بحث فى المدونة

السبت، 9 يونيو 2018

الاستعباد الاقتصادي فى صورة فوتوغرافية



الاستعباد الاقتصادي فى صورة فوتوغرافية
محمد سيف الدولة


 حين تعبر صورة فتوغرافية اصدق تعبير عن الاستعباد الاقتصادى لشعوب العالم الثالث، الذى تقوم به القوى الراسمالية العالمية عبر مؤسسات الاقراض الدولى.
***
يصف "جوزيف ستيغلتز" فى كتابه "خيبات العولمة" هذا المشهد الذى عاصره حين كان فيه نائبا لرئيس البنك الدولى فيقول:
((يمكن لصورة ان تعادل آلاف الكلمات، وصورة واحدة التقطت فى عام 1998 ظهرت عبر العالم وانحفرت فى عقول الملايين، ولا سيما اولئك فى المستعمرات السابقة: ميشيل كامديسوس michel camdessus مدير صندوق النقد...، بيروقراطى سابق فى الخزينة الفرنسية...، قصير وحسن الهندام، يقف بوجه صارم متصالب الذراعين امام الرئيس الاندونيسى الجالس باذلال. أُكره الرئيس المنحوس، فى الواقع، على تسليم السيادة الاقتصادية لبلده لصندوق النقد مقابل ما تحتاجه بلاده من مساعدات. لم تستخدم معظم الأموال، لسخرية الامر، لمساعدة الشعب الاندونيسى، بل لتقديم كفالة لدائنى القطاع الخاص من القوى الاستعمارية.)) كان الاحتفال رسميا لتوقيع رسالة تفاهم، املاها صندوق النقد وهو يصر رغم ذلك على الابقاء على الظاهر ان الحكومة هى التى قدمت رسالة حسن نوايا. (من كتاب المال ضد الشعوب ـ ايريك توسان)
***
هكذا يفعلون معنا فى مصر والأردن وباقى بلدان العالم الفقيرة.
الاستسلام والانحناء والخضوع واحد، سواء فى اندونسيا او فى بلادنا. تتغير الوجوه والحكومات ويتغير الرؤساء والملوك، ولكن فلسفة وأسس وأدوات وضغوط الاستعباد المالى والاقتصادى واحدة، والروشتات والتعليمات وخطابات النوايا واحدة، والنتائج الكارثية واحدة:
تبعية كاملة، قروض وديون لا تنتهي، نهب خارجى للموارد، استئثار طبقى للثروات، تفشى الفقر، ضرب الصناعات الوطنية، خصخصة الشركات العامة، ضرب العملات الوطنية، غلاء الأسعار، تدنى الاجور، انتشار البطالة، تدنى الخدمات الرئيسية. وكله فى حماية ورعاية الفساد والاستبداد السياسى.
فساد يفقرنا وينخر فى عظامنا، واستبداد يتجبر علينا ويكمم أفواهنا، بينما يرفع الرايات البيضاء أمام مؤسسات الاقراض الدولى ومن تمثله فى نادى باريس والدول الرأسمالية الاستعمارية الكبرى.
***
كم سوهارتو فى بلادنا؟
كان سوهارتو رئيسا فاسدا ومستبدا، حكم اندونسيا 32 عاما، وتسبب فى مقتل ما يقرب من مليون شخص من المعارضة وفقا لتقارير الأمم المتحدة وجماعات حقوق الانسان، وقدرت ثروته بحوالى 15 مليار دولار، وثروة اسرته بحوالى 75 مليار دولار وفقا لمجلة تايم الامريكية.
ولقد سقط سوهارتو فى 21 مايو 1998، فى ذات العام الذى وقع فيه خطاب النوايا لصندوق النقد الدولى، بعد انتفاضة شعبية عنيفة انفجرت بسبب الازمة الاقتصادية الحادة التى ضربت اندونسيا وادت الى غلاء الاسعار وانهيار العملة وتفشى البطالة وتدهور حاد فى معيشة عشرات الملايين.
*****
القاهرة فى 9 يونيو 2018

ليست هناك تعليقات: