بحث فى المدونة

الجمعة، 13 فبراير 2015

الفطرة وحدها تكفى

الفطرة وحدها تكفى
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

((اعوذ بالله، ما كل هذا التخلف والإجرام والوحشية؟! هؤلاء الناس لا يمكن ان يكونوا آدميين))
كان هذا هو رد الفعل الفطرى والطبيعى لكل من سمع او شاهد ما فعلته داعش مع معاذ الكساسبة، قبل ان تتدخل، المعالجات الإعلامية والأجندات السياسية والفتاوى الشرعية.
فما ارتكبته داعش من إعدام وحرق للطيار الاردنى هو عملا وحشيا بربريا إجراميا يضعها جنبا الى جنب مع الصهاينة والأمريكان وكافة الأنظمة الفاشية التى تقتل شعوبها.
وكذلك قطع رقاب الرهائن اليابانيين أو الأمريكان أو غيرهم. أو تصفية دواعش سيناء للضابط أيمن الدسوقى برصاصة فى رأسه وهو فى وضع الركوع.
***
·       لم نكن نحتاج الى الغوص والبحث فى النصوص القرآنية والسنة النبوية وسيرة الصحابة واجتهادات الفقهاء، لإثبات ان هذه جريمة لا تنتمى الى جنس البشر.
·       ولا نحتاج الى محاضرات سياسية فى جرائم الأمريكان فى هيروشيما ونجازاكى ودرسدن وفيتنام وأفغانستان والعراق وأبو غريب والطائرات بدون طيار، لكى نثبت ان الإرهاب لا يقتصر علينا.
·       أو فى جرائم الصهاينة فى دير ياسين وبحر البقر وصابرا وشاتيلا وقانا والحرم الابراهيمى  وحرب تموز والرصاص المصبوب ومحمد أبو خضير والجرف الصامد لكى نبرر عمق الغضب فى نفوسنا.
·       ومن يريد التذرع بالاعتداءات الصهيونية ليبرر عملياته الإرهابية، فعليه ان يقتدِ بسيرة وتراث ونهج المقاومة الفلسطينية على امتداد قرن من الزمان، لم توجه فيه رصاصاتها سوى للعدو الصهيونى، ولم تحرق او تقتل أسيرا. فنحن لا نحتاج الى التأكيد للمرة الألف ان لنا مقاومتنا ولهم بربريتهم، وانهم ليسوا قدوة لنا.
·       كما إننا لا نحتاج "لإبراء الذمم أولا" من خلال تقديم التحليلات حول ضرورة مقاومة الحملة الاستعمارية الامريكية على العراق التى تتخفى تحت عنوان التحالف الدولى، التى تهدف الى إتمام عملية تقسيم العراق وحماية الدولة الكردية الناشئة. قبل أن نشرح كيف قدمت هذه الجريمة البربرية، الذرائع للتحالف والدور الامريكى فى العراق. وان الأمريكان هم المستفيد الوحيد منها.
·       كما لم نكن فى حاجة الى الربط بين جرائم الأنظمة العربية فى مواجهة الثورات العربية، وبين إرهاب الدواعشة.
·       ولا بما حدث للمصريين بعد الثورة فى ميادين التحرير ومحمد محمود ومجلس الوزراء وستاد بورسعيد والعباسية ورابعة العدوية والنهضة والحرس الجمهورى والمنصة وسيارة ترحيلات ابو زعبل.
·       ولا نحتاج الى الاستشهاد باتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب المؤرخة في أغسطس 1949 والتى تحظر تدابير الاقتصاص من أسرى الحرب و تجرم القتل بجميع أشكاله او الاعتداء علي السلامة البدنية والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب، والتجارب الطبية أو العلمية وجميع أعمال العنف والتهديد، والسباب وفضول الجماهير(الى هذه الدرجة).
·       ولا نحتاج الى الجدال فى مفاهيم الوطن والوطنية والمواطنة والطائفية، والأمة والقومية، والدولة الوطنية ودولة الخلافة، وحق الفتح وحق تقرير المصير، لكى ننقض المشروع الداعشى وندلل على انه لا يمثل أحدا.
·       ولا نحتاج الى البحث فى القصة الحقيقية وراء داعش وأخواتها من حيث النِشأة والصناعة والتمويل والتوظيف، وحقيقة علاقتها بأجهزة الاستخبارات عامة والأمريكية خاصة.
·       ولم نكن نحتاج الى التحذير من ان مثل هذه الجرائم تعمل على ضخ دماء جديدة فى الاسلاموفوبيا العالمية و "العربية". وتضفى مصداقية زائفة على الأنظمة التى تستأثر بالحكم والسلطة وتقتل معارضيها وتسجنهم بذريعة أنهم يكافحون الإرهاب.
·       ولا نحتاج الى التركيز على درجة الجهل والغباء الذى تتميز به هذه الجماعات، والتى تفقدها اى تعاطف من اى نوع.
***
لم نكن نحتاج سوى التأكيد على ان حرق البشر عامة والسجناء والمعتقلين والأسرى والرهائن على وجه الخصوص، ليس موضوعا دينيا ولا سياسيا و لا عسكريا، بل هو فطرة إنسانية بحتة ؛
فلماذا تعدم أسيرك؟
لماذا تقتله بعد أن أصبح سجينك ورهن يديك، منزوع الإرادة، لا حول له ولا قوة؟
ولماذا تقتله حرقا؟
فليس فى الشرائع السماوية او المواثيق الدولية أو القوانين الوطنية، ما يبيح الإعدام حرقا.
ولماذا تقتله على الهواء؟
ولما تحرض الناس على كراهيتك الى هذا الحد؟
أين ومتى، تقبل الضمير الانسانى، قتل الناس حرقا مع سبق الإصرار والترصد؟
على اى تراث او سيرة او سلف أو درب او تجارب إنسانية تسيرون؟
ولماذا تقطع الرقاب؟
ولماذا تقطع رقبة هذا بينما تحرق ذاك؟
من أنتم؟ وكيف تفكرون؟ وماذا تفعلون؟ ولماذا؟ ولصالح من ؟!
***
لقد كرهنا كل هذا اللغو والماراثونات الكلامية الذى نُدفع اليها دفعا بعد كل جريمة يرتكبها فرد او جماعة منسوبة ومحسوبة على بلادنا وحضارتنا وديننا. مثل جريمة شارلى ابدو وكل العمليات الإرهابية المشبوهة التى اخترقت الساحات العربية قبل وبعد الربيع العربى.
ان المناقشات والفذلكات الفكرية، فى البديهيات والمسائل الفطرية، تكاد تدفعنا الى الجنون، فهى تربك مشاعرنا، وتشتت أفكارنا، وتضيع جهودنا، وتخلط الثانوى بالرئيسى، وتهمش وتغيب قضايانا، وتعصف بحقوقنا. وتطمس الجرائم والاعتداءات التى تعرضت لها أوطاننا وشعوبنا؛ فمن يتذكر اليوم ما يزيد عن ألفى شهيد فى غزة لم تجف دماؤهم بعد؟
*****


ليست هناك تعليقات: