محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
لو كنا قوم أعزة ، لكان السؤال الأول الذى يتوجب علينا أن نوجهه الى كل سياسى امريكى او اوروبى قبل ان نقبل استقباله أو الحوار معه هو هل تعترف بفلسطين ؟
فان أنكرها علينا ، اعتبرناه عدوا على الفور و قاطعناه وطردناه من أراضينا وأوطاننا وجمدنا مصالحه فى أسواقنا وحرمنا عليه أموالنا وحرمنا امواله وبضائعه على أنفسنا .
ففلسطين هى أرضنا منذ عشرات القرون ، اختبرنا فى ملكيتنا لها واختصاصنا بها عدة مرات أهمها فى الحروب الصليبية . لا تختلف فى شىء عن مصر أو سوريا أو العراق ، أو عن أى جزء آخر ولو صغير من أوطاننا مثل سيناء أو طابا التى رفضنا التفريط فى شبر واحد منها .
واحتلال فلسطين واغتصابها الحالى والممتد منذ 63 عاما ليس هو الأول من نوعه فلقد سبق احتلال القدس 88 عاما من 1099 الى 1187 قبل ان نحررها .
بل ان الجزائر بلد المليون شهيد احتل 130 عاما من 1830 الى 1962 ولكن تم تحريره فى النهاية .
كما أن كل شعوب العالم المحترمة فى افريقيا وآسيا وامريكا اللاتينية قد نجحت فى تحرير اوطانها بعد عقود طويلة من الاستعمار.
وبعضها قدم تضحيات مئات الأضعاف مما قدمناه نحن فى القرن الماضى فى مواجهة (اسرائيل) ومع ذلك لم يقرر أيا منهم أن يتنازل عن أراضيه للأعداء بسبب خلل فى ميزان القوى .
تذكروا شهداء الصين وفيتنام ، وتذكروا شهداء العالم كله فى الحربين العالميتين الاولى والثانية الذى بلغ عددهم 70 مليون قتيل .
وغالبيتهم ليسوا بمسلمين ، ولكنهم صمدوا وقاتلوا ولم يبيعوا أوطانهم او يتنازلوا عنها .
***
ولكننا بدلا من ذلك ، نجد أنفسنا نعيش أذلة ونقبل حملات التفتيش والاستجواب الدائمة المستمرة على مواقفنا وسياساتنا وبرامجنا وضمائرنا ، التى تبدأ بسؤال رئيسى مقدس :
هل تعترفون باسرائيل وبحقها فى الوجود ؟
هل بالفعل تنازلتم عما كنتم تسمونه بفلسطين التاريخية ؟
انه سؤال الصلاحية السياسية والأمنية وأساس صكوك الغفران الغربية و الطريق الوحيد لتلقى شهادة حسن سير وسلوك دولية بأننا أسوياء خالون من أمراض التطرف والارهاب .
ولما تمادينا فى مذلتنا ، خرج الارهابى الامريكى (( نيوت جينجرتش)) مرشح الرئاسة الامريكية عن الحزب الجمهورى لينفى وجود فلسطين أصلا ويدعى انها ظاهرة مختلقة ومخترعة ، وان على الارهابيين الذين يسمون أنفسهم بالفلسطينين أن يرحلوا ويوزعوا أنفسهم على بلاد العرب ، ويتركوا أرض اسرائيل لليهود
لم نفهم أبدا ما الذى أوصلنا الى هذه الدرجة من الخوف و المذلة ؟
ان كان هو اختلال موازين القوى ، فانه ليس فى حضارتنا ما يدعو الى الذل والهوان والتراجع عن الثوابت والمبادىء والعقائد لأننا الأضعف
وان كان هو الدين فكل أدياننا تحضنا على القتال والجهاد والدفاع عن الديار وعدم موالاة العدو ، وعدم الاستسلام والخنوع أمام الأقوى والأكثر عددا ، وأن الحق مفضل على القوة ، وان الرجال يعرفون بالحق ولا يعرف الحق بالرجال .
وان كان هو التاريخ ، فان التاريخ الذي نحفظه وندرسه لأولادنا وتتوارثه أجيالنا هو تاريخ الصمود والمقاومة والتحرير والنصر .
وان كانت هى القدرة ، فنحن والحمد الله امة عريقة ممتدة غنية كثيفة العدد .
***
ان لم نستطع الآن بعد ثوراتنا وربيعنا وسقوط أنظمتنا التابعة والعميلة أن نستعيد عزتنا ونستقوي بشعوبنا ونرد الرد المناسب على مثل هؤلاء المجرمين فى أمريكا وخارجها ، ونفهمهم أن قواعد اللعبة قد تغيرت وموازين القوى قد اختلفت ، وأنه لم يعد هناك من يملك تكميم أفواهنا وإطفاء غضبنا فى مواجهة جرائمكم المستمرة ، وان أوطاننا لم تعد سلعا تباع فى أسواق الانتخابات الأمريكية والأوروبية .
ان لم نفعل ذلك فلا خير فينا ولا خير فى ثوراتنا .
*****
القاهرة فى 13 ديسمبر 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق