بحث فى المدونة

الأحد، 24 يونيو 2012

الكتائب السرية والماكينة الجهنمية

الكتائب السرية والماكينة الجهنمية
محمد سيف الدولة
seif_eldawla@hotmail.com
·       لا اقصد فقط المخبرين والمرشدين التابعين لاجهزة الامن الذين يخترقون الاحزاب و التجمعات بغرض التجسس وجمع المعلومات والتخريب والتلفيق الى آخر هذه المهام الكريهة التى عشناها على مر العصور .
·       بل ان هناك انواعا اشد خطرا و ضررا ، وهم مجموعة العناصرالتى  تقوم الدولة بزراعتهم فى كافة مؤسسات المجتمع ، بعد ان تنتقيهم بعناية من بين اكثر الشخصيات انتهازية ، ثم تختبرهم وتدربهم ، قبل ان تقوم بنشرهم فى كل مكان لينفذوا تعليماتها وفق الحاجة .
·       ومن مهماتهم ، بالاضافة الى التجسس والاختراق والافساد والتخريب ، الدعاية للدولة والدفاع عن سياساتها حين تخون او تستبد او تزور او تسرق او تخرج عن الشرعية . ومن اجل ذلك تقوم الدولة بدعمهم فى مواقعهم وتفتح لهم اوسع ابواب المناصب والمال والجاه والشهرة والنجومية لتضمن ولاءهم .
·       وهم يختلفون عن باقى رجال الدولة الرسميين الظاهرين للكافة ، فى انه يتم تقديمهم الى المجتمع بصفتهم شخصيات مستقلة او معارضة ، لتضليل الناس وتسهيل اختراقهم والتاثير عليهم .
·       وهم من كل صنف ونوع ولكن أخطرهم هم اولئك الذين يخترقون الحياة العامة فى صورة مثقفين وسياسيين واعلاميين و"ثوار" ورجال قانون ومستشارين وقضاة وفقهاء وخبراء استراتيجيين ورجال دين ونقابيين و نقباء ورؤساء احزاب ووزراء سابقين ..الخ
·       وهى عملية تمارسها الدولة منذ القدم و لم تتوقف عنها ابدا ، فمن هذه العناصر من تم زراعته او تجنيده منذ سنوات اوعقود طويلة ، ولم تنكشف حقيقته ، بل تطور به الحال الى أن أصبح شخصية عامة مرموقة ، وهو النموذج الأشد ضررا .

·       ويتميزون جميعهم بقدرات خاصة على الكذب والخداع والنفاق والمناورة والاحتيال ، ليبرروا للنظام كل انواع الشرور والجرائم والاباطيل التى يرتكبها . وهم مجردون من ادنى انواع القيم او الحياء او الخجل ، فيكذبون بدون ان يطرف لهم جفن .
·       وهم لا يتساوون عند الدولة فى اهمياتهم او طبيعة خدماتهم أو درجة احتياجها اليهم ، فمنهم من يعمل لديها طول الوقت "بدوام كامل" ، أو بعض الوقت"part time" ، او بالقطعة او بالموقف او بالحملة ، وكله حسب الظروف و التعليمات .
·       ومنهم أحزاب وجمعيات وائتلاقات وجبهات وتحالفات ومجالس ونواد و صحف ومجلات وقنوات فضائية "كاملة" تقوم بهذ الدور بكل هيئاتها وقياداتها او ملاكها ، سواء كانت تقوم به بابتذال مفضوح او بحنكة وذكاء قد تمر على الكثيرين .
·       وتقوم هذه العناصراو المؤسسات عادة بادعاء المعارضة و نقد النظام فى مواقف بعينها ، بغرض اكتساب ثقة الراى العام ، لكى يصدقها حين تتصدى "وقت الحاجة" للدفاع عن الدولة ونقد خصومها .
·       وفى الازمات الكبرى الطارئة قد تضطر الدولة الى التضحية ببعض عناصرها وحرقهم للقيام بادوار مكشوفة لن يقبل غيرهم القيام بها ، بل احيانا قد تضعهم الدولة فى حرج شديد حين تأمرهم بتغيير مواقفهم من النقيض الى النقيض لضرورات التكتيك والمناورة والاحتيال والتضليل كما حدث ابان قيام الثورة .
·       واحيانا نفاجأ ونفجع فى شخصيات كنا نحترمها وقد تحولت الى مجرد بوق للدولة ، أو جزء من حملتها ضد خصومها المستهدفين .
·       فلقد توارثنا عن اساتذتنا وآبائنا وأجدادنا مبدأ هاما فى العمل الوطنى وهو انه من المحرمات ان تشارك فى حملة تشنها الدولة ضد خصومك السياسيين ، وان عليك ان لم ترغب فى الدفاع عنهم ، ان تلتزم الصمت وتؤجل صراعك معهم ، حتى لا تتحول الى اداة فى ايدى الدولة .
***
ولقد رأينا كيف تعمل هذه الماكينة الجهنمية ضد كل القوى والتيارات الوطنية بتنوعاتها منذ قيام الثورة ، ولكنها فى الازمة الاخيرة و مع اقتراب موعد تسليم السلطة و ترشيح شفيق ، ومحاولات انجاحه ، وحل البرلمان المنتخب ، واصدار قانون الضبطية القضائية ، والاعلان الدستورى المكمل ، و الانقلاب الصريح على الثورة ، نزلت الماكينة الجهنمية للدولة بكل ثقلها وكامل لياقتها الى الساحة ، لتنتشر كتائبها فى ربوع الارض ، كل منها تقوم بدور محدد ومرسوم ومتكامل مع ادوار الكتائب الاخرى :
·       فتقبل الكتيبة القضائية الاولى فى لجنة الانتخابات الرئاسية ، اوراق شفيق ، رغم صدور قانون العزل السياسى
·       ثم تقضى الكتيبة القضائية الثانية فى المحكمة الدستورية بحل البرلمان المنتخب وابطال قانون العزل .
·       مع دعم ومساندة من الكتيبة القضائية الثالثة فى نادى القضاة التى هددت وتوعدت البرلمان واعضاءه بالثأر والانتقام .
·       ولتلحق بها فورا كتيبة الفقهاء القانونيين والدستوريين لتدافع عن هذه القرارات وتشن هجوما حادا على كل من يعارضها وتتهمه بانه خارج عن الشرعية ومعتد على هيبة القضاء ، مع تضليل الراى العام بادعاءات مثل ان القضاء مستقل وان المجلس العسكرى برىء من كل هذه الاحكام .
·       اما كتيبة الكتاب والصحفيين والاعلاميين والفضائيين فانبرت للدفاع عن شفيق وعن المجلس العسكرى وعن اعلانه المكمل عن اللجنة الرئاسية وعن المحكمة الدستورية ، و هاجمت قوى الثورة ومظاهرات الغضب ، باستخدام كل حيل وفنون التحليل السياسى فى الترهيب منهم ومن المصير الاسود لمصر فيما لو وقعت فى براثنهم ، وهو ترهيب لم يقتصرعلى الاخوان فقط بل طال الجميع ، ترهيب مشابه لما كان يحدث مع كل خصوم الدولة من كل التيارات على مر العصور .
·       اما كتيبة الاحزاب السياسية الموالية فقدمت الغطاء السياسى والحزبى لموقف الدولة بحجة الدفاع عن الشرعية والمدنية والاستقرار .
وهكذا فى سيمفونية نشاز كريهة يديرها مايسترو واحد ، على غرار تلك التى كان يعزفها لنا نظام مبارك طول الوقت .
***
وأخيرا و أيا كانت نتائج وتطورات الاحداث فى الايام القليلة القادمة ، فانه يتوجب على كل القوى الوطنية ان تبذل كافة الجهود وتبدع من الوسائل والأدوات والآليات ما يمكنها من حماية الرأى العام من التأثر والوقوع فى براثن حملات التضليل والترهيب والردة التى لن تتوقف .

*****
القاهرة فى 24 يونيو 2012

الأربعاء، 20 يونيو 2012

أخطاؤنا


أخطاؤنا
محمد سيف الدولة
seif_eldawla@hotmail.com
قطعت القرارات الاخيرة للمحكمة الدستورية ، الشك باليقين ،  فى النوايا الحقيقية للمجلس العسكرى المناهضة للثورة : فقرار حل البرلمان استنادا الى عدم دستورية قانون الانتخابات الذى اصدره المجلس العسكرى بيده ، ليس سوى عدوان صارخ ومبيَّت منه على السلطة التشريعية المنتخبة ، باستخدام مطرقة عناصر من السلطة القضائية خاضعة لسيطرته .
وكذلك قرار تحصين احمد شفيق ، بشرعية قانونية باطلة ، ضد الثورة وكل ما تمثله . وهو ما تم ايضا من خلال لجنة الانتخابات الرئاسية التى اصبحنا نعتبرها جزء لا يتجزأ من السلطة التنفيذية .
بالاضافة الى الاعلان الدستورى المكمل الذى جرد رئيس الجمهورية من عديد من صلاحياته لصالح المجلس العسكرى ، وايضا اعطاء الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية حق الضبطية القضائية للمدنيين.
كل هذا وغيره الكثير ادى الى ان يتيقن كل من كان لا يزال متشككا ، من اننا نتعرض منذ بداية الثورة لخطة مدروسة منهجية و منظمة ، بقيادة المجلس العسكرى للقضاء على الثورة واجهاض مشروعها وتصفية قواها ، و لينتهى بنا المطاف بعد كل هذه الجهود والتضحيات الى الوضع البائس الذى نعيش فيه اليوم من حل للبرلمان المنتخب ، واستعادة العسكر للسلطة التشريعية ، ومشاركة شفيق فى جولة الاعادة  بغطاء قانونى غير مشروع وتزوير متقن لم نسبر اغواره بعد ، مصحوبا بحالة تحريض رسمى ضد الثورة والثوار ، مع انقسام حاد فى صفوفنا .
***
وحيث ان هذا أمر متوقع من النظام القديم ، وسيستمر فيه الى ان ينتصر او ينهزم ، فان الاجدر بنا الآن ان نركز على اخطائنا نحن التى ساعدت الثورة المضادة وسهلت لها مهمتها وأمدتها بالوقود اللازم فى اوقات كادت ان تتعثر فيه مخططاتها :
·       الخطيئة الأولى بلا شك كانت هى الصفقة الكبرى التى عقدناها جميعا ، بدون استثناء ، مع المجلس العسكرى حين ارتضينا تفويضه لادارة المرحلة الانتقالية .
·       غياب التنظيم الثورى الموحد لقيادة الثورة الذى يمتلك مشروعا وطنيا ثوريا علميا ضد التبعية والطبقية والاستبداد ، ويمتلك خطط عمل واضحة وتفصيلية .
·       تحول مواقفنا فى كثير من الاحيان الى ردود فعل تلهث وراء الاحداث المتعاقبة والمفاجئة بدون امتلاك رؤية استراتيجية واضحة .
·       صمت القوى الوطنية على عدم تقديم مبارك ورجاله الى المحاكمة عن الجرائم الاخطر التى ارتكبوها والتى تمس السيادة الوطنية والامن القومى ونهب الثروة وافقار الشعب وافساد الحياة السياسية وتزوير الانتخابات وغيرها ، بما اضفى شرعية على استمرار ممارسة ذات الجرائم بعد الثورة .
·       التنازل عن الثوابت الوطنية لحساب المصالح السياسية الحزبية والتبارى فى نسج الجسور مع الولايات المتحدة الامريكية والتعهد لها بمواصلة الالتزام بذات السياسات الخارجية لنظام مبارك .
·       قبولنا بالتعديلات الدستورية على الوجه الذى صدرت به والتى اكتشفنا فيما بعد ، ما فيها من كمائن والغام خاصة فيما يتعلق بالمادة 28 التى حصنت قرارات اللجنة الرئاسية والمادة 60 التى اهملت معايير انتخاب الجمعية التاسيسية .
·       انقسامنا الى تيارات اسلامية وغير اسلامية ، الذى بدأ مع الاستفتاء ولايزال مستمرا ، والذى تم استدراجنا له جميعا ، ليبعدنا عن التصدى للقضايا الحقيقية فى مواجهة الخصم المشترك .
·       السماح لانصار النظام القديم من رجال الاعمال باختراق صفوف الثورة باموالهم واحزابهم وصحفهم وفضائياتهم ، بالاضافة الى تساهل بعض المؤسسات السياسية و المدنية فى تلقى وقبول التمويل الاجنبى الغربى او الخليجى ، مما أشاع اجواء من الفساد و الشكوك الحادة بين القوى الوطنية .
·       صمت الاغلبية على تضليل المجلس العسكرى واعلامه و تبريراته لجرائم ماسبيرو وما بعدها مما فتح الباب على مصراعيه لمزيد من المذابح بهدف تخويف الناس من التظاهر والاعتصام .
·       الامتناع عن اعداد قائمة وطنية موحدة فى الانتخابات المختلفة ، وما تبع ذلك من استئثار الاغلبية الاسلامية من اخوان وسلفيين باغلبية المقاعد النقابية و البرلمانية والسيطرة على الجمعية التاسيسية وتقديم مرشحهم الخاص للرئاسة ، مما زاد من حالة الاستنفار والاستقطاب المضاد ، ووضعهم ، للاسف الشديد ، فى موقع الخصم الرئيسى لدى غالبية القوى الأخرى بدلا من النظام القديم ومجلسه العسكرى
·       مع انقسام التيارات غير الاسلامية فيما بينها الى عشرات الاحزاب والائتلافات ، وبروز النزعة الذاتية لدى غالبية القيادات و الشخصيات العامة والشبابية على حساب قيم وروح العمل الجماعى .
·       تزاحم القوى السياسية على تصدر المشهد السياسى والاعلامى على حساب التواصل مع الجماهير فى مواقعها وتوعيتها وتسييسها وتنظيمها.
·       سقوط الجميع فى خطأ عدم التوافق على مرشح رئاسى موحد فى مواجهة مرشح الدولة .
 كانت هذه بعض اخطائنا التى ارتكبناها فأدت الى هزيمتنا فى الجولة الاولى من الثورة ، فهل نعترف ونتعظ ونراجع ونتدارك ؟
الله أعلم
*****
 القاهرة فى 18 يوينو 2012



السبت، 16 يونيو 2012

روجيه جارودى


فقدنا صديقا حميما لامتنا ، ومناصرا شجاعا لقضايانا ، ومناضلا صلبا ضد الاستعمار والامبريالية ، ومفكرا عميقا هو الفيلسوف الفرنسى روجيه جارودى الذى دفع اثمانا غالية بسبب تصديه لفضح الحركة الصهيونية وادعائاتها الباطلة التى بررت بها اغتصاب فلسطين ، فلقد تم تقديمه للمحاكمة فى فرنسا وتمت ادانته بالحبس سنة مع وقف التنفيذ . ومن أهم مؤلفاته :
·       الاساطير المؤسسة لدولة اسرائيل
·       فلسطين ارض الرسالات السماوية
·       الارهاب الغربى
·       امريكا طليعة التدهور
·       حفارو القبور
·       كيف صنعنا القرن العشرين
·       محاكمة الصهيونية الاسرائيلية
·       كيف نصنع المستقبل




الأحد، 10 يونيو 2012

خدعة شفيق


خدعة شفيق
محمد سيف الدولة
seif_eldawla@hotmail.com
ان الذين أيدوا الثورة منذ البداية ولكنهم يريدون الآن اعطاء شفيق اضطرارا و خوفا من سيطرة الاخوان على الدولة ، فاتهم وغاب عنهم ان رئيس الجمهورية القادم لن يكون له ذات صلاحيات مبارك ، ليس فقط بسبب تقليص هذه الصلاحيات فى الدستور الجديد ، ولكن لان الدولة القديمة بكل هيمنتها وهيلمانها لن تتخلى بسهولة عن صلاحياتها الشاملة و المتغلغلة لاى رئيس جمهورية من القوى الجديدة المرتبطة بالثورة سواء كان مرسى او حمدين او ابو الفتوح . وستعمل منذ اللحظات الاولى على إبقاء منصبه شرفيا وتقليص سلطاته الى ابعد الحدود والحيلولة دون تمكينه من الحكم الفعلي ، ووضع كل أنواع العقبات أمامه وتجريد قراراته من اى قوة تنفيذية . وسيضطر الرئيس المنتخب ان يصارع لسنوات طويلة جنبا الى جنب مع باقي القوى الوطنية لإنجاح الثورة وانتزاع كل السلطات والصلاحيات التى سيتضمنها الدستور الجديد .
اما فى حالة نجاح احمد شفيق ، لا قدر الله ، فسيلتحق فورا بمؤسسة الدولة خادما امينا مطيعا ، كما كان على الدوام ، ليشغل ويملأ جزء من الفراغ الذي خلا بسقوط مبارك ، جنبا الى جنب مع المجلس العسكرى وشركاه ، لتعود ريما الى عادتها القديمة .
ان كل المكاسب التي حققتها قوى الثورة فى الميدان والبرلمان وفى الرئاسة فى حالة فوز مرسى ، كل هذه مجتمعة لن تملك من امر مصر الا القليل الذى قد لا يتعدى نسبته 10 % من حجم القوة والسلطة التى ستظل تملكها وتسيطر عليها وتتحكم فيها الدولة القديمة لسنوات قادمة ، وهو ما سيتطلب توحدنا وتضافرنا معا اكثر من اى وقت مضى فى مواجهتها .
·       وللتذكرة فان الدولة القديمة تسيطر على القوات المسلحة والشرطة وكل أجهزة الأمن بكل تنويعاتها ، وهى التى تتحكم فى الحالة الأمنية انضباطا او انفلاتا وفق الحاجة .
·       والدولة تحتكر ملفات العلاقات الخارجية وعلى راسها العلاقات مع الولايات المتحدة بكل ما فيه من معونات عسكرية ومناورات مشتركة وتنسيق امنى وتسهيلات لوجيستية والتى ستستطيع من خلالها ان تضغط بقوة على صناع القرار المنتخبين من القوى الجديدة ، ويكفى ان نتوقف امام دلالة ان الكونجرس قد اعتمد بالفعل منذ بضعة شهور المعونات العسكرية لمصر ولم ينتظر نتيجة انتخابات الرئاسة لادراكه ان المجلس العسكرى لن يترك السلطة الفعلية قريبا 
·       وكذلك ملف العلاقات المصرية الاسرائيلية الذى ستسيطرعليه الدولة عبر اجهزتها المعنية التقليدية وستحاول دائما ان تستخدمه كفزاعة لتطويع ارادة الرئيس والبرلمان .
·       وستستمر ايضا فى السيطرة على ملف العلاقات المصرية الخليجية والسعودية وما يتضمنه من ملايين المصريين العاملين هناك ، والذى سيمثل سلاحا قويا وفعالا فى الضغط والترويض ، وهو السلاح الذى ذقنا مرارته فى ازمة الجيزاوى الاخيرة .
·       وايضا من خلال التحالف مع شبكة رؤوس الاموال الاجنبية والمصرية  بقيادة صندوق النقد الدولى والتى يمكنها من الضغط بازمات اقتصادية مفتعلة مثل تجميد الاستثمارات وتهريب الاموال واغلاق المصانع وتسريح العمال وتخفيض التصنيف الائتمانى واستنزاف الاحتياطى النقدى والحصار المالى والاقتصادى وخفض قيمة الجنيه ..الخ
·       وايضا تسيطر الدولة القديمة على مخزون السلع الاستراتيجية ودهاليزها التى تمس الحياة اليومية للمصريين والتى ستستطيع من خلالها ان تفبرك الازمات او تحلها حسب الطلب ، وهو ما جربناه بالفعل فى ازمات السولار والبنزين والبوتاجاز .
·       ناهيك عن نفوذ الدولة العميق فى المؤسسات القضائية الذى ظهر بوضح فى ازمة المتهمين الامريكان وتصويت أكثر من 50 % من قضاة الجمعية العمومية لصالح المستشار عبد المعز ابراهيم ، وفى التحقيقات مع مبارك ومحاكمته وفى القيادات الحالية لنادى القضاة وغيرها .
·       كما انها متغلغلة فى الاعلام الرسمى والخاص وفى التعليم والبنوك والازهر والاوقاف والمحليات وعديد من الاحزاب السياسية وغيرها ، ولها جيوش من الكتاب والصحفيين والفنانين والمرشدين فى كل مكان بالاضافة الى الالاف من كبار الموظفين ونوابهم ومساعديهم وصبيانهم فى كافة مؤسسات الدولة .
·       وهى تحتفظ بكل مفاتيح واسرار الثروات القومية والعامة والخاصة ، وتمتلك ملفات الملايين من المصريين التى تستخدمها دائما للضغط والتهديد والتجنيد .
·       انها غابات وشبكات معقدة وكثيفة من العلاقات والمصالح والاشخاص والمؤسسات والمعلومات التى ستعمل مجتمعة على الاحتفاظ بالنظام القديم وتفريغ الثورة من مضامينها ، وانهاك الحكام الجدد وافشالهم كمقدمة للتخلص منهم لاحقا بمباركة شعبية كاملة !
***
لكل ما سبق وغيره الكثير يجب ان ندرك بوضوح ان خيارنا الحالى ليس بين دولة دينية وأخرى عسكرية او بين المطرقة والسندان او بين المر والأمر منه ، الى آخر كل هذه الثنائيات الخادعة التى انتشرت مؤخرا فى الاحاديث الاعلامية والسياسية .
بل ان الخيار الحقيقى الان هو بين التنازل عن الثورة وعن مكتسباتها البسيطة والاستسلام للدولة القديمة . وبين مقدرتنا بكل تنوعاتنا و تناقضاتنا وعيوبنا على التوحد من اجل إسقاط خليفة مبارك ، ثم العمل بعد ذلك على تمكين الثورة ممثلة فى رئيسها وبرلمانها وميادينها فى معارك طويلة قادمة ، ستحتاج فيها كل قوى الثورة الى بعضها البعض ، بدون استثناء ، أكثر من أى وقت مضى .
*****
القاهرة فى 10 يوينو 2012

الثلاثاء، 5 يونيو 2012

عواقب نجاح شفيق ..لا قدر الله


عواقب نجاح شفيق ..لا قدر الله
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
لم يكن يخطر لى على بالى إننا سنضطر ، بعد الثورة ، أن نتكلم فى البديهيات ، فلنستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم ارتكبناه فرادى و جماعات فى حق مصر و المصريين او فى حق الثورة والثوريين ، أما بعد ، فيما يلى العواقب المتوقعة فى حالة فوز الفريق احمد شفيق بمنصب رئيس جمهورية مصر ، لا قدر الله :
·       ستستمر المرحلة الانتقالية اربع سنوات اخرى بكل سلبياتها واضطراباتها وكَرّها وفَرّها ومناوراتها واعتداءاتها وضحاياها ، فشفيق ليس سوى جنزورى آخر ولكن فى ثوب رئيس جمهورية ، وسيظل المجلس العسكرى وباقى الاجهزة ومن يمثلونهم يحكمون البلاد ويتربصون بالعباد وسيعملون على تفكيك الثورة صامولة صامولة ومسمار مسمار .
·       وسيعود كل طيور الظلام من رجال النظام السابق ورجاله الى صدارة المشهد السياسي من رجال الحزب الوطنى ورجال الامن وكبار رجال الدولة وشبكاتهم العميقة ، وسيتمكنون من إعادة تنظيم انفسهم من جديد للانقضاض على الثورة والثوار ، متسلحين بما كسبوه من الشرعية الزائفة التى امدهم بها نجاح شفيق . وسيعملون على اعادة الاعتبار الى مبارك ونظامه ، وسيتم بالتدريج الافراج عن رجال مبارك واحدا واحدا بعد ان تتم تجهيز الساحة اعلاميا وسياسيا . وسيتم اتخاذ كل التدابير للحيلولة دون تكرار هذه الثورة مرة اخرى .
·       وسيستمر رجال الاعمال من محترفى النهب المنظم فى الاستحواذ على ما يقرب من نصف ثروات مصر مع بقاء 40 مليون مصرى فى الحياة باقل من عشرة جنيهات فى اليوم ، وسيفلت كل ناهبى مصر وسارقيها من الحساب وتتم تسوية الملفات
·       وستستمر مصر تابعا امينا للولايات المتحدة تلتزم بتعليماتها داخليا واقليميا ودوليا، تقدم الخدمات والتسهيلات الامنية والعسكرية لبوارجها وطائراتها الحربية ، محرومة من الاستقلال ومن الاضطلاع بدورها القيادى فى المنطقة تاركة الساحة للامريكان ولاسرائيل لارتكاب مزيد من المؤامرات ومن التقسيم ومن التخريب .
·       وستستمر سيناء الغالية محرومة من حماية القوات المسلحة وفقا للمنصوص عليه فى الترتيبات الامنية فى المعاهدة مع اسرائيل ، وستظل اراضيها ملوثة بالقوات الامريكية والاوروبية المعروفة باسم القوات متعددة الجنسية ، وستظل محرومة من التنمية والتعمير وفقا للاوامر الامريكية والاسرائيلية .
·       وستستمر مصر مكسورة الجناح و ضعيفة و خائفة على الدوام من العدو الصهيونى بسبب سيطرة واحتكار الامريكان لتسليح الجيش المصرى بما يحفظ التفوق العسكرى الشاسع لاسرائيل على مصر والدول العربية مجتمعة .
·       وسيستمر الاقتصاد المصرى يدار من غرف وأروقة صندوق النقد الدولى واخوته الممثلين لنادى الدائنين فى باريس ، بكل ما يعنيه ذلك من استمرار حرية النهب المشهورة باسم حرية السوق ومرورا بضرب الصناعة المصرية وبيع القطاع العام وخصخصته ومنع الدولة من تقديم اى دعم لفقراء المصريين وفرض البطالة على ابنائنا من اجل التحكم فى أجور العاملين . .
·       وستفلت وزارة الداخلية من التطهير وسيفلت كل قاتلى الشهداء من العقاب وسيظلون فى مواقعهم وسيكررون جرائمهم ، وستعود قوات الامن المركزى الى ضرب وسحل المتظاهرين ، وسيعود امن الدولة اكثر قوة وسيستعيد ادواره فى الاعتقال والتعذيب ، واختراق ومحاصرة الاحزاب والقوى السياسية والمدنية لحصارها وتصفيتها بالتدريج والتحكم فى تعيين كافة العاملين فى كل مؤسسات الدولة .
·       وستضعف جبهة القضاة الشرفاء ويعلو نجم الآخرين من اولئك الذين شاركوا فى فضيحة تهريب المتهمين الامريكان ، وسيتم العصف باحلام الثورة فى قضاء مستقل .
·       وستعود للدولة السيطرة الكاملة على الاعلام ، سواء الاعلام الرسمى ، او الاعلام الخاص المملوك لاصحاب  المصالح من رجال الاعمال ، سواء بالاتفاق او بالضغط والتهديد كما كان يحدث من قبل .
·       وسيعود كل الانتهازيين من الاعلاميين والصحفيين والكتاب والفنانين والساسة الى ادوارهم القديمة فى الدفاع عن فساد النظام واستبداده . وسيتسابق الآلاف من المترددين والمذبذبين الى الانحياز فورا الى معسكر الثورة المضادة بعد ان انتصر واثبت قدرته على العودة والسيطرة والتحكم . وسيكف الالاف من الضعفاء والخائفين عن دعم الثورة هربا من بطش النظام العائد المنتصر .
·       وسيدفع اليأس والإحباط الآلاف من شباب مصر الطاهر الى الانسحاب من الحياة السياسية والكفر بالثورة وسيفكر كثيرون فى الهروب والهجرة ، وستتعرض مصر لا قدر الله الى صدمة شبيهة بصدمة 1967 التى لا نزال ندفع أثمانها الى اليوم .
·       وستتشجع كل انظمة العربية المستبدة على ردع ثورات الربيع العربى الحالية والمتوقعة ، وستحتفل كونداليسا رايس وزملائها بنجاح مشروعهم الهادف الى دقرطة الشرق الاوسط على الطريقة الامريكية بدون اى سياسات وطنية او اجتماعية مستقلة ومتحررة . وسيكون ما حدث بالفعل هو فوضتهم الخلاقة وليس ثورتنا الخلاقة .
·       وسيقاوم الثوار بكل الطرق السلمية الممكنة ، وسيسقط مزيد من الشهداء والمصابين ونعود الى المربع الاول .
***
ان "إنجاح" شفيق فى الجولة الاولى الذى تم تدبيره بالمكر والازمات والانفلاتات والتخويف والحملات الاعلامية والتدخلات الانتخابية التى لم نكتشف كل اسرارها بعد ، هو مقدمة لانجاحه فى جولة الاعادة ، وما يحدث الان ليس سوى اعداد الساحة سياسيا واعلاميا لذلك ، فدعونا نتوحد جميعا فى مواجهته بكل ما أوتينا من حب و انتماء ووطنية وحكمة وبصيرة وايثار .
*****
القاهرة فى 4 يونيو 2012