تم اغتيال أبو عمار عدة مرات، أشهرها مؤامرة تسميمه التى انتهت باستشهاده
فى مثل هذا اليوم منذ ثمانية عشر عاما فى 11 نوفمبر 2004.
·
أما أولها فكانت مذابح أيلول الاسود التى انتهت بطرد المقاومة من
الاردن عام 1970.
·
ثم مذبحة تل الزعتر التى ارتكبها النظام السورى والكتائب المارونية فى
لبنان لكسر شوكة المقاومة الفلسطينية عام 1976.
·
أما أسوأها فكانت عملية الاغتيال الكبرى التى ارتكبها النظام المصري
حين باع فلسطين فى صفقة كامب ديفيد التى تضمنت اعتراف أكبر دولة عربية، بالشرعية
الباطلة لدولة (اسرائيل) وبحقها فى كامل أرض فلسطين ما عدا الضفة وغزة.
·
وتم اغتياله مرة أخرى حين تواطأت الأنظمة العربية مجتمعة مع الصهاينة
والأمريكان على اخراجه والقوات الفلسطينية من لبنان فى 1982، ونفيهم بعيدا عن
الارض المحتلة.
·
ثم ما تلى ذلك من عملية اغتيال بطئ على نار هادئة بالضغط عليه فى
المنفى وكسر ارادته للاعتراف باسرائيل والتنازل عن فلسطين 1948 وعن الحق فى المقاومة، فى اتفاقيات أوسلو المشئومة، التى كانت بمثابة عملية "انتحار وطنى جماعى"
لمنظمة التحرير وقيادتها.
·
وحين حاول التراجع والتطهر منها وتغيير قواعد اللعبة وقلب الطاولة فوق
رؤوسهم فى انتفاضة الاقصى عام 2000 وما بعدها، قرروا إخراجه من المشهد نهائيا،
فقتلوه.
***
لقد علمتنا تجاربنا ان الزعماء الوطنيين لا يتم تقييمهم فقط بمواقفهم وافعالهم،
وانما ايضا بالقياس على افعال ومواقف نظرائهم ومعاصريهم أو خلفائهم.
فجزء كبير، على سبيل المثال، من المكانة التاريخية للمشروع الوطنى فى
مصر 1956 -1970 رغم نكسة 1967، مستمد من مقارنته بالردة الوطنية والقومية
والاجتماعية التى قادها السادات 1974-1981 واستمرت من بعده، رغم نصر 1973.
كذلك هو الوضع فى حالة ياسر عرفات، فلقد كان لابو مازن فضل كبير فى
اعادة الاعتبار لابو عمار بعد وفانه رغم تورطه فى توقيع اتفاقيات اوسلو؛ فمن زعيم
فلسطينى وطنى يحرض على الانتفاضة ويدعم فصائل المقاومة والعمليات الاستشهادية سرا
وتتم تصفيته على ايدى الاحتلال، الى رئيس يستمد شرعيته من رضا (اسرائيل) ومن دوره
فى حماية أمنها، ويطارد المقاومة ويصف الانتفاضة الفلسطينية بانها كانت بمثابة كارثة
على الفلسطينيين.
***
وهى ليست مقارنات على أى وجه، بل هى مسائل موضوعية وواقعية يمكن
القياس عليها والاحتكام اليها؛ ففى ظل ذات الظروف والضغوط والامكانيات والاختلالات
الهائلة فى موازين القوى، اختار ابو عمار، بقدر الامكان،
توسيع مساحات الارادة والتحدى واستقلالية القرار والمناورة والمواجهة، بينما اختار
ابو مازن وسلطته وجماعته التبعية والخضوع الكامل.
رحم الله ابو عمار وغفر له واسكنه فسيح جناته.
*****
محمد سيف الدولة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق