بحث فى المدونة

الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011

المعاهدة المغشوشة

محمد سيف الدولة

Seif_eldawla@hotmail.com


دأبت بعض الأحزاب والقوى السياسية بعد الثورة على التأكيد بمناسبة وبدون مناسبة على التزامهما بمعاهدة السلام ، وآخرها كان حزب النور ، فى سياق جهود حثيثة لطمأنة واسترضاء أمريكا و(اسرائيل)

وهى المعاهدة التى :

• قيدت سلاح سيناء وأبقتها فى خطر دائم

• ونقلت قيادة المنطقة من مصر الى (إسرائيل)

• وأدخلت الأمريكان مصر.

• وتنازلت للصهاينة عن فلسطين

إلى هؤلاء أوجه الرسالة التالية والتي سأركز فيها فقط على بطلان البرلمان الذي صوت علي هذه المعاهدة و على بطلان الاستفتاء الذي تم عليها :

***

قبل أن نستوعب الموقف ، كانت الطبخة قد استوت ، والمؤامرة قد اكتملت ، والإجراءات قد استوفيت ،

وعلى رأسها موافقة مجلس الشعب على المعاهدة الخطيرة .

و فى معظم برلمانات العالم تأخذ مثل هذه القضايا المصيرية جهودا شاقا ومناقشات حامية و حقيقية ، وتصويتا صادقا قد ينتهى بالقبول او الرفض .

أما فى مصر وبسبب التزوير فلقد كان كل شىء مضمونا وسهلا ، فيمكن ان تباع مصر كلها فى غمضة عين بمباركة مجلس الشعب وموافقته .

والى حضراتكم القصة الكاملة كما حدثت منذ 32 عاما :

• 26/3/1979 تم توقيع اتفاقية الصلح بين مصر وإسرائيل في واشنطن

• 4/4/1979 وافق مجلس الوزراء بالإجماع في جلسة واحدة على الاتفاق .

• 5/4/1979 أحيلت الاتفاقية الى لجان العلاقات الخارجية والشئون العربية والأمن القومي والتعبئة القومية بمجلس الشعب لإعداد تقرير عنها .

• فى 7/4/1979 اجتمعت اللجنة ودرست 31 وثيقة تتضمن مئات الأوراق والمستندات والخرائط ، بما فيها تلك التى تنص على نزع سلاح ثلثى سيناء .

• 8/4/1979 أصدرت اللجنة تقريرها بالموافقة على الاتفاق .

• 9/4/1979 إنعقد مجلس الشعب لمناقشة الاتفاقية وتقرير اللجنة

• 10/4/1979 أغلق باب المناقشة و اخذ التصويت على الاتفاقية وكانت نتيجته: موافقة 329 عضو واعتراض 15 وامتناع شخص واحد وتغيب 13 عن الحضور .

• 11/4/1979 أصدر الرئيس السادات قرارا بحل مجلس الشعب ، وبإجراء استفتاء على الاتفاقية وعلى حل المجلس وعلى عشرة موضوعات مختلفة خبطة واحدة .

• 19/4/1979 تم استفتاء الشعب على المعاهدة بدون أن تنشر وثائقها ، وبدون أن يتعرف على خباياها .

• 20/4/1979 أعلنت وزارة الداخلية ان نتيجة الاستفتاء جاءت 99.5 % موافقة على :

1) المعاهدة التى لم يقرأها الناخبون ولم يتعرفوا على بنودها .

2) وعلى حل مجلس الشعب الذي كان قد وافق هو الآخر على ذات المعاهدة !!

و منذ تلك اللحظة ، أصبحت مصر ملتزمة رسميا بالمعاهدة

* * *

مر على هذه الأحداث أكثر من ثلاثين عاما

ناضلت خلالها ، ولا تزال ، كل قوى مصر الوطنية ضد هذه المعاهدة ، وطالبت بالغاها او بتجميدها او بتعديلها لتحرير مصر من قيودها وأضرارها .

وبذلت فى سبيل ذلك جهودا هائلة ، ودفعت أثمانا فادحة .

ولكن بلا طائل ، فظلت المعاهدة باقية و مُفَعَّلة على قدم وساق .

وبالطبع لم يكن أحد قبل الثورة يجرؤ على الاقتراب من بطلان الانتخابات والبرلمانات والمعاهدات .

ولكن بعد الثورة، يتوجب علينا الاعتراف ببطلان المعاهدة بسبب تزوير انتخابات 1976 وتزوير استفتاء 1979 وبطلان كل منهما ، ناهيك عن أسباب أخرى سنتناولها لاحقا .

وبدلا من ان نتبارى للإعلان عن التزامنا بها ، أولى بنا أن نكشف بطلانها الدستورى للناس ، ثم نجلس بعد ذلك فى هدوء لنرى ماذا نحن فاعلون .

وفى كل الأحوال يجب ان نكف عن ترديد كذبة مبارك الشهيرة بأن إلغاء المعاهدة يعنى الحرب .

* * * * *



القاهرة فى 26 ديسمبر 2011

الأحد، 25 ديسمبر 2011

الاعتراف والتطبيع انتحار سياسى

هل يصمد الإسلاميون أمام الضغوط الخارجية ؟

محمد سيف الدولة

Seif_eldawla@hotmail.com

نجح الغرب بقيادة الأمريكان حتى تاريخه فى إخضاع وترويض كافة الأنظمة العربية الحاكمة إما بالعدوان والاحتلال والترهيب و الهيمنة أو بالاستقطاب والتجنيد و الشراء والتحالف .

***

والآن يحاولون تكرار ذات السيناريو مع التيار الاسلامى فى مصر وتونس بعد ثورات الربيع العربى .

خاصة بعدما أسفرت الانتخابات الأخيرة عن تقدمه الكبير بما يرشح أحزابه الرئيسية لتشكيل الحكومات القادمة فى مصر وتونس اذا سارت الأمور فى مسارها الحالى بدون مفاجآت .

أما آليات الإخضاع والترويض فهى قديمة ومعروفة ، تبدأ بسلسلة من الضغوط والتهديدات تتواكب مع قائمة بالوعود والتحفيزات :

• التهديد بالعزل والحصارالدولى و عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات وتشجيع الانقلاب عليها .

• مع تلميحات من المجلس العسكري بعدم تسليم السلطة خوفا من سيطرة المتطرفين والإضرار بالعلاقات الدولية والاقتصاد والأمن

• و تهديدات من الكونجرس بتعليق المعونة او الغاءها .

• و تهديد (اسرائيلية) بإعادة احتلال سيناء .

• و تهديدات بعقوبات اقتصادية من مؤسسات الإقراض الدولى و مؤسسات التصنيف الائتمانى

• وتهديد من المستثمرين الأجانب بسحب استثمارتهم

• وتهديد من رجال الاعمال المصريين بإغلاق مصانعهم وشركاتهم وتسريح العمالة .

• عقد وإصدارعشرات التقارير والتصريحات والمؤتمرات ومشروعات القوانين المضادة للضغط والترهيب .

• إغراق البلاد بمئات الزيارات والوفود واللجان والاستجوابات للاستكشاف والتحذير والوعيد والوعود

• استخدام شبكات العلاقات التى تم تأسيسها فى ظل النظام السابق ، لتفجير ملفات شائكة مثل الأقباط والنوبة وامن سيناء والإنفاق والارهاب والتلويح بالتدخل الخارجى، مع توظيف كافة أجهزة الاستخبارات الأجنبية وعملاءها وأصدقاءها ومنظماتها المدنية لإحكام الخناق .

ثم يواكب ذلك أو يتبعه :

1) تقديم مطالب محددة على رأسها التحالف الاستراتيجى مع امريكا والالتزام بمعاهدة السلام مع (اسرائيل) والاعتراف بها والالتزام بالاقتصاد الراسمالى على طريقة البنك والصندوق الدوليين .

2) الوعد بالاعتراف بنتائج الانتخابات وبشرعية الأحزاب الإسلامية وبالضغط على العسكر لإجبارهم على نقل السلطة للإسلاميين فيما لو ابدوا التعاون المطلوب وقدموا ضمانات كافية ، مع وعود بالدعم السياسى و الاقتصادي والدولي .

3) الاستضافة وتبادل الزيارات وتجريب حلاوة مذاق الاعتراف الدولي الذى له مفعول السحر فى اخضاع الارادة .

***

وللأسف فى غالبية الأحوال السابقة كان الأمريكان ينجحون فى ترويض وإخضاع الأنظمة الحاكمة

فهل يا ترى سينجحون مع التيار الاسلامى ؟

بعض المراقبين لا يستبشرون خيرا بعدما تسرب من أنباء عن تصريحات الشيخ راشد الغنوشى فى زيارته الى معهد ((واشنطن لدراسات الشرق الأدنى)) وثيق الصلة باللوبى الصهيونى وما جاء فيها من نفيه لاى نوايا دستورية او سياسية ضد (إسرائيل) او ضد التطبيع او ضد حلف الناتو.

ثم ما تلا ذلك من تصريحات الدكتور محمد مرسى الأمين العام لحزب الحرية والعدالة خلال استقباله لجون كيرى فى مقر الحزب فى 10 ديسمبر الجارى ، حين اكد على التزام الإخوان بمعاهدة السلام واقتصاد السوق .

وما تلا ذلك ايضا فى 20 ديسمبر من حديث تليفونى بين الدكتور يسرى حماد المتحدث الاعلامى لحزب النورمع مراسل بالإذاعة (الإسرائيلية) ، فى اول سابقة من نوعها للتطبيع مع شخصية اسلامية ، أكد فيها هو الآخر التزام الحزب بمعاهدة السلام ، وباستعداد الحزب للاجتماع مع (الاسرائيليين) ان رغبوا ولكن تحت إشراف وزارة الخارجية المصرية ، وذلك قبل ان يصدر الحزب بيانه الأخير متراجعا ورافضا للتطبيع .

***

أما البعض الآخر فيرى أنه من المبكر الحكم على نوايا التيار الاسلامى الحقيقية تجاه العلاقات مع الغرب و(اسرائيل) و كامب ديفيد ، خاصة وانه كان التيار الأبرز فى كل حركات المقاومة ضد العدو الصهيونى فى فلسطين ولبنان .

***

ولكن أيا كانت النوايا ، فمن المؤكد أن للصمود أمام الضغوط الغربية و (الاسرائيلية) شروط وقواعد ، ان غابت ، انتصر العدو وتمكن ، يأتى على رأسها شرطان أساسيان :

الأول هو التمسك بالثوابت الوطنية فى كل الظروف ، فالتنازل عنها يسقط الشرعية فورا عن أى تيار كائنا من كان .

والثاني هو إشراك الشعب بجميع فئاته و قواه الوطنية فى المعركة .

فيستحيل أن ينجح أى نظام أو حكومة أو برلمان ، سواء كان حزبا أو تيارا أو ائتلافا أو تحالفا ، فى الصمود والانتصار على آلات الضغط الاستعماري الجهنمية الا بمشاركة شعبية كاملة .

بدون ذلك لن يصمد أى نظام أيا كانت هويته السياسية .

*****

القاهرة فى 23 ديسمبر 2011

الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

إتفاق الإدارات الثلاث

محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

واضح ان هناك اتفاق بين الإدارات الثلاث الحالية في كل من مصر وأمريكا وإسرائيل على ان مستقبل المصريين بعد الثورة يجب ألا يختلف كثيرا عن نظام مبارك . وهو ما تم التعبير عنه في عديد من المواقف والتصريحات:

• كان أول من أعلنها صراحة منذ 3 سنوات هو آفى ديختر وزير الأمن الداخلي الاسرائيلى الأسبق فى محاضرة له فى سبتمبر 2008 فى معهد الأمن القومي الاسرائيلى ، حين قال ان خروج مصر من السلام خط احمر وان إسرائيل خرجت من سيناء بضمانات أمريكية بالعودة إليها اذا تغير النظام فى مصر لغير صالح إسرائيل ، وقال ان الولايات المتحدة نجحت فى مصر منذ السبعينات فى بناء علاقات إستراتيجية وثيقة مع اجهزة الدولة والأجهزة الأمنية والطبقة الحاكمة و رجال الأعمال والنخبة الإعلامية بما سيعمل على ضمان واستيعاب اى مفاجآت في مصر .

***

• وقالها بعد الثورة روبرت ساتلوف مدير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى وثيق الصلة باللوبي الصهيوني ، فى جلسة استماع لمجلس النواب فى 13 ابريل 2011 ، حين قال ان الانتخابات المصرية ستأتي على الأغلب بتيارات معادية لأمريكا وإسرائيل وان على الإدارة الأمريكية ان تضغط على المجلس العسكري بعيدا عن الملأ للحيلولة دون حدوث ذلك وان عليها ان ترسل رسالة واضحة للناخب المصري انها لن تكون سعيدة لو حدث ذلك ، وان تقوم على الفور بتأسيس ودعم تيارات صديقة للولايات المتحدة فى مواجهة التيارات المعادية

***

• وأكد نتنياهو على ذات المعنى عدة مرات : أولها حين طالب اوباما ان يضغط على الإدارة المصرية لتأجيل الانتخابات لأنها ستسفر عن نجاح تيارات معادية لإسرائيل . كما طالب الإدارة الأمريكية بالكف عن الضغط على المجلس العسكري لنقل السلطة الى المدنيين لان العواقب قد تكون وخيمة .

وكذلك حين أرسل مبعوثا شخصيا الى اوباما لإقناعه بتأسيس صندوق لدعم أصدقاء الغرب فى دول الربيع العربى فى مواجهة التيارات المعادية على غرار مشروع مارشال الذى انشىء بعد الحرب العالمية الثانية لدعم الدول الرأسمالية فى مواجهة الاتحاد السوفيتى وحلفاءه .

***

• وقالها جون كيرى رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس الامريكى فى زيارته الأخيرة فى مصر فى 10 ديسمبر الجاري حين أكد على الاخوان المسلمين فى زيارته لمقر حزبهم بضرورة الالتزام بمعاهدة السلام مع اسرائيل ، ثم حذر المصريين من الأضرار البالغة الذى ستصيب الاقتصاد المصري ان هم طالبوا فقط ((بتعديل معاهدة السلام )) وليس بالغاءها ، ثم تأكيده انه على مصر أن تقبل قروض صندوق النقد بشروطها وان تقبل (بصلاحياته) فى المتابعة والرقابة .

***

• وهو ما أكد عليه هذا الاسبوع الجنرال الاسرائيلى رونين كوهين بكل وقاحة حين صرح أن المصريين لن يقدموا على مواجهة متعمدة معنا لأنهم يحتاجون على نحو يائس للمساعدة الاقتصادية من واشنطن كي يبقوا على قيد الحياة

***

• ومن قبل قالها مصطفى الفقى فى 2009 حين قال ان الرئيس المصرى المقبل يجب ان توافق عليه عليه امريكا وان تقبله اسرائيل

***

• وقالها اخيرا اللواء مختار الملا فى حديثه مع الصحفيين الأجانب حين قال ان البرلمان الحالى لا يعبر عن الشعب المصرى تعبيرا حقيقيا لانه ليس من المعقول ان ينتخب الشعب تيارات تهدد أمنه واقتصاده وعلاقاته الدولية ((قاصدا العلاقات مع امريكا واسرائيل ))

وان المجلس من اجل ذلك قرر ان اللجنة التأسيسية للدستور يجب ان يتم اعتمادها من الحكومة المؤقتة والمجلس الاستشاري والمجلس العسكرى .

***

والخلاصة التي يتفق عليها كل هؤلاء وغيرهم من صناع القرار فى مصر وأمريكا وإسرائيل أنه أيا كانت نتائج الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية فان هناك ثلاث قضايا ممنوع الاقتراب منها لا سياسيا ولا دستوريا و هى :

1) التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة .

2) العلاقات المصرية الإسرائيلية

3) سيطرة راس المال الاجنبى وحلفاءه من رجال الأعمال على الاقتصاد المصري

***

ان كل هذا يفسر حقيقة الصراع الرئيسي الدائر فى مصر منذ الثورة ، والذي تستخدم فيه كل أنواع الأسلحة من شق الصفوف و تفجير الأزمات المتتالية وقنص المتظاهرين وضربهم و الحملات الإعلامية الموجهة وإعداد الوثائق الدستورية وإصدار التصريحات العسكرية وتشكيل الوزارات الأمريكية ..الخ

فلنأخذ حذرنا ونحافظ على وحدتنا .

*****

القاهرة فى 16 ديسمبر 2011




الأحد، 18 ديسمبر 2011

كرامة ابني

محمد سيف الدولة

Seif_eldawla@hotmail.com

• قال لى انه لم يشارك فى الاعتصام ولم يكن موافقا على استمراره .

• وانه حزين لأننا فقدنا اهم سلاح كان فى أيدينا ، عندما أخذنا نتظاهر ونعتصم فى الكبيرة والصغيرة .

• وانه لم يكن سعيدا بوزارة الجنزورى ، لكنها بعد ان أصبحت امرا واقعا فانه يرى ان علينا أن نركز على الانتخابات لأنها أوضح واقصر طريق مطروح لنقل السلطة الى المدنيين ، خاصة بعد هذه المشاركة الكبيرة من الشعب المصرى . وان شاء الله بعد ان نشكل البرلمان يمكننا أن نسحب الثقة من الحكومة اذا فشلت .

• وانه لم يعجبه قيام المعتصمين بمنع الجنزورى من دخول الوزارة لأنه يرى في ذلك نوع من العنف الغريب عن سلمية الثورة ، و لكنه لم يرد التعليق حفاظا على مشاعرهم ، كما انه لم يرغب أيضا فى اتخاذ ذات الموقف الذى يتبناه الإعلام الرسمي سيء السمعة .

• وقال ان هناك فرق كبير بين ما شعر به من صدق أصدقائه المشاركين فى الاعتصام وبين كلام السياسيين الذين يدعون أنهم يتكلمون باسمهم .

• وقال ان كثيرا من أصدقائه فى التحرير منزعجون بشدة من انتشار الباعة الجائلين وعناصر اخرى شكلها غريب و مريب .

• وقال ان أصدقائه عند مجلس الوزراء اخبروه انهم أيضا يريدون فض الاعتصام ، لكنهم عجزوا عن ذلك ، و قرروا البقاء مع زملائهم لزوم الجدعنة .

• وقال انه حزين لأنه لاحظ ان الناس العادية بدأت تنقلب على ما يحدث فى التحرير.

• وقال انه فى الفترة الأخيرة قرر مقاطعة كل الصحف والقنوات الفضائية الحكومية والمستقلة لأنها تصيبه بالاكتئاب .

• وانه لأول مرة منذ الثورة عاد لمشاهدة الأفلام والبرامج الخفيفة هروبا من حالة الاحتقان والتوتر التى لا يظهر لها آخر.

• وانه قرر ان يصمت عن الكلام فى اى مناقشة سياسية لانه لم يعد يعلم أين الحقيقة .

• وانه عاهد نفسه انه لن ينزل الى التحرير او يشارك فى أى مظاهرات او اعتصامات قبل ان يفهم ماذا يحدث بالضبط .

• وانه كلما مر من هناك اصطدم بوجوه غريبة بين المعتصمين ، شكلها لا يوحى بالثورة ، وحديثها ولهجتها ومفرداتها غير مألوفة .

• وقال انه يدعو الله كل يوم ان تمر هذه المرحلة الحرجة على خير .

قال كل ذلك قبل ان يذهب الى عمله الذى قرر ان يغرق نفسه فيه الى ان تنجلى الأمور

***

ولكنه فى اليوم التالى اتصل من شارع صلاح سالم ، من جنازة الشيخ الشهيد عماد عفت واخبرني انه بعد الدفنة سيتوجه الى شارع القصر العينى .

وعندما أعربت عن دهشتي لموقفه وذكرته بكلامه معي بالأمس .

اجابنى بغضب :

ألم ترى ما حدث ؟!

كله الا الضرب والإهانة

كله الا الكرامة

((مش هننضرب تانى))

ولو أن هذه الثورة لم تفعل شيئا إلا منع الضرب والإهانة لكان ذلك كافيا

قلت له : لكن المتظاهرين هاجموا المباني بالمولوتوف .

رد بسرعة : هم الذين بدأوا .

*****



القاهرة فى 18 ديسمبر 2011

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2011

هل تعترف بفلسطين ؟

محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com


لو كنا قوم أعزة ، لكان السؤال الأول الذى يتوجب علينا أن نوجهه الى كل سياسى امريكى او اوروبى قبل ان نقبل استقباله أو الحوار معه هو هل تعترف بفلسطين ؟

فان أنكرها علينا ، اعتبرناه عدوا على الفور و قاطعناه وطردناه من أراضينا وأوطاننا وجمدنا مصالحه فى أسواقنا وحرمنا عليه أموالنا وحرمنا امواله وبضائعه على أنفسنا .

ففلسطين هى أرضنا منذ عشرات القرون ، اختبرنا فى ملكيتنا لها واختصاصنا بها عدة مرات أهمها فى الحروب الصليبية . لا تختلف فى شىء عن مصر أو سوريا أو العراق ، أو عن أى جزء آخر ولو صغير من أوطاننا مثل سيناء أو طابا التى رفضنا التفريط فى شبر واحد منها .

واحتلال فلسطين واغتصابها الحالى والممتد منذ 63 عاما ليس هو الأول من نوعه فلقد سبق احتلال القدس 88 عاما من 1099 الى 1187 قبل ان نحررها .

بل ان الجزائر بلد المليون شهيد احتل 130 عاما من 1830 الى 1962 ولكن تم تحريره فى النهاية .

كما أن كل شعوب العالم المحترمة فى افريقيا وآسيا وامريكا اللاتينية قد نجحت فى تحرير اوطانها بعد عقود طويلة من الاستعمار.

وبعضها قدم تضحيات مئات الأضعاف مما قدمناه نحن فى القرن الماضى فى مواجهة (اسرائيل) ومع ذلك لم يقرر أيا منهم أن يتنازل عن أراضيه للأعداء بسبب خلل فى ميزان القوى .

تذكروا شهداء الصين وفيتنام ، وتذكروا شهداء العالم كله فى الحربين العالميتين الاولى والثانية الذى بلغ عددهم 70 مليون قتيل .

وغالبيتهم ليسوا بمسلمين ، ولكنهم صمدوا وقاتلوا ولم يبيعوا أوطانهم او يتنازلوا عنها .

***

ولكننا بدلا من ذلك ، نجد أنفسنا نعيش أذلة ونقبل حملات التفتيش والاستجواب الدائمة المستمرة على مواقفنا وسياساتنا وبرامجنا وضمائرنا ، التى تبدأ بسؤال رئيسى مقدس :

هل تعترفون باسرائيل وبحقها فى الوجود ؟

هل بالفعل تنازلتم عما كنتم تسمونه بفلسطين التاريخية ؟

انه سؤال الصلاحية السياسية والأمنية وأساس صكوك الغفران الغربية و الطريق الوحيد لتلقى شهادة حسن سير وسلوك دولية بأننا أسوياء خالون من أمراض التطرف والارهاب .

ولما تمادينا فى مذلتنا ، خرج الارهابى الامريكى (( نيوت جينجرتش)) مرشح الرئاسة الامريكية عن الحزب الجمهورى لينفى وجود فلسطين أصلا ويدعى انها ظاهرة مختلقة ومخترعة ، وان على الارهابيين الذين يسمون أنفسهم بالفلسطينين أن يرحلوا ويوزعوا أنفسهم على بلاد العرب ، ويتركوا أرض اسرائيل لليهود

لم نفهم أبدا ما الذى أوصلنا الى هذه الدرجة من الخوف و المذلة ؟

ان كان هو اختلال موازين القوى ، فانه ليس فى حضارتنا ما يدعو الى الذل والهوان والتراجع عن الثوابت والمبادىء والعقائد لأننا الأضعف

وان كان هو الدين فكل أدياننا تحضنا على القتال والجهاد والدفاع عن الديار وعدم موالاة العدو ، وعدم الاستسلام والخنوع أمام الأقوى والأكثر عددا ، وأن الحق مفضل على القوة ، وان الرجال يعرفون بالحق ولا يعرف الحق بالرجال .

وان كان هو التاريخ ، فان التاريخ الذي نحفظه وندرسه لأولادنا وتتوارثه أجيالنا هو تاريخ الصمود والمقاومة والتحرير والنصر .

وان كانت هى القدرة ، فنحن والحمد الله امة عريقة ممتدة غنية كثيفة العدد .

***

ان لم نستطع الآن بعد ثوراتنا وربيعنا وسقوط أنظمتنا التابعة والعميلة أن نستعيد عزتنا ونستقوي بشعوبنا ونرد الرد المناسب على مثل هؤلاء المجرمين فى أمريكا وخارجها ، ونفهمهم أن قواعد اللعبة قد تغيرت وموازين القوى قد اختلفت ، وأنه لم يعد هناك من يملك تكميم أفواهنا وإطفاء غضبنا فى مواجهة جرائمكم المستمرة ، وان أوطاننا لم تعد سلعا تباع فى أسواق الانتخابات الأمريكية والأوروبية .

ان لم نفعل ذلك فلا خير فينا ولا خير فى ثوراتنا .

*****

القاهرة فى 13 ديسمبر 2011


الأحد، 11 ديسمبر 2011

الأيدى القذرة


محمد سيف الدولة

Seif_eldawla@hotmail.com



الايدى القذرة هو اسم مسرحية شهيرة لجان بول سارتر الفيلسوف الفرنسى الكبير ، تدور احداثها فى فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية حول تكليف الحزب الشيوعى الفرنسى لاحد كوادره باغتيال زعيم الحزب الاشتراكى الحليف الرئيسى للحزب الشيوعى لاتخاذه قرارا لا يرضى عنه الرفاق فى الاتحاد السوفيتى .

وبالفعل ينفذ الكادر مهمته ويقتل الزعيم الاشتراكى ويسجن ، ليفاجأ بعد خروجه من السجن ، ان الحزب الشيوعى قد قرر انتهاج ذات السياسة التى انتهجها الزعيم الاشتراكى وقتلوه من اجلها ، لان الرفاق السوفييت قد غيروا رايهم وتغيرت مصالحهم .

عن هؤلاء كتب سارتر روايته ، عن هذا الصنف من السياسيين المتخفى وراء افكار مثالية ولكنهم ليسوا سوى اداة لتنفيذ مصالح دول او قوى خارجية ، واسماهم بالايدى القذرة .

لم يكن سارتر هو الوحيد الذى واجه مثل هذه الظاهرة فى بلاده ، وانما فى مصر ايضا ناضلت الاجيال الشابة من الماركسيين بضراوة منذ بدايات السبعينات لتحرير الحركة الشيوعية المصرية من هيمنة الأممية الثالثة قبل ان يسقط الاتحاد السوفيتى عام 1991 .

***

اما عن سبب الاستدلال برواية سارتر هنا فلقد جاء كمقدمة للتعليق على دعوة المهندس نجيب ساويرس عبر قناة سى بى سى نيوز الكندية للحكومات الغربية بالتدخل للضغط على الادارة المصرية للحيلولة دون قيام نظام دينى .

وكان بعض الاصدقاء قد ارسلوا لى فيديو لهذا اللقاء منذ عدة ايام ، ولكنى لم اتحمس لمشاهدته لشكى بان هناك سوء فهم ما ، وتربص طائفى كريه بساويرس ، لانه يستحيل لانسان ذكى ورجل أعمال ناجح مثله أن يورط نفسه فى مثل هذه التصريحات .

ولكن مع زيادة الحملة ، قررت ان أشاهد الفيديو لأتأكد بنفسي ، وصدمت مثل الآخرين من فجاجة بعض ما ورد فيه والذى انقل لكم نصه فيما يلى :

م/نجيب : انا اطالب الغرب ان يلعب دور استباقى ولا يتركنا فى هذا الزخم والا سيتسرب تاثيره اليهم

المذيع : ما هى طبيعة هذا الدور الاستباقى ؟ ماذا عليهم ان يفعلوا ؟

م/نجيب : ان يذهبوا الى الذين يحكمون البلاد الآن ليقولوا لهم لن نسمح بقيام نظام دينى ، لن نسمح بتعامل غير عادل مع الاقليات ، لن نسمح بمخالفة القانون والعدالة ، يجب ان تحقق بلادكم الولاء لمبادىء الامم المتحدة ، مبادىء حقوق الانسان ، واى حيدة عن هذا سيدفعنا للتدخل

المذيع : ماذا يقولون عندما تطلب منهم ذلك وانا اعلم انك تخاطب الحكومات ، الحكومات الغربية

م/نجيب : لا يقولوا اى شىء ولا يفعلوا اى شىء

المذيع : كم من الوقت تبقى لدينا لكى نفعل شىء ؟

م/نجيب : لم يتبق الكثير من الوقت ، وقت قليل جدا ، انا لا اقول لهم اذهبوا وهاتوا جيوشكم الان وتدخلوا . اقول لهم كونوا مبادرين ، تحتاجوا ان تراقبوا الموقف وتحاولوا ان تساعدوا تلك البلاد فى ان تنهض بشكل ديمقراطى لا ان تتركوها تنجرف . المساواة وحرية التعبير والحق فى العمل طالما تتوفر الكفاءة بلا تمييز على اساس الدين ، نحن لا نطلب المعجزات .

***

ان مشكلة الحديث بالطبع ليست فى رفضه القاطع لوجود نظام دينى فى مصر ، فهذا رأيه وبرنامجه الذى من حقه ان يناضل من اجله داخل مصر حزبيا وبرلمانيا واعلاميا الى أبعد مدى ، والذى قد يكون محل اتفاق مع آخرين .

ولكن سقطة الحديث تتمثل فى مطالبته الصريحة للحكومات الغربية بالتدخل الصريح والسافر والفورى فى الشئون المصرية بما يخالف ابسط مبادىء السيادة الوطنية .

***

ولذا ارجو من أعضاء حزب المصريين الأحرار ومن أعضاء الكتلة المصرية ومن كل القوى الليبرالية التى تتخذ من ساويرس حليفا لها ، بل ارجو من كل العاملين والموظفين فى شركات اوراسكوم ، بصفتهم جميعا مواطنون مصريون شرفاء ان يبادروا قبل غيرهم برفض هذه التصريحات وان يؤكدوا على رفض و إدانة اى تدخل اجنبى فى الشأن المصرى .

*****

القاهرة فى 10 ديسمبر 2011





الثلاثاء، 6 ديسمبر 2011

التشريع و سحب الثقة


التشريع و سحب الثقة
محمد سيف الدولة
  Seif_eldawla@hotmail.com

فى لقاؤه مع محمود مسلم ، في برنامج مصر تقرر على تلفزيون الحياة فى الاسبوع الاخير من شهر نوفمبر قال اللواء ممدوح شاهين مساعد وزير الدفاع للشئون القانونية و عضو المجلس العسكري ، انه ((لا يحق لمجلس الشعب المقبل سحب الثقة من الحكومة الحالية ، أو إقالتها ، أو اختيار أعضاء الحكومة المقبلة ، وذلك طبقاً للإعلان الدستوري الذي ينص على أن تشكيل الحكومة من سلطات رئيس الجمهورية ، لأن النظام المصري رئاسي برلماني ، دستورياً وقانونياً ، وليس برلمانياً فقط))
وهو التصريح الذى اثار كثير من البلبلة و الغضب فى صفوف الكثيرين ، خاصة مع البداية الفعلية للانتخابات  البرلمانية ، بل أصبح كلام شاهين هو الحجة الأقوى والأبرز فى حديث دعاة المقاطعة .
ومصدر الغضب انه رغم ان تشكيل الحكومة لن يكون بالفعل من صلاحيات البرلمان القادم ، التى سيتولى تشكيلها المجلس العسكرى أو رئيس الجمهورية وفقا للمادة 56 من الاعلان الدستورى ، وذلك الى حين الانتهاء من الدستور الجديد .
نقول رغم ذلك الا انه من الثابت أن الصلاحيات الرئيسية للبرلمان القادم مثل كل البرلمانات النزيهة هى مراقبة الحكومة ومحاسبتها ورفض او اعتماد ميزانياتها ، واستجواب وزرائها وسحب الثقة منهم او تاكيدها .  
وبعض التذكرة قد يكون مفيدا :
·       نص الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة يوم الأربعاء 30-3-2011
بعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى المادة 56 منه على انه (( يتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد، ولـه فى سبيل ذلك مباشرة السلطات الآتية : 1ـ التشريع.....7ـ تعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم وإعفاؤهم من مناصبهم))
·       ولكن ذات الاعلان الدستورى عاد ونص فى مادته رقم 33 على ما يلى : ((يتولى مجلس الشعب فور انتخابه سلطة التشريع ، ويقرر السياسة العامة للدولة ، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية , والموازنة العامة للدولة ، كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية ))
·       وتم تأكيد ذات المعنى فى المادة 61 فنص على ((يستمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى مباشرة الاختصاصات المحددة فى هذا الإعلان وذلك لحين تولى كل من مجلسى الشعب والشورى لاختصاصاتهما  وحتى انتخاب رئيس الجمهورية ومباشرته مهام منصبه كلُ فى حينه))
***
الخلاصة ان صلاحيات البرلمان القادم تجاه الحكومة مسألة واضحة وجلية ، تبدأ من لحظة تشكله .
واى تصريحات عكس ذلك مخالفة للحقيقة ، كما انها تلقى  بمزيد من الشك حول نوايا المجلس العسكرى تجاه التسليم الكامل للسلطة فى مواعيدها ، فالرغبة الصادقة فى التسليم تتنافى مع المراوغة والمساومة والفصال فى توصيف صلاحيات البرلمان لالغاءها او تقليصها ، وتتنافى مع ما تم من قبل من محاولة لتأجيل الانتخابات الرئاسية الى ابريل 2013 قبل ان تضغط مظاهرات التحرير الى التعجيل بها الى يونيو 2012 ، كما تتنافى مع تكليف الدكتور السلمى باصدار وثيقته سيئة السمعة بمادتيها التاسعة والعاشرة اللتان نصتا على صلاحيات دستورية خاصة للقوات المسلحة .
و أظن أننا فى أمس الحاجة فيما تبقى من المرحلة الانتقالية الى تجنب مثل هذا النوع من التصريحات والتفسيرات ، من اجل اعادة الثقة الى الجميع فى مصداقية خريطة الطريق المعلنة ، خاصة بعد الدرس القاسى الأخير الذى عاشته مصر كلها واسفر عن سقوط  كل هذا العدد من الشهداء ، وما فجره من انشقاق وطنى حاد لم نخرج منه بعد .
*****
القاهرة فى 6 ديسمبر 2011





الأحد، 4 ديسمبر 2011

قوائم الشركة

قوائم الشركة
محمد سيف الدولة
  Seif_eldawla@hotmail.com

يحدثنا بعض الخبثاء ان اعضاء حزب المصريين الاحرار، كثيرا ما يخطئون اثناء اجتماعاتهم الحزبية فيستخدمون سهوا تعبير الشركة حين يكون قصدهم الحديث عن الحزب .
وهم بالطبع معذورين فى ذلك ، فهو حزب الشركة بجدارة ، فيقال أن غالبية العضوية هم من موظفى الشركة ، او ممن تربطهم معها مصالح شغل و بيزنس .
ورغم ان قوائمه المسماة بالكتلة المصرية تضم أحزاب أخرى مثل حزب التجمع والحزب الديمقراطى الاجتماعى ، ولكن يظل حزب الشركة هو اللاعب الرئيسى و صانع الالعاب ومورد الاموال .
ولقد ادهشنى وازعجنى بشدة تقدم قوائم حزب الشركة الشهير باسم حزب المصريين الاحرار فى الجولة الاولى من الانتخابات البرلمانية .
كنت اتمنى بدلا من ذلك ان تتقدم قوائم أخرى مثل قائمة الثورة مستمرة الذى تضم جماعات واحزاب اقرب الى عامة الشعب والى الفقراء والى العدالة الاجتماعية والى الثوار الحقيقيين ، والذين لا تدور حولهم أى شبهات تربطهم بالنظام البائد ، فى اطار برلمان اكثر توافقا من مؤشرات المرحلة الاولى .
أما تقدم قوائم التيارات الاسلامية ، فلقد كان متوقعا وفقا لعديد من المؤشرات اهمها حالة الصعود العام للحركات الاسلامية فى الوطن العربى ومنها مصر على امتداد العقود الماضية  لاسباب لا مجال للخوض فيها هنا . ثم نتائج برلمان 2005 ونجاح 88 نائبا اخوانيا رغم تزوير الانتخابات . بالاضافة الى نتائج الانتخابات فى تونس التى سبقتنا باسابيع قليلة ، واخيرا نتائج الانتخابات النقابية التى حصد فيها الاسلاميون غالبية الاصوات والمقاعد . فهو تقدم سبقته مقدمات ومؤشرات كثيرة .
اما تقدم قوائم الشركة فلم يكن له أى مقدمات ، سوى حجم الأموال التى صرفت ، والتى قال عنها المهندس نجيب سويرس انها لم تتعد 30 مليون جنيه ، لم يتحمل هو منها سوى 10 مليون فقط !!
وسبب انزعاجى من تقدم قوائم الشركة ، هو انهم لم يكونوا فى يوم من الايام ثوارا ، بل انهم كانوا جزء لا يتجزا من النظام الساقط ، بل هم الفلول الحقيقيون فى جانبهم الطبقى والاقتصادى ، و هم انصار الاقتصاد الحر وسيطرة القطاع الخاص ووكلاء الشركات الاجنبية وهادمو الصناعات الوطنية والمستأثرون بغالبية الثروات والمتزاوجون على الدوام مع السلطات ، كل السلطات منذ عهد الاحتلال البريطانى مرورا بثورة يوليو بعصورها الثلاث . منزوعى المبادىء والقيم فيما عدا قيمة واحدة هى فن الربح والمكسب فى كل الظروف والاحوال . ومن اجل ذلك يركبون كل الموجات ويتمسحون بكل الثورات . تاجروا مع الاورنس قبل الثورة ، وشاركوا الدولة فى الستينات ، واصبحوا وكلاء للخواجات ايام الانفتاح فى السبعينات ، وفى التسعينات وما بعدها نهبوا اراضى الدولة و شركات القطاع العام واموال البنوك وضاعفوا ثرواتهم فى أقل من 24 ساعة مع تعويم الجنيه . و يسيطرون الان على 40 % من جملة الثروة المصرية وعلى 70% من جملة الدخل القومى السنوى .
وبالتالى فان نجاحهم هو على النقيض تماما من  مصالح الثورة . وحتى حين ارادوا عمل دعاية انتخابية ، فان اعلاناتهم التلفزيونية جاءت شديدة الشبه بعروض شركات المحمول  أواعلانات حديد عز .
***
والشركة التى نحن بصددها على وجه التحديد هى شركة وثيقة الصلة بهيئة المعونة الامريكية ، يقال انه تم اختيارها بعناية من قبل الامريكان ضمن سلسلة اخرى من الشركات على امتداد الثلاثين عاما الماضية لبناء وتاسيس قطاع خاص قوى حليف وتابع للمصالح الراسمالية الغربية فى البلاد .
ويقال ان الشركة استفادت كثيرا من برنامج الاستيراد السلعى الامريكى الذى اعطى القطاع الخاص المصرى حق الاستيراد من امريكا بفائدة 1,5 % على ثلاث سنوات ، فى وقت كانت الفائدة السنوية فى البنوك المصرية 15 % .
وقيل ان هيئة المعونة الامريكية قد ارست على الشركة بالامر المباشر مقاولة تجديد واحلال فلنكات السكة الحديد .
 وان الشركة كانت هى المقاول المصرى الرئيسى الذى كلف بعملية بناء القلعة الحربية فى جاردن سيتى المسماة بالسفارة الامريكية
 وانها استفادت كثيرا من عقود اعمار العراق فى ظل الاحتلال الامريكى الذى رفضته وقاطعته كل القوى الوطنية المصرية .
وكل هذ على سبيل المثال وليس الحصر .
***
ان الشركة ومثيلاتها على امتداد كل الأزمنة والعصور ، كانت تجيد وتحترف كافة امور التمسح وفنونها ، وهى الآن تتمسح بما يسمى بمدنية الدولة وحقوق الأقباط وما شابه ، لتغطية اجندتها الاصلية التى ياتى على راسها فى تصورى :
1)   الافلات من المحاسبة والعقاب على كونها جزء اصيل من النظام السابق
2)   بالاضافة الى البحث عن مصادر رزق جديدة فى النظام الجديد المزمع انشاءه بعد الثورة
3)   مع الحفاظ على مصالحها وامتيازتها الاقتصادية والاجتماعية القديمة
4)   وأيضا دعم وصيانة مصالح و نفوذ حلفاءها وارباب نعمتها من كبرى الشركات الامريكية والاوروبية .
*****
القاهرة فى 3 ديسمبر 2011