ان حديث الرئيس الأمريكى عن وهب هضبة الجولان المحتلة الى (اسرائيل)،
هو حديث وقح ينم عن جهل عميق، ناهيك على كونه باطلا ومتخلفا وخطيرا وارهابيا ويستوجب
ردا عربيا عنيفا خاصة من مصر وسوريا.
***
·
أما انه كلاما وقحا
فلأنه يحمل استخفافا واحتقارا لكافة الشعوب العربية، وينصب نفسه إلهاً للعالم
وللبشرية يهب الأرض لمن يشاء وينزعها عمن يشاء.
***
·
وهى رسالة تستوجب الرد من كافة الدول الحرة والمستقلة فى
العالم، وعلى راسها روسيا/بوتين، التى اذا صمتت هذه المرة أيضا، فانها سترسل إشارة
لشعوب المنطقة بان ليس لا وزنا او قيمة وان كل من يراهن عليها او يتحالف معها او
ينضم الى محورها هو خاسر لا محالة، وانه لا بديل عن الانضواء تحت جناح الولايات
المتحدة.
***
·
وهو ينم عن جهل عميق، لان الشعوب تستقر على اوطانها وتختص بها دون سواها من الشعوب
الأخرى او من القوى الاستعمارية، عبر قرون طويلة من الصراع والنضال والتضحيات، فلا
يستطيع هذا الأحمق أو غيره أن يأتى فى يوم وليلة ويأمر بانتزاعها من اصحابها وبمنحها
لغيرهم حتى لو كان رئيس الولايات المتحدة الامريكية.
·
وما أكثر الحمقى من قادة الاستعمار الغربى الذين تصورا على مر
التاريخ ان بمقدورهم سلبنا اوطاننا، وفى النهاية ذهبوا الى الجحيم.
***
·
أما انه باطلا فلأنه
ينتهك ميثاق الامم المتحدة الذى ينص فى مادته الأولى على امتناع الدول ((عن التهديد باستعمال
القوة او استخدامها ضد سلامة الاراضى او الاستقلال السياسى لاية دولة))، كما انه ينتهك
عشرات القرارات للأمم المتحدة على رأسها القرار 242 الذى ينص على ضرورة انسحاب
اسرائيل من الاراضى التى احتلتها عام 1967، وكذلك القرار رقم 497 لسنة 1981.
القاضى ببطلان القرار الذي اتخذته إسرائيل بفرض قوانينها وولايتها القضائيّـة
وإدارتها على الجولان السوري المحتل، وعلى اعتباره لاغيّاً وليست له أيّة شرعيّة
دولية.
***
·
اما انه رجعيا ومتخلفا فلأنه يعود بنا مرة أخرى الى العصور الوسطى، الى مبدأ "حق
الفتح" او حق الاحتلال لمن استطاع اليه سبيلا، وهو المبدأ الذى قررت البشرية
بعد الحرب العالمية الاولى الغاءه وتجريمه واستبداله بمبدأ حق تقرير المصير.
***
·
اما انه خطيرا فلأنه يمثل تهديدا حالا
ومستقبليا لكل اوطاننا واراضينا العربية، فما الذى يمنع (اسرائيل) فى ظل موازين
القوى الحالية وحالة الضعف والاستسلام والتبعية العربية الرسمية، ان تسعى لاحتلال
أو اعادة احتلال مزيد من الاراضى العربية حتى من تلك التى وقعت معها معاهدات سلام،
بعد أن ضمنت أن الولايات المتحدة الامريكية ستمنحها حق السيادة عليها والاحتفاظ
بها.
·
وهو
ما يستوجب موقفا حازما من باب التغيير من الدول العربية الكبرى والرئيسية فى
المنطقة وعلى رأسهم "مصر"؛ موقفا لا يكتفى بالبيانات الرسمية، وانما
يتخطاها الى التلويح باتخاذ سياسات واجراءات وترتيبات جديدة تهدد المصالح
الامريكية فى مصر وفى المنطقة.
·
أن المصريين وكل الشعوب العربية، تتساءل متى ستنسحب انظمتها
الحاكمة من علاقات التبعية مع الولايات المتحدة وتهددها بالاضرار بمصالحها اذا لم
تكف عن العدوان على الحقوق العربية، ومتى ستعترف مصر والاردن والسلطة الفلسطينية
بكارثية مسار السلام مع العدو الصهيونى، وتثوب لرشدها وتراجع نفسها وتقطع علاقاتها معه؟ اذا لم يكن بعد الشروع
فى الاستيلاء على القدس والمسجد الاقصى وما تبقى من الضفة الغربية وعلى الجولان،
فمتى؟
·
كما أن الراى العام العربى، لا يمكنه أن يمنع نفسه من المقارنة
بين ظاهرة انطلاق واستمرار المقاومة الفلسطينية واللبنانية فى مواجهة الاحتلال لعقود طويلة، وبين
ضعف او غياب اى مقاومة سورية لاحتلال الجولان على امتداد ما يقرب من 40 عاما!
***
·
أما انه ارهابيا، فلأنه يرتكب ما
اجمعت كل مواثيق وقوانين مكافحة الارهاب على تجريمه وهو التلويح بالقوة والتفوق
العسكرى الامريكى لارهاب وتهديد الدول والشعوب والعدوان على حقوقها والاستيلاء على
اراضيها تحقيقا للاهداف والمصالح غير المشروعة للولايات المتحدة وحلفائها. فوفقا لتعريف المحكمة الجنائية الدولية للارهاب فانه ((استخدام القوة أو
التهديد بها من أجل إحداث تغيير سياسي، أو القتل المتعمَّد والمنظم للمدنيين أو
تهديدهم به لخلق جو من الرعب والإهانة للأشخاص الابرياء من أجل كسب سياسي، أو
الاستخدام غير القانوني للعنف ضد الأشخاص والممتلكات لإجبار المدنيين أو حكومتهم
للإذعان لأهداف سياسية.))
***
·
ان
ملايين من الشباب العربى سترى فى مثل هذه القرارات عدوانا يستوجب الحرب والقتال، وحين
سترى بدلا من ذلك استسلاما وخضوعا عربيا رسميا كاملا وقبولا بالأمر الواقع وبالاعتداءات
الأمريكية والاسرائيلية واحدا تلو الآخر، فان منهم من سيقرر ان يقاتل ويخوض الحرب
ضد امريكا منفردا، وسيبحث عن سبل لتوجيه ضربات موجعة لها ولمصالحها ولحلفائها،
لنكون بصدد اعادة تصنيع وتحريض وانتاج ما تسميه امريكا ومجتمعها الدولى بالتطرف
والعنف والارهاب.
***
·
فاحذروا،
غضب الشعوب، واياكم ان تتوهموا أن الأمة قد ماتت. وتذكروا ان الضربة العنيفة التى
تلقاها الشرف العربى والكرامة العربية عام ٢٠٠٣ فى غزو العراق، كان لها الدور
الاكبر فى ظهور حركات معارضة اكثر جذرية وأكثر جدية أدت فى النهاية الى تفجر
الثورات العربية ضد عديد من الانظمة العربية.
*****
محمد سيف الدولة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق