بحث فى المدونة

الاثنين، 31 يناير 2022

عواقب فشل الثورات

حين تفشل اى ثورة أو انتفاضة شعبية، فانه يترتب على فشلها نتائج وعواقب حتمية لا تختلف من دولة الى اخرى ولا من نظام الى آخر الا قليلا؛

1)   فيعود النظام القديم بوجوه جديدة ولكن بذات الخصائص والانحيازات والتحالفات الخارجية والداخلية، وبنفس السياسات والادوات القديمة، ولكنه يعود أكثر قسوة وشراسة وتطرفا تجاه اى معارضة.

2)   ويبدأ بتصفية كل ما حققته الثورة والثوار من مكتسبات فى مجال الحقوق والحريات وتداول السلطة ونزاهة الانتخابات والفصل بين السلطات واستقلالها.

3)   مع الاسراع فى اصلاح وترميم وتعويض ما اصاب بنيته الداخلية ومؤسساته وقواه وطبقاته ومصالحه من خسائر وضربات على ايدى الثورة، فيقوم بالافراج عن كل من تم اعتقالهم من قيادات النظام القديم، وحل كل مؤسسات الثورة من برلمانات واحزاب وتنظيمات ومنابر صحفية واعلامية، والغاء وتعديل الدساتير ومنظومة التشريعات والقوانين التى تنظم الحياة السياسية واعادتها الى ما كانت عليه، وتطهير كل مؤسسات الدولة من كل الذين قبلوا التعامل مع الثورة..الخ.

4)   كما يسارع الى اتخاذ سلسلة من الاجراءات الاستثنائية لتامين نفسه ضد اى احتمال لتكرار الثورة مرة اخرى، فيقوم بتأميم الحياة السياسية والبرلمانية ويعيد فرض هيمنة السلطة التنفيذية على السلطتين القضائية والتشريعية وعلى الاعلام، ويقوم بحظر المعارضة او حصارها واغلاق اى هامش ديمقراطى كان متاحا لها قبل الثورة، واغلاق كل منافذ العمل السياسى ومنابر الراى مع سيادة الراى الواحد، والتحكم الكامل فى نتائج اى انتخابات برلمانية او رئاسية، واغلاق أي ابواب لتداول السلطة لسنوات طويلة، محصنا اجراءاته بحزمة من التعديلات الدستورية والاستفتاءات الشعبية والتشريعات الجديدة.

5)   مع التنكيل الشديد بكل من شارك في الثورة من قوى واحزاب وجماعات وشخصيات، من باب الثأر والانتقام وايضا حتى لا يتجرأ أحد فى المستقبل على محاولة تكرارها مرة اخرى.

6)   والقيام بعملية تجديد واحلال واسعة فى القيادات الكبرى، باحالة الحرس القديم الى التقاعد، واستبدالهم بقيادات وكوادر جديدة لشغل المناصب والمراكز القيادية العليا من عناصر الصف الثانى والثالث والرابع فى النظام السابق، والذين يكونون أكثر شباب وقوة وحماسا ونشاطا ولكن اقل خبرة، مما قد يكون له بالغ الأثر على السياسات والقرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. مع الحرص على تأسيس قاعدة جديدة موالية من السياسيين والمثقفين والكتاب والصحفيين والاعلاميين والنواب لدعم السلطة الجديدة والترويج لها.

7)   كما يضطر النظام العائد، الى سداد حزمة من الاثمان والفواتير الباهظة فى شكل اتفاقيات وصفقات دولية واقليمية واقتصادية جديدة، تنتقص من استقلال البلاد وسيادتها وثرواتها؛ مقابل الحصول على الاعتراف الدولي، والتغاضي عن اى اجراءات استثنائية تنتهك الحريات وحقوق الانسان، والامتناع عن تقديم على دعم دولى مستقبلى لأى انتفاضات او ثورات جديدة، بالإضافة الى سداد الفواتير الى الدول التي دعمته وساندته لإجهاض الثورة.

8)   ودائما ما يستدعى أى نظام عائد بعد اى ثورة فاشلة، خطاب "الأخيار والأشرار" لتبرير كل اجراءاته الاستثنائية العنيفة أمام الرأى العام الداخلي والخارجي. والأخيار بطبيعة الحال هم النظام وكل القائمين عليه والمؤيدين له، والأشرار هم كل من تجرأ على الثورة ضده وكل من يعارضه.

***

أما على الجانب الآخر فلا تلقى القوى التى شاركت فى الثورة الفاشلة ومعها اى معارضة اخرى سوى النتائج التقليدية التى تلحق بالمهزوم فى أى صراع خارجى أو داخلى.

وتظل لسنوات تالية فى حالة من عدم الاتزان تعاني من عواقب هذا الفشل ومن العقوبات السياسية والامنية والقضائية القاسية التى فرضها النظام العائد، فتخفت اصواتها أو يتم اسكاتها قسرا، وتغلق فى وجهها كل الساحات فيما عدا ساحات المحاكم والسجون وسلطات التحقيق، وتتقلص انشطتها وفاعلياتها الى قضية واحدة ومصيرية هى الدفاع عن وجودها وحقوقها وحرياتها فى مواجهة بطش السلطات.

***

ورغم ان هذه هى قواعد الصراع ومآلات الهزيمة والفشل فى اى ثورة تتعرض لتجربة مماثلة، الا انه يظل وضعا استثنائيا مرفوضا لا يمكن ان يستمر لعديد من الاسباب على رأسها: استحالة احتماله والتعايش معه والاستسلام له لفترات طويلة من قبل الشعوب الحرة، وليس تاريخنا وتاريخ البشرية كلها على امتداد قرون طويلة، سوى كر وفر ومعارك ونضالات دائمة ومستمرة فى معارك انتزاع الحرية بكافة اشكالها ومعانيها.

ولذلك يصبح السؤال المطروح فى اى بلد تمر بظروف مشابهة هو متى ينتهى هذا الاستثناء وكيف؟

وتصبح المهمة الأولى الملقاة على عاتق كل المهمومين بالمصالح الوطنية وبالحقوق الشعبية والانسانية هى محاولة الإجابة على هذا السؤال.

***** 

محمد سيف الدولة

 

الجمعة، 28 يناير 2022

تساؤلات فى ذكرى الثورة ـ نظام الحكم

تساؤلات فى ذكرى ثورة يناير

 أولا عن نظام الحكم؟

منذ ان ضرب الانقسام القوى السياسية التى شاركت فى الثورة منذ 11 عاما وحتى اليوم، ونحن نختلف ونتصارع فى كل صغيرة وكبيرة، بدون أن نعطى لأنفسنا اى فرصة للدخول فى حوار موضوعى هادئ نتناول فيه نقاط الاتفاق او الاختلاف بيننا تجاه واقعنا المشترك الذي نعيش فيه معا، وتجاه ما حدث فى الثورة وأهم العوامل التى أدت الى تعثرها وفشلها فى تحقيق أهدافها. ولذلك ٍساحاول خلال الأيام القادمة أن أطرح للحوار عدد من الأسئلة التى يتناول كل منها احدى القضايا الاساسية محل الخلاف بين فرقاء الثورة وكل من شارك فيها، لعلنا نستطيع أن نضع أيدينا على أصول ومنابع داء الانقسام الضارب بيننا.

وسابدأ اليوم بسؤال حول نظام الحكم الحالى وتقييم كل منا لتوجهاته وسياساته مقارنة مع نظام مبارك، والسادات، وعبد الناصر، فى القضايا التالية:

1)   في الاستقلال الوطني والعلاقات مع الولايات المتحدة والدول الكبرى.

2)   فى مكانة ودور مصر العربي والإقليمي والافريقى والعالمى.

3)   فى الموقف من فلسطين و(اسرائيل) والصراع العربى الصهيونى.

4)   فى الموقف من العروبة والأمن القومى العربى وطبيعة علاقاته وتحالفاته العربية.

5)   فى انحيازاته الطبقية والموقف من الفقراء والعدالة الاجتماعية.

6)   فى السياسات الاقتصادية ودور الدولة فى الاقتصاد وتوجهاتها التنموية والعمرانية والموقف من القطاعين العام والخاص.

7)   فى الموقف من القروض والديون وصندوق النقد الدولى وروشتاته.

8)   فى نزاهة الانتخابات والفصل بين السلطات وتداول السلطة.

9)   فى الموقف من الحريات والديمقراطية وحقوق الانسان.

10)         فى مساحة وميادين المشاركة الشعبية السياسية المتاحة فى ظل عصور الاتحاد الاشتراكى أو الحزب الوطنى أو حزب مستقبل وطن.

11)         فى الموقف من المعارضة من التيارات السياسية المختلفة.

12)         فى العلاقات بين المدنيين والعسكريين.

13)         فى دور الاجهزة الامنية والعلاقة بين الامن والسياسة.

14)         فى درجة استقلال القضاء.

15)         فى استقلال المؤسسات الدينية كالازهر والأوقاف والكنيسة.

16)         فى قضية الوحدة الوطنية.

17)         فى استقلال الجامعات والحركة الطلابية.

18)         فى استقلال النقابات المهنية والعمالية.

19)         فى حرية النشر والاعلام والرأى الآخر.

20)         فى حق التعليم وجودته.

21)         فى الثقافة والمثقفين والمفكرين والكتاب.

22)         فى توجهات الرأى العام ومستوى وعيه الوطنى فى قضايا الأمة.   

***

لقد حرصت على ان يكون الحوار عبر طرح تساؤلات وليس اجابات، للتعرف والانفتاح على آراء الجميع بدون اى تحفظ او استثناء.

*****

محمد سيف الدولة

 

الثلاثاء، 25 يناير 2022

احياء ذكرى الهولوكوست فى قلب القاهرة


 ((فى احتفال صهيونى بامتياز فى قلب القاهرة، قامت السفارة الامريكية يوم الاثنين 24 يناير 2022، باحياء ذكرى ما يسمى "الهولوكوست" بأحد الفنادق على ضفاف النيل، وهاجمت ثورة 1952 وقادتها العسكريين فى موقفهم من يهود مصر حيث ادعت انهم قاموا بطردهم فى الخمسينات والاستيلاء على ممتلكاتهم، واشادت بالسلام المصرى الاسرائيلى، واثنت على القيام بهذا الاحتفال لأول مرة فى مصر التى اصبحت تربطها علاقات جيدة مع (اسرائيل). وكان على رأس المتحدثين الكاتب الامريكى الصهيونى "روبرت ساتلوف" المشهور بمواقفه وكتاباته المعادية لفلسطين وللعرب والذى كان له موقفا معاديا لثورة يناير ومحرضا ضدها.))

***

ولقد جاء فى نص الخبر كما نشرته السفارة الأمريكية ما يلى:

((قد تم الاحتفال بالمناسبة بحفل أقيم في فندق فور سيزون بحي جاردن سيتي بالعاصمة المصرية. وحضرته شخصيات يهودية بارزة من جميع أنحاء العالم. وتم الاحتفاء برعاية سفارة الولايات المتحدة بالقاهرة ومتحف ذكرى الهولوكوست بالولايات المتحدة. كخطوة مهمة إلى الأمام من أجل الشمول الديني والسلام بين الأديان.))

كما ورد ايضا العبارة التالية ((قبل الخمسينيات من القرن الماضي، عندما كانت مصر لا تزال ملكية، انتقل اليهود من جميع أنحاء العالم إلى مصر هربًا من الاضطهاد في أوروبا في النصف الأخير من القرن التاسع عشرلكن في الخمسينيات من القرن الماضي، وتحت حكم الحكومة العسكرية الجديدة، بدأت مصر في طرد جاليتها اليهودية ومصادرة ممتلكاتهم في جميع أنحاء البلاد.))

***

وتعليقى على هذا الاحتفال العدوانى الصادم والمرفوض قلبا وقالبا هو:

·       ان فيه تجرؤ واستخفاف بالشعب المصرى فى عقر داره، وتحدى وانتهاك وقح لمشاعره وثوابته الوطنية والعقائدية.

·       كما فيه استهانة واهانة للدولة المصرية ذاتها التى تأسس نظام الحكم فيها 1952-2022 على شرعية ثورة 1952 وباكورة معاركها الوطنية للتحرر والاستقلال عام 1956، وعلى المكانة المركزية الخاصة للقوات المسلحة المصرية، التى لا يمتلك أى معارض مصرى الطعن او التشكيك فيها، والا لتعرض للمحاكمة والسجن، فتأتى السفارة الامريكية لتهاجمها علانية من قلب القاهرة مرددة الروايات الصهيونية المزعومة عن مواقف قادتها فى الخمسينات.

·       كما ان فيه تزييف للحقائق وتزوير للتاريخ، وتجاهل انحياز وولاء اعداد كبيرة من الجالية اليهودية المصرية لاسرائيل حينذاك رغم مشاركتها فى العدوان الثلاثى على مصر، بالاضافة الى الدور التخريبى والارهابى والتجسسى الذى قامت به المنظمات الصهيونية فى مصر لصالح هذا الكيان الاستعمارى العنصرى الوليد.

·       وقبل ذلك وبعده فان فيه اساءة بالغة لمكانة مصر ودورها التاريخى والريادى فى الامة العربية، رغم كل ما وقعه حكامها من اتفاقيات مع (اسرائيل).

·       كما انه فيه استفزاز شديد للقوى الوطنية المصرية المناهضة للصهيونية ولاسرائيل وللهيمنة الامريكية، والتى لم يعد مسموحا لها بتنظيم اى فاعلية داعمة للقضية الفلسطينية فى اى من القاعات العامة او المنصات الاعلامية، على غرار ما تفعل السفارتان الامريكية والاسرائيلية.

***

 أما عن هذا الهولوكوست:

·       فان هذه الحملات الصهيونية العالمية لاحياء ذكرى ما يسمونه بالهولوكوست، تستهدف انتزاع مزيد من الشرعية والاعتراف بكيانها الباطل، ومزيد من التغطية على ما ترتكبه من جرائم حرب وابادة، ومزيد من الدعم والحماية والمباركة لابتلاعها مزيد من الارض الفلسطينية كل يوم.

·       لقد أسقطت الحرب العالمية الثانية ما يزيد عن 50 مليون ضحية، ولكن الحركة الصهيونية لم تتوقف سوى امام ضحايا الحرب من اليهود الذين لم يتعد عددهم فى اكثر الادعاءات تضخيما وتهافتا 6 مليون يهودى، حيث قاموا بتأميم واحتكار فظائع الحرب لصالح مشروعهم، فى عنصرية صهيونية غير مسبوقة تجاه باقى شعوب العالم.

·       ولم يكتفوا بذلك، بل اعتبروا ان التعويض الغربى الوحيد المقبول لديهم، هو بإعطائهم فلسطين، ليصبح المشهد كما يلى: نظام المانى عنصرى يقتل مواطنيه من اليهود الالمان، فيكون العقاب للشعب العربى فى فلسطين الذى لا ناقة له ولا جمل فى جرائم النازية.

·       ان ما ورد فى هذا الشان فى بيان اعلان ما يسمى بدولة (اسرائيل) الصادر عام 1948 هو من أكبر وأخطر جرائم الكذب والتضليل التى شهدها العالم عبر تاريخه الطويل حيث ورد بالنص ما يلى ((وكانت النكبة التي حلت مؤخرًا بالشعب اليهودي وأدت إلى إبادة ملايين اليهود في أوروبا دلالة واضحة أخرى على الضرورة الملحة لحل مشكلة تشرده عن طريق إقامة الدولة اليهودية في أرض إسرائيل من جديد))

·       هذا بالاضافة الى ما اصبح ثابتا اليوم بموجب العديد من الوثائق والدراسات، من تعاون مشترك بين هتلر وقادة الحركة الصهيونية، من اجل تهجير اليهود الالمان الى فلسطين، كل بحسب دوافعه؛ فالنازيون يكرهون اليهود ويريدونهم خارج المانيا، والمنظمات الصهيونية يريدونهم ايضا خارج المانيا وبالتحديد فى فلسطين، فلماذا لا ينسقون ويتعاونون؟

·       ومهما كانت بشاعة ما حدث فى الهولوكوست بل وفى الحرب العالمية الثانية كلها، فانه من غير المقبول ان يتحول الى ذريعة للاستيلاء على اراضى الغير، ولا أن يرقى الى ما أعقبه وترتب عليه من جرائم حرب وابادة لانتزاع ارض فلسطين من شعبها، بالقتل والعدوان والمذابح والتهجير والفصل العنصرى والتجويع والحصار والاستيطان، وحرمان عشرات الملايين من الأجيال المتعاقبة من وطنهم، وتهديد وجود وامن وسلامة امة باكملها.

·       اننا نؤكد انه لا يوجد اى حقيقة او منطق او اسس علمية أو سوابق تاريخية لما قامت به الحركة الصهيونية وعقيدتها من تحويل الدين اليهودى الى وطن وقومية، ولا شرعية من قريب او بعيد للكيان الصهيونى الذى يسمى باسرائيل، الذى يعطى لنفسه الحق فى تمثيل كل يهود العالم، واحتكار الكلام باسمهم، ولا حق او مصداقية فيما تقوم به (اسرائيل) من ادعاء باطل بحقوق الملكية الدينية والقومية والتاريخية للهولوكوست والتصدى لاحياء ذكراه.

·       وفى حالة صدور أى تضامن رسمى عربى مع ما يسمى بالهولوكوست بدون ذكر كلمة واحدة عن احتلال فلسطين، فانه لا يمثل الشعوب العربية ولا يعبر عنها، وانما هو من نتاج وافرازات مستنقع التبعية والتطبيع التى تغرق فيها الغالبية العظمى من انظمة الحكم العربية.

***

ان هذا الاحتفال الامريكى الصهيونى فى قلب القاهرة وامام أعين المصريين ورغما عن أنفهم بعد أربع سنوات من خطيئة السماح للسفارة الاسرائيلية عام 2018 بالاحتفال بذكرى (النكبة) على ضفاف النيل وبالقرب من ميدان التحرير، يطرح علامات استفهام جادة حول تهاون السلطات المصرية مع الانشطة والدعايات الصهيونية فى مصر، التى لن يسمح بها أو يقبلها الشعب المصرى وقواه الوطنية مهما كان الظروف.

*****

محمد سيف الدولة

الاثنين، 24 يناير 2022

ماذا تبقى من ثورة يناير؟

ان السؤال الذى يفرض نفسه ونحن على مشارف الذكرى الحادية عشرة لثورة يناير هو: ماذا تبقى منها، بعد أن فشلت وتم اجهاضها والقضاء على كل المكاسب التى حققتها، ومحاكمة أو حظر أو حصار كل من شارك فيها؟

***

1)   بقي الحدث الكبير والذكرى العطرة التى ستسجل فى التاريخ كواحدة من الملاحم الكبرى التى خاضها الشعب المصرى، دفاعا عن حريته وكرامته واستقلاله ولقمة عيشه.  

2)   وبقيت حزمة من الحقائق الهامة والرسائل القوية لكل من يهمه الامر؛ بأن الشعب المصري ليس شعبا مستكينا سهل الانقياد كما كانوا يدعون، وانه يستطيع ان يقول لا ولو بعد حين، وان يقدم فى سبيل ذلك التضحيات والشهداء، وأنه قادر على اسقاط الحكام التابعين والفاسدين والمستبدين، وان الثورات ممكنة، وان الحكام ليسوا آلهة ولا محصنين.

3)   وبقي الفخر والاعتزاز بالمشاركة فيها، كواحدة من أهم وأشرف ما حدث لكل منا فى حياته وتاريخه.

4)   وبقى الوعى الجديد الذى اكتسبناه، ودفعنا فيه أثمانا باهظة؛ الوعى بحقيقة السلطة والنظام الحاكم وبطبيعة الدولة بكل قوتها وقدراتها ومؤسساتها وشبكات مصالحها، والذى يفوق آلاف المرات قوة ووزن اى حاكم او رئيس. والوعى بان الثورة علم ومنهج وطريق شاق وطويل، وليست نزهة أو عملا عشوائيا؛ فلقد طرحت التجربة حقائق وتحديات وتساؤلات جديدة صعبة ومعقدة لم تكن على بال أو أجندة أى من القوى السياسية المصرية او العربية من قبل.

5)   وبقى أيضا الوعى بحقيقة وطبيعة شبكات المصالح والعلاقات العربية والاقليمية والدولية، والتى كان لها دور كبير فى افشال الثورات واجهاضها.

6)   وبقي الاعتراف بضرورة القيام بمراجعات فكرية كبرى من كل التيارات السياسية، بعد ان عجزت جميعها عن امتلاك وتقديم قراءة وتحليل صحيح وموضوعى للواقع المصرى والعربى، ففشلت فى بناء خريطة طريق ثورية ناجحة وناجعة.

7)   وبقى الفرز الثورى والسياسى والفكرى و"الاخلاقى" الذى كشفته سياسات وانحيازات ومواقف كافة التيارات والاحزاب والقوى والشخصيات.

8)   وبقي تراث ثورى وثرى من التجارب والخبرات الخاصة فى وسائل وادوات التفاعل والتاثير والتغيير والثورة، ستمثل مرجعا ومرشدا هاما تاريخيا وحركيا للاجيال الجديدة والقادمة.

9)   وبقى التأكيد على وحدة الأمة وظروفها ومشكلاتها، ووحدة معاناة شعوبها تحت وطأة الفقر والقهر والاستبداد، وتزامن انتفاضاتها وثوراتها لتثبت مجددا عمق التاثر والتاثير وعدوى الثورة والحرية فيما بينها.

10)         وبقي الندم على ما أضعناه بأيدينا، كحافز مهم لنا وللاجيال القادمة على عدم تكرار ذات الخطايا والاخطاء التى وقعنا فيها جميعا.

11)         وبقيت أسباب ودروس الفشل، التى سيتحتم على الاجيال الجديدة دراستها والتعمق فيها اذا أرادت تجنب ذات المصير.

12)         ولقد بقيت اسئلة كثيرة لم يتم الاجابة عليها بعد.

13)         وبقى الحوار الغائب بين كل فرقاء الثورة وكل من شارك فيها، لا يزال ينتظر من يشرع فيه ويطرق أبوابه.

14)         وبقى الحلم بالحرية الذى لن يموت أبدا.

*****

محمد سيف الدولة