بحث فى المدونة

الأحد، 11 نوفمبر 2012

لماذا ينجح الأشرار فى سيناء ؟


لماذا ينجح الأشرار فى سيناء ؟
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
لماذا ينجح الاشرار فى سيناء فقط دون غيرها ؟ فرغم ان حالة الانفلات الامنى شملت مصر كلها بعد الثورة ، الا ان سيناء هى المحافظة الوحيدة التى سقط فيها كل هذا العدد من شهداء الشرطة والجيش.
***
ان ما حدث فى سيناء في الأيام الماضية هو تكرار لكل ما كان يحدث فيها ولها على امتداد سنوات طويلة ، وبالأخص بعد الثورة : بدءا باستشهاد للجنود المصريين فى أغسطس 2011 ثم فى أغسطس 2012 بالإضافة إلى قتل مواطنين عزل و رجال شرطة ، وخطف وقطع طرق ، وتجارة مخدرات وأعضاء بشرية وتهريب سلاح ، واستشهاد جنود الأمن المركزي في حادث السيارة الشهير ، والاعتداءات على مديرية امن العريش ...الخ
كلها أعراض جانبية لمرض واحد مزمن وقديم الجميع يعلمونه ويتحاشون ذكره ، هو القيود العسكرية والأمنية المفروضة علينا فى معاهدة السلام والتي تحول دون انتشار قواتنا المسلحة على كامل التراب الوطني فى سيناء .
فهذه الأحداث لا يمكن ان تحدث مجتمعة وبهذا الكثافة فى اى بقعة من مصر الا فى سيناء ، لأنها الجزء الوحيد من وطننا المكبل بهذه القيود والمجروحة سيادته .
فلدينا محافظات حدودية كبيرة اخرى تتشابه فى بيئتها مع سيناء مثل محافظة البحر الأحمر والوادى الجديد ومرسى مطروح وكلها ذات طبيعة جبلية وصحراوية وذات تركيبة قبلية هى الأخرى ، وسكانها يعانون مثل اهل سيناء من مشاكل التهميش وقلة الخدمات واهمال الدولة
ولكن رغم هذا التشابه فان اى منها لم يشهد مثل هذه الجرائم والحوادث والاعتداءات المستمرة ، وان حدث مثلها فسرعان ما يتم التصدى لها والتعامل معها والقضاء عليها .
وكلنا يتذكر حادث خطف 19 من السياح الأجانب والمصريين فى المثلث الحدودي بين مصر والسودان وليبيا فى منطقة وادى الجلف الكبير بالصحراء الغربية عام 2008 اثناء قيامهم برحلة سفارى نظمتها احد شركات السياحة المصرية ، وكيف نجحت الدولة فى تحريرهم بدون دفع اى فدية ، بعد ان هددت كما تسرب وقتها بشن حملة ابادة جوية لجماعات الخاطفين .
اذا السؤال هو لماذا ننجح هناك ونفشل فى سيناء ؟
 والاجابة واضحة وبسيطة ومعروفة و هى ان سيناء منقوصة السيادة عسكريا وأمنيا
وما لم نعترف ان هذا هو السبب الحقيقى وما عداه مجرد أعراض وآثار ، فإننا لن ننجح ابدا فى فرض الاستقرار هناك .
ان كل ما يحدث هناك هو نتاج المعاهدة الظالمة ، حتى حادث سيارة الأمن المركزي الذى سقطت من ارتفاع كبير من على احد المنحنيات الصعبة فى سيناء وراح ضحيتها 22 جندى مصري ، نقول ان  هذا الحادث هو الآخر من آثار كامب ديفيد التى حرمت قواتنا من التواجد فى سيناء  والتدريب على أرضها والتعرف والالمام بتضاريسها ودروبها ومسالكها ومواطن الخطر والأمان فيها .
كثيرون تكلموا فى الايام الماضية عن التجاوزات الامنية وعن تهميش سيناء واهمالها وعن انعدام خطط التنمية ، وكلها حقائق ثابتة، ولكن السؤال ما الذى يقف وراء ذلك ؟
والإجابة معلومة : يقف وراءها  خوف رسمي وشعبي من التنمية بدون حماية مسلحة .
ويقف وراءها انتهاكات و تجاوزات امنية مصدرها الخوف وعجز الإمكانيات والتسليح التى يتم تعويضهما باستخدام العنف المفرط مع الاهالى من بعض العناصر الأمنية .
ويقف وراءها شكوك دائمة من أعمال الاختراق والتجسس الإسرائيلية .
ويقف وراءها شعور بضعف هيبة الدولة هناك مما يشجع البعض على تحديها وفرض هيبات و شرعيات أخرى قبلية او دينية او إجرامية او خارجية  .
***
وأخيرا فانه لا أمل فى إيقاف نزيف القتلى والشهداء والإجرام والإرهاب والتجسس والتهديد ، مرة واحدة والى الأبد ، الا باسترداد كامل السيادة المصرية على سيناء من خلال التحرر من كافة القيود العسكرية والامنية المفروضة علينا بموجب المعاهدة .
*****

السبت، 3 نوفمبر 2012

كامب ديفيد ليست المصدر الرئيسى للتشريع


كامب ديفيد ليست المصدر الرئيسى للتشريع
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
نقلت لنا وكالات الانباء ما دار فى زيارة الرئيس الامريكى الاسبق كارتر الى المستشار الغريانى فى مجلس الشورى ، وسؤاله له عن وضع معاهدة السلام مع (اسرائيل) فى الدستور الجديد ، ورد الغريانى بان هذا ليس محله الدستور ولكنه استطرد مطمئنا كارتر انه ((لن تجرؤ اى حكومة قادمة على مخالفة الالتزام بالمعاهدة))
***
ان كارتر حين يسأل مثل هذا السؤال الغريب حول موقع معاهدة السلام من الدستور ، فانه يؤكد ما ذهبنا اليه من قبل من انهم يريدون ان تكون كامب ديفيد هى المصدر الرئيسى للتشريع . وهى لن تكون كذلك ابدا فهى ليست قرآنا ولا انجيلا
كما ان الدول المحترمة والشعوب الحرة لا يجب ان تعامل هكذا .
كما اننى لم ارتح ابدا الى الرد الذي نسبته وكالات الأنباء الى المستشار الجليل حسام الغريانى ، الذى ورد فيه انه (لن تجرؤ اى حكومة على مخالفة الالتزام بالمعاهدة) ، لانه ان صح ،  فان فيه مصادرة على حق أصيل للشعب المصرى فى ان يصنع مستقبله وفقا  لمصلحته وامنه القومى وسيادته الوطنية الكاملة ، كما ان وصف الحكومات المصرية "بعدم الجرأة" ، فيه جرح للكرامة الوطنية ، خاصة ان صدر امام شخصيات او جهات اجنبية .
***
وكنت اتمنى ان يكون رد المستشار الغريانى على سؤال كارتر بسؤال آخر هو:  متى ستكفون (سيادة الرئيس) عن التدخل فى شئوننا والتفتيش فى نوايانا ؟ وهل تسمحون فى الولايات المتحدة بان تملى عليكم الشعوب الاخرى سياساتكم ومواقفكم ؟
كما اننى كنت اتوقع ان يتحرج السيد كارتر من طرح مثل هذا السؤال بصفته اعلم الناس بحجم الظلم والاجحاف الذى وقع على مصر فى هذه المعاهدة التى تمت تحت رعايته وضغوطه ، الى الدرجة التى صرح بها لحديثه مع جريدة الأهرام منذ بضعة ايام بأن الرئيس السادات فى هذه المعاهدة كان كريما جدا بقبوله بقاء المعدات الثقيلة المصرية خارج سيناء . والرئيس كارتر يعلم جيدا ان مسائل الامن والسيادة القومية ليست محلا للكرم والتنازل .
***
كما انه قد آن الأوان أن يعلم الجميع أن لدى الشعب المصري حساسية كبيرة من كل محاولات التدخل الخارجي فى شئونهم الوطنية ومحاولة التأثير فيها والضغط عليها
وان يدركوا ان احد الأسباب الرئيسية التي أدت الى إسقاط مبارك كان تهاونه الشديد أمام النفوذ الاجنبى فى مصر الذي وصل إلى حد التبعية
وان المصريين أصبحوا ينزعجون بشدة من تكرار هذا الاستجواب المهين حول كامب ديفيد  من كل الوفود الأمريكية والأوروبية  ، والذي يوجهونه الى الجميع وفى كل المؤسسات التنفيذية والتشريعية ولكل الاحزاب السياسية وكأن ليس لهم موضوع غيره . وكانهم يجرون لنا كشف هيئة لإعطائنا البركة او حجبها عنا
وان كان السيد كارتر وأصدقائه يريدون اجابة حقيقية فلا يجب ان يتوجهوا بها الى اى مسئول فى مصر ، بل فقط عليهم ان يتابعوا الراى العام الشعبى والسياسى فى مصر ، فعندئذ سيكتشفون ان هناك اجماع وطنى فى مصر على ضرورة التحرر من القيود المفروضة على السيادة المصرية فى المعاهدة وبالتحديد فى المادة الرابعة منها وملحقها الامنى .
*****
القاهرة فى 3 نوفمبر 2012

الأحد، 16 سبتمبر 2012

عن الفيلم والبيئة الحاضنة للعنصرية

كل هذه العنصرية ؟


كل هذه العنصرية ؟
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
لا يمثل الفيلم المسىء للرسول عيه الصلاة والسلام الا عدوان عنصري وطائفي جديد على شعوبنا ومقدساتنا وكرامتنا الوطنية .
سبقه بعدة أيام عدوان كبير ومهين آخر ، حين اكد الرئيس الامريكى اوباما اعتراف الحزب الديمقراطى الامريكى بالقدس عاصمة لاسرائيل بالمخالفة لكل الحقائق التاريخية و المواثيق الدولية . وكأنها سلعة رخيصة فى سوق ومزاد الانتخابات الرئاسية الامريكية .
ومنذ عقود طويلة لم ينقطع العدوان بكل صوره واشكاله بدءا بدعم نظام مبارك واحتلال افغانستان والعراق و جرائم سجن ابو غريب ، ودعم الاحتلال الصهيوني وجرائمه و التمثيل بجثث المواطنين الافعان والتبول على جثثهم  و استهداف كل ما هو عربى او اسلامى بعد 11 سبتمبر 2001 التى مازالت محل ريبة وشك الى يومنا هذا...
 الى آخر التحقير الدائم لكل خلق الله فى افلامهم السينمائية ومنابرهم الاعلامية ، التى صنعت لكل منا صورة كاريكاتيرية ساخرة مثل المصرى البدائى عند الاهرامات ، والعربى والجمل فى الصحراء، والاسيوى الابله ، والافريقى المتخلف ....الخ . ليظل الغرب هو الجنس الارقى والاعلى الوحيد ، تمهيدا وتبريرا بطبيعة الحال لحقه المقدس فى السيادة على الجميع و استعمار واستعباد كل بلاد العالم .
انها ذات النظرة العنصرية الاستعلائية التى سادت منذ عدة قرون ، لم تتغير ، الا فى طريقة تناولها وتقديمها بشكل يتناسب مع ظروف كل عصر :
فمنذ ما يقرب من مائة عام ، كتب اللورد كرومر المندوب السامى البريطانى واصفا مصر والمصريين والعرب والمسلمين وكل شعوب الشرق : (( ان الدقة كريهة بالنسبة للعقل الشرقى .. والافتقار الى الدقة ، الذى يتحلل بالسهولة ليصبح  انعداما للحقيقة، هو فى الواقع الخصيصة الرئيسية للعقل الشرقى .)) أما (( الاوروبى ذو محاكمة عقلية دقيقة ؛ وتقريره للحقائق خالي من أى التباس؛ و هو منطقى مطبوع، رغم انه قد لا يكون قد درس المنطق؛ وهو بطبيعته شاك (يشك) ويتطلب البرهان قبل ان يستطيع قبول حقيقة أى مقولة؛ ويعمل ذكاؤه المدرب مثل آلة ميكانيكية. أما عقل الشرقى فهو، على النقيض، مثل شوارع مدنه الجميلة صوريا، يفتقر بشكل بارز الى التناظر. ومحاكمته العقلية من طبيعة مهلهلة الى أقصى درجة.
اما لورنس "العرب" فكتب فى مذكراته ما يلى (( كان فى نيتى ان اصنع امة جديدة، ان أعيد الى الوجود نفوذا ضائعاً، ان امنح عشرين مليونا من الساميين الأساس الذى يمكن ان يبنوا عليه من فكرهم القومى قصر أحلام ملهما. ولم تكن جميع الأقاليم الخاضعة للإمبراطورية لتساوى لدى صبيا انجليزا واحدا ميتا...))
ولقد انتقد جون هوبسون فى كتابه "الجذورة الشرقية للحضارة الغربية" نظرة الغرب الاستعلائية عن الشرق وباقى شعوب الارض ، وكيف يضعهم فى مكانة متدينة تبرر استعماره واستعباده لهم : فالعقل الغربى يرى نفسه : ديناميكى وعقلانى وعلمى ومبدع ومنضبط ومنظم وعاقل وحساس وعقلانى ومستقل وعلمى وابوى وحر وديمقراطى ومتسامح وامين ومتحضر ومتقدم معنويا واقتصاديا ...الخ
بينما الشرق وثنى مراهق نسوى منحط اعتمادى لا مبال متخلف وجاهل ، سلبي لاعقلانى مؤمن بالخرافات والطقوس ، كسول مشوش غريب الاطوار فطرى أحمق عاطفى ذو توجه جسدى غريب ومنطو ، طفولى وتابع وغير عملى ومُستَعبد ومستبد وغير متسامح وفاسد ومتوحش وغير متمدن ومتاخر معنويا وراكد اقتصاديا .
***
وهكذا يجب ان ندرك ان جريمة الفيلم الاخيرة ليست سوى امتداد لثقافة عنصرية حكمت علاقة الغرب الاستعمارى بباقى العالم على امتداد قرون طويلة ، وكنا نتصور انها انقرضت وزالت مع انتشار افكار المساواة وحقوق الانسان التى يملأون بها العالم ضجيجا كل يوم .
وهى ليست مجرد ثقافة وافكار ، بل هى مصحوبة باعتداءات عسكرية استعمارية لا تتوقف ، على سيادة الأمم والشعوب وكرامتها الوطنية ومقدساتها الدينية .
وحين نواجه هذا العدوان والعنصرية بالرفض والغضب ، يشنون علينا حملات تشويه باننا لسنا متحضرين واننا متطرفين ومتشددين .
فرغم ان كافة التيارات السياسية بكل رموزها رفضت وادانت ، فى الازمة الاخيرة ، وعن حق وبصدق ، كل مظاهر العنف والقتل والايذاء التى تخللت المظاهرات السلمية ، الا اننا فوجئنا ان المنابر الاعلامية الامريكية والغربية بل وعديد من المصرية والعربية ، غيرت اهدافها و بوصلتها من التركيز على ادانة الفعل المسىء والجارح لكبريائنا الوطنى والدينى الى التركيز على ادانة ردود الفعل الغاضبة . فتركوا الفعل الاصلى وركزوا على رد الفعل ، على غرار ما كان يحدث معنا على الدوام ، مع كل احتلال او عدوان جديد فى مصر او فلسطين او لبنان او العراق او غيرها ، لنصبح نحن فى النهاية المعتدون المتخلفون الارهابيون ...الخ
ان مظاهرات الغضب ستنفض وتنصرف خلال ساعات او ايام قليلة ، ولكن ما يجب ان يتبقى من الازمة هو العمل على عدم تكرارها مرة اخرى ، العمل على عدم تكرار الاساءة والعدوان والعنف بكافة اشكاله ، مع افشال الهدف الاصلى الساعى الى شق الوحدة الوطنية المصرية ، مع ابلاغ رسالة واضحة الى الجميع ان مصر قد تغيرت وان الراى العام الشعبى بكل تنوعياته ومرجعياته قد اصبح طرفا اصيلا وفاعلا فى بناء كل السياسات والخيارات القائمة والقادمة ، وانه لن يقبل احدا بعد الآن ، بعد الثورة ، اى مساس بكرامته الوطنية او بمعتقداته الدينية ، اسلامية كانت او مسيحية .
*****
القاهرة فى 15 سبتمبر 2012





الثلاثاء، 11 سبتمبر 2012

قروض فديون فاحتلال


من دفاترنا القديمة 
قروض فديون فاحتلال
محمد سيف الدولة

تخبرنا كتب التاريخ انه بعد قيام قوات التحالف الاوروبى بقيادة بريطانيا بالعدوان على جيوش محمد على وهزيمتها واكراهه على توقيع  معاهدة ( كامب ديفيد الأولى ) المشهورة باسم معاهدة لندن 1840والتى نصت على انسحاب الجيوش المصرية من الشام والجزيرة العربية وغيرها ما عدا مصر والسودان ، وتخفيض الجيش المصرى الى 18 ألف جندي فقط ..
نقول بعد ذلك ، بدأت فورا قصة الاستغلال المالي لمصر التى انتهت باحتلالها عام 1882 ، ذلك الاحتلال الذى استمر 74 عاما ، وفيما يلى ملخص الحكاية التى يجب ان نتعظ منها ونحفظها عن ظهر قلب :
·       فى 1838 وقعت تركيا مع انجلترا معاهدة تجارية تعطى امتيازات كبرى للانجليز ، وفى 1842 تم تطبيق هذه المعاهدة على مصر وبموجبها حرمت صناعتنا الوطنية من الحماية الجمركية وكان هذا هو المسمار الاول فى نعش الاستقلال الوطنى
·       وفى 1851 اعطى عباس باشا للانجليز امتياز مد السكك الحديد فى مصر
·       وفى 30 نوفمبر 1854 أعطى سعيد للفرنسيين امتياز شق قناة السويس
·       ثم قام سعيد بعقد اول قرض اجنبى تجاوز 6 ملايين جنيه استرلينى حين اصدر سندات على الخزينة بيعت فى البورصات الاوروبية لانه لم يكن من حق مصر فى ذلك الوقت حق عقد قروض خارجية دون موافقة الباب العالى  .
·       وفى عام 1864 اقترض اسماعيل من مصرف فروهلنغ وغوشن مبلغ مقداره 5.7 مليون جنيه استرلينى ، الا انه لم يدخل الخزينة المصرية فى الواقع سوى 4.86 مليون جنيه فقط
·       وفى 1865 عقد اسماعيل قرضاً خاصاً مع البنك الانكلوـ مصرى ، واستلم نقداً 2.75 مليون جنيه استرلينى من اصل 3.38 مليون جنيه قيمة القرض الاسمية .
·       وفى 1866 عقد اسماعيل مع مصرف فروهلنغ وغوشن قرضاً لمد سكك حديدية بضمان السكك الحديدية المصرية . ولم تستلم الخزينة المصرية الا 2.64 مليون جنيه استرلينى من المبلغ الاسمى للقرض وقدره  ثلاثة ملايين جنيه .
·       وفى 1867 عقد قرضاً " شخصياً " مع البنك الامبراطورى العثمانى ( الانكلوـ فرنسى ) ، واستلم منه 1.7 مليون فقط من اصل 2.08 مليون وهو المبلغ الإسمى للقرض .
·       وفى 1868 عقد قرضاً مع رجل الاعمال الدولى اوبنهايم بمقدار 11.89 مليون ولم تستلم مصر منه سوى 7.195 مليون جنيه.
·       فى 1870 عقد قرضاً جديداً شخصياً مع صاحبى البنوك بيشفسهايم وغولدشمدت بمبلغ 7.143 مليون ، استلم منه 5 ملايين جنيه فقط .
·       واخيراً ، وقع اسماعيل فى 11يونيو1873 اتفاقية مع اوبنهايم لمنحه قرضاً لتسديد اقساط الدين الجارى . وبلغت كمية هذا القرض الهائل 32 مليون جنيه لم تستلم منه مصر نقداً إلا 20 مليون جنيه بينما الزمت بدفع 3.5 مليون جنيه سنوياً الى اوبنهايم على شكل فوائد .
***
 وبذلك تمكنت البنوك الانكليزية خلال 11 عاماُ من ربط  مصر بدين تبلغ قيمته 68 مليون جنيه استرلينى ، دفع منه نقداً فى الحقيقة 46 مليون جنيه فقط واغتصب ما يزيد عن 20 مليون جنيه  كفرق تسعير ونفقات عمولة ، وبلغت سندات الدين الجارى لهذه السنوات 26 مليون جنيه ، دفعت عليها مصر فائضاً سنويا قدره 15% وحتى 25%.
وهكذا بلغت كمية دين مصر الخارجى الاجمالى قبيل عام 1876 اربعة وتسعون مليون جنيه استرلينى .
هذا بالاضافة الى مصر قد انفقت فعليا على مد السكك الحديدية 75 مليون فرنك بينما دفعت الى المقاولين الاجانب 325 مليون فرنك . كما دفعت الخزينة المصرية ما يربو على  2.5 مليون جنية استرلينى لشركة البناء الاوربية لغرض تشييد ميناء الاسكندرية بينما كلفته الفعلية 1.5 مليون جنيه فقط
***
اى انه فى النهاية قد نشأ فى ذمة مصر للبنوك الاوروبية دين مقداره حوالى 100 مليون جنيه ! تراكم فى اقل من ربع قرن من عام 1854 حتى 1876 ، وتبدد كالتالى :
1)   دفعت الحكومة المصرية 16 مليون جنيه على تشييد قناة السويس .
2)   تسرب الى جيوب اصحاب البنوك كـفرق تسعيرة (سعر الصرف) ونفقات عمولة وغيرها 22 مليون استرلينى لم تستلمها مصر ولكنها اضيفت الى دينها .
3)   دفعت مصر حتى عام 1876 ليس أقل من 50 مليون استرلينى كفوائد على القروض الاصلية وسندات الدين .
4)   لم ينفق فى الحقيقة سوى مبلغ يتراوح بين 5 : 6 ملايين استرلينى على تشييد منشآت تعود بالفائدة على مصر .
  وهكذا نشأ القسم الأكبر من دين الدولة المصرية نتيجة المكائد الاجرامية التى دبرتها المصارف الانجليزية والفرنسية ، ولم يستلم الشعب المصرى فى الواقع شيئاً من ذلك الدين الذى أثقل كاهله والذى أرغم على تسديده فيما بعد بثلاثة اضعاف قيمته الأصلية .
ناهيك عن القروض الداخلية كالمقابلة والروزنامة فى عامى 1871و1874
ولقد ساعدت عوامل اخرى على تفاقم هذا الاوضاع ومن ذلك انه :
·       فى عام 1863 قرر إسماعيل تحريم العمل الاجبارى فى حفر قناة السويس ، فثار خلاف حاد مع ديلسبس ، فقام الخديوي، وياللعجب ، بتفويض نابليون فى هذا الخلاف وكانت النتيجة هى الحكم على مصر بغرامة ، تبعها لجوءها إلى مزيد من الاقتراض  لسداد الغرامة
·       وكانت تركيا فى 1873 قد وافقت ، تحت الضغط الاوروبى ، على اعطاء مصر حق الاقتراض المستقل ، وهو ما تم توظيفه اسوأ توظيف .
***
وكانت النتائج الوخيمة  كما يلى :
·       فى 25 نوفمبر 1875 تم بيع اسهم مصر فى قناة السويس لبريطانيا لسداد الديون ، وكانوا 176 الف سهم ، وبيعت بـ 4 ملايين جنيه استرلينى اقترضهم رئيس وزراء بريطانيا دزرائيلى من صديقه روتشيلد.
·       فقط 4 ملايين رغم انه كلف مصر 16 مليون جنيه وأغرقها بديون بلغت 100 مليون جنيه وفوائد 300 مليون جنيه  ، وقد بلغت قيمة الأسهم المبيعة فى عام 1910 مبلغ قدره 35 مليون .
·       وفى 1875 تم إعلان إفلاس تركيا ، وهو ما انعكس على مصر فورا ، ففرضت بريطانيا عليها لجنة لفحص شئونها المالية
·       وفى 8/4/1876 توقف إسماعيل عن دفع سنداته المالية وأعلنت مصر إفلاسها
·       وفى 2/5/1876 تشكلت لجنة لمراقبة دين الخديوي من فرنسا والنمسا وايطاليا ، وقررت توحيد الدين المصري
·       وفى 1876 تشكلت لجنة ثنائية انجليزية فرنسية لمراقبة مصر ماليا
·       وفى 1878 تشكلت اول وزارة اوروبية فى تاريخنا برئاسة نوبار باشا الارمنى الاصل وثيق الصلة ببنوك لندن وباريس وكان وزير المالية فيها انجليزى ووزير الاشغال العامة فرنسى
·       ففرضت زيادة فى الضرائب على المواطنين ، وامتنعت عن دفع اجور الضباط المصريين ، ثم قامت بتسريح 2500 ضابط وتخفيض الرواتب الى النصف
·       ووضعت خطة مالية لادارة مصر عرفت باسم خطة ويلسون ، نزعت من الخديو اى صلاحيات مالية وتم منح الوزيرين الانجليزى ولسن والفرنسى دى بلينيير حق الفيتو ضد اى مشروع حكومى وكان اهم ما تضمنته الخطة هو رفع ضرائب الارض الخراجية والعشرية و الغاء القروض الداخلية من اجل القروض الخارجية
·       فغضب اسماعيل وقام فى 7/4/1879 بحل الوزارة الاوروبية وتأليف وزارة وطنية برئاسة شريف باشا التى قام بعزل عدد من الموظفين الاوروبيين وزيادة عدد الجيش الى 60 الف ووضع اول دستور لمصر
·       و فى 17مايو1879 عرض مشروع اللائحة الاساسية وقانون الانتخاب على مجلس النواب ، وفى 8 يونيو1879 وافق المجلس ووضع خطة مالية وطنية  ، فاعترضت بريطانيا وفرنسا والمانيا والنمسا على الخطة المالية
·       وقامت انجلترا وفرنسا فى 19يونيو1879بتوجيه  انذار انجليزى فرنسى لاسماعيل بالتنازل عن العرش دعمته المانيا والنمسا وروسيا وايطاليا وضغطت على السلطان عبد الحميد الذى اقال اسماعيل فى 25 يونيو ليغادر الى ايطاليا ويعين الخديوى توفيق بدلا منه .
·       وفى 4/9/1879 تم اعادة الرقابة المالية الثنائية واقالة الوزارة الوطنية ، وكلف رياض باشا بالوزارة الجديدة الذى امر بتخفيض الجيش الى 18 الف فقط ، كما تم الغاء فرمان 1873 فحرمت مصر مجددا من حق عقد قروض خارجية ، وفى يناير 1880 طبقت خطة ولسن المالية التى حددت الدين المصرى بـ 98 مليون وزادت الضرائب على الفلاحين ، وامتنعت عن دفع مرتبات الضباط بالاضافة الى ترقية الضباط الشراكسة دون المصريين ، فثار الجيش وتمت إقالة رياض وتكليف شريف باشا بالوزارة الجديدة
·       وفى 9/9/1881 قامت الثورة العرابية
·       وفى 26/12/1881 أصر مجلس النواب المصرى على حقه فى التصويت على الميزانية المصرية
·       فقامت انجلترا وفرنسا بتوجيه انذار الى مصر فى 26/12/1881 تعلنا فيه رفضهما لاى صلاحيات مصرية تخص الميزانية ، وقبل شريف باشا الانذار وغضب المجلس فاستقالت الوزارة ، وتم تعيين وزارة وطنية جديدة بقيادة البارودى وكلف عرابى بالحربية فى 5 فبراير 1882
·       وفى 5 فبراير تم نشر اللائحة الاساسية وابطال المراقبة الثنائية وإعداد قانون انتخابات جديد فثار الفلاحون ضد ملاك الاراضى وخاف الاقطاعيين من الحركة الجارية وتصاعدت الثورة ، فبعثت انجلترا وفرنسا بأساطيلها الى الاسكندرية فى 20 مايو وطلبت من الخديوى ابعاد عرابى وعلى فهمى وعبد العال واقالة وزارة البارودى فقبل الخديوى الذى هرب الى الاسكندرية فى 13 يونيو
·       وانعقد فى 23 يونيو مؤتمر للدائنين ضد مصر فى القسطنطينية من كل من فرنسا وانجلترا وروسيا والنمسا والمانيا ( مؤتمر النزاهة )
·       وفى 6يوليو وجه الأميرال سيمور انذار اول الى رئيس حامية الإسكندرية بتوقيف أعمال التحصينات ، ثم انذار ثانى فى 10 يوليو ، وبدأ قصف الاسكندرية فى 11 يوليو الذى انتهى بوقوع مصر تحت الاحتلال البريطانى لمدة 76 سنة .
·       وقام الانجليز فورا بعد استسلام عرابى بنزع سلاح الجيش المصرى وتسريحه وارغام مصر على دفع 9 مليون جنيه استرلينى تعويضا للانجليز ، وتم الغاء الرقابة الثنائية ، وتحويل مصر الى مزرعة قطن لبريطانيا .
·       وفى 1885 وقعت اتفاقية دولية لديون مصر ، وفى1888 وقعت اتفاقية القسطنطينية بشان قناة السويس من كل من فرنسا وروسيا والمانيا والنمسا والمجر وايطاليا واسبانيا وهولندا وتركيا .
***
وناضلت أجيال كثيرة من الشعب المصرى الى ان نجحت فى تحرير مصر 1954/1956 ، ولكن بعد ان كان الاستغلال الاستعماري الطويل قد أنهك مصر وتسبب فى تأخرها وتخلفها عن نظرائها ، وهو التخلف الذى لا تزال آثاره ممتدة حتى اليوم .
 ومنذ ذلك الحين ، استقر فى الضمير الوطنى المصرى ان الاقتراض هو اقصر الطرق الى التبعية .
*****
القاهرة فى 8 سبتمبر 2012