بحث فى المدونة

الثلاثاء، 31 يناير 2023

حب فلسطين حق من حقوق الانسان

الى الذى يهاجمون الحريات وحقوق الانسان، ويتهمونها زورا بأنها تهدم الدول وتهدد امنها القومى.

كنا نقول الحرية لفلسطين، واليوم نزيد ونطلب الحرية من أجل فلسطين.

***

ان الموقف الفطرى والوطنى والعقائدى لأى مصرى أو عربى سَوِىِ هو حب فلسطين والرغبة فى دعمها وتحريرها من الاحتلال الصهيونى، اما أى موقف غير ذلك فهو مثار للشك والريبة التى قد تصل الى درجة التخوين.

ولكن فى مصر اليوم هناك منعا وحظرا مفروضا على اى نشاط سياسى لدعم فلسطين وعلى أى نشاط سياسى آخر على وجه الاطلاق.

فالمصريون والقوى السياسية المعارضة مجردون اليوم من كل الحريات وحقوق الانسان المنصوص عليها فى الدستور المصرى وفى كل المواثيق الدولية التى وقعت عليها الدولة المصرية.

ومن ضمن هذه الحريات والحقوق المهدرة هى الحق فى دعم الشعب الفلسطينى.

والذرائع التى تقدمها السلطة لمصادرة الحريات هى انها تهدد وجود الدولة وامنها القومى.

ولكن كيف يمكن ان يؤدى دعم فلسطين الى تهديد الامن القومى لمصر؟!

فلا فلسطين ولا قضيتها او شعبها او مقاومتها ولا الدعم الشعبي المصري لها يمكن ان يهدد امن مصر القومي، بل انه على العكس لطالما كان يحمى امننا القومى ويقويه.

وإذا كان الدعم المصرى لفلسطين يشكل اى نوع من التهديد، فهو يهدد امن (اسرائيل) وعربدتها فى المنطقة وتغلغلها فى العمق المصري، كما يهدد "دستور" كامب ديفيد الذي يحكم مصر منذ 40 عاما ويزيد.

***

كما انه لم يحدث في مصر من قبل، حتى فى ذروة سنوات الردة الوطنية 1974-1981 المعاهدة، أن قامت السلطة بفرض مثل هذا الحظر الحديدى على فاعليات وانشطة ونشطاء ولجان دعم فلسطين، بل فى تلك السنوات اشتد ساعد المعارضة الوطنية لإسرائيل والصهيونية وللمعاهدة وللتطبيع.

وكلما كانت العلاقات المصرية الرسمية تتوطد مع (اسرائيل)، كان صوت المعارضة يعلو وعوده يشتد ونشاطها يزداد وقاعدتها الشعبية تتسع:

ففى الجامعات من السبعينات حتى سنوات قليلة ماضية كانت فلسطين على رأس المطالب والتظاهرات الطلابية. وفى الاعوام ١٩٧٧ الى ١٩٨١ توحدت كل التيارات السياسية ضد اتفاقيات كامب ديفيد مما دفع السادات الى اعتقالها جميعا فى ١٩٨١. وفى حصار بيروت ١٩٨٢ ومذبحة صابرا وشاتيلا، تداعت وانتفضت كل الاحزاب والتنظيمات والشخصيات المصرية وارسلت الوفود للانضمام الى المحاصرين. وفى انتفاضتى الحجارة ١٩٨٧ والاقصى 2000 تأسست اللجان الشعبية لدعم الانتفاضة فى كل بقاع مصر، وفى الاعتداءات الاسرائيلية المتتالية على غزة 2008-2012، نظمت القوى الوطنية مئات الفاعليات والمؤتمرات واللجان وقوافل الاغاثة. وفى اول ذكرى للنكبة بعد ثورة يناير تم تنظيم مليونية فلسطين فى ميدان التحرير. وكانت السفارة الوحيدة التى حاصرها ثوار يناير ونجحوا فى اغلاقها هى سفارة اسرائيل فى سبتمبر 2011، قبل ان يعاد فتحها مرة أخرى فى سبتمبر 2015.

***

واليوم تتضاعف حاجة الشعب الفلسطينى لدعم الشعب المصرى وكل الشعوب العربي فى مواجهة ما تتعرض له من جرائم لتصفية القضية واطلاق يد (اسرائيل) للاستيلاء على ما تبقى من الضفة الغربية، ومن عمليات القتل والقنص اليومى للشباب الفلسطينى، وهدم المنازل واجتياح المدن وتدنيس المقدسات والاقتحامات اليومية للمسجد الاقصى تمهيدا لتقسيمه وتهويده، مع اتساع دائرة المتواطئين من انظمة الحكم العربية .. الخ.

***

والسؤال هو كيف يمكن الضغط علي انظمة الحكم العربية من أجل اطلاق سراح حق شعوبها فى دعم فلسطين ومناهضة (اسرائيل) ومشروعها الصهيونى، واقناعها بأن مثل هذا الحراك الشعبى لا يمكن أن يضر بمصالحها، بل على العكس فيمكنها على أضعف الايمان أن تستفيد منه كورقة ضغط لتخفيف قواعد وشروط "الخضوع والتبعية" الحالية للولايات المتحدة و(اسرائيل).

*****

محمد سيف الدولة 

بالفيسبوك

باليوتيوب


السبت، 28 يناير 2023

لماذا يكره الحكام العرب حركات المقاومة؟


انضمت كل من مصر والأردن والامارات والبحرين الى قائمة الدول التى أدانت العملية البطولية  بالقدس المحتلة، ردا على قيام الاحتلال بقتل وتصفية تسعة فلسطينيين اثناء اجتياح قواته لمحافظة جنين. فلماذا يكره الحكام العرب حركات المقاومة وعملياتها؟

***

·       لأنها تحرجهم أمام شعوبهم وتطالبهم بمواقف لا يجرؤون ولا يرغبون فى اتخاذها خوفا أو تواطؤا، كما تكشف خوفهم وأكاذيبهم بأنه لا قبل لنا (باسرائيل)، وبأن القتال والمقاومة لا تجدى، وبأن الاعتراف بها والسلام معها هو الخيار الممكن الوحيد.

·       كما أن المقاومة تكشف الوجه الارهابى العنصرى البربرى للكيان الصهيونى، الذى سالمته الانظمة العربية وطبعت معه، فتزيدهم احراجا على احراج.

·       لأن المقاومة تهدد عروشهم، فأهم مصدر لشرعياتهم التى منحها لهم "المجتمع الدولى الأمريكى"، هو الحفاظ على وجود (اسرائيل) وأمنها، مما يجعل أمنهم وامنها فى كفة واحدة فى اطار ترتيبات الأمن الاقليمى التى وضعتها أمريكا ووزعت أدوارها، والتى تتناقض على طول الخط مع اعتبارات الامن القومى العربى.

·       كما أن الامريكان قد نجحوا على امتداد العقود الماضية فى ترويض النظام العربى الرسمى على قواعد الاستسلام والخضوع للأقوى و"الاعتدال والواقعية"، ولذا دأب الحكام العرب على اتهام المقاومة بالتطرف والطفولة والبعد عن الواقعية والانتحار وإلقاء نفسها وشعبها الى التهلكة.

·       بالإضافة الى انهم لا يجرؤون على مخالفة "السادة" الأمريكان الذين يصنفون حركات المقاومة كمنظمات ارهابية.

·       كما أنهم حلفاء وشركاء ووكلاء للمصالح الامريكية والاوروبية الاستعمارية فى بلادنا، والوكيل لا يخرج عن تعليمات موكله.

·       والتفاف الجماهير العربية حول المقاومة يضعف موقفهم أمام الأمريكان، ويكشف عجزهم عن ردع الشارع العربى، وإبعاده عن القضية الفلسطينية.

·       والمقاومة تعيد القضية الفلسطينية الى صدارة المشهد بعد أن حاولوا تصفيتها عدة مرات بعد حرب 1973.

·       كما انها تسحب البساط من تحت أقدام السلطة الفلسطينية التى تؤيدها وتدعمها كافة الانظمة العربية وتعتبرها الممثل الشرعى الوحيد للشعب الفلسطينى منذ 1974، لتبرير انسحابها من مواجهة العدو الصهيونى، كما انها السلطة التى ترضى عنها وتعترف بها أمريكا و(اسرائيل) والاتحاد الاوروبى ومجتمعهم الدولى. 

·       ولأن الأنظمة وحكامها باعت فلسطين منذ زمن بعيد، ولم يعد يعيق اتمام الصفقة وتسويتها، الا المقاومة وصمودها.

·       ولأن المقاومة ترفض الاعتراف (باسرائيل) التى اعترفوا بها جميعا سرا أو علانية.

·       ولأن اعترافهم الباطل بها وبحقها فى الحياة آمنة داخل حدود فلسطين 1948، يترتب عليه اعتبار كل ما يهدد أمنها، ارهاب.

·       لأنهم وقعوا مع العدو معاهدات، تلزمهم بمطاردة المقاومة الفلسطينية، بنصوص صريحة يخفونها عن شعوبهم.

·       ولأنهم ينسقون مع (اسرائيل) ليلا نهارا من اجل تحقيق الامن العربى الاسرائيلى "المشترك" فى مواجهة المقاومة "الارهابية".

·       كما أن المقاومة ترفض نزع سلاحها، بينما رضخوا هم لشروط (اسرائيل) بنزع اسلحتهم مقابل انسحابها من الاراضى التى احتلتها فى بلادهم.

·       فهى تتحدى كل معاهداتهم ومبادراتهم ومشروعاتهم المشتركة مع العدو.

·       ولأنها توجه السلاح العربى فى الاتجاه الصحيح، فى وقت يوجهه الحكام الى معارك الاقتتال العربى العربى والمعارك الطائفية وتصفية المعارضة.

·       لأنها تفسد وتعوق مشروعات التطبيع الاقتصادى والسياسى مع (اسرائيل) القائمة على قدم وساق.

·       لأنها تنشط حركات المقاطعة للبضائع الامريكية والأوروبية التى تهدد مصالحهم الاقتصادية.

·       لأنها تكشف استبدادهم حين يقمعون مظاهرات الغضب العربية ضد (اسرائيل).

·       وتكشف الفرق بين خوفهم من مواجهة (اسرائيل)، وبين جبروتهم ووحشيتهم فى مواجهة شعوبهم.

·       لأنها تكشف زيف ادعاءاتهم وشعاراتهم عن الأمة العربية والعروبة والوحدة ومركزية قضية فلسطين.

·       كما تكشف زيف الشعارات الوطنية والأمن القومى التى يطنطنون بها ليلا نهارا لخداع شعوبهم وتضليلها، للتغطية على استبدادهم وفسادهم وتواطؤهم.

·       لأنها تفضح اهدارهم وتبديدهم للثروات العربية لشراء اسلحة بالمليارات، لا يستخدمونها، فى وقت يحظرون فيه السلاح عن الفلسطينيين.

·       لأنها تفضح انخراطهم تحت القيادة الامريكية فيما سمى بحرب "تحرير" الكويت وفى غزو أفغانستان والعراق وغيرها، وصمتهم تجاه فلسطين.

·       لأن خوفهم وصمتهم أو تواطؤهم على الاعتداءات الصهيونية المتكررة، يكشف ويسقط اساطيرهم عن النصر على (اسرائيل)، بعد أن استسلموا لها عقائديا واستراتيجيا فى الكواليس والغرف المغلقة منذ زمن بعيد.

·       لأنهم اختاروا نهج الاحتلال والتبعية والاحتماء بالأمريكان والغرب، فكيف ترفض المقاومة ما قبلوه هم؟

·       لأنهم لا يزالوا يعيشون بعقدة 1967.

·       لأن للمقاومة والصمود والبطولة سحر وتأثير خاص، يخشون من انتقال عدواها الى شعوبهم.

·       لأن نموذج حرب التحرير الشعبية الذى تقدمه المقاومة قد أثبت نجاحا وفاعلية فى مواجهة الآلة العسكرية الاسرائيلية، وهو النموذج الذى تخشاه الانظمة العربية، خشيتها من تسليح الجماهير المقهورة التى يمكن أن تثور عليهم.

·       لأنها تكشف زيف ادعائاتهم اليومية بوجود مؤامرات عالمية على دولهم، بينما هم يلتزمون الصمت تجاه المؤامرة الكبرى على بلاد العرب المتمثلة فى الكيان الصهيونى.

·       لأن المستسلم يكره الصمود، والخائف يكره الشجاعة، والمنسحب يكره الإقدام، والخاضع يكره العزة.

·       وقبل ذلك وبعده، لأن الكيانات/الدول العربية التى أنشأها الاستعمار لحماية تقسيم وتجزئة الأمة العربية التى تمت بعد الحرب العالمية الأولى، لا تقاتل أبدا الا دفاعا عن اراضيها وداخل حدودها، ولا شأن لها باحتلال او تهديد أى أقطار عربية أخرى، حتى لو قصفتها اسرائيل بقنبلة نووية.

*****

محمد سيف الدولة

 


الثلاثاء، 24 يناير 2023

سامى شرف

((مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا   (( صدق اللَّهُ العظيم

***

انتقل الى رحمة الله الأستاذ/ سامي شرف مدير مكتب الرئيس جمال عبد الناصر للمعلومات، واحد شيوخ الناصريين فى مصر.

لن أتناول هنا تاريخه السياسى ودوره الوظيفى منذ انخراطه فى تنظيم الضباط الأحرار حتى خروجه من السلطة واعتقاله وسجنه عام 1971، ولكنى سأتوقف عند مبدئية الرجل وصلابته.

فالأستاذ سامى واحد من اولئك الذين لم يغيروا جلودهم ولم يتبدلوا كما فعل الكثيرون غيره بعد وفاة عبد الناصر وتولى الرئيس السادات لكرسى الحكم خلفا له، والذى انقلب 180 درجة على مشروع عبد الناصر ومبادئه وسياساته وانحيازاته رغم انه كان نائبه الاول.

فبعد وفاة عبد الناصر، حدث ما يحدث على الدوام فى مصر وفى بلادنا العربية وربما فى العديد من بلاد العالم، حين يأتى رئيس جديد، فينتقل ولاء كل رجال السلطة ومؤسساتها بسرعة البرق الى الحاكم الجديد، أيا كان مشروعه او برنامجه او توجهاته.

وهو ما حدث بعد عام 1970 بشكل شديد الفجاجة، فالغالبية العظمى من كبار رجال الدولة ومؤسساتها وقيادات وكوادر الاتحاد الاشتراكى والتنظيم الطليعى ومعهم قطاعات واسعة من الكتاب والسياسيين والمثقفين والاعلاميين والفنانين، غيروا جلودهم ومواقفهم ومبادئهم من النقيض الى النقيض:

·       من الاستقلال الى 99% من اوراق اللعبة فى ايدى الامريكان.

·       ومن عدم الانحياز الى الغرق فى مستنقع التبعية للولايات المتحدة الامريكية.

·       ومن لا صلح لا تفاوض لا اعتراف الى الصلح والسلام والاعتراف باسرائيل.

·       ومن الاقتصاد المخطط الى اقتصاد السوق والانفتاح الاقتصادى والخضوع لتعليمات صندوق النقد الدولى واغراق البلاد فى القروض والديون.

·       ومن تأسيس المصانع الكبرى والقطاع العام الى الخصخصة وضرب وتصفية الصناعات الوطنية.

·       ومن الانحياز الى الفقراء الى استئثار طبقة من الراسماليين وكبار رجال الدولة بالثروات.

·       ومن مصر العربية قائدة الامة وقلبها النابض الى مصر الفرعونية ومصر اولا واليهود أقرب الينا من العرب كما قالها توفيق الحكيم صراحة عام 1978.

اسماء لامعة وشخصيات ثقيلة الوزن فى مجال تخصصها لا اريد ذكرها منعا للاحراج، لا يزال بعضها على قيد الحياة، تسابقت لنيل الرضا والحظوة عند الحاكم الجديد، وتنافست من أجل ذلك فى كيل قصائد القدح والذم فى الرئيس الراحل وعصره ومشروعه وسياساته.

قليلون هم الذين تمسكوا بمبادئهم ولم يتلونوا ومنهم من دفع اثمانا باهظة نتيجة هذه المواقف.

وسامى شرف كان واحدا من هؤلاء، فلقد تم اعتقاله ومحاكمته فى واحدة من المحاكمات الصورية التى يحفل بها تاريخنا الطويل، والمشهورة باسم مراكز القوى، وحكم عليه بالاعدام قبل ان يخفف الحكم الى المؤبد وخرج عام 1981 بعد عشر سنوات قضاها فى السجن.

لم يكن من مدرسة "مات الملك .. عاش الملك".

كان ناصريا عقائديا الى ان توفاه الله، لم يغير جلده ويتلون مع كل حاكم فيصبح اليوم ساداتيا وغدا مباركيا وبعد غد سيساويا وهكذا.

لا يهم هنا موقف اى منا من عبد الناصر أو الناصرية او الناصريين أو من مواقف الرجل ومبادئه وآرائه، فلكل منا انتماءاته الفكرية والايديولوجية، ولكن ما يهم انه لم يتبدل بعد خروجه من السلطة، بل فضل السجن على التراجع او الاعتذار او المشاركة فى الردة على المشروع السياسي الذي آمن به وخدم فيه.

والى آخر أيامه كان شديد الرفض والمعارضة لاتفاقيات كامب ديفيد والعلاقات الرسمية الحميمة مع (اسرائيل). وكان كثيرا ما يتفضل بإعادة نشر وتوزيع ما أقوم بكتابته ضد معاهدة السلام على المجموعات والمواقع والصحف الالكترونية، والمقال الوحيد الذى نشرته لى المصرى اليوم وكان فى 2 مايو 2013 بعنوان ((كامب ديفيد والسيادة المجروحة فى سيناء)) والذى تناولت فيه خطورة الوضع فى سيناء ودعوت الى ضرورة التحرر من القيود الأمنية المفروضة علينا هناك بموجب اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة عام 1979 والتى تحول دون فرض الدولة سيادتها الكاملة على سيناء .. كان هو الذى أصر على ضرورة نشره على اوسع نطاق وقام بنفسه بالاتصال برئيس تحرير الجريدة حينذاك لنشره. وهو المقال الذي تلقيت بعده رسالة تهديد من السفير الاسرائيلى الاسبق "تسفى مازائيل"، ولكن هذا حديث آخر.

***

رحم ألله الفقيد بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وألهم أسرته الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.

*****

محمد سيف الدولة

 

 

 

الأحد، 22 يناير 2023

كيف أنصف القضاء انتفاضة الفقراء؟


 المعاناة الاقتصادية وجنون الاسعار والمساس بأقوات الناس وفقدان الأمل فى المستقبل والتضليل الاعلامى والوعودة الحكومية الكاذبة، كلها اسباب تبرر غضب الشعب وزحفه وتلاحمه دفاعا عن حياته وقوت يومه.

كانت هذه هى خلاصة حيثيات الحكم الذى اصدره المستشار الراحل الجليل/ حكيم منير صليب فى قضية انتفاضة يناير 1977 والذى قضى فيه بعفوية الانتفاضة وبراءة 176 متهما قدمتهم النيابة الى المحاكمة بتهمة تدبير المظاهرات والتحريض عليها.

ولقد كان حكما عادلا وشجاعا وتاريخيا بالإضافة الى كونه حكما مرجعيا:  

·       فهو عادل لأنه رصد وانطلق وصادق على حقيقة ما حدث بالفعل من وقائع وأحداث، بأنها كانت هبة وانتفاضة شعبية تلقائية فى مواجهة ظلم السلطات واكاذيبها، وليست مؤامرة شيوعية كما صنفتها النيابة وتقارير أمن الدولة، أو انتفاضة للحرامية كما وصفها السادات.

·       وهو حكم بالغ الشجاعة لصدوره بالمخالفة لإرادة وتوجيهات القيادات السياسية والأمنية للدولة وخطابها الرسمى، وهو أمر نادر الحدوث فى مصر فيما يتعلق بالقضايا السياسية.

·       وهو ما يفسر لنا لماذا لا يزال الرأى العام الشعبى والقانونى يحتفى به حتى اليوم، ويحفر أسماء قضاته وعلى رأسهم المستشار "حكيم منير" فى سجلات التاريخ.

·       وما زلنا نتذكر ما سطره شيخ القضاة ومؤسس تيار الاستقلال المستشار الراحل/ يحيى الرفاعى معلقا على سيطرة السلطة التنفيذية على القضاء فى مقال بعنوان ((جرجرة)) حين قال:

((فى بعض بلاد العالم يصبح القاضى المتمسك باستقلاله كالقابض على الجمر ... فلا يستطيع ان يعلن حكما تستاء منه الحكومة قبل ان يراجع نفسه الاف المرات، فليس صحيحا على اطلاقه انه لا سلطان على القضاء الا للقانون وضمائرهم ، فالسلاطين كثير.))

·       وبالإضافة الى كل ذلك فإنه يعتبر أحد أهم الأحكام المرجعية فى قضية الساعة وكل ساعة، وهى حق الشعوب فى التعبير عن غضبها والدفاع عن نفسها فى مواجهة تعنت السلطات وقراراتها وسياساتها الاقتصادية التى تهدد معايشها وقوت يومها، وعلى رأسها تعليمات و روشتات الدائنين الدوليين وممثلهم صندوق النقد الدولى العدو الأول للشعوب ولعامة المصريين منذ عام 1977 حتى اليوم.    

·       ولذا أتصور أنه من الأهمية بمكان ونحن نتعرض اليوم لهجمة جديدة من صندوق النقد أكثر شراسة بمئات المرات من هجمة 1977، أن نتوقف عند هذا الحكم وعند ظروف البلاد والعباد التى أحاطت به واستدعت صدوره، وأن نطلع على ما ورد حرفيا فى حيثيات الحكم بالبراءة فيما يلى:

((ولكن المحكمة وهى تتصدى لتلك الأحداث بالبحث والاستقصاء لعلها أن تستكشف عللها وحقيقة أمرها لابد أن تذكر ابتداء أن هناك معاناة اقتصادية كانت تأخذ بخناق الأمة المصرية فى ذلك الحين وكانت هذه المعاناة تمتد لتشمل مجمل نواحى الحياة والضروريات الأساسية للإنسان المصرى، فقد كان المصريون يلاقون العنت وهم يحاولون الحصول على طعامهم وشرابهم ويجابهون الصعاب وهم يواجهون صعودا مستمرا فى الأسعار مع ثبات مقدار الدخول، ثم إن المعاناة كانت تختلط بحياتهم اليومية وتمتزج بها امتزاجا فهم مرهقون مكدودون فى تنقلهم من مكان إلى آخر بسبب أزمة وسائل النقل وهم يقاسون كل يوم وكل ساعة وكل لحظة من نقص فى الخدمات وتعثر فيها، وفوق ذلك كان أن استحكمت أزمة الإسكان وتطرق اليأس إلى قلوب الناس والشباب منهم خاصة من الحصول على مسكن وهو مطلب أساسى تقوم عليه حياتهم وتنعقد آمالهم فى بناء أسرة ومستقبل، وسط هذه المعاناة كان يطرق أسماع المصريين أقوال المسؤولين والسياسيين من رجال الحكومة فى ذلك الوقت تبشرهم بإقبال الرخاء وتعرض عليهم الحلول الجذرية التى سوف تنهى أزماتهم وتزين لهم الحياة الرغدة الميسرة المقبلة عليهم، وبينما أولاد هذا الشعب غارقون فى بحار الأمل التى تبثها فيهم أجهزة الإعلام صباح مساء إذ بهم وعلى حين غرة يفاجأون بقرارات تصدرها الحكومة ترفع بها أسعار عديد من السلع الأساسية التى تمس حياتهم وأقواتهم اليومية، هكذا دون إعداد أو تمهيد، فأى انفعال زلزل قلوب هؤلاء وأى تناقص رهيب فى الآمال وقد بثت فى قلوبهم قبل تلك القرارات وبين الإحباط الذى أصاب صدورهم ومن أين لجل هذا الشعب ومعظمهم محدود الدخل أن يوائموا بين دخول ثابتة وبين أسعار أصيبت بالجنون، وإذا بفجوة هائلة تمزق قلوب المصريين ونفوسهم بين الآمال المنهارة والواقع المرير، وكان لهذا الانفعال وذلك التمزق أن يجدا لهما متنفسا، وإذا بالأعداد الهائلة من هذا الشعب تخرج مندفعة إلى الطرقات والميادين وكان هذا الخروج توافقيا وتلقائيا محضا، وإذا بهذه الجموع تتلاحم هادرة زاحفة معلنة سخطها وغضبها على تلك القرارات التى وأدت الرجاء وحطمت الآمال، وحاولت جهات الأمن أن تكبح الجماح وتسيطر على النظام، ولكن أنى لها هذا والغضب متأجج والآلام مهتاجة، ووسط هذا البحر الهادر وجد المخربون والصبية سبيلا إلى إرضاء شهواتهم الشريرة، فإذا بهم ينطلقون محرقين ومخربين ومتلفين وناهبين للأموال وهم فى مأمن ومنجاة وقد التهبت انفعالات هاته الجموع وتأجج حماسهم عندما تعرض لهم رجال الأمن المركزى بعصيهم ودروعهم وقنابلهم المسيلة للدموع، فكان أن اشتعلت الأحداث وسادت الفوضى ولم يكن من سبيل لكبح الجماح وإعادة الأمن والنظام إلا فرض حظر التجوال ونزول رجال القوات المسلحة إلى الميدان وأمكن حينئذ، وبعد جهد خارق استعادة الأمن والنظام. والذى لا شك فيه وتؤمن به المحكمة ويطمئن إليه ضميرها ووجدانها أن تلك الأحداث الجسام التى وقعت يومى 18 و19 يناير 1977 كان سببها المباشر والوحيد هو إصدار القرارات الاقتصادية برفع الأسعار فهى متصلة بتلك القرارات اتصال المعلول بالعلة والنتيجة بالأسباب)).

*****

محمد سيف الدولة

الخميس، 19 يناير 2023

الزحليقة



الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تمر بها مصر الآن ليس سوى حصاد لسياسات مستمرة بدأت منذ السبعينات بالانفتاح الاقتصادى والخضوع لتعليمات صندوق النقد الدولى وربط مصر بالاقتصاد الراسمالى العالمى واغراقها فى القروض والديون وتسليم البلاد لرؤوس الاموال الأجنبية والمحلية وتصفية الصناعات الوطنية.

وكانت هذه هى النتيجة.

وما نحتاجه اليوم هو التداعى لفرملة هذا السياسات التى عصفت بمصر وقذفت بها الى الهاوية.

نحتاج الى رفع شعار #كفاية مرة أخرى:

ولكن هذه المرة ليس ضد التوريث

·       وانما كفاية للانحياز الى الاغنياء ورؤوس الاموال الاجنبية

·       كفاية لافقار المصريين

·       كفاية للصندوق وتعليماته

·       كفاية للتعويم

·       كفاية للقروض والديون

·       كفاية تبعية اقتصادية

·       كفاية تبعية سياسية

 

الثلاثاء، 17 يناير 2023

انتفاضة يناير ـ أولى معاركنا ضد الصندوق

فى الذكرى السادسة والاربعين لانتفاضة يناير 1977 أعيد نشر هذا الملخص للمرافعة القانونية التى قدمها الدكتور/ عصمت سيف الدولة دفاعا عن الشعب الغاضب وعن انتفاضته وعن المتهمين بتدبيرها من شخصيات وكوادر سياسية معارضة:

·       فلقد كانت انتفاضة يناير 1977 هى باكورة صدامنا وأولى معاركنا ضد صندوق النقد الدولى للدفاع عن أنفسنا فى مواجهة "روشتات الاخضاع والافقار" التى حاول تمريرها بالاكراه وبالتواطؤ مع السلطة حينذاك. ورغم نجاحنا حينذاك فى اجهاضها واجبار الدولة على التراجع عنها، الا انها عادت الينا اليوم وفى السنوات والعقود الماضية اكثر شراسة وعدوانا وتخريبا. 

·       كما انها تحتل مكانة خاصة فى تاريخ النضال الشعبى المصرى حيث كانت هى الاولى من نوعها منذ قيام ثورة 1952، كما أن مصر لم تشهد لها مثيلا قبل مرور ما يزيد عن ثلاثة عقود فى يناير 2011.

·       ولاهمية المقارنة بين طبيعة الأوضاع الاقتصادية والسياسية والامنية والقضائية اليوم، بمثيلاتها منذ 46 عاما، وايضا المقارنة بين نوعية الاتهامات التى كانت توجه الى المعارضة اليسارية فى ذلك العصر وبين ما يوجه الى الاسلاميين وعدد من قادة وشباب ثورة يناير اليوم.

·       كما أهديها لكل من شارك فى ثورة يناير، ولا يزال يبحث عن سنن وقوانين نجاح او تعثر الانتفاضات والثورات الشعبية فى مصر.

·       وكذلك الى الجيل الحالى من المحامين الذين يقومون اليوم بالتصدى للدفاع عن كل هذه الاعداد من المعارضين السياسيين وسجناء الرأى، وكذلك لكل المهمومين بالحقوق والحريات فى مصر.

***

فى عام 1977 قدمت النيابة بناء على تحريات جهاز مباحث امن الدولة 176 متهما الى المحاكمة بعد ان قبضت عليهم ووجهت اليهم حوالى 15 اتهاما يمكن تصنيفها الى تهمتين رئيستين:

1)   الاولى هى انشاء منظمات غير شرعية تهدف الى قلب نظام الحكم بالقوة،

2)   والثانية هى تحريض الجماهير يومى 18 و19 يناير على التظاهر والتجمهر بهدف اسقاط النظام.

تصدى عدد من كبار المحامين للدفاع عن المتهمين وكلفوا الدكتور/ عصمت سيف الدولة عليه رحمة الله، بالقيام بمسئولية الدفاع الموحد العام فى الشق التحريضى من القضية. فقام باعداد هذا الدفاع وتقديمه، وحكمت المحكمة ببراءة كل المتهمين.

عن هذا الدفاع أقدم لمحات عن بعض محاوره فيما يلى:

اولاـ الانقلاب:

اتهم الدفاع الحكومة بالقيام بانقلاب دستورى والخروج عن الشرعية وذلك فيما اتخذته من سياسات على امتداد الفترة من اوائل 1974 وحتى تاريخ الاحداث وحدد هذه السياسات فى الاتى:

·       سياسة الانفتاح الاقتصادى المحددة باصدار القانون رقم 43 لسنة 1974 المعروف باسم " قانون نظام استثمار راس المال العربى والاجنبى والمناطق الحرة " وذلك فى مخالفتها للمقومات الاقتصادية للدولة الواردة فى الدستور والمعبر عنها بالمواد ارقام 1 و2 و3 و5 و23 و24 و26 و29 و30 و32 و34 و35 و36 و56 و73 و179 و180. وكذلك ما أسفر عنه هذا القانون من سيطرة الطبقة الراسمالية على الدولة مما يمثل جريمة منصوص عليها فى المادة (98 أ) من قانون العقوبات التى تفرض عقوبة الاشغال الشاقة على اى هيئة "ترمى الى سيطرة طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات او القضاء على طبقة اجتماعية او قلب نظم الدولة الاساسية الاجتماعية والسياسية..." وكذلك ما ادى اليه من تبعية اقتصادية الى الولايات المتحدة الامريكية والخضوع لشروط صندوق النقد الدولى.

·       وكذلك ما قامت به الحكومة من توقيع لاتفاقية فض الاشتباك الثانى مع العدو الصهيونى فى اول سبتمبر 1975 الذى جاءت ايضا مخالفة للشرعية الدستورية اذ تنص المادة الاولى منها على انه قد وافقت حكومة مصر العربية وحكومة (اسرائيل) على ان "النزاع بينهما فى الشرق الاوسط لا يتم حله بالقوة وانما بالوسائل السلمية " وتنص المادة الثانية على ان " يتعهد الطرفان بعد استخدام القوة او التهديد بها او الحصار العسكرى فى مواجهة الطرف الآخر". وهو ما يمثل مخالفة للدستور الاتحادى بين مصر وسوريا وليبيا، فيما جاء فى مرفقاته من الاتى " قرر الرؤساء الثلاثة بالاجماع ما يلى (1) ان تحرير الارض العربية المحتلة هو الهدف الذى ينبغى ان تسخر فى سبيله الامكانات والطاقات (2) انه لا صلح ولا تفاوض ولا تنازل عن اى شبر من الارض العربية (3) انه لا تفريط فى القضية الفلسطينية ولا مساومة عليها .

·       وهو الدستور الذى طرح وهو ومرفقاته على الاستفتاء الشعبى فى مصر بتاريخ 17 ابريل 1971 وتمت الموافقة الشعبية عليه ومن يومها اصبح وثيقة ملزمة دستوريا وشرعيا.

·       ثم الخروج الثالث عن الشرعية باصدار القرارات الاقتصادية برفع الاسعار فى 17 يناير 1977 والذى خرجت باطلة من حيث مخالفتها للموازنة الموافق عليها من مجلس الشعب حيث نص الدستور فى مادته رقم 115 انه "يجب عرض مشروع الموازنة على مجلس الشعب ...ولا تعتبر نافذة الا بموافقته.

·       وبالتالى فانه يترتب على هذا الخروج عن الشرعية من قبل الحكومة انه حتى اذا ثبتت التهم المسندة الى المتهمين بانهم قادوا الجماهير من اجل اسقاط سياسة الانفتاح الاقتصادى واسقاط اتفاقية فض الاشتباك ورفض غلاء الاسعار واسقاط القائمين على الحكم الذين اتخذوا هذه السياسات فانهم لا يكونون بذلك قد خالفوا الشرعية.

***

ثانيا ـ المؤامرة:

اكد الدفاع انه رغم ان الانتفاضة كانت تعبيرا شعبيا عفويا عن الغضب من القرارات الاقتصادية ، الا ان جهاز مباحث امن الدولة استخدمها كذريعة لتصفية القوى الوطنية المعارضة للحكومة والنظام والذى كان يتابع ويترصد حركتها منذ منتصف عام 1973  فقام بضم عدد 7 قضايا مختلفة فى الاعوام 1974 و1975 و1976 وهى قضايا سبق ان قبض فيها على المتهمين وحققت معهم النيابة و افرج عنهم الا انها بقيت فى الصندوق تنتظر اللحظة المناسبة والظرف الملاءم فلما قامت انتفاضة يناير وجدها امن الدولة فرصة لتصفية هؤلاء فطلب من النيابة ضم القضايا القديمة الى القضية الاساسية الحاملة رقم 100 لسنة 1977. مما ظهر جليا فى اضطراب التهم وعدم ارتباطها ببعضها البعض ناهيك عن انفصام اى صلة بين معظمها وبين وقائع ما حدث يومى 18 و19 يناير.

***

ثالثا ـ امن الدولة:

قدم الدفاع للمحكمة احصائية تفصيلية عن نسبة الخطأ او الكذب فى تحريات امن الدولة فى 10 قضايا تم نظرها فى الفترة من 1974 وحتى 1977. وكان معيار التقييم هو النسبة بين عدد الذين شملتهم بلاغات امن الدولة الى نسبة الذين قدمتهم النيابة فعلا الى المحاكمة. وكانت نسبة الخطأ او الكذب 78 %. وبناء عليه اكد "سيف الدولة" ان " هذا الجهاز حين يتلقى المعلومات من المصادر، وحين يدخلها فى التعميمات، وحين يضيف اليها او يحذف منها، وحين يدونها فى السجلات، وحين يختار منها مايبلغ عنه، وحين يقدم عن بلاغاته مذكرات، وحين يبدى ضباطه الاقوال امام المحققين او امام المحاكم، يكون خاضعا لاوامر سياسية تأتيه من خارجه ولايكون الحرص على الشكل القانونى الا محاولة لستر الاستبداد بقشرة من الاجراءات القانونية " وهو ما يجعل هذا الجهاز وادلته غير جديرين بثقة القضاء.

***

رابعا ـ نفى الادلة:

 الشاهد الوحيد: طلب الدفاع عدم الاعتداد بكل البلاغات المقدمة الى النيابة والتى تبدأ بعبارة واحدة هى "دلت التحريات ومصادر المعلومات" والتى تعتمد على شهادة شهود مجهولين ومحجوبين عن المحكمة. واستند فى ذلك على شروط الشهادة المقبولة شرعا، كما استند الى حكم سابق لمحكمة امن الدولة العليا جاء فيه " ان المحكمة لا ترى ان تعرف ضابط واحد بمفرده على اى من المتهمين دليل مقنع على اثبات الاتهام ضده. ولا يبقى بعد ذلك الا التحريات مجهولة المصدر وهى فى مثل ظروف الدعوى لا تستقيم حتى كقرينة قبل اى من المتهمين "

 الاوراق الخطية: طالب الدفاع باستبعادها كدليل ادانة لعدد من الاسباب ابرزها هو انها غير معدة " للتوزيع بغير تمييز " وهو شرط التجريم الذى تنص عليه المادتين 171 و 174 من قانون العقوبات.

كما طالب باستبعاد الصور الضوئية لاى اوراق مقدمة كدليل ادانة وذلك طبقا لما نص عليه القانون المدنى من انها لاتصلح دليلا على مطابقتها للاصل اذا جحدها من تنسب اليه

اما عن الكتب المضبوطة فان الدفاع طلب استبعادها على اساس انه لا يوجد نص فى القانون يجرم حائزيها حتى اذا كانت كتبا ممنوعة وانما يقع التجريم فى هذه الحالة على المؤلف و المستورد والطابع والبائع والموزع.

اما عن الاوراق المطبوعة المنسوبة الى احزاب غير مشروعة فان ضرورة استبعادها تتأتى من ضرورة اثبات وجود هذه الاحزاب اصلا، واثبات انتماء المتهم لها، واثبات انه شريك فى اصدار هذه الاوراق على وجه التحديد. هذا بالاضافة الى ان المباحث قدمتها الى المحققين بعد بداية التحقيق ولم تعرض مع المتهم مما يلقى شبهة التلاعب بها او دسها على المتهم على غير الحقيقة وهو ما نظمه قانون الاجراءات الجنائية.

الصور الفوتغرافية والتسجيلات: وجه الدفاع ضربة قوية الى هذا النوع من الادلة فنجح فى تحقيق نتيجة ايجابية وهامة، وهى استبعادها من القضية وكل القضايا المماثلة حيث تحققت سابقة قضائية وهى عدم الاعتداد منذ ذلك الحين باى صور اوتسجيلات لسهولة التلاعب بها. وكان ما فعله د. سيف الدولة انه قدم للمحكمة صورا للهيئة القضائية مستبدلا فيها وجه اعضاء المحكمة بوجهه هو شخصيا. اما عن التسجيلات فقام باعداد وتقديم تسجيل صوتى للعقيد منير محيسن احد شهود القضية بعد ان اعاد تركيب شهادته بحيث تظهر وكانه شاهد نفى وليس شاهد اثبات.

واختتم الدكتور/ عصمت سيف الدولة مرافعته بالدفاع عن حق المقاومة الشعبية مستندا الى نصوص من الدستور وقانون العقوبات والشريعة الاسلامية والشريعة المسيحية والمبادئ القانونية.

***

    وأصدرت المحكمة حكمها المتقدم ببراءة الجميع.                         

*****

محمد سيف الدولة