جددت الأزمة التى تفجرت فى الجامعة الامريكية بالقاهرة
فى شهر فبراير الجارى، كل الشكوك والمخاوف التى ظهرت بعد تعيين سفير أمريكى سابق
ورجل استخبارات، مديرا للجامعة الامريكية بالقاهرة منذ عام 2016.
انه فرانسيس ريتشاردونى
الذى كان سفيرا للولايات المتحدة فى مصر من عام 2005 حتى 2008، كما شغل منصب نائب
السفير الامريكى فى افغانستان (2009-2010) ثم سفيرا فى تركيا. وقد خدم عامى 1989/1990
كرئيس لوحدة المراقبة المدنية التابعة للقوة المتعددة الجنسيات والمراقبين سيناء الموجودة
هناك وفقا لملحق الترتيبات الامنية فى اتفاقيات كامب ديفيد. كما قام بإدارة فرقة عمل
9/11 التابعة لوزارة الخارجية حول التحالف ضد الإرهاب، وشغل منصب المنسق الخاص للعراق مع وزيرة الخارجية الأمريكية
مادلين أولبرايت (1999-2001). كما عمل في مكتب الاستخبارات والبحوث، ومكتب شؤون الشرق
الأدنى، وفي المناصب الإدارية العليا في إطار المدير العام للخدمة الخارجية والموارد
البشرية.
***
أما عن الأزمة المذكورة
فقلد بدأت، وفقا لما تناقلته وسائل الاعلام، بعد أن قام ما يقرب من 90% من مجلس شيوخ الجامعة الذى يتكون من اعضاء منتخبين من هيئة التدريس والموظفين،
بسحب الثقة من "ريتشاردوني"، لعديد من الاسباب من أهمها قيامه بوضع إحدى
قاعات الجامعة الأمريكية، وكل الحرم الجامعي، تحت تصرف السفارة الأمريكية لاستقبال
خطاب وزير الخارجية "بومبيو" الذى ألقاه بالجامعة فى 10 يناير 2019 مما
يثير، فى تصورهم، الشبهات حول طبيعة العلاقة بين الجامعة من جهة وبين الخارجية
الأمريكية ووكالة الاستخبارات الأمريكية CIA من جهة أخرى، ناهيك عن شخصية "بومبيو"
المثيرة للجدل بسبب رئاسته السابقة للمخابرات المركزية الامريكية وكذلك بسبب
تصريحاته بتأييد التعذيب ورفضه لغلق معتقل جوانتانامو.
هذا بالإضافة الى ما تم فُرضه
من تدابير أمنية مشددة على الحرم الجامعي في يوم الزيارة، فيما يتعلق بالدخول والخروج
وحرية الحركة داخل الجامعة، حيث اقتصرت الدعوة على من اختارتهم السفارة الأمريكية
من الشخصيات العامة ووسائل الإعلام، وجرى إقصاء أعضاء هيئة التدريس وطلبة الجامعة.
ولقد صدر بيان من طلبة الجامعة يؤيدون فيه قرار سحب
الثقة قالوا فيه أنه لا ثقة في رئيس يعطي مساحة لداعمي المؤسسة الصهيونية أمام
تقليله من قيمة القضية الفلسطينية، ولا ثقة في رئيس لا يفهم أن هذا المكان
للتعليم، وأننا لسنا زبائن لديه ولكننا هنا لنتطور كجزء من هذا المجتمع.
***
ولكن مجلس اوصياء الجامعة الامريكية من
ناحية أخرى والذى يتخذ من نيويورك مقرا له، وهو الجهة العليا المنوط بها مسئولية إدارة الجامعة، رفض قرار مجلس الشيوخ، بل
أثنى على
فرانسيس ريتشاردوني، وجدد الثقة فيه، واشاد بقراراته الجوهرية التى تسببت في
النجاح الحالي والمستقبلي للجامعة، على حسب ما ورد فى قراره المذكور!
***
·
وبعيدا عن ذلك الخطاب
الوقح لوزير الخارجية الامريكى التى تحدث فيه وكأنه يلقيه فى (اسرائيل)، فانه
يتوجب علينا جميعا ان نقدم كل الدعم الممكن لهيئة التدريس بالجامعة التى وقفت
موقفا شجاعا ووطنيا وشريفا، فى مواجهة صلف الحكومة الامريكية واستخباراتها وأدواتها
المتمثلة فى "مجلس الاوصياء"، القابع فى نيويورك.
·
كما يتوجب على كل الاسر
المصرية التى تدفع المصروفات الدراسية لأبنائها بالجامعة بعشرات الالاف من
الجنيهات كل عام ان تعرب عن قلقها ورفضها لأن يتلقى اولادهم العلم فى مؤسسة يديرها
اشخاص يتبعون ويخضعون لجهات استخبارية اجنبية غير متخصصة فى التعليم وانما فى أمور
مثل الاختراق والتجسس والتجنيد والاستقطاب وغسيل العقول وشراء النفوس وهكذا.
·
ان فى هيئة تدريس الجامعة
الامريكية بالقاهرة نخبة كبيرة من الشخصيات والرفاق والاصدقاء الوطنيين المتميزين
فى مجال تخصصهم، كما كان ولا يزال للحركة الطلابية هناك مشاركات هامة واساسية فى
كل القضايا والمعارك الوطنية كثورة يناير وقضية فلسطين ومناهضة الصهيونية وغيرها.
·
انهم جميعا اخوة وابناء
لنا، لا يجب على أى وجه من الوجوه، ان نتركهم يخوضون معركتهم مع الحكومة الامريكية
منفردين. خاصة وأن توظيف منبر تعليمى وحرم جامعى يحتضن كل هذه التجمعات الطلابية
من أبنائنا، للترويج للسياسات الخارجية الامريكية فى بلادنا، هو امر لا يمكن
السكوت عليه من اى مصرى.
*****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق