بحث فى المدونة

الثلاثاء، 16 أبريل 2019

تنظيم الناس



كتبت هذه الدعوة يوم 14 فبراير 2011 بعد رحيل مبارك بثلاثة ايام، آملا فى اشراك جموع الشعب المصرى فى معارك الثورة وتحدياتها، حتى يدركون بانها قامت من اجلهم لتلبية مطالبهم وسد احتياجاتهم. مع تحصينها بهم، من أجل ان يدافعوا عنها ويتصدوا لحمايتها اذا حانت الساعة. ولكننا للأسف انشغلنا عن الناس بأنفسنا، فانصرفوا عنا وعن الثورة ووقفوا عن بعد يشاهدون ذبحها فى وضح النهار، دون أن ينبسوا ببنت شفة.
واليوم اوجه ذات الدعوة للاخوة فى السودان والجزائر وكذلك للاخوة فى تونس الذين لا تزال ثورتهم فى الميدان عصية على الاجهاض والحمد لله.
***
هذه دعوة الى كل الناس .. أن يبدأوا على الفور فى بناء وتأسيس لجان ومجالس شعبية لإدارة ثورتهم وترجمتها الى سيادة شعبية فعلية على ارض الواقع.
انها ذات الفكرة التى أبدعوها بأنفسهم بشكل عفوي وتلقائى اثناء الثورة وحققوا بها نجاحات مبهرة.
سواء فى اللجان الشعبية لحفظ الأمن، او فى إدارة ميدان التحرير فى أوقات الهدوء او العدوان.
والآن يتوجب تعميمها فى كل مكان وفى كل مجال. 
***
وهناك تنظيمات قائمة بالفعل مثل المحليات والنقابات المهنية والعمالية والجمعيات الأهلية وتشكيلات سياسية وجبهوية متنوعة.
وهذه يمكننا ان نطهرها ونُفَّعل أدوارها، ونعيد تأسيسها على أسس شعبية مستقلة، لكي تشارك فى عملية البناء المشترك للنظام الجديد الذى نريده.
***
ولكن الغالبية من التنظيمات الشعبية المطلوبة لا توجد بعد، فيتوجب علينا إنشاءها وتأسيسها من الصفر، وهى على سبيل المثال وليس الحصر:
·       لجان شعبية للشوارع والأحياء والقرى، ليس فقط في مجال حفظ الأمن وإنما في كل المجالات.
·       مجالس شعبية لعمال المصانع.
·       اتحادات للفلاحين.  
·       نقابات مستقلة لكل من ليس له نقابة.
·       لجان لمكافحة الظلم والفساد والاستبداد في كل المؤسسات الحكومية والعامة والخاصة.
·       وفى المساجد، يجب ان نعيد لصلاة الجمعة وخطبتها دورها الأصيل كمؤتمر جماهيرى اسبوعى يلتقي فيه المصلون بصفتهم مواطنون أو جيران يتشاورون فى شئونهم المشتركة.
ونفس الأمر ينطبق على الكنائس في أيام الآحاد وغيرها.
وبعد أداء الصلاة نقوم باستضافة بعضنا بعضا، مرة فى هذا المسجد ومرة فى تلك الكنيسة.
·       ويمكننا ان نحول مراكز الشباب المنتشرة على امتداد الجمهورية الى مؤسسات شعبية تضم كل الشباب والاهالى فى الأحياء والقرى المختلفة.
·       والطلاب فى الجامعات وفى المدارس، من السهل ان ينظموا أنفسهم من خلال اتحاداتهم المستقلة، ومن خلال اى لجان او تشكيلات نوعية يرغبون فيها، خاصة بعد سقوط حرس الجامعة، وتحررنا جميعا من اعتداءات أجهزة الأمن وجبروته.
وغيرها الكثير والكثير.
***
بحيث فى النهاية يكون كل مواطن فى البلاد عضوا فى كيان شعبى منظم ومستقل، له رأى فيما يدور حوله، وفيما يجب أن يتم.
ولا يهم بعد ذلك الأسماء التي نطلقها عليها: لجان، مجالس، جمعيات، اتحادات، نقابات ..
المهم ان تكون شعبية.
***
وستكون مهمة هذه التنظيمات الشعبية كثيرة ومتنوعة، منها على سبيل المثال:
·       الحفاظ على زخم الثورة وتواصلها، فمن الخطورة بمكان ان نترك جماهير الثورة تعود لمنازلها، لتراقب فى صمت تطور الأحداث، وتنتظر الفرج. وان نتركها بلا مهمات يومية تنمى من وعيها وتحافظ على روحها الثورية، وتثبت من عزائمها.
·       المشاركة الشعبية الكاملة فى الحفاظ على منجزات الثورة، والمشاركة فى استكمال مهامها ومطالبها، والرقابة على مجريات الأمور فى الفترة الانتقالية وما بعدها.
·       تحويل قوة الشعب العفوية والتلقائية الى قوى منظمة دائمة جاهزة ومستعدة.
·       تنظيم وإدارة وبلورة الحوار المجتمعي داخل كل وحدة شعبية حول الاحتياجات والمشكلات المشتركة للناس والحلول المقترحة وطرق وأدوات التنفيذ
·       ثم تنظيم وإدارة وتطوير وتصعيد ذات الحوار بين كل الوحدات الشعبية وبعضها البعض.
·       تكوين مرجعية شعبية حقيقية لكل السياسات والقرارات الجديدة.
·       بالاضافة الى انها ستكون فرصة لإعادة اللحمة بين القيادات الطبيعية والسياسية وبين الجماهير، بعد عصور من المنع والحظر والتجريم.
·       وفرصة أيضا لتوظيف كل الطاقات والإمكانيات فى مكانها الطبيعى بين الجماهير، بدلا من تبديدها في حوارات نخبوية لا طائل ورائها. 
***
ولن تكون هذه التنظيمات الشعبية بديلا عن القوى السياسية وجهودها الضرورية الدائرة الآن على قدم وساق، لصياغة وإدارة ورقابة المرحلة الانتقالية
بل ستكون بوصلة لها فيما تتخذه من مواقف وسياسات، وظهرا وحصنا لها فى مواجهة أى انحرافات او التفافات.
***
كما انه بسقوط النظام المستبد، قد سقطت معه كل القوانين المكبلة والمقيدة للحريات، التي كانت تحرم وتجرم حق الناس في الاجتماع والتنظيم.
كانت تحرمها علينا، وتتيحها بأوسع السبل لأنصار النظام الساقط من الحكام والساسة ورجال الأعمال.
وهو ما تسبب فى خلل كبير فى موازين القوى، وفى تأخر ثورتنا ثلاثة عقود كاملة
***
والآن بعد ان استعدنا حريتنا، يجب أن تكون مهمتنا الأولى هو بناء تنظيماتنا الشعبية المستقلة، فى كل شبر من أرض مصر.
وبدون ذلك، فان كل ما حققناه حتى الآن وكل ما يمكن ان نحققه، يمكن ان يسرق منا فى لحظات.
والله ولى التوفيق.
*****

محمد سيف الدولة 

ليست هناك تعليقات: