بحث فى المدونة

الثلاثاء، 25 فبراير 2020

حسنى مبارك .. الله يرحمه



حسنى مبارك .. الله يرحمه
محمد سيف الدولة

توفى الرئيس الاسبق محمد حسنى مبارك بعد 9 سنوات بالتمام والكمال من اسقاطه على ايدى ثورة يناير المجيدة.
·       كان عليه رحمة الله حاكما مستبدا، لكن كان هناك فى عهده هامشا من الحريات للمعارضة السياسية، سمح لها بتاسيس حركات مثل كفاية والجمعية الوطنية للتغيير و6 ابريل والاشتراكيين الثوريين وغيرها.
·       كانت اجهزته تقوم بتزوير الانتخابات كالمعتاد، لكنها كانت تترك للمعارضة حصة فى البرلمان فيما عدا عام 2010.
·       ولم يتوقف عن التدخل فى شئون القضاء ومحاولة فرض هيمنة السلطة التنفيذية عليه، لكن فى عهده استطاع المستشار يحيى الرفاعى تنظيم مؤتمر العدالة والمطالبة بالغاء قانون الطوارئ فى حضوره وفى مواجهته، واستطاع القضاة ان يؤسسوا تيار الاستقلال الذى انتخبوه لادارة ناديهم، وقاموا باعتصامهم الشهير عام 2006.
·       لم تخلُ السجون من المعتقلين وسجناء الرأى، لكن لم تبلغ اعدادهم ابدا عشرات الالاف.
·       كان هناك سيطرة على الاعلام والمؤسسات الصحفية، لكن كان بامكان عديد من الشخصيات المعارضة ان تشارك فى البرامج والفضائيات وان تكتب فى الصحف الخاصة والمستقلة.
·       كانت المظاهرات محظورة، لكن كثيرا ما استطاعت القوى السياسية اختراق هذا الحظر وكسره بالذات خلال العدوان الصهيونى على غزة 2008/2009، وفى المسيرات الرافضة للتوريث.
·       كانت الجامعة تخضع لرقابة الامن وحرس الجامعة، لكن كان الطلاب قادرين على ممارسة عديد من الانشطة الفكرية والسياسية، وكان ممكنا ان نجد اعضاء بارزين من هيئات التدريس ينتمون الى المعارضة السياسية بدون ان يفقدوا وظائفهم، بل وان تتأسس حركات معارضة منهم داخل حرم الجامعة مثل حركة 9 مارس.
·       كان يحاصر النقابات ويخترقها ويفرض الحراسة على البعض منها، ولكن كان لدينا دائما نقابات مستقلة على راسها نقابة الصحفيين التى كانت ابوابها وقاعاتها وسلالمها مفتوحة على مصراعيها للمعارضة الوطنية.
·       كان وفاة شخص واحد تحت التعذيب مثل حالة خالد سعيد، كفيلة بان تقيم الدنيا وتثير الراى العام.
·       كان يلتزم هو الاخر بشروط الدائنين فى نادى باريس وتعليمات مؤسسات الاقراض الدولى ويسير وفقا لروشتات صندوق النقد، لكنه لم يتم تعويم الجنيه او الالغاء الكامل لدعم الطاقة او الرفع الكبير للاسعار مثل القرارات الاقتصادية الجديدة.
·       تضخمت الديون الخارجية والداخلية فى سنوات حكمه، ولكن ليس الى الدرجة التى وصلت اليها اليوم.
·       بدأت سياسة بيع القطاع العام والخصخصة فى عهده، ولكن كان من حق المواطنين الطعن على شرعية صفقات البيع فى مجلس الدولة، قبل ان يتم تحصينها عام 2014.
·       كان منحازا كالمعتاد للطبقات الغنية، وكان هناك ايضا احتكارا واختلالا هائلا فى امتلاك وتوزيع الثروة ونسبة عالية من الفقر، ولكن الطبقات المتوسطة لم تكن تعانى اقتصاديا كما هى اليوم، خاصة بعد أن فقدت مدخراتها ما يقرب من ثلثى قيمتها وقوتها الشرائية بعد تعويم الجنيه ورفع الاسعار، بالاضافة بطبيعة الحال الى ارتفاع نسبة الفقر والفقراء بعد القرارات الاقتصادية الاخيرة.
·       كان التطبيع والتنسيق مع (اسرائيل) قائما على قدم وساق، ولكن تم رفض الضغوط الاسرائيلية للاغلاق التام للانفاق مع غزة لترك متنفسا لشعبها حتى لا يتكرر اجتياحهم للحدود الذى تم فى يناير 2008، كما انه تم رفض الالحاح الاسرائيلى القديم باخلاء الحدود الدولية المصرية من السكان لاقامة المنطقة العازلة.
·       كما كان يٌسمح (فى حدود معينة بطبيعة الحال) للقوى الوطنية بتنظيم الحركات والفاعليات الندوات والمؤتمرات الداعمة لفلسطين والمناهضة لاسرائيل
·       كان يصدر الغاز المصرى لاسرائيل بابخس الاثمان، لكننا كنا نستطيع ان نرفع دعاوى امام القضاء الإداري ضد الصفقة.
·       قام بتوقيع اتفاقية الكويز من امريكا واسرائيل، لكننا كنا قادرين على تنظيم حركات وفاعليات قوية ضد التطبيع.
·       كنا تابعين للأمريكان منذ السبعينات ولكن ليس الى الدرجة التى يمكن ان نقبل بها صفقات مثل صفقة القرن.
·       كان واحدا من رجال كامب ديفيد ملتزما باتفاقياتها ومنفذا لنصوصها، ولكن بمنطق مجبر أخاك لا بطل، وليس لان (اسرائيل) شريك وحليف استراتيجى فى ملفات الامن الاقليمى وغاز شرق المتوسط.
·       كانت (اسرئيل) دائما ما تضغط على الكونجرس لربط المساعدات الامريكية لمصر بمطالب مثل ردم الانفاق واغلاق المعبر وغيرها، ولم يحدث، فى حدود علمى، ان طالبت (اسرائيل) الادارة الامريكية والكونجرس من قبل باستئناف المساعدات كما حدث عام 2014.
·       كان يؤمن سفارة (اسرائيل) ويردع اى تظاهرات او محاولات للاقتراب منها، وسمح لها بالمشاركة فى معرض الكتاب، قبل ان يتراجع تحت الضغط والرفض الشعبى وما تبعه من احداث ثورة مصر، ولكن لم يحدث ابدا ان تم السماح للسفارة الاسرائيلية بالاحتفال علانية بذكرى النكبة على ضفاف النيل بالقرب من ميدان التحرير كما حدث عام 2018.
·       كان لديه كتائب وفرق كاملة ومدربة من ترزية القوانين ورجال الدولة لكل العصور، لكنهم كانوا خبراء ومحترفين من الفرز الاول، وليس من عناصر الفرز الرابع والخامس.
لم يتغير النظام برحيل مبارك، بل استمر وأصبح أكثر قوة وسيطرة وشراسة بعد ان استطاع ان يهزم الثورة ويعصف بكل من قام بها، وأن يسترد السلطة ويوسعها ويفرض قبضته الحديدية على الجميع، وأن يذهب الى مسافات أعمق بكثير فى ذات السياسات والانحيازات والتحالفات الخارجية والداخلية.
***
أما من قام بالثورة أو حلم بالحرية والتغيير، فلقد فشل فى مسعاه ويقوم اليوم بدفع اثمانا باهظة نتيجة هزيمته، ولكنه تعلم درس عمره وهو المخاطر الجسيمة والعواقب الوخيمة التى تترتب على اسقاط حاكم أو نظام بدون امتلاك المقدرة والادوات اللازمة لتأسيس البديل الأفضل منه، أو على اضعف الايمان العلم والقبول بمن الذى سيحكم بعده وماذا ستؤول اليه الامور فى نهاية المطاف.
*****
القاهرة فى 25 فبراير 2020


السبت، 22 فبراير 2020

لماذا نحيى ذكرى الوحدة المصرية السورية؟


فى 22 فبراير 1958، قامت الوحدة المصرية السورية فى اول وآخر محاولة جادة في العصر الحديث لتوحيد قطرين عربيين، وتحدى التجزئة التى فرضت على الأمة فى عصر الاستعمار الاوروبى، منذ 1840(معاهدة لندن) ثم سايكس بيكو وترتيبات ما بعد الحرب العالمية الاولى، التي انتهت بسقوط كل الأقطار العربية في مستنقع التجزئة جنبا الى جنب مع الاحتلال. وهي التجزئة التي لا تزال مستمرة الى الآن، بل تزداد تعمقا وتجذرا وانقساما وتفتتا كل يوم.
·       وان في احياء ذكرى وحدة 1958 اليوم، معانى واهداف متعددة منها التأكيد على وحدة الامة العربية شعبا وارضا، وعلى رفض ما تم من جرائم التقسيم والتجزئة، وعدم الاعتراف بمشروعيتها مهما طال بها الزمن، وعلى اصرار الشعوب على استعادة وحدتها عاجلا ام آجلا.
·       والتأكيد على الطبيعة العدوانية للغرب الاستعماري وللمنتصرين منهم فى الحرب العالمية الاولى الذين قاموا بتقسيمنا واقتسامنا كغنائم حرب، وتوريثنا الى القوى الاستعمارية الجديدة بعد الحرب العالمية الثانية التى لا تزال تعادينا وتعتدى علينا.
·       وهي الولايات المتحدة وحلفاؤها وأتباعها، التى تصدت لتحريض عملائها فى سوريا على الانقلاب على الوحدة وتنفيذ جريمة الانفصال فى 1961، ثم التخطيط لمواجهة وحصار واجهاض اى مشروعات أو محاولات او تيارات وحدوية لاحقة.
·       والتأكيد على أن الدول الاقليمية التى أقاموها للحفاظ على التجزئة والحدود وحمايتها منذ قرن من الزمان، هى دول ودويلات عاجزة عن حماية نفسها واستقلالها والدفاع عن امنها القومي وعن اشباع احتياجات شعوبها، ولذلك سقطت كلها بلا استثناء واحد فى مستنقع التبعية والتخلف والاستبداد.
·       والتأكيد على زيف وبطلان الانتماءات الشعوبية والقبلية البديلة (الفرعونية والآرامية والفينيقية والبابلية والآشورية والكنعانية..الخ) التى يحاولون احيائها من الموت، بعد ان سقطت واندثرت وثبت عجزها وفشلها منذ الغزوات المقدونية والرومانية التى احتلت المنطقة لعشرات القرون المتصلة (خضعت مصر على سبيل المثال للاستعمار الاوروبى من 332 ق.م حتى 640 م)
·       والتأكيد على ان كل الهزائم والانكسارات التى تمر بها الامة فى العقود الماضية، ليست سوى نتاجا حتميا لانقسام الأمة وتجزئتها، وهو ما ظهر جليا فى قضية فلسطين، حيث استطاع 6 مليون يهودى صهيونى مدعومين من الغرب فى الانتصار على ما يزيد عن 400 مليون عربى حتى الآن.
·       كما ان فى احياء ذكراها دعوة الى كل المؤمنين بوحدة الامة، الراغبين فى وحدتها، الى العمل والتواصل والحرص على احياء الحلم العربي، بمشروع جديد يتخطى كل اخطاء الماضى وما ارتبط بها من عوامل واسباب التعثر والفشل، وعلى رأسها انها لم تكن وحدة قاعدية شعبية، وهو ما كان أحد الأسباب الرئيسية التى أدت للانفصال.
·       وهي ايضا دعوة الى كل تيارات الامة، أيا كانت مرجعياتها الفكرية وايا كانت صراعاتها التاريخية او مواقفها السياسية من انظمة الحكم العربية فى زمن الوحدة المصرية السورية، ان تتعامل مع وحدة الامة وتجارب ومشروعات توحيدها على انه هدف وميراث مشترك للجميع يجب التمسك والافتخار به والتعلم منه واستكمال مساره أيا كانت العقبات.
·       ان الايمان بوحدة الأمة العربية، ليس معتقدا ايديولوجيا أو رأيا سياسيا، وانما هو حقيقة موضوعية ثابتة تاريخيا، مثلها فى ذلك مثل كل أمم وقوميات العالم كروسيا والصين وإيران وتركيا وبريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا وغيرها الكثير.
·       كما انه لا أمل لنا فى الاستقلال والتحرر والتقدم واللحاق بباقى أمم العالم فى ظل انقسامنا وتجزئتنا الحالية الى ما يزيد عن 22 دولة.
·       ان مشروع توحيد الأمة العربية، لن ينجح الا إذا كان مشروعا شعبيا وليس سلطويا أو طبقيا، تحرريا وليس تابعا، ديمقراطيا وليس استبداديا، جامعا وليس مفرقا أو انتقائيا، يتحقق بالنضال الطويل والشاق وليس بالامانى والشعارات. كما انه ليس مجرد بندا مرصوصا فى برامج الاحزاب، بل هو مشروع حياة لأجيال عديدة متعاقبة، ولذلك فهو لا يمكن باى حال ان يكون حكرا على فصيل أو تيار واحد من تيارات الأمة، فكلنا شركاء فيه، يجب ان نعمل على تحقيقه، لا فرق فى ذلك بين قومى واسلامى واشتراكى وليبرالى، فكلنا فى العروبة سواء.
*****
محمد سيف الدولة

الثلاثاء، 18 فبراير 2020

فلسطين التى تحمينا


مقطع فيديو

شكر من القلب لفلسطين الحبيبة التى رغم كل ما حل بها وتعيش فيه من ابتلاء، الا انها تحمي الأمة وتحمينا من أنفسنا، فهى التى تقف حائلا وسدا منيعا فى وجه كل من تراوده نفسه من الانظمة او الحكام او من التيارات السياسية المعارضة، على الانحراف والتفريط فى الثوابت الوطنية والسقوط فى التبعية والتطبيع والخضوع لتعليمات وشروط الامريكان ومجتمعهم الدولى.
اوجه هذه الرسالة اليوم الى البرهان رئيس المجلس السيادى فى السودان، الذى وضع يده فى ايدى نتنياهو، وسمح لطائراته بتدنيس السماوات السودانية، واوجهه الى كل الاشقاء فى القوى الوطنية السودانية الذين يناضلون لحماية الثورة من السرقة والانحراف والسقوط.
كما اوجهه الى كل عربى، لا يضع النضال ضد المشروع الامريكى الصهيونى فى بلاده على رأس أولوياته، طمعا فى الرضا او الاعتراف او الدعم الغربى وما يمنحه من صكوك غفران يطلقون عليها الشرعية الدولية.


الأحد، 16 فبراير 2020

مرحبا بيهود مصر لا ليهود (اسرائيل)


ان مشاركة سفراء امريكان واسرائيليين بالاضافة الى ما يزيد عن مائة وخمسين صهيونى اسرائيلى من أصل مصرى فى افتتاح المعبد اليهودى فى الاسكندرية المخصص لصلاة المواطنين اليهود من حاملى الجنسية المصرية، يحمل سقطات وطنية بالجملة:
·       فهو يقر للكيان الصهيونى المسمى باسرائيل بما يدعيه من مسئولية عن كل يهود العالم وشئونهم ومعابدهم فى كل بلاد العالم.
·       ويعطيهم ذات الحق الاستعمارى العنصرى الباطل فى مصر.
·       كما انه يعترف ويشرعن ويسمح للحماية والرعاية الامريكية لاسرائيل وليهودها بمد نفوذها الى الداخل المصرى، فى واحدة من أخص شئونها الداخلية واكثرها حساسية.
·       ان ما حدث فى افتتاح المعبد اليهودى فى الاسكندرية لا يندرج تحت بند المساواة بين المصريين وعدم التفرقة بينهم على اساس الدين، وانما يندرج تحت بند التطبيع الفج الصريح، وتوظيف وخلط الدين بالسياسة، وفتح ابواب الاختراق الامريكى والصهيونى للجالية اليهودية فى مصر، بالاضافة الى ما فيه من عدوان على استقلال البلاد وحقها وحدها فى ادارة الشئون الدينية لمواطنيها على الارض المصرية.
محمد سيف الدولة

الخميس، 13 فبراير 2020

ماذا بعد تعثر ثورة يناير؟

فى رحاب الذكرى السنوية ـ ماذا بعد تعثر ثورة يناير؟
مقطع فيديو

ان هزيمة وتعثر ثورة يناير لا يقل فى اهميته وآثاره عن هزيمة 1967
لقد تغيرت خريطة القوى والتيارات السياسية فى مصر والأمة العربية بعد النكسة
واليوم أتوقع أن تتغير مرة أخرى، ليظهر الى الوجود تيار جديد مختلف عن كل ما هو قائم
تيار ينهل من الجميع، ولكنه يتقدم ويتفوق عليهم فى افكاره ومشروعه
وهنا يجب أن يكون دورنا هو دعم ومباركة ميلاد هذا التيار الجديد، بدلا من أن نكون عقبة فى طريقه
وهو ما يستدعى ان يقوم كل منا بمراجعة أفكاره وأدواره واخطائه التى ساهمت مع أخطاء الآخرين فى هزيمة الثورة وتعثرها.


الثلاثاء، 11 فبراير 2020

لماذا نعادى الصهيونية واسرائيل؟


لا شك ان الردة ليس فى الأديان فقط، ولكن فى المبادئ والسياسات والمواقف الوطنية كذلك؛ فلقد شاهدنا فى الأسابيع الماضية مواقف وبيانات عربية رسمية تثمن الجهود الامريكية وتثنى على صفقة القرن رغم انها محاولة واضحة وفجة للتصفية التامة للقضية الفلسطينية وتجريد الشعب الفلسطينى من اى حقوق فى الارض او الاستقلال أو السيادة او الأمن والحماية. كما سمعنا مسئولين عسكريين سودانيين يروجون للتطبيع مع (اسرائيل) بدعوى الدفاع عن مصالح السودان وانتشاله من ازماته المالية والاقتصادية وعزلته الدولية. ناهيك عن حالة التطبيع والتنسيق والتحالف الكامل بين (اسرائيل) وعدد من انظمة الحكم العربية. فكان لابد أن نعيد التذكير والتأكيد على الثوابت الوطنية والحقائق التاريخية، تحسبا لتأثر أى من شبابنا بهذه المواقف والدعايات المضللة والمتواطئة مع العدو الصهيونى.
أما بعد:
·       منذ تشكلت الحركة الصهيونية فى اواخر القرن التاسع عشر وهى تهدد وجودنا و تغتصب اراضينا وتعتدى علينا وتذبح اهالينا وتقتلنا وتطردنا من اوطاننا وتتحالف مع مستعمرينا.
·       وبسببها هى والاستعمار، وعلى امتداد اربعة أجيال، ونحن نعانى من العجز عن الاستقلال والعجز عن التطور والعجز عن العيش حياة طبيعية آمنة مثل باقى شعوب الارض.
·       لقد كان المشروع الصهيونى وما زال بالنسبة لنا كاللعنة التى افسدت كل شىء وحولت حياتنا الى جحيم يومى وحرمتنا من ابسط الحقوق الانسانية وهى حق الوجود الآمن والمستقر، حق الاختصاص بالوطن فى هدوء وسلام وسكينة وبدون منازعة أو تهديد.
·       ان الصهيونية فى كلمتين هى حركة استعمارية، عدوانية، استيطانية، احلالية، توسعية.
·       وهي تزيف تاريخنا وتاريخ العالم وتهدد وجودنا فتدعى اننا نحن العرب نمثل احتلالا لهذه الارض منذ الغزو(الفتح) العربى الاسلامى.
·       وتدعى ان اليهود هم اصحاب الارض الحقيقيين فى المنطقة الواقعة بين النيل والفرات (ارض الميعاد)، وأن اليهود فى كل انحاء العالم يمثلون امة واحدة وشعبا واحدا، ولهم وطن واحد هو الارض التى نعيش نحن عليها منذ آلاف السنين.
·       كما تدعى ان باقى الارض العربية ايضا ليس ملكا للشعب العربى بل هى ملكا للشعوب التى كانت تعيش هنا قبل الغزو العربى.
·       والصهيونية حركة عنصرية تعتبر ان اليهود شعب ممتاز متفوق على غيره من الشعوب وبالتالى هى تضعنا نحن وباقى البشر من غير اليهود فى منزلة دنيا فى سلالة الجنس البشرى، وتعطى لنفسها حرية وحق التعامل معنا بكل الوسائل والأساليب التى تتناسب فى منظورها مع الكائنات الأدنى منزلة منها.
·       والحركة الصهيونية حركة ارهابية فى اصولها وجذورها وسلوكها، فالعربى الصالح عندها هو العربى الميت أو المستسلم. والإرهاب الصهيونى ليس مجرد وسيلة بل هو غاية فى حد ذاته، وهو ما نراه يوميا على امتداد أكثر من قرن من الزمان وآخره هو المذابح الاخيرة لأهالينا فى فلسطين.
·       والمشروع الصهيونى يستهدف مصر والامة العربية كلها بقدر ما يستهدف فلسطين.
·       والصهيونية صنيعة للاستعمار الغربى؛ الأوروبى والأمريكى وحليفة لكل القوى التى تعادينا وتحتل بلادنا وتنهب ثرواتنا.
·       وهي قاعدة عسكرية واستراتيجية رخيصة للامبريالية العالمية ونقطة ارتكاز ووثب لها فى قلب الوطن العربى لضرب امانى الامة العربية فى التحرر والوحدة والتقدم، فهى مصدر تهديد دائم، فالتحرر من ايهما يستدعى التحرر من الاخرى بالضرورة.
·       ودولة الصهاينة المسماة بـ (اسرائيل) هى كيان حاجز بين مشارقنا ومغاربنا، مما يعيق وحدتنا القومية، تلك الوحدة التى كان من الطبيعى ان تتم منذ زمن بعيد لتلحق بوحدات كبرى اخرى كالوحدة الالمانية والوحدة الايطالية وغيرها. ولكن بدلا من ذلك، حرمنا من هذا الحق الطبيعى، بل تم تقسيمنا كغنائم حرب بعد الحرب العالمية الاولى، وتم تدعيم التقسيم بانشاء اسرائيل بعد الحرب العالمية الثانية.
·       والصهيونية حركة لا ولن تكتفى بكل اعتداءاتها علينا، بل هى تسعى الان لمزيد من تفتيت وتقسيم الوطن العربى الى مجموعة من الدويلات الطائفية الصغيرة تحل محل الدول العربية الحالية، وهى فى سبيل ذلك تحاول زرع الفتن الطائفية بيننا؛ جاء فى مجلة كيفونيم لسان حال المنظمة الصهيونية العالمية: ((ان تفتيت مصر الى اقاليم جغرافية منفصلة هو هدف اسرائيل السياسى فى الثمانينات على جبهتها الغربية، وان مصر المفككة والمقسمة لا تشكل أى تهديد لاسرائيل))
·       والدولة الصهيونية تفعل كل ذلك وستفعله وتصر عليه مع كل العرب حتى من وقعت معهم معاهدات سلام، فمؤامراتها على مصر لم تنتهِ، ومحاولتها المستمرة لحصارنا عسكريا واقتصاديا، والتجسس علينا واختراقنا وايذائنا، والتهديد بالعدوان علينا، وتأليب المؤسسات الدولية علينا وغيره الكثير، سياسة ثابتة ومستمرة، فقد قال بيجين ((لن يكون سلام لشعب اسرائيل ولا لارض اسرائيل ولا حتى للعرب ما دمنا لم نحرر وطننا باجمعه بعد، حتى لو وقعنا مع العرب معاهدة صلح وسلام))
·       والكيان الصهيونى معادٍ لنا ولن يتركنا فى سلام حتى لو اخترنا السلام معه. فعاجلا ام آجلا سيكرر العدوان علينا كما فعل فى 1956 و1967. قال بيجين بعد ان وقع مع السادات اتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية عام 1979:((سنضطر الى الانسحاب من سيناء لعدم توافر طاقة بشرية قادرة على الاحتفاظ بهذه المساحة المترامية الاطراف. سيناء تحتاج الى ثلاثة ملايين يهودى على الاقل لاستيطانها والدفاع عنها. وعندما يهاجر مثل هذا العدد من الاتحاد السوفيتى او الامريكتين الى اسرائيل سنعود اليها وستجدونها فى حوزتنا)).
·       وجاء في مجلة كيفونيم لسان حال المنظمة الصهيونية العالمية: ((ان استعادة شبه جزيرة سيناء بما تحتويه من موارد طبيعية ومن احتياطى يجب أن يكون هدفا أساسيا من الدرجة الاولى اليوم)).
·       وقال آفى ديختر وزير الامن الداخلى الاسرائيلى عام 2008 ((سنعود الى سيناء ان تغير النظام فى مصر لغير صالح اسرائيل))
·       والصهاينة يريدون مصر ضعيفة منكفئة على نفسها معزولة داخل حدودها، قال موشى ديان أن من أهداف العدوان على مصر 1956 ((القضاء على جيش النيل وحشره فى أرضه))
·       والصهاينة يريدون سرقة دور مصر القيادى فى المنطقة، قال شمعون بيريز فى مؤتمر اقتصادى بالدار البيضاء عام 1994: ((ان مصر قادت الشرق الأوسط 40 سنة وهذه هى النتيجة، واذا تركتكم إسرائيل تقود ولو عشر سنوات فسوف ترون))
·       وإسرائيل اصبحت هى القوى الاقليمية العظمى فى المنطقة بعد خطف مصر عام 1979، فهى تشن اعتداءاتها على من تريد فى فلسطين أو لبنان او العراق او السودان او سوريا، بلا معقب، وتعمل على نزع أو تقييد السلاح العربى والاقليمى، لتحتفظ لنفسها بالتفوق النوعى على الدول العربية مجتمعة.
·       وإسرائيل هى التى اعتدت على مصر مرتين فى 1956 و1967 ولم تنسحب من سيناء الا بعد اشتراطها تجريد ثلثى سيناء من السلاح والقوات، وعدم دخول اى قوات مصرية اضافية الا باذنها.
·       بل ومن أجل اسرائيل، قام الامريكان بالتعاون مع نظام السادات ومبارك الذى لا نزال نعيش فيه حتى اليوم، بتفكيك مصر التى انتصرت فى 1973، وتصنيع مصر أخرى على مقاس أمن اسرائيل ومصالح أمريكا.
·       واسرائيل ارتكبت ولا تزال فى حق مصر وباقى الشعوب العربية مئات من المذابح الاجرامية، التى لم يحاسبها أحدا عليها.
·       واسرائيل استغلت ضعفنا وخوفنا وتخاذلنا، فقامت بسن وترسيخ قانونا عنصريا فى المنطقة، وهو أن (الاسرائيلى) هوكائن مقدس لا يجوز لمسه أو ايذائه، بينما تستبيح هى دمائنا كل يوم.
·       وإسرائيل هى بطلة كل قضايا التجسس التى تم كشفها فى مصر فى السبعين عاما الماضية.
·       وهى وهى ...
***
·       أما فلسطين حبيبتنا وشقيقتنا وبوابتنا الشرقية، فهى ارض عربية منذ الفتح العربى الاسلامى وقبله، اختصصنا بها على امتداد أكثر من 14 قرن وعشنا عليها ولم نغادرها ابدا. وقاتلنا من اجلها جيلا وراء جيل، ونجحنا من قبل فى تحريرها من الغزو الأوروبى 1096 – 1291.
·        ولقد عشنا معا فى مصر وفلسطين أمة واحدة فى كنف دولة واحدة على امتداد قرون طويلة الى قام التحالف الغربى الاستعمارى بعزل مصر عام 1840 فى معاهدة كامب ديفيد الأولى المعروفة باسم معاهدة لندن، قبل أن يعزلها مرة ثانية فى ترتيبات سايكس بيكو، ومرة ثالثة فى اتفاقيات كامب ديفيد 1978.
·       وعلى امتداد قرون طويلة وحتى وقت قريب، اختلطت دماء شهدائنا جميعا على أرضنا الواحدة الطيبة فى مواجهة هذا العدو المشترك.
·       واليوم ان تركنا (اسرائيل) تستكمل اغتصاب فلسطين فى هدوء، وتقضى على مقاومتها، وتبيد شعبها، وتعيش مستقرة آمنة على أرضها، وتستجلب مزيد من المهاجرين اليهود اليها، وتواصل بناء دولتها القوية الاستعمارية الارهابية العدوانية على حدودنا الشرقية وفى القلب من امتنا العربية، فسنجدها فى القريب العاجل تشن عدوانا جديدا علينا، أو تفرض مزيد من الشروط والقيود علينا، أو ترسخ وتقوى من تفوقها وهيمنتها العسكرية على المنطقة.
***** 
محمد سيف الدولة