كامب ديفيد
ليست المصدر الرئيسى للتشريع
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
نقلت لنا وكالات الانباء ما دار فى زيارة الرئيس الامريكى الاسبق
كارتر الى المستشار الغريانى فى مجلس الشورى ، وسؤاله له عن وضع معاهدة السلام مع (اسرائيل) فى الدستور
الجديد ، ورد الغريانى بان هذا ليس محله الدستور ولكنه استطرد مطمئنا كارتر انه ((لن
تجرؤ اى حكومة قادمة على مخالفة الالتزام بالمعاهدة))
***
ان كارتر حين يسأل مثل هذا السؤال الغريب حول موقع معاهدة السلام من
الدستور ، فانه يؤكد ما ذهبنا اليه من قبل من انهم يريدون ان تكون كامب ديفيد هى
المصدر الرئيسى للتشريع . وهى لن تكون كذلك ابدا فهى ليست قرآنا ولا انجيلا
كما ان الدول المحترمة والشعوب الحرة لا يجب ان تعامل هكذا .
كما اننى لم ارتح ابدا الى الرد الذي نسبته وكالات الأنباء الى
المستشار الجليل حسام الغريانى ، الذى ورد فيه انه (لن تجرؤ اى حكومة على مخالفة
الالتزام بالمعاهدة) ، لانه ان صح ، فان
فيه مصادرة على حق أصيل للشعب المصرى فى ان يصنع مستقبله وفقا لمصلحته وامنه القومى وسيادته الوطنية الكاملة
، كما ان وصف الحكومات المصرية "بعدم الجرأة" ، فيه جرح للكرامة الوطنية
، خاصة ان صدر امام شخصيات او جهات اجنبية .
***
وكنت اتمنى ان يكون رد المستشار الغريانى على سؤال كارتر بسؤال آخر
هو: متى ستكفون (سيادة الرئيس) عن التدخل
فى شئوننا والتفتيش فى نوايانا ؟ وهل تسمحون فى الولايات المتحدة بان تملى عليكم
الشعوب الاخرى سياساتكم ومواقفكم ؟
كما اننى كنت اتوقع ان يتحرج السيد كارتر من طرح مثل هذا السؤال بصفته
اعلم الناس بحجم الظلم والاجحاف الذى وقع على مصر فى هذه المعاهدة التى تمت تحت
رعايته وضغوطه ، الى الدرجة التى صرح بها لحديثه مع جريدة الأهرام منذ بضعة ايام
بأن الرئيس السادات فى هذه المعاهدة كان كريما جدا بقبوله بقاء المعدات الثقيلة
المصرية خارج سيناء . والرئيس كارتر يعلم جيدا ان مسائل الامن والسيادة القومية
ليست محلا للكرم والتنازل .
***
كما انه قد آن الأوان أن يعلم الجميع أن لدى الشعب المصري حساسية كبيرة
من كل محاولات التدخل الخارجي فى شئونهم الوطنية ومحاولة التأثير فيها والضغط
عليها
وان يدركوا ان احد الأسباب الرئيسية التي أدت الى إسقاط مبارك كان
تهاونه الشديد أمام النفوذ الاجنبى فى مصر الذي وصل إلى حد التبعية
وان المصريين أصبحوا ينزعجون بشدة من تكرار هذا الاستجواب المهين حول
كامب ديفيد من كل الوفود الأمريكية
والأوروبية ، والذي يوجهونه الى الجميع
وفى كل المؤسسات التنفيذية والتشريعية ولكل الاحزاب السياسية وكأن ليس لهم موضوع
غيره . وكانهم يجرون لنا كشف هيئة لإعطائنا البركة او
حجبها عنا
وان كان السيد كارتر وأصدقائه يريدون اجابة حقيقية فلا يجب ان يتوجهوا
بها الى اى مسئول فى مصر ، بل فقط عليهم ان يتابعوا الراى العام الشعبى والسياسى
فى مصر ، فعندئذ سيكتشفون ان هناك اجماع وطنى فى مصر على ضرورة التحرر من القيود
المفروضة على السيادة المصرية فى المعاهدة وبالتحديد فى المادة الرابعة منها
وملحقها الامنى .
*****
القاهرة فى 3 نوفمبر 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق