بحث فى المدونة

الأربعاء، 7 أكتوبر 2015

نحن وبشائر الانتفاضة الفلسطينية الثالثة

نحن وبشائر الانتفاضة الفلسطينية الثالثة
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

هل يتفاعل المصريون مع بشائر الانتفاضة الفلسطينية الثالثة التى طال انتظارها، كما فعلوا مع انتفاضتى 1987 و 2000، أم أن النظام المصرى سيتمكن بقبضته البوليسية الحديدية وعلاقته الحميمة مع اسرائيل من اجهاض أى محاولات من هذا النوع؟
***
لم يتخلف الشعب المصرى أبدا، عن المشاركة مع اشقائه من الشعوب العربية، عن نصرة فلسطين والتفاعل مع قضاياها، ودعم انتفاضاتها ومقاومتها.
وحتى فى أعتى سنوات كامب ديفيد، لم يتمكن النظام الحاكم فى ظل السادات أو مبارك، من ايقاف الزخم الشعبى المعادى لاسرائيل والمناصر لفلسطين.
***
ومن ناحية أخرى كان للصمود والنضال الفلسطيني فى مواجهة آلات القتل الصهيونية، بالغ الأثر فى تشكيل الحركة الوطنية المصرية بكافة تياراتها، فكان له دورا رئيسيا فى بناء وبلورة الوعى الوطنى المصرى، وترتيب الاولويات فى برامج و اجندات القوى السياسية، وكان له فضل كبير فى ضخ دماء جديدة الى الحركة الوطنية المصرية، فآلاف مؤلفة من الشباب المصرى بدأت الاهتمام بالِشأن العام والولوج الى عالم السياسة لأول مرة، من بوابة فلسطين.
***
لقد أصبح لكل جيل من أجيالنا، نضالاته ومعاركه وفاعلياته التى يعتز بها ولا ينساها ابدا، فى مضمار الصراع ضد المشروع الصهيونى منذ بدايته و ضد اسرائيل و كامب ديفيد ونظامها الحاكم فى مصر.
فلقد شاركنا فى معارك فلسطين وتوحدنا مع قضاياها منذ قرار التقسيم وحرب 1948، مرورا باعتداءات 1956 و1967، وحربى الاستنزاف و 1973. ثم معاركنا ضد قبول وقف اطلاق النار واتفاقيتى فض الاشباك الاول والثانى وزيارة القدس واتفاقيات كامب ديفيد. وكذلك فى اجتياح بيروت ومذابح صبرا وشاتيلا، وقضايا سليمان خاطر وثورة مصر. وانتفاضة الحجارة، وحرق الحرم الابراهيمى وانتفاضة الاقصى والعدوان على لبنان والاعتداءات المتكررة على غزة فى السنوات الاخير، ومعارك كثيرة أخرى.
وعلى امتداد عقود طويلة، شكلت القوى السياسية المصرية بكافة تياراتها، مئات من التجمعات والمؤسسات واللجان لدعم القضية، مثل انصار الثورة الفلسطينية، واللجان الشعبية للتضامن مع الشعب الفلسطينى، ولجنة الدفاع عن الثقافة القومية، ولجان للاغاثة وفك الحصار، ولجان للمقاطعة ومقاومة التطبيع ومناهضة الصهيونية، ولجان لنصرة المسجد الاقصى ....الخ.
وشهدت شوارع مصر وميادينها وساحات جامعاتها ومقرات احزابها وقاعات نقاباتها مئات الفاعليات من قوافل اغاثة ومظاهرات ووقفات وندوات ومؤتمرات دفاعا عن فلسطين وتصديا لاسرائيل وكامب ديفيد والتطبيع.
وكان الموقف من فلسطين ومن العدو الصهيونى ومن اتفاقيات كامب ديفيد ومن التطبيع، هو معيار الفرز الوطنى الأول بلا منازع بين كل القوى والاحزاب والحركات والشخصيات السياسية والعامة.
***
وحين تفجرت الثورة المصرية، أعطى زخمها الثورى دعما اضافيا للقضية الفلسطينية، على الأقل فى عامها الأول، بلغ ذروته بمحاصرة مقر السفارة الصهيونية فى 9 سبتمبر 2011 وإغلاقها لأول مرة منذ توقيع المعاهدة. قبل ان تضربنا جميعا جرثومة الانقسام وكل ما ترتب عليه، وعلى الأخص ما نراه اليوم من علاقات تنسيق وتآلف وتحالف غير مسبوقة بين الادارة المصرية واسرائيل، وصفتها فى مقال سابق بالعصر الذهبى للعلاقات المصرية الاسرائيلية.
***
واليوم وتحت وطأة الاجرام والجبروت (الاسرائيلى) غير المسبوق، وفى ظل تجاهل وتهميش دولى وعربى ومصرى للقضية الفلسطينية، يفاجئنا الشعب الفلسطينى مرة أخرى، ببشائر انتفاضة ثالثة، تتصدى للاحتلال وتحاصره وتكسر جبروته وتوحشه، وتفضح التنسيق الفلسطينى والعربى مع اسرائيل، وتحيى الروح الوطنية وتصحح البوصلة العربية وتعيد القضية الى مكانتها الطبيعية على رأس أولويات القضايا العربية.
·       فهل نتركه، وحيدا منفردا، فى مواجهة آلة الاحتلال والقتل والتهويد الصهيونية؟
·       هل نتواطأ مع اسرائيل والنظام الرسمى العربى، بالصمت على اجهاض انتفاضة طالما انتظرناها وحلمنا بها؟
·       هل نصبح مثل كل زبانية العالم الذين يعربدون فى اوطاننا بذريعة مكافحة الارهاب، ولا ينطقون حرفا عن جرائم (اسرائيل) أخطر كيان إرهابى فى التاريخ؟
·       هل نترك جماعة كامب ديفيد وأصدقاء اسرائيل فى مصر يواصلون تشويه وجه مصر الوطنى؟
·       هل نتذرع بعجزنا أمام الحصار السياسى والقيود الأمنية لتبرير عزوفنا عن دعم الانتفاضة؟
·       هل نضيع هذه الفرصة التاريخية، لتصحيح بوصلة الثورة المصرية، بإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية ومواجهة العدو الصهيونى والتحرر من اتفاقياتنا معه، لتكون على رأس برامجنا السياسية؟
·       وهل نضيع هذه الفرصة لإعادة فرز صفوفنا على أساس الموقف من المشروع الأمريكى الصهيونى: الموقف من التحالف مع الولايات المتحدة، ومن الاعتراف باسرائيل والتنسيق معها، ومن دعم أو حصار الشعب الفلسطينى؟ 
·       هل نقبل أن نوصم بأننا الجيل الوحيد فى التاريخ المصرى الذى خذل انتفاضة فلسطينية؟
*****

القاهرة فى 7 أكتوبر 2015

الاثنين، 5 أكتوبر 2015

لماذا تحتفل جماعة كامب ديفيد بنصر أكتوبر!

لماذا تحتفل جماعة كامب ديفيد بنصر أكتوبر!
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

ان المعادين (لاسرائيل) الذين يرفضون الاعتراف بها والصلح والتطبيع معها، وأنصار فلسطين وداعميها، هم وحدهم اصحاب الحق فى الاحتفال بالنصر على العدو فى حرب اكتوبر.
أما جماعة النظام، جماعة كامب ديفيد التى تحتفل كل عام بذكرى نصر اكتوبر، فانهم لا يفعلون ذلك من أجل التأكيد على المبادئ والأهداف والمعانى التى قاتلنا من اجلها وهى ان كل فلسطين ارض عربية، وان الكيان الصهيونى يستهدف مصر وكل الأمة العربية مثلما يستهدف فلسطين، وانه لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف معه، وان ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، وانه صراع وجود وليس صراع حدود، وان الامريكان هم العدو الحقيقى وليس (اسرائيل) فقط...الخ
وانما يحتفلون ليضعوا انفسهم فى مراكز سامية فوق باقى جموع الشعب، وليصنعوا لأنفسهم شرعية مقدسة، يبرروا بها احتكارهم للسلطة، وأحقيتهم وحدهم فى حكم مصر. هل تتذكرون مبارك قائد الضربة الجوية الأولى؟
***
·       فبالله عليكم، ما قيمة ان نحتفل بحرب تحرير ارضنا التى احتلها العدو لإجبارنا على الاعتراف به وبحقه فى ارض فلسطين، اذا كنا اليوم نعترف بشرعيته المزعومة.
·       وما قيمة ان نحتفل بنصر حققناه ونحن ندافع عن عروبة فلسطين ضد الادعاءات الصهيونية الزائفة بأنها ارض الميعاد، اذا كنا اليوم نتبنى ذات الرؤية الصهيونية فى أن هذه ارض (اسرائيل).
·       ما قيمة ان نحتفل بحرب مصرية عربية لتحرير كامل الارض المحتلة، ونحن اليوم نحرض الفلسطينيين على التنازل عن 78 % من اراضيهم (لاسرائيل).
·       وما قيمة ان نحتفل باسترداد جزء من ارضنا بالقوة و القتال، اذا كنا اليوم نُحَرِّم ونُجَرِّم ذلك على أشقائنا ، ونتحالف مع (اسرائيل) لحصار المقاومة و لحظر السلاح الفلسطينيى.
·       ما قيمة ان نحتفل اليوم بانتصارنا فى معركة حاربنا فيها العدو الامريكى راعى (اسرائيل) وحاميها، اذا كنا نتفاخر اليوم بالتحالف معه، ونهرول لاسترضائه والفوز باعترافه بشرعية النظام الجديد.
·       ما قيمة ان نحتفل بنصر كنا فيه نقود الأمة لتحرير الارض العربية المحتلة من الكيان الصهيونى ومشروعه، اذا كنا ندعو اليوم الى توسيع السلام معه، رغم استيلائه على مزيد من الأرض، وقيامه باستباحة المسجد الأقصى وتقسيمه أمام أعيننا.
·       ما قيمة ان نحتفل بحرب عبرنا فيها بأكثر من ثمانين الف مقاتل وألف دبابة، ثم رضخنا للضغوط، بعد وقف اطلاق النار، وسحبنا قواتنا من سيناء وأعدناها مرة اخرى الى غرب القناة، بحيث لم يتبقى لنا هناك سوى 7000 جندى و 30 دبابة. ليمنوا علينا بعدها بسنوات ويسمحوا لنا، بموجب المعاهدة المشئومة، بنشر 26 الف جندى فقط فى سيناء، بما يعادل ربع عدد القوات التى عبرنا بها بسلاحنا ودمائنا.  
·       ما قيمة ان نحتفل بمعركة تحرير سيناء، ونحن لا نزال حتى اليوم نستأذن (اسرائيل) لإدخال قواتنا اليها، بعد ان جردت المعاهدة ثلثيها من القوات والسلاح.
·       ما قيمة ان نحتفل بحرب اعلن فيها القادة والحكام ان امريكا هى العدو الأصلى، ثم نقوم بعد الحرب بتسليم مصر تسليم مفتاح الى الامريكان، ونفتح لهم سيناء، ليدخلوها بقواتهم ضمن قوات متعددة الجنسية التى تخضع لهم وليس للأمم المتحدة.
***
ان النصر واحد، ولكن مغزى إحياء ذكراه ليس كذلك، فلهم مغزاهم ولنا مغزانا.
****
القاهرة فى 5 اكتوبر 2015


الخميس، 1 أكتوبر 2015

لماذا تلعثمت يا أبو مازن؟

لماذا تلعثمت يا أبو مازن؟
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

فى كلمته أمام الجمعية العامة للامم المتحدة فى دورتها الـ 70، أعلن ابو مازن، انه طالما اسرائيل لا تلتزم باتفاقيات اوسلو وملحقاتها، فان السلطة الفلسطينية لن تلتزم هى الأخرى.
***
ربما فى ظروف أخرى، كنا سنرحب جميعا بمثل هذه البداية التصحيحية، وكان العالم سينقلب رأسا على عقب، وكان هذا الخبر ليتصدر كل وكالات الانباء العربية والعالمية والعبرية.
ولكن شيئا من هذا لم يحدث.
لماذا؟
 لأن أحدا لم يصدق أبو مازن فيما قاله، لا الفلسطينيين ولا العرب ولا الصهاينة ولا امريكا ومجتمعها الدولى.
لقد نطقها ابو مازن فى كلمات ثقيلة خرجت من فمه "بالعافية" وكأن هناك طبنجة موجهة الى رأسه، قالها من وراء قلبه، مجردة من المصداقية والحزم والحماسة التى تتسم بها مثل هذه القرارات الخطيرة الفارقة.
قاله وهو يتلجلج و يتلعثم، ويعيد ويزيد ويصحح ويفسر ويمعن فى التبرير وكأنه يعتذر عنها قبل ان ينطقها.
***
ولكن الاهم انه قالها فى سياق خطاب، حمل عشرات المعانى والمواقف المضادة والمناقضة لأى توجه وطنى حقيقى، و خالية من أى تراجع فعلى عن نهج "أوسلو" فى الاعتراف باسرائيل والتنازل لها عن فلسطين 1948 والتخلى عن الحق فى المقاومة ومطاردة من يقاوم من الشعب الفلسطينى:
قال أنه رغم كل الاعتداءات الاسرائيلية ومهما حدث فإنهم لن يلجئوا أبدا للعنف!
رحم الله ابو عمار 1974 حين تحدث عن غصن الزيتون والبندقية فى خطابه الشهير فى الامم المتحدة.
اما ابو مازن فالظاهر انه لم يعلم بعد ان البشرية قد اخترعت شئ اسمه الانتفاضات الشعبية ومقاومة الاحتلال، او انه يعلم ويخجل أن يقترن اسمه بها، فأراد أن يتبرأ منها بكل الصيغ والتعبيرات.
وحتى حين طالب بالحماية الدولية، فانه أخذ " يتمسكن" ويقدم صورة مهينة للشعب الفلسطينى، صورة شعب غلبان مكسور الجناح، مغلوب على أمره، لا حول له ولا قوة، وكأنه يتكلم عن شعب آخر غير الذى نعرفه والذى لم يكف عن المقاومة منذ قرن من الزمان.
لقد كان يستجدى الحماية من الامم المتحدة استجداءً، فكررها عدة مرات:  نرجوكم، نرجوكم، نرجوكم.
***
أخذ فى خطابه يؤكد ويكرر على اعترافه باسرائيل وحقها فى الوجود وفى الحياة آمنة على "أرض فلسطين 1948" حتى يطمئن الجميع انه لا يحمل اى اطماع او احلام هناك. ووجه خطابا ودودا الى ما يسمى "بالشعب الاسرائيلى" يناجيه ويستجديه السلام هو الآخر. 
تحدث عن قرار التقسيم الصادر من الامم المتحدة عام 1947، لا ليعترض عليه، ويذكر المؤسسة الدولية بالمآسى التى عانى منها الشعب الفلسطينى بناء عليه. ولكن لينطلق منه كأساس ومرجعية دولية يلتزم بها، وليشكو ان الجزء الخاص فيه بالدولة الفلسطينية لم ينفذ بعد.
حتى انه لم يشر الى ان مساحة اسرائيل الحالية (78 % من فلسطين) ليست هى المساحة التى اعطتها الامم المتحدة للدولة اليهودية (55% من فلسطين)
***
وكرر نفس العبارات الكريهة التى يرددها قادة العرب كثيرا هذه الأيام، من ان حل القضية الفلسطينية سيجرد المتطرفين والإرهابيين من كل ذرائعهم. وكأن تحرير الارض المحتلة ليس مطلوبا فى حد ذاته، وانما لتفويت الفرصة على الارهابيين.
وحين أراد أن يعدد الانتهاكات الاسرائيلية، تحدث عن الدوابشة وابو خضير ثم قفز فجأة للخلف 15 سنة للتحدث عن محمد الدرة، متجاهلا كل جرائم الحرب والإبادة التى ارتكبتها اسرائيل فى غزة وآخرها العدوان الاخير فى صيف 2014، والتى سقط فيها ما يزيد عن 2000 شهيد اكثر من نصفهم من الاطفال والنساء.
***
وأخيرا، لا أعلم لماذا يتصور اصحاب الفخامة والجلالة والسمو، حين يذهبون الى الامم المتحدة او يتحدثون فى المنابر الدولية، ويحاولون تجميل وجوههم، اننا ننسى حقيقتهم وماذا كانوا يفعلون فى اليوم السابق وماذا سيفعلون فى اليوم التالى؟
فمن الذى ينسق مع العدو الصهيونى ضد الشعب الفلسطينى ومقاومته. ويطارد ويعتقل ويسجن مئات الفلسطينيين كل يوم، وفقا للأوامر والتعليمات الاسرائيلية؟
ومن الذى سلم عناصر الشرطة الفلسطينية للأمريكان، ليقوموا بتدريبها على  الشراكة الامنية مع قوات الاحتلال فى مواجهة الفلسطينيين؟
ومن الذى وصم الانتفاضة بالكارثة؟
 ومن الذى يقيد الشعب الفلسطينى اليوم و يعمل حثيثا على اجهاض اى محاولات للثورة والانتفاض ضد تقسيم المسجد الاقصى وتهويده؟
ومن الذى بارك وتواطأ على حصار الشعب فى الفلسطينى فى غزة؟
وقبل ذلك وبعده، من الذى باع فلسطين 1948 للعدو الصهيونى واعترف بشرعية اسرائيل؟ ويقوم بدور الخادم الأمين لأمن اسرائيل ؟
***
آه، عفوا، كدت أنسى، مبروك رفع العلم الفلسطينى فى الأمم المتحدة.
*****

                                                          القاهرة فى أول أكتوبر 2015