الى الذى يهاجمون الحريات وحقوق الانسان، ويتهمونها زورا بأنها تهدم
الدول وتهدد امنها القومى.
كنا نقول الحرية لفلسطين، واليوم نزيد ونطلب الحرية من أجل فلسطين.
***
ان
الموقف الفطرى والوطنى والعقائدى لأى مصرى أو عربى سَوِىِ هو حب فلسطين والرغبة فى
دعمها وتحريرها من الاحتلال الصهيونى، اما أى موقف غير ذلك فهو مثار للشك والريبة
التى قد تصل الى درجة التخوين.
ولكن
فى مصر اليوم هناك منعا وحظرا مفروضا على اى نشاط سياسى لدعم فلسطين وعلى أى نشاط
سياسى آخر على وجه الاطلاق.
فالمصريون
والقوى السياسية المعارضة مجردون اليوم من كل الحريات وحقوق الانسان المنصوص عليها
فى الدستور المصرى وفى كل المواثيق الدولية التى وقعت عليها الدولة المصرية.
ومن
ضمن هذه الحريات والحقوق المهدرة هى الحق فى دعم الشعب الفلسطينى.
والذرائع التى تقدمها السلطة لمصادرة الحريات هى انها تهدد وجود
الدولة وامنها القومى.
ولكن كيف يمكن ان يؤدى دعم فلسطين الى تهديد الامن القومى لمصر؟!
فلا
فلسطين ولا قضيتها او شعبها او مقاومتها ولا الدعم الشعبي المصري لها يمكن ان يهدد
امن مصر القومي، بل انه على العكس لطالما كان يحمى امننا القومى ويقويه.
وإذا
كان الدعم المصرى لفلسطين يشكل اى نوع من التهديد، فهو يهدد امن (اسرائيل) وعربدتها
فى المنطقة وتغلغلها فى العمق المصري، كما يهدد "دستور" كامب ديفيد الذي
يحكم مصر منذ 40 عاما ويزيد.
***
كما
انه لم يحدث في مصر من قبل، حتى فى ذروة سنوات الردة الوطنية 1974-1981 المعاهدة، أن قامت السلطة بفرض مثل
هذا الحظر الحديدى على فاعليات وانشطة ونشطاء ولجان دعم فلسطين، بل فى تلك السنوات
اشتد ساعد المعارضة الوطنية لإسرائيل والصهيونية وللمعاهدة وللتطبيع.
وكلما
كانت العلاقات المصرية الرسمية تتوطد مع (اسرائيل)، كان صوت المعارضة يعلو وعوده يشتد ونشاطها يزداد وقاعدتها
الشعبية تتسع:
ففى
الجامعات من السبعينات حتى سنوات قليلة ماضية كانت فلسطين على رأس المطالب
والتظاهرات الطلابية. وفى الاعوام ١٩٧٧ الى ١٩٨١ توحدت كل التيارات السياسية ضد
اتفاقيات كامب ديفيد مما دفع السادات الى اعتقالها جميعا فى ١٩٨١. وفى حصار بيروت
١٩٨٢ ومذبحة صابرا وشاتيلا، تداعت وانتفضت كل الاحزاب والتنظيمات والشخصيات
المصرية وارسلت الوفود للانضمام الى المحاصرين. وفى انتفاضتى الحجارة ١٩٨٧ والاقصى
2000 تأسست اللجان الشعبية لدعم الانتفاضة فى كل بقاع مصر، وفى الاعتداءات
الاسرائيلية المتتالية على غزة 2008-2012، نظمت القوى الوطنية مئات الفاعليات والمؤتمرات
واللجان وقوافل الاغاثة. وفى اول ذكرى للنكبة بعد ثورة يناير تم تنظيم مليونية
فلسطين فى ميدان التحرير. وكانت السفارة الوحيدة التى حاصرها ثوار يناير ونجحوا فى
اغلاقها هى سفارة اسرائيل فى سبتمبر 2011، قبل ان يعاد فتحها مرة أخرى فى سبتمبر
2015.
***
واليوم تتضاعف حاجة الشعب الفلسطينى لدعم الشعب المصرى وكل
الشعوب العربي فى مواجهة ما تتعرض له من جرائم لتصفية القضية واطلاق يد (اسرائيل)
للاستيلاء على ما تبقى من الضفة الغربية، ومن عمليات القتل والقنص اليومى للشباب
الفلسطينى، وهدم المنازل واجتياح المدن وتدنيس المقدسات والاقتحامات اليومية
للمسجد الاقصى تمهيدا لتقسيمه وتهويده، مع اتساع دائرة المتواطئين من انظمة الحكم
العربية .. الخ.
***
والسؤال هو كيف يمكن الضغط علي انظمة الحكم العربية من أجل اطلاق سراح
حق شعوبها فى دعم فلسطين ومناهضة (اسرائيل) ومشروعها الصهيونى، واقناعها بأن مثل
هذا الحراك الشعبى لا يمكن أن يضر بمصالحها، بل على العكس فيمكنها على أضعف
الايمان أن تستفيد منه كورقة ضغط لتخفيف قواعد وشروط "الخضوع والتبعية"
الحالية للولايات المتحدة و(اسرائيل).
*****
محمد سيف الدولة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق