محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
الايدى القذرة هو اسم مسرحية شهيرة لجان بول سارتر الفيلسوف الفرنسى الكبير ، تدور احداثها فى فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية حول تكليف الحزب الشيوعى الفرنسى لاحد كوادره باغتيال زعيم الحزب الاشتراكى الحليف الرئيسى للحزب الشيوعى لاتخاذه قرارا لا يرضى عنه الرفاق فى الاتحاد السوفيتى .
وبالفعل ينفذ الكادر مهمته ويقتل الزعيم الاشتراكى ويسجن ، ليفاجأ بعد خروجه من السجن ، ان الحزب الشيوعى قد قرر انتهاج ذات السياسة التى انتهجها الزعيم الاشتراكى وقتلوه من اجلها ، لان الرفاق السوفييت قد غيروا رايهم وتغيرت مصالحهم .
عن هؤلاء كتب سارتر روايته ، عن هذا الصنف من السياسيين المتخفى وراء افكار مثالية ولكنهم ليسوا سوى اداة لتنفيذ مصالح دول او قوى خارجية ، واسماهم بالايدى القذرة .
لم يكن سارتر هو الوحيد الذى واجه مثل هذه الظاهرة فى بلاده ، وانما فى مصر ايضا ناضلت الاجيال الشابة من الماركسيين بضراوة منذ بدايات السبعينات لتحرير الحركة الشيوعية المصرية من هيمنة الأممية الثالثة قبل ان يسقط الاتحاد السوفيتى عام 1991 .
***
اما عن سبب الاستدلال برواية سارتر هنا فلقد جاء كمقدمة للتعليق على دعوة المهندس نجيب ساويرس عبر قناة سى بى سى نيوز الكندية للحكومات الغربية بالتدخل للضغط على الادارة المصرية للحيلولة دون قيام نظام دينى .
وكان بعض الاصدقاء قد ارسلوا لى فيديو لهذا اللقاء منذ عدة ايام ، ولكنى لم اتحمس لمشاهدته لشكى بان هناك سوء فهم ما ، وتربص طائفى كريه بساويرس ، لانه يستحيل لانسان ذكى ورجل أعمال ناجح مثله أن يورط نفسه فى مثل هذه التصريحات .
ولكن مع زيادة الحملة ، قررت ان أشاهد الفيديو لأتأكد بنفسي ، وصدمت مثل الآخرين من فجاجة بعض ما ورد فيه والذى انقل لكم نصه فيما يلى :
م/نجيب : انا اطالب الغرب ان يلعب دور استباقى ولا يتركنا فى هذا الزخم والا سيتسرب تاثيره اليهم
المذيع : ما هى طبيعة هذا الدور الاستباقى ؟ ماذا عليهم ان يفعلوا ؟
م/نجيب : ان يذهبوا الى الذين يحكمون البلاد الآن ليقولوا لهم لن نسمح بقيام نظام دينى ، لن نسمح بتعامل غير عادل مع الاقليات ، لن نسمح بمخالفة القانون والعدالة ، يجب ان تحقق بلادكم الولاء لمبادىء الامم المتحدة ، مبادىء حقوق الانسان ، واى حيدة عن هذا سيدفعنا للتدخل
المذيع : ماذا يقولون عندما تطلب منهم ذلك وانا اعلم انك تخاطب الحكومات ، الحكومات الغربية
م/نجيب : لا يقولوا اى شىء ولا يفعلوا اى شىء
المذيع : كم من الوقت تبقى لدينا لكى نفعل شىء ؟
م/نجيب : لم يتبق الكثير من الوقت ، وقت قليل جدا ، انا لا اقول لهم اذهبوا وهاتوا جيوشكم الان وتدخلوا . اقول لهم كونوا مبادرين ، تحتاجوا ان تراقبوا الموقف وتحاولوا ان تساعدوا تلك البلاد فى ان تنهض بشكل ديمقراطى لا ان تتركوها تنجرف . المساواة وحرية التعبير والحق فى العمل طالما تتوفر الكفاءة بلا تمييز على اساس الدين ، نحن لا نطلب المعجزات .
***
ان مشكلة الحديث بالطبع ليست فى رفضه القاطع لوجود نظام دينى فى مصر ، فهذا رأيه وبرنامجه الذى من حقه ان يناضل من اجله داخل مصر حزبيا وبرلمانيا واعلاميا الى أبعد مدى ، والذى قد يكون محل اتفاق مع آخرين .
ولكن سقطة الحديث تتمثل فى مطالبته الصريحة للحكومات الغربية بالتدخل الصريح والسافر والفورى فى الشئون المصرية بما يخالف ابسط مبادىء السيادة الوطنية .
***
ولذا ارجو من أعضاء حزب المصريين الأحرار ومن أعضاء الكتلة المصرية ومن كل القوى الليبرالية التى تتخذ من ساويرس حليفا لها ، بل ارجو من كل العاملين والموظفين فى شركات اوراسكوم ، بصفتهم جميعا مواطنون مصريون شرفاء ان يبادروا قبل غيرهم برفض هذه التصريحات وان يؤكدوا على رفض و إدانة اى تدخل اجنبى فى الشأن المصرى .
*****
القاهرة فى 10 ديسمبر 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق