كتب نتنياهو فى 24 مايو 2019 تغريدة على صفحته فى تويتر قال
فيها: ((أشكر صديقي الرئيس المصري
السيسي على قيامه بإرسال مروحيتين للمشاركة في عمليات إخماد الحرائق التي نشبت في
أنحاء متفرقة من إسرائيل.))
***
وهو ما تسبب فى تفجر حالة من الغضب والنقد الحاد لدى قطاعات
واسعة من الراى العام المصرى والعربى، الذين استفزهم عمق مشاعر القرب والصداقة
والحميمية التى حرص نتنياهو ان يضمنها تغريدته، وهو ما اصطدم مع العداء العميق
والمستقر والقديم فى وجدان كل العرب والمصريين تجاه هذا الكيان المسمى (باسرائيل)
التى احتلت سيناء مرتين ولا تزال تحتل فلسطين والجولان، وجرائمها ومذابحها واعتداءاتها
لم تتوقف يوما منذ اصيبت المنطقة بلعنتها بعد الحرب العالمية الثانية.
***
ولقد اصابتنى الدهشة
من علو نبرة الغضب المصرى والعربى على مجرد تصريح اسرائيلى مجامل يشكر السيسى على
اجراء بسيط لا يقدم ولا يؤخر، مع
الصمت فى ذات الوقت على ما هو اخطر وادل ألف مرة على العمق الذى وصلت اليه العلاقات المصرية والاسرائيلية فى
السنوات القليلة الماضية التى تعيش اليوم عصرها الذهبى!
ليظهر الأمر وكأننا قد قررنا
ان نتجاهل عشرات السياسات والانحيازات والتصريحات المصرية التى تكشف بجلاء حميمية
العلاقات مع (اسرائيل)، ووقفنا نتصدر
للتافهة كما يقال فى الامثال
الشعبية.
***
وفيما يلى جولة سريعة
للتذكير بمدى العمق الذى بلغته هذه العلاقات والتى تفسر اسباب الشكر والامتنان
والصداقة التى عبر عنها نتنياهو فى تغريدته:
·
4 مايو 2014 ـ قال المرشح الرئاسى عبد
الفتاح السيسى فى معرض حديثه مع الاعلاميين أن ((معاهدة السلام استقرت فى وجدان
المصريين .. وأنه لا يوجد عبث فى هذا
الكلام))
·
20 نوفمبر 2014 ـ قال لقناة فرانس 24 ((لن نسمح ان تستخدم اراضينا لشن
هجمات على اسرائيل جارتنا)) وان ((انشاء
المنطقة العازلة كان ضرورة قديمة تأخرت كثيرا)) وانه ((من كان يتوقع منذ
40 سنة ان السلام بين مصر واسرائيل سيستقر بهذا الشكل))
·
23 نوفمبر 2014 ـ أعلن فى حديثه مع "صحيفة
كورييري ديلا سيرا" الايطالية
((باستعداده لإرسال قوات مصرية الى الدولة الفلسطينية بعد قيامها كضامن لأمن
اسرائيل ولطمأنتها، وانه تحدث طويلا مع نتنياهو فى هذا الِشأن)).
· 22
يناير 2015 ـ قال فى مؤتمر
ديفوس بسويسرا: ((مكانش حد قادر يسافر فى عقل ووجدان الرئيس السادات، لما طرح
تصوره للسلام، مكانش حد قادر يشوف ده، لكن الزمان والتغير والسنين أكدت صواب رؤيته
وعبقرية فكرته))
· 12 مارس 2015 ـ فى معرض
حواره مع جريدة الواشنطن بوست ردا على سؤال الصحفية "لالى ويمث" كيف يرى التهديد من جانب إيران؟ وهل
يتفق على أنه لا يجب أن تمتلك سلاحًا نوويًا؟
رد السيسى بقوله ((نفهم أن الرئيس أوباما منخرط في
إجراءات عديدة لمعالجة هذا الأمر. يجب أن نعطيه وقتا … وفي هذه الأثناء، يجب أن نتفَّهم مخاوف إسرائيل))
·
9 سبتمبر 2015 ـ أعاد فتح مقر جديد للسفارة الاسرائيلية بعد أربع سنوات
من اغلاق مقرها، فى ذات يوم اغلاقها على أيدى شباب الثورة فى 9 سبتمبر 2011،
وكأنها رسالة مكايدة مصرية اسرائيلية مشتركة ضد جموع المصريين الذين حاصروا
السفارة غضبا لاستشهاد 5 جنود مصرين على ايدى اسرائيل فى 18 اغسطس 2011.
·
15 فبراير 2016 ـ صرح وفد اليهود الأمريكان
أن الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى قد قال لهم أثناء لقائهم معه عن نتنياهو أنه ((زعيم
وقائد لديه قوى جبارة، تساعده ليس فقط في إدارة دولته، وإنما يمكنها أن تحقق
التقدم وتعزز المنطقة كلها والعالم))
· 27 سبتمبر 2015 ـ دعى
فى حديثه مع وكالة الاشوسيتد برس على هامش زيارته للامم المتحدة الى توسيع السلام
مع (اسرائيل). وتلقى شكر خاص من نتنياهو ومن مجلس وزرائه على هذه الدعوة.
·
8 فبراير 2016 ـ صرح وزير الطاقة "يوفال شتاينيتز" إن قيام مصر باغراق
الانفاق التي يحفرها الفلسطينيون تحت الحدود المصرية مع قطاع غزة جاء بطلب من (اسرائيل).
·
17 مايو 2016 ـ خطاب فى اسيوط تحدث
فيه السيسى عن عيد الاستقلال الاسرائيلى! وعن السلام الدافئ، وعن الثقة
والطمأنينية الحالية وغير المسبوقة مع (اسرائيل).
· 22 ديسمبر 2016 ـ بعد
مكالمة تليفونية من دونالد ترامب، طلب عبد الفتاح السيسي
من البعثة
المصرية في مجلس
الأمن تأجيل
التصويت على مشروع
قرار بوقف المستوطنات الاسرائيلية، وسط حالة من الصدمة والذهول العام، لم تقتصر
على الفلسطينيين والعرب فقط، بل شملت عديد من المراقبين الاجانب.
·
19 فبراير 2017 ـ "اجتمع السيسى ونتنياهو وَعَبَد
الله وجون كيرى سرا فى الأردن فى فبراير ٢٠١٦." ـ خبر نشرته جريدة هآرتس الاسرائيلية
وأكده نتنياهو، قبل ان يؤكده بيان من الرئاسة المصرية، فى صياغة مراوغة.
·
12 يونيو 2017 ـ نشرت صحيفة ها ارتس الاسرائيلية تقريرا عن" زيارة سرية" الى القاهرة قام بها نتانياهو فى ابريل 2016 بصحبة إسحاق
هرتزوغ زعيم المعارضة الاسرائيلية وفريق من المستشارين والخبراء الامنيين،
للقاء السيسى فى قصر الرئاسة.
·
25 ابريل 2017 ـ اجتماع بشأن مصر فى
لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس، ورد فيه أن المروحيات العسكرية المصرية تقلع من
مطارات اسرائيلية لتنفيذ مهمات فى سيناء. فيما يلى الرابط
·
19 سبتمبر 2017 ـ
الاشادة بنتنياهو ونقد الفلسطينيين ـ فى خطابه أمام الجمعية العامة للأمم
المتحدة فى وجه عبد الفتاح السيسى رسالتين: فى الاولى ناشد الفلسطينيين
ان يتعلموا التعايش مع الآخر وكأن الشعب الفلسطينى شعبا متطرفا يرفض التعايش مع
الإسرائيليين لعنصريته او طائفيته او معاداته للسامية، وليسا شعبا يعيش تحت ويلات
الاحتلال. وفى الثانية الى ما اسماه "بالشعب" الاسرائيلى فلقد دعاهم
فيها ان يتوحدوا خلف قيادتهم، وكأن نتنياهو رجل سلام يرغب فيه ويحاول الوصول اليه
لولا المعارضة الشعبية الاسرائيلية.
· 19 فبراير 2018 ـ تم
الاعلان عن توقيع اتفاقية لاستيراد الغاز من اسرائيل اعلنت عنها وكالات الانباء
التى نشرت خبرا نقلا عن شركة «ديليك» للحفر، إن الشركاء في حقلي الغاز الطبيعي
الإسرائيليين «تمار ولوثيان»، وقعوا اتفاقات مدتها 10 سنوات لتصدير غاز طبيعي
بقيمة 15 مليار دولار إلى شركة دولفينوس المصرية المملوكة لمجموعة عرفة لصاحبها
علاء عرفة أحد أهم مصدرى اتفاقيات الكويز.
وهو ما احتفى به نتنياهو
قائلا ((أرحب بهذه الاتفاقية التاريخية التي تم الإعلان عنها للتو والتي تقضي
بتصدير غاز طبيعي إسرائيلي إلى مصر. هذه الاتفاقية ستدخل المليارات إلى خزينة
الدولة وستصرف هذه الأموال لاحقا على التعليم والخدمات الصحية والرفاهية لمصلحة
المواطنين الإسرائيليين)).
وأضاف: ((لم يؤمن
الكثيرون بمخطط الغاز وقد قمنا باعتماده لأننا علمنا بأنه سيعزز أمننا واقتصادنا
وعلاقاتنا الإقليمية لكن فوق كل شيء آخر، إنه يعزز المواطنين الإسرائيليين. هذا هو يوم عيد)).
·
9 مايو 2018 ـ سمحت السلطات المصرية
للسفارة الاسرائيلية بالاحتفال علنا للمرة الاولى فى وسط القاهرة وبالقرب من ميدان
التحرير فى فندق ريتز كارلتون، بالذكرى السبعين لاغتصاب فلسطين، ليعيدونا ثلاثين
عاما الى الوراء، حين تمكن الشعب المصرى من قطع أرجل (اسرائيل) من المشاركة فى
معرض القاهرة الدولى للكتاب، مما أدى الى القضاء تماما على اى محاولات للتطبيع
الشعبى منذ ذلك الحين.
·
22 مايو 2018 ـ زيارة سرية اخرى لنتنياهو
الى مصر خبر أذاعته القناة العاشرة الاسرائيلية بعد الزيارة بثلاثة شهور، وأكده
وزير المالية الصهيونى "موشيه كحلون" عن قيام نتنياهو بزيارة سرية الى
مصر للاجتماع مع عبد الفتاح السيسى يوم الثلاثاء 22 مايو 2018.
· 14
يناير 2019 ـ تأسس فى مصر
منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF) الذى يضم (اسرائيل) ومصر مع دول اخرى بحضور
وزير الطاقة الاسرائيلى.
·
ناهيك على ما يردده نتنياهو كثيرا من ان هناك علاقات
ومصالح وتحالفات استراتيجية بينه وبين مصر ودول عربية كبرى، فى مواجهة المخاطر
والتهديدات المشتركة.
·
والقائمة تطول.
***
·
ولكن قبل ذلك
وبعده تأتى حالة التبعية والقيود التى تم فرضها على مصر منذ ما يزيد عن 40 عاما فى
اتفاقيات كامب ديفيد، التى لا يعدو عبد الفتاح السيسى ان يكون أحد رجالها
المخلصين.
·
وهى الاتفاقيات
التى تشكلت فى مواجهتها حينذاك، حركة معارضة ومقاومة وطنية شديدة القوة والتأثير،
قبل أن تتفكك وتنزوى وتتفرق قواها فى معارك وأجندات أخرى. وهذا هو مربط
الفرس.
*****
محمد سيف الدولة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق