بحث فى المدونة

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2022

الهدف الصهيونى الرابع

فى الذكرى الـخامسة والسبعين لصدور القرار الدولى الاجرامى بتقسيم فلسطين الصادر فى 29 نوفمبر 1947، كيف نقرأ طبيعة المرحلة الحالية من الصراع والممتدة منذ نهاية حرب 1973 الى يومنا هذا؟

***

منذ تأسست الحركة الصهيونية عام 1897، نجحت فى تحقيق "ثلاثة" اهداف استراتيجية كبرى وتكاد ان تنجح فى تحقيق الهدف الرابع. ولقد استغرق تحقيق كل هدف من الاهداف الثلاث ما يقرب من ربع قرن على الوجه التالى:

1)   كان الهدف الاول الذى تحقق فى الفترة من 1897 الى 1922 بموجب صك الانتداب البريطانى الصادر فى 11 سبتمبر 1922، هو الفوز برخصة ودعم دوليين لحق اليهود فى اقامة وطن قومى لهم فى فلسطين، بعد عقود من ضعف وتعثر محاولات الهجرات اليهودية التسللية الى هناك.  

2)   وكان الهدف الثانى هو تغيير التركيبة السكانية وهو ما تحقق بتهجير نصف مليون يهودى الى فلسطين من 1922 الى 1947 بتشجيع وحماية الاحتلال البريطانى، ليصبح جملة أعدادهم 650 الف مقابل 1.3 مليون عربى.

3)   وكان الهدف الثالث هو بناء دولة (اسرائيل)، وهو ما تحقق فى الفترة من 1947 حتى 1974، بدءا بقرار التقسيم ثم سلسة المذابح الصهيونية والنكبة واعلان الدولة والاعتراف الدولى بها والدعم والتسليح الغربى لها والنكسة واغتصاب مزيد من الاراضى، وهجرة مزيد من اليهود.

***

أما الهدف الاستراتيجى الرابع 1973 ــ 2022:     

فهو انتزاع اعتراف أصحاب الأرض الحقيقيين من الفلسطينيين والعرب بشرعية دولة (اسرائيل) ودمجها فى المنطقة كأى دولة طبيعية. ولقد قطعوا أشواطا طويله فى الاقتراب من تحقيقه:

·       فبعد حرب 1973 نجحوا فى اخراج مصر من الصراع وانتزعوا منها اعترافا كاملا بدولة (اسرائيل) بموجب اتفاقيات السلام المشهورة باسم كامب ديفيد.

·       ثم بعد ان طردوا القوات الفلسطينية من لبنان عام 1982، ومارسوا ضغوطا استمرت 11 عاما، نجحوا فى ان ينتزعوا من القيادة الفلسطينية اعترافا باسرائيل والتنازل لها عن 78% من ارض فلسطين بموجب اتفاقيات اوسلو 1993.

·       تلاها اعتراف الاردن باسرائيل بموجب اتفاقيات وادى عربة عام 1994.

·       ثم الاعتراف "المشروط" من النظام العربى الرسمى كله ممثلا فى جامعة الدول العربية بحق (اسرائيل) فى الوجود فى فلسطين 1948، ان هى انسحبت الى حدود 1967، بموجب مبادرة السلام العربية الصادرة عام 2002.

·       وأخيرا الاعتراف "غير المشروط" باسرائيل من قبل الامارات والبحرين والمغرب، أى بدون الزامها بالانسحاب من أى أراض محتلة.

·       الى أن وصل الأمر مؤخرا للحديث عن ناتو عربى/اسرائيلى تحت القيادة الامريكية.

·       وهكذا

·       فى بدايات الصراع فى 1948 و1967 و1973 كان العرب جميعا حكومات وشعوب على قلب رجل واحد، فى التمسك بالثوابت الوطنية بتحرير كامل الارض المحتلة ورفض اى اعتراف باسرائيل، اما اليوم فالنظام العربى الرسمى كله يعترف بها اعترافا صريحا او مشروطا حسب الاحوال.

***

القلعة الأخيرة:

·       من الذى بقى منا اليوم يرفض الاعتراف ويعوق تحقيق الهدف الصهيونى الرابع فى معركة القرن الطويلة؟

·       بقيت بطبيعة الحال كل شعوب الأمة صاحبة الأرض التى لم تتغير مواقفها ابدا فى هذا الصراع، ولكنها شعوب مقهورة ومحاصرة ومحظور عليها المشاركة او الاشتباك فى معركة التحرير.

·       وبقي فى المقدمة على خط النار، الشعب الفلسطينى يقف وحيدا فى مواجهة عدونا المشترك، لم يتوقف عن المقاومة بكل أشكالها وأدواتها على امتداد القرن، من ثورات وانتفاضات وعمليات استشهادية وحركات مقاومة مسلحة واشتباكات فردية بطولية.

·       فهو القوة الوحيدة على وجه الارض الموجودة اليوم، التى تعوق نجاح المشروع الصهيونى فى تحقيق هدفه الاستراتيجى الرابع والاخطر وهو استسلام كل اصحاب الارض واعترافهم بحق (اسرائيل) فى الاستيلاء على اوطانهم. 

·       ان انهزموا لاقدر الله، سيكون العدو بذلك قد أنهي ما يزيد عن قرن من الصراع لصالحه وستموت القضية لعقود طويلة قادمة.

·       وان صمدوا بإذن الله، تعثر المشروع الصهيونى كله.

***

كانت هذه هى خلاصة قرن من الصراع، وطبيعة المعركة الاستراتيجية الكبرى الدائرة منذ ما يقرب من نص قرن 1974-2022 التى تدور حول الاعتراف باسرائيل ودمجها والتطبيع معها وكل ما عدا ذلك تفاصيل او قضايا فرعية.

ومهمتنا جميعا اليوم هى ان ندعم صمود هذه "القلعة الأخيرة" ونحررها من كل انواع الضغوط ومحاولات كسر الإرادة والاخضاع، مثل العدوان والقتل والإبادة والاعتقال والحصار والتجويع والتركيع والتشويه..الخ.

هذه هى أولويتنا "المرحلية"، جنبا الى جنب مع النضال لاسقاط كل اتفاقيات ومبادرات الصلح مع العدو الصهيونى وسحب اى اعتراف عربى بشرعيته الباطلة، لعلنا ننجح فى يوم قريب باذن الله من الالتحام بأهالينا فى فلسطين فى مواجهة هذا الكيان العدوانى العنصرى الغاصب.

*****

محمد سيف الدولة 

الاثنين، 14 نوفمبر 2022

مصر وأمريكا..قرن من الغدر والعدوان

فى لقائهما الاخير بشرم الشيخ على هامش مؤتمر المناخ، تبادل الرئيسان المصرى والامريكى، عبارات الاشادة والتحية والتقدير، فقام بايدن بتوجيه الشكر والتقدير للسيسى على ما يقوم به من وساطة بين (اسرائيل) وغزة ووصفه بالحليف القوى والشريك المركزى فى مكافحة الارهاب، بينما تحدث السيسى عن اربعين عاما من العلاقات الاستراتيجية القوية التى لم تتغير على امتداد اربعين عاما، امتلكت فيها الدولتان ذات التوجه. وفى اليوم التالى خرجت لنا جريدة الاهرام المصرية بمانشيت عريض يتحدث عن ((مائة عام من العلاقات الاستراتيجية)).

***

واذا كان هذا هو الموقف المصرى الرسمى من الولايات المتحدة، فان للشعب المصرى رأيا وموقفا مختلفا ومناقضا تماما من الامريكان، فتاريخنا معهم على امتداد ما يزيد عن قرن من الزمان ليس سوى سلسلة طويلة من الغدر والتهديد والعدوان والتبعية:

·       كانت طعنة الغدر الاولى التى تلقتها مصر من الولايات المتحدة، بعد الحرب العالمية الأولى حين رفضت مطالبنا بالاستقلال وأيدت استمرار الحماية البريطانية على مصر، رغم المبادئ الاربعة عشر الشهيرة التى اصدرها الرئيس الامريكى ويلسون والتى نصت على حق الشعوب فى تقرير مصيرها.

·       وهو ذات النهج الذى سارت عليه بعد الحرب العالمية الثانية ضد استقلالنا فى مصر والعالم العربى وكل بلدان العالم الثالث؛

·       ففى بلادنا كانت امريكا هى التى استكملت تنفيذ العملية "القيصرية الاجرامية" لزراعة وتأسيس وحماية دولة (اسرائيل).

·       فكانت أول دولة تعترف بها وتوافق على قبولها عضوا بالامم المتحدة.

·       كما رفضت تسليح مصر بعد الاعتداء الصهيونى علينا فى غزة ١٩٥٥ واستشهاد عشرات من جنودنا وضباطنا.

·       فى الوقت الذى تقوم فيه وعلى امتداد 74 عاما بتقديم كل اشكال الدعم والتسليح والتمويل لاسرائيل لضمان تفوقها العسكرى على الدول العربية مجتمعة، وتمكينها من شن عشرات الحروب والاعتداءات لاحتلال الاراضى العربية.

·       وقامت بحظر امتلاك السلاح النووى على كل دول المنطقة فيما عدا (اسرائيل).

·       وامريكا هى التى حرضت البنك الدولى لرفض تمويل السد العالى الا بشرط الاعتراف المصرى باسرائيل.

·       وقامت بحصارنا ووضعتنا على قوائمها السوداء حين رفضنا الاعتراف وناهضنا أحلافها العسكرية.

·       وحين قامت الوحدة المصرية السورية عام 1958، تآمرت وخططت للانفصال عام ١٩٦١.

·       وهى التى خططت وحرضت وسلحت (اسرائيل) لاحتلال سيناء والجولان وباقى فلسطين فى 1967، بهدف كسر واخضاع مصر وسوريا وكل الامة.

·       وهى التى رفضت بعد العدوان صدور أى قرار من مجلس الامن يقضى بانسحاب القوات الاسرائيلية من الاراضى التى احتلتها بالقوة بالمخالفة لميثاق الامم المتحدة.

·       ثم تدخلت فى حرب ١٩٧٣ لانقاذ (اسرائيل) من هزيمة محققة وامدتها بجسر جوى من السلاح والعتاد وخططت معها لثغرة الدفرسوار، التى غيرت مسار الحرب ونتائجها.

·       ثم قامت بسرقة ما حققناه من نصر، بالضغط والتهديد لدفع السادات فى مفاوضات فض الاشتباك الاول 18/1/1974الى سحب الغالبية العظمى من قواتنا التى عبرت واعادتها مرة اخرى الى غرب القناة مقابل انسحاب القوات الاسرائيلية من الثغرة.

·       ثم أكرهته أو استقطبته للتوقيع على معاهدة سلام بالاكراه مع (اسرائيل) فى 1979 تنحاز لأمن (اسرائيل) على حساب الامن القومى المصرى من خلال فرض حزمة من القيود على وجود وتسليح قواتنا فى سيناء.

·       ثم جلبت قواتها الى سيناء لمراقبة قواتنا هناك بدلا من قوات الامم المتحدة، منذ عام 1981 حتى اليوم.

·       وهى التى ارسلت للدولة المصرية تهديدا صريحا ومكتوبا، يوم ٢٥ مارس ١٩٧٩ قبل توقيع المعاهدة بيوم واحد، تهددنا فيه بضربنا عسكريا اذا انتهكنا اتفاقية السلام فيما عرف "بمذكرة التفاهم الامريكية الاسرائيلية".

·       وهى امريكا التى ادارت مع حلفائها منذ ١٩٧٤ عملية تفكيك مصر التى انتصرت فى حرب ١٩٧٣ صامولة صامولة ومسمارا ومسمارا، وبناء مصر اخرى تابعة، على مقاس مصالح امريكا وامن (اسرائيل)، وهو ما كتبت عنه بالتفصيل تحت عنوان "الكتالوج الامريكى لحكم مصر".

·       وهى التى تقود النظام الراسمالي العالمى بشركاته عابرة القومية التى اخترقت اسواقنا ودمرت صناعتنا الوطنية واغلقت مصانعنا ونهبت ثرواتنا.

·       وتدير مؤسسات الاقراض الدولى التى افقدتنا استقلالنا وفككت اقتصادنا الوطنى وسيطرت عليه والحقتنا بأسواق المستهلكين وأفقرت شعوبنا ودمرت عملتنا، واغرقتنا فى مليارات الدولارات من القروض والديون.

·        وهى التى قامت من خلال اموال المعونة الامريكية الاقتصادية ومشروعتها منذ السبعينات التى بدأت بـ ـ815 مليون دولار سنويا، بتاسيس وصناعة طبقة تابعة من رجال الاعمال المصريين، اصبحت اليوم بمثابة طابور خامس ومخلب قط وراس حربة لرؤوس الاموال العالمية، تقدم لهم التسهيلات والتشهيلات، وتشاركهم نهب اموالنا ومواردنا وتصفية صناعاتنا الوطنية، من خلال آلاف التوكيلات للشركات والمنتجات الأجنبية.

·       وامريكا هى التى وضعت أسس النظام السياسى لحكم "مصر كامب ديفيد" وحددت مواصفات الحكام، وعلى رأسها الالتزام بالسلام مع (اسرائيل) وبالحفاظ على امنها، وهو ما عبر عنه الدكتور/ مصطفى الفقى عام 2009/2010 بقوله ان اى رئيس مصرى يجب ان توافق عليه الولايات المتحدة وتقبله (اسرائيل).

·       وهى التى اسست الكتائب الاستخبارية الاجنبية وجندت مثيلتها المحلية لضرب وتفكيك اى مقومات فكرية وعقائدية تناهض التبعية وتتمسك بالتحرر والمقاومة والاستقلال، لا فرق لديها بين تيار وطنى أو قومى أو اسلامى أو اشتراكى.

·       وعلى المستوى العربى والاقليمى قامت بحصار العراق لعشر سنوات قبل ان تقوم بغزوه وتدميره وانهاء وجوده كدولة عربية مستقلة وقوية ووطنية.

·       وبذرت قواعدها وقواتها العسكرية حولنا فى امارات وممالك الخليج التى تحولت الى محميات أمريكية.

·       ونجحت فى تنفيذ مخطط تقسيم السودان بعد تهميش دور مصر وضرب مصالحها هناك، فى اطار مشروع أكبر لتفتيت باقى الدول العربية.

·       وهى التى اعادت رسم خرائط المنطقة وترتيباتها الامنية، لتقزيم دور مصر ومكانتها ولتصبح (اسرائيل) هى الدولة الاقليمية العظمى التى يدور فى فلكها عديد من الدول العربية عبر ما يسمى بصفقة القرن واتفاقات ابراهام المزعومة وتأسيس ناتو عربى/اسرائيلى تحت القيادة الامريكية.

·       ولتطلق يدها لابتلاع ما تبقى من فلسطين وتهبها الجولان وتحمى وتبارك اقتحامات المسجد الاقصى ومشروعات تقسيمه وتهويده وجرائم القتل والابادة اليومية للفلسطينيين، مع تجريم اى مقاومة فلسطينية ووصمها بالارهاب.

·       وحين أرادت الشعوب العربية التحرر من أغلالها واسقاط هذا النظام العربى الرسمى التابع والعاجز والمهزوم، كانت الولايات المتحدة على رأس القوى التى اجهضت الثورات العربية بالاختراق والافساد والاحتواء والعسكرة.

·       وهى التى تدعى كذبا دعمها لحقوق الانسان، بينما تقوم بحماية كل انظمة الحكم المستبدة، طالما انخرطت فى حظيرتها وخدمت مصالحها وقامت بالتطبيع والتحالف مع (اسرائيل).

***

لكل ذلك وغيره الكثير، نؤكد على اننا لسنا حلفاء للامريكان ولا شركاء لهم وليس بيننا وبينهم ذات التوجه لا من قريب او بعيد، فتاريخنا معهم هو تاريخ طويل ومرير من الغدر والنهب والعدوان التهديد والاكراه والتبعية، بل أن غايتنا الرئيسية هى الانعتاق منهم والاستقلال عنهم وتحرير الأمة من وجودهم وهيمنتهم ونفوذهم وانقاذها من مخططاتهم، وهى حقائق تاريخية وثوابت وطنية لا تقبل التبديل او المقايضة من أجل نفحة رضا امريكية هنا او هناك.

*****

محمد سيف الدولة 

الخميس، 10 نوفمبر 2022

فى ذكرى استشهاد أبو عمار

تم اغتيال أبو عمار عدة مرات، أشهرها مؤامرة تسميمه التى انتهت باستشهاده فى مثل هذا اليوم منذ ثمانية عشر عاما فى 11 نوفمبر 2004.

·       أما أولها فكانت مذابح أيلول الاسود التى انتهت بطرد المقاومة من الاردن عام 1970.

·       ثم مذبحة تل الزعتر التى ارتكبها النظام السورى والكتائب المارونية فى لبنان لكسر شوكة المقاومة الفلسطينية عام 1976.

·       أما أسوأها فكانت عملية الاغتيال الكبرى التى ارتكبها النظام المصري حين باع فلسطين فى صفقة كامب ديفيد التى تضمنت اعتراف أكبر دولة عربية، بالشرعية الباطلة لدولة (اسرائيل) وبحقها فى كامل أرض فلسطين ما عدا الضفة وغزة.  

·       وتم اغتياله مرة أخرى حين تواطأت الأنظمة العربية مجتمعة مع الصهاينة والأمريكان على اخراجه والقوات الفلسطينية من لبنان فى 1982، ونفيهم بعيدا عن الارض المحتلة.

·       ثم ما تلى ذلك من عملية اغتيال بطئ على نار هادئة بالضغط عليه فى المنفى وكسر ارادته للاعتراف باسرائيل والتنازل عن فلسطين 1948 وعن الحق فى المقاومة، فى اتفاقيات أوسلو المشئومة، التى كانت بمثابة عملية "انتحار وطنى جماعى" لمنظمة التحرير وقيادتها.

·       وحين حاول التراجع والتطهر منها وتغيير قواعد اللعبة وقلب الطاولة فوق رؤوسهم فى انتفاضة الاقصى عام 2000 وما بعدها، قرروا إخراجه من المشهد نهائيا، فقتلوه.

***

لقد علمتنا تجاربنا ان الزعماء الوطنيين لا يتم تقييمهم فقط بمواقفهم وافعالهم، وانما ايضا بالقياس على افعال ومواقف نظرائهم ومعاصريهم أو خلفائهم.

فجزء كبير، على سبيل المثال، من المكانة التاريخية للمشروع الوطنى فى مصر 1956 -1970 رغم نكسة 1967، مستمد من مقارنته بالردة الوطنية والقومية والاجتماعية التى قادها السادات 1974-1981 واستمرت من بعده، رغم نصر 1973.

كذلك هو الوضع فى حالة ياسر عرفات، فلقد كان لابو مازن فضل كبير فى اعادة الاعتبار لابو عمار بعد وفانه رغم تورطه فى توقيع اتفاقيات اوسلو؛ فمن زعيم فلسطينى وطنى يحرض على الانتفاضة ويدعم فصائل المقاومة والعمليات الاستشهادية سرا وتتم تصفيته على ايدى الاحتلال، الى رئيس يستمد شرعيته من رضا (اسرائيل) ومن دوره فى حماية أمنها، ويطارد المقاومة ويصف الانتفاضة الفلسطينية بانها كانت بمثابة كارثة على الفلسطينيين.

***

وهى ليست مقارنات على أى وجه، بل هى مسائل موضوعية وواقعية يمكن القياس عليها والاحتكام اليها؛ ففى ظل ذات الظروف والضغوط والامكانيات والاختلالات الهائلة فى موازين القوى، اختار ابو عمار، بقدر الامكان، توسيع مساحات الارادة والتحدى واستقلالية القرار والمناورة والمواجهة، بينما اختار ابو مازن وسلطته وجماعته التبعية والخضوع الكامل.

رحم الله ابو عمار وغفر له واسكنه فسيح جناته.

*****

محمد سيف الدولة 

الثلاثاء، 8 نوفمبر 2022

اعترافات قاتل اقتصادى

فيما يلى شهادة قد تكون مفيدة لتنمية الوعى بمخاطر وعواقب الاقتراض الخارجى، ولدعم وتنشيط المعارضة الوطنية للاتفاق الجديد مع صندوق النقد الدولى وأمثاله، وللدفاع عن استقلالية الارادة الوطنية والسياسات الاقتصادية فى مصر وأى بلد عربى، فى مواجهة كل المحاولات الخارجية لإضعافه وإخضاعه.

انها شهادة لـ "جون بيركنز" مؤلف كتاب ((الاغتيال الاقتصادي للأمم ـ اعترافات قرصان اقتصادي))، منشورة على اليوتيوب بعنوان ((ولادة القاتل الاقتصادي)). وهى مكونة من جزئين؛ الجزء الأول والأهم والمنشور فيما يلى، يشرح فيه كيف تقوم الدول الرأسمالية الكبرى بالانقضاض على أى بلد لإخضاعها اقتصاديا والسيطرة عليها. أما الجزء الثاني فهو يحكى كيف فعلوها فى ايران عام 1953 وفى جواتيمالا 1954 والاكوادور 1981 وبنما 1981 والعراق 2003.

***

يقول جون بيركنز:

((هناك طريقتان لقهر واستعباد الأمم: الأولى بحد السيف والأخرى عن طريق الديون.

نحن القتلة الإقتصاديون مسئولون حقا عن خلق هذه الإمبراطورية العالمية الأولى من نوعها، ونحن نعمل بطرق مختلفة كثيرة.

ولكن ربما كانت الطريقة الأكثر شيوعا هي أننا نحدد بلدا لديه موارد تثير لعاب شركاتنا مثل النفط، وبعد ذلك نرتب قرضا ضخما لهذا البلد من البنك الدولي أو أي من المنظمات الحليفة. ولكن المال لايذهب فعلا لهذا البلد وبدلا من ذلك يذهب إلى شركاتنا الكبرى لبناء مشاريع البنية التحتية في ذلك البلد: محطات توليد الطاقة، المجمعات الصناعية، الموانئ، وهو ما يعود بالنفع على قلة من الأغنياء في ذلك البلد بالإضافة إلى شركاتنا ولكنها في الواقع لا تساعد أغلبية العامة من الناس على الإطلاق.

ونترك هؤلاء الناس وكل البلد حاملا عبء دين ضخم من المستحيل سداده، وهذا جزء من الخطة، ان يكونوا عاجزين عن سداده، ثم نأتى نحن بعد ذلك، نحن القتلة الإقتصاديون قائلين لهم:

·       اسمعوا .. أنتم مدينون لنا بالكثيرمن المال ولا يمكنكم سداد ديونكم. حسنا قوموا ببيع النفط الخاص بكم بسعر بخس لشركاتنا النفطية

·       وإسمحوا لنا ببناء قاعدة عسكرية في بلدكم.

·       أو إرسلوا قوات لدعمنا في مكان ما من العالم مثل العراق.

·       أو صوتوا معنا في تصويت الأمم المتحدة المقبل.

·       أو خصخصة شركات الكهرباء الخاصة بهم .

·       أو خصخصة شركات الماء والمجارير الخاصة بهم وبيعها للشركات الأمريكية.

 

وهذا كله ينمو ويتطور مثل الفطريات وهي الطريقة الإعتيادية لعمل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وهى أن يترك البلد حاملا عبء الدين وهو دين ضخم من المستحيل سداده وبعد ذلك تعرض إعادة تمويل الدين ودفع المزيد من الفائدة.

وهو ما يطلق عليه "المشروطية" أو "الحكم الرشيد" وهو ما يعني في الأساس أنه يتوجب عليهم بيع مواردهم بما في ذلك العديد من خدماتهم الإجتماعية وشركات المرافق وأحيانا نظمهم المدرسية، ونظمهم القانونية ونظم تأمينهم إلى الشركات الأجنبية.

اننا فى الحقيقة نوجه اليهم ضربات متعددة الطلقات.))

*****

محمد سيف الدولة 

الأحد، 6 نوفمبر 2022

العرب وانتخابات (اسرائيل)


 

·       هل هناك فروق بين الفرقاء فى (اسرائيل)؟

·       ما الفرق بين النموذج الصـهيونى والنموذج العربى الرسمى؟

·       هل بالفعل (اسرائيل) هى واحة الديمقراطية فى المنطقة؟

·       لماذا يتقدم 7 مليون مستوطن على 450 مليون عربى؟

الأربعاء، 2 نوفمبر 2022

واجباتنا فى ذكرى وعد بلفور


·       تقوم (اسرائيل) والحركة الصهيونية العالمية بتوظيف هذه الذكرى كل عام لتكثيف حملاتهما لاطلاق وترويج الاكاذيب والأساطير الصهيونية الزائفة والاستمرار فى تضليل الراى العام الغربى والعالمى.

·       والمشروع الصهيونى الذى يستهدف مصر والامة العربية بقدر ما يستهدف فلسطين، هو مشروع عدوانى واحد "متصل ومستمر" منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا، وما لم نتصدَ له ونوقف تمدده وتوسعه وانتصاراته ونجاحاته المستمرة فاننا نعرض وجودنا جميعا لمخاطر جسيمة.

·       واذا كان العدو الصهيونى لم يتنازل او يتراجع عن مشروعه الاستعمارى الاستيطاني العنصرى الارهابى على امتداد ما يزيد عن مئة عام، فانه لابد من التأكيد فى مواجهته، خاصة فى ظل حالة التراجع والاستسلام والتواطؤ العربى الرسمى، على أن من يمتلكون حق تمثيل الامة العربية اليوم، هم فقط أولئك الذين يتمسكون بالثوابت الوطنية والعربية والعقائدية، والذين لم ينكسروا او يخضعوا او يستسلموا تحت وطأة الاختلال فى موازين القوى العسكرية والدولية، والذين يتمسكون بعروبة فلسطين من نهرها الى بحرها، ويرفضون الاعتراف بأى شرعية لاسرائيل، ويرفضون الصلح والسلام والتسوية والتطبيع معها وكل اتفاقيات السلام من كامب ديفيد الى اوسلو ووادى عربة ومبادرة السلام العربية و"صفقة القرن".

·       والتأكيد على ان كل الوعود والمواثيق والقرارات الدولية التى مهدت وأسست لوجود (اسرائيل) باطلة بدءا بوعد بلفور وصك الانتداب البريطانى وقرار التقسيم وقبول (اسرائيل) فى الامم المتحدة والقرار ٢٤٢ وما يسمى باتفاقيات السلام واى تسويات تقوم على أساس التنازل عن ارض فلسطين التاريخية والاكتفاء بدولة فلسطينية على حدود ١٩٦٧.

·       وعلى التمسك بتحرير كامل التراب الفلسطينى المحتل، وعلى انه واجب فلسطيني/عربي مشترك لا يقتصر على الفلسطينيين وحدهم انطلاقا من كوننا أبناء امة واحدة، نواجه عدوا مشتركا يهدد الجميع.

·       والتصدى لكل المحاولات الجارية اليوم على قدم وساق لتصفية القضية والهرولة للسلام والصلح والتطبيع والتحالف مع (اسرائيل) ودمجها فى المنطقة.

·       وتوعية الاجيال الجديدة بحقيقة هذا المشروع وخطورته عليهم. تلك الاجيال التى ولدت وترعرعت وتعلمت فى ظل مؤسسات تعليمية واعلامية وسياسية تسيطر عليها وتوجهها انظمة حكم تخاف (اسرائيل) وتتجنب مواجهتها وتعترف بوجودها وتقوم بتزييف الوعى وتضليل الشعوب وطمس حقائق التاريخ.

·       وطمأنة اهالينا فى فلسطين بانهم ليسوا وحدهم بعد أن غدرت بهم وانقلبت عليهم غالبية الدول العربية، فتحالفت مع الاحتلال وتواطأت معه لتصفية القضية.

·       والتأكيد على أن 44 عاما من اتفاقيات كامب ديفيد، لم تنجح فى انهاء العداء الشعبى لاسرائيل. فسيظل المواطن المصرى البسيط وكل القوى الوطنية الحقيقية تعادى الصهيونية و(اسرائيل) وترفض الصلح والاعتراف بها والتطبيع معها، وسيظل يناصر فلسطين ويطمح الى عودة مصر لتقوم بدورها التاريخي فى قيادة النضال العربى ضد المشروع الصهيوني.

·       وعلى ان أمريكا ليست ربنا وأن (اسرائيل) ليست قدرنا المحتوم الذى لا خلاص منه، وان الامة ليست عاجزة، وانها لو امتكلت حريتها وارادتها وقرارها لنجحت فى القضاء على هذا الكيان فى بضع سنوات، وان كل ما حدث ويحدث من فشل وتراجع وخوف واستسلام هو بسبب انظمة الحكم العربية التابعة المستبدة المجزأة.

·       ولابلاغ الصهاينة بأن الارض تلفظهم والشعوب ترفضهم، وأنه رغم كل انواع الدعم التى تلقوها على امتداد ما يزيد عن قرن من الزمان من عصبة الامم ثم الامم المتحدة ومن بريطانيا العظمى ثم من الولايات المتحدة، ورغم سيول الأموال والسلاح ورغم التحصين الامريكى والاوروبي لكم ضد كل قرارات الامم المتحدة المناصرة لحقوق الشعب الفلسطينى، رغم كل ذلك الا أن مشروعهم وكيانهم ودولتهم وشرعيتهم المزعومة تتعثر و لا يزالوا عاجزين عن العيش حياة طبيعية على ارض فلسطين، فيختبئون خلف جدران وحصون عازلة، ويواجهون مقاومة فلسطينية لم تنقطع عبر أربعة اجيال.

·       ومخاطبة الراى العام العالمى لدحض وتعرية الرواية الصهيونية الزائفة، ونشر وطرح حقيقة القضية على أوسع نطاق.

·       وكذلك مخاطبة ضمير الشعوب فى إنجلترا وامريكا وأوروبا الغربية، بأن دولهم الاستعمارية تتحمل المسئولية الأكبر فى زراعة وحماية ورعاية هذا الكيان، وان أقل واجب انسانى عليهم هو الضغط الشعبى على حكوماتهم لإرغامها على الاعتذار عن هذه الجريمة التاريخية والعمل على تصحيح ما ترتب عليها من آثار مدمرة، والتوقف عن دعم وحماية (اسرائيل).

·       ولكى نسقط أكذوبة ما يقال عن "المعجزة الاسرائيلية"؛ فبدون دعم الدول الكبرى للمشروع وحمايتها له على امتداد قرن من الزمان، لما قامت (اسرائيل)، و لما استمرت حتى اليوم.

·       ولنكشف للعالم الاضرار والمآسى التى ترتبت على هذا الوعد و ما سبقه وتلاه من زراعة جسم غريب معادى لشعوب المنطقة، وتهجير وطرد شعب من ارضه، واخضاع من تبقى منه لأسوأ احتلال عرفه التاريخ.

·       ولنقوم، وهو الأهم، بوقفة مع النفس من أجل التقييم والمراجعة والمحاسبة والتعرف والاعتراف والتصحيح لاسباب الفشل والهزيمة رغم أن مقاومتنا لم تنقطع يوما على امتداد مائة عام ويزيد.

·       هذا بالاضافة بطبيعة الحال الى انها فرصة مواتية لاحياء وتنشيط الحراك المدنى والشعبي المناصر لفلسطين والمناهض للصهيونية ولاسرائيل، خاصةً فى ظل المحاولات الامريكية الاسرائيلية العربية الرسمية الحالية لتصفية القضية.

*****

محمد سيف الدولة