسرائيل).

فلنربى اولادنا على أن (اسرائيل) لا تزال هى العدو، بعد أن توقفت مؤسسات الدولة التعليمية والاعلامية عن القيام بهذا الدور.

***

·       مرت 55 عاما على عدوان 1967، وجرت فى النهر مياه كثيرة، وتغيرت عقيدة الدولة المصرية وثوابتها من ان (اسرائيل) هى كيان استيطانى باطل ومشروع استعمارى غربى يستهدف وجودنا جميعا، ويتوجب توحيد وتعبئة الصف العربى لهزيمته وانهاء وجوده، وإننا لن نستسلم للهزيمة وسنقاتل لتحرير سيناء وازالة آثار العدوان ولن نتوقف الا بعد تحرير كامل التراب الفلسطينى، لأنه طالما بقيت (اسرائيل) فان المخاطر والتهديدات على وجودنا وامننا القومى لن تتوقف.

·       ثم تغيرت هذه العقيدة بعد اتفاقيات كامب ديفيد ان (اسرائيل) دولة جارة تربطنا بها اتفاقية سلام ودولة مشروعة تعترف بها الأمم المتحدة، ولا نملك ان نستمر فى معاداتها وقتالها الى الأبد، بسبب تفوقها العسكرى ودعم وحماية الولايات المتحدة التى لا قبل لنا بتحديها او مواجهتها. وان على مصر ان تعرف حجمها الحقيقى وان تكف عن المعاندة والمغامرات العنترية وأوهام العروبة وقيادة الامة وما شابه، وان تقبل بالنفوذ والهيمنة الامريكية وان تعترف بالدولة العبرية وتطبع معها، وان تؤسس علاقتها مع امريكا و(اسرائيل) وتدير مصالحها معهما بدون اقامة اى اعتبار لاى قضايا او اطراف اخرى، وبدون التورط فى قضية فلسطين اكثر من ذلك، الذى كاد انحيازنا لها أن يلقى بنا الى التهلكة.

***

·       تغيرت الدولة المصرية 180 درجة، ولكن (اسرائيل) لم تتغير فهى لا تزال ذلك الكيان "الصهيونى" الذى ينطلق من ادعاءات مزعومة وباطلة بان فلسطين ومصر وكل بلدان المنطقة هى اراضى وشعوب محتلة منذ 14 قرن من الاستعمار العربى الاسلامى، وان الحركة الصهيونية هى حركة تحرر وطنى نجحت فى تحرير جزء من ارضها المحتلة من هؤلاء العرب المحتلين، وانها لن تتوقف الا بعد ان تسترد كل ارضها التاريخية وقبل ان تقدم كل الدعم الى "الشعوب والجماعات الاصلية" لكى تتحرر هى الاخرى من مستعمريها العرب المسلمين وتقوم بتأسيس دولها ودولياتها المستقلة على غرار الدولة اليهودية فى اطار مشروعها المعلن لتفتيت الدول العربية الحالية.

·       ولا تزال (اسرائيل) هى رأس حربة للمشروع الغربى الاستعمارى وقاعدته العسكرية والاستراتيجية المتقدمة فى بلادنا، بهدف فصل مشارقنا عن مغاربنا والحيلولة دون وحدتنا، وشرطى تأديب واخضاع ضد كل من يحاول التحرر من قبضة الهيمنة الغربية، وهو الشرطى الذى تمكن بالفعل من استقطاب غالبية الانظمة العربية الى الحظيرة الامريكية.

·       ولا تزال هى العدو الاستيطانى الاحلالى الذى يقتلع الفلسطينيين ويهجرهم ويهدم منازلهم ويستولى ويستوطن يوميا ما تبقى من أرض فلسطين فى الضفة الغربية.

·       ولا تزال هى الكيان العدوانى الذى لم يتوقف عن شن عشرات الحروب علينا واسقاط آلاف الضحايا، من اول 1948 و1956 و1967 الى حربه على غزة العام الماضى 2021. وهو لم يستهدف فلسطين فقط، بل طالت اعتداءاته على مر السنين والعقود، مصر وسوريا والاردن ولبنان والعراق وتونس والسودان.  

·       وهو الكيان الارهابى الذى يعتبر الارهاب والقتل ركنا اساسيا فى عقيدته الصهيونية وليس مجرد وسيلة، من اول مذابح دير ياسين وبحر البقر وصابرا وشاتيلا وصولا الى "شيرين ابو عاقلة" والاسيرة المحررة "غفران وراسنة" والنزيف مستمر.

·       وهو الكيان التخريبى الذى يسعى لاختراق كل مجتمعاتنا والتجسس عليها وتخريبها من الداخل من اول فضيحة لافون، وتجسس طائرات العال على الاراضى المصرية بعد اتفاقية السلام مباشرة بكاميرات خفية وفقا لتصريحات الدكتور مصطفى خليل رئيس الوزراء الاسبق، وتصريحات عاموس يادلين الرئيس السابق للاستخبارات الحربية الإسرائيلية (أمان) عام 2010، بأن "مصر هى الملعب الأكبر لنشاطات جهاز المخابرات الحربية الإسرائيلي، وأن العمل فى مصر تطور حسب الخطط المرسومة منذ عام ١٩٧٩"، وانهم قد نجحوا فى "تحقيق الاختراقات السياسية والأمنية والاقتصادية والعسكرية فى أكثر من موقع، وفى تصعيد التوتر والاحتقان الطائفى و الاجتماعى، لتوليد بيئة متصارعة متوترة دائماً ، ومنقسمة إلى أكثر من شطر فى سبيل تعميق حالة الاهتراء داخل البنية والمجتمع والدولة المصرية ، لكى يعجز أى نظام يأتى بعد حسنى مبارك فى معالجة الانقسام والتخلف والوهن المتفشى فى مصر." 

·       وهو كيان معادي لم يكف عن استهداف مصر ولا يزال يعتبرها العدو الاستراتيجى الاخطر عليه، والا لماذا يصر، رغم عمق العلاقات الحالية، على استمرار القيود الامنية والعسكرية المفروضة علينا فى سيناء بموجب اتفاقيات كامب ديفيد 1978/1979، وعدم تغييرها او تعديلها الا بالرجوع اليه والاتفاق معه.

·        وهل يمكن ان ننسى تصريح "مناحم بيجين" بعد توقيع معاهدة السلام مع مصر عام 1979 حين قال:" سنضطر إلى الإنسحاب من سيناء لعدم توافر طاقة بشرية قادرة على الاحتفاظ بهذه المساحة المترامية الأطراف. سيناء تحتاج إلى ثلاثة ملايين يهودى على الأقل لاستيطانها والدفاع عنها. وعندما يهاجر مثل هذا العدد من الإتحاد السوفيتى أو الأمريكتين إلى إسرائيل سنعود إليها وستجدونها فى حوزتنا ".

·       أو ما ورد عام 1982 بمجلة "كيفونيم" لسان حال المنظمة الصهيونية العالمية بعنوان "إستراتيجية اسرائيل فى الثمانينات" من أن: "استعادة شبه جزيرة سيناء بما تحتويه من موارد طبيعية ومن احتياطى يجب أن يكون هدفا أساسيا من الدرجة الاولى اليوم .. وان مصر لا تشكل خطرا عسكريا استراتيجيا على المدى البعيد بسبب تفككها الداخلى، ومن الممكن إعادتها الى الوضع الذى كانت عليه بعد حرب يونية 1967 بطرق عديدة ... وان تفتيت مصر الى اقاليم جغرافية منفصلة هو هدف اسرائيل السياسى فى الثمانينات على جبهتها الغربية .. وان مصر المفككة والمقسمة الى عناصر سيادية متعددة، على عكس ماهى عليه الآن، سوف لاتشكل أى تهديد لاسرائيل بل ستكون ضمانا للزمن والسلام لفترة طويلة، وهذا الامر هو اليوم متناول ايدينا "

·       أو ما قاله "آفى ديختر" وزير الأمن الداخلى الاسرائيلى فى محاضرة له فى سبتمبر 2008 من "إن إسرائيل خرجت من سيناء بضمانات أمريكية بالعودة اليها اذا تغير النظام فى مصر لغير صالح اسرائيل."

·       بالاضافة الى الجماعات واللوبيات الصهيونية فى الادارة والكونجرس الامريكيين لا تزال تصر حتى اليوم، على عدم تصدير اى اسلحة لمصر او اى دولة عربية تخل بالتفوق العسكرى الاسرائيلى على الدول العربية مجتمعة.

·       كما أن (اسرائيل) لا تقيم أى وزن او اعتبار لمصر أو لغيرها حين تعتدى كل يوم على مقدساتنا الدينية المشتركة فى الارض المحتلة بهدف الاستيلاء عليها وتهويدها، رغم علمها انها لا تخص الفلسطينيين وحدهم بل تخص جميع الشعوب العربية والاسلامية.

·       والقائمة تطول.

***

نعم تغيرت الدولة المصرية ولم تتغير (اسرائيل) ولم تتخل عن مشروعها الأصلى، ولم تتوقف عن تنفيذ مخططاتها وتوسعاتها وتحقيق اهدافها العدوانية وترسيخ هيمنتها وتفوقها العسكرى، الى ان تحولت اليوم الى القوة الاقليمية العظمى فى المنطقة، بينما تراجعت مكانة مصر عربيا واقليميا ودوليا.

كما أن "الوعد الساداتى المزعوم" بأن السلام سيجلب "الرخاء" للمصريين لم يتحقق رغم مرور ما يزيد عن اربعين عاما على توقيع المعاهدة والانسحاب من الصراع؛ بل على العكس تضاعفت الديون المصرية أضعافا مضاعفة ولا تزال الغالبية العظمى من الشعب المصرى تعيش تحت وطأة الفقر والقهر الاقتصادى.

***

فى ذكرى النكسة، فلنورث أولادنا الرواية الحقيقية بأن فلسطين أرضنا أرض عربية وأن (اسرائيل) لا تزال هى العدو، بعد أن تخلت مؤسسات الدولة السياسية والتعليمية والاعلامية عن القيام بهذا الدور، بل أن منها من يروج بشدة للسلام مع (اسرائيل) وللمصالح المشتركة التى تربطنا معها.

*****

محمد سيف الدولة