بحث فى المدونة

الاثنين، 19 فبراير 2018

مصر تضفى البهجة على قلوب (الاسرائيليين)


مصر تضفى البهجة على قلوب (الاسرائليين)
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

قال نتنياهو اليوم *: ((أرحب بهذه الاتفاقية التاريخية التي تم الإعلان عنها للتو والتي تقضي بتصدير غاز طبيعي إسرائيلي إلى مصر. هذه الاتفاقية ستدخل المليارات إلى خزينة الدولة وستصرف هذه الأموال لاحقا على التعليم والخدمات الصحية والرفاهية لمصلحة المواطنين الإسرائيليين)).
وأضاف: ((لم يؤمن الكثيرون بمخطط الغاز وقد قمنا باعتماده لأننا علمنا بأنه سيعزز أمننا واقتصادنا وعلاقاتنا الإقليمية لكن فوق كل شيء آخر، إنه يعزز المواطنين الإسرائيليين. هذا هو يوم عيد)).
***
نشرت وكالات الانباء خبرا نقلا عن شركة «ديليك» للحفر، إن الشركاء في حقلي الغاز الطبيعي الإسرائيليين «تمار ولوثيان»، وقعوا اتفاقات مدتها 10 سنوات لتصدير غاز طبيعي بقيمة 15 مليار دولار إلى شركة دولفينوس المصرية المملوكة لمجموعة عرفة لصاحبها علاء عرفة أحد أهم مصدرى اتفاقيات الكويز.
وهو ما احتفى به نتنياهو احتفاءا كبيرا واصفا الاتفاقية بالتاريخية، ومعددا فوائدها الجمة لاسرائيل، ومعتبرا، على غرار أغنية شادية الشهيرة، أن " اسرائيل اليوم فى عيد".
***
·      مصر الرسمية تستورد الغاز من العدو الصهيونى بعد اسابيع قليلة من اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لاسرائيل، كتمهيد لتصفية القضية الفلسطينية، المشهورة بصفقة القرن.
·      وبعد ايام قليلة من مؤتمر حاشد وخطبة عصماء للسيسى فى افتتاح حقل "ظهر"، الذى تصور المصريين أنه سيحقق لنا الاكتفاء الذاتى ويغنينا عن استيراد الغاز.
·      وبعد ساعات قليلة من حُكم دولى بالزام مصر بدفع تعويضات 1.03 مليار دولار لشركة غاز الشرق المتوسط التى يمتلك رجل اعمال اسرائيلى حصة فيها، عقابا لها على الغاء تعاقدها معها.
·      وبعد سويعات من خطبة نتنياهو فى مؤتمر ميونخ للأمن التى ردد فيها للمرة العاشرة، انبهاره بحميمية العلاقات مع دول عربية كبرى فى المنطقة.
·      لم يكن من الممكن ان توقع مثل هذه الاتفاقيات، فى عهد ثورة يناير، التى قدمت مبارك للمحاكمة على عدة جرائم منها تصديره الغاز لاسرائيل.
·      ولم يكن من الممكن أن يتم توقيع مثل هذه الاتفاقية، لولا القبضة البوليسية التى يفرضها السيسى على كل القوى الوطنية المصرية، وزجه بالاف من الشباب والثوار والمعارضين والسياسيين فى السجون، وإغلاقه التام للمجال السياسى وتأميمه الكامل لكل المنابر الاعلامية. وسيطرته على السلطة التشريعية وتأسيسه لبرلمان موالى تم تشكيله واختيار عناصره من قبل الاجهزة الأمنية، وقبل ذلك وبعده حظره لحق المصريين فى التظاهر.
·      ولم يكن من الممكن ان يتم توقيعها لو ان هناك فى مصر معركة انتخابات حقيقية نزيهة، يتنافس فيها الجميع منافسة شريفة، ويتم الكشف فيها عن حقيقة توجهات وانحيازات وتحالفات المرشح الرئاسى عبد الفتاح السيسى.
·      ولو لم يكن من الممكن توقيع اتفاقية مدتها عشر سنوات، لو يكن هناك ثقة اسرائيلية فى ان السيسى باقى فى منصبه 10 سنوات على الاقل لتأمين العلاقات والاتفاقيات والذى منه.
·      ولم يكن من الممكن توقيعها لو أن هناك سلطة وطنية ترفض دعم اقتصاد العدو الصهيونى، وترفض الترويج لرواية نتنياهو عالميا بأن فلسطين لم تعد تمثل اهمية بالنسبة للحكام العرب وان العلاقات العربية الاسرائيلية ممتازة رغم قرار القدس ورغم المستوطنات ورغم عدم نية اسرائيل الانسحاب من اى ارض محتلة.
·      ولم يكن من الممكن توقيعها لو أن هناك سلطة وطنية تدرك مخاطر تكبيل مصر بمزيد من القيود والاتفاقيات لصالح اسرائيل، فى ظل عداء شعبى للكيان الصهيونى ورفض التطبيع معه، وما يمكن أن يترتب على ذلك من توريط مصر مرة أخرى فى تعويضات مالية ضخمة فى حالة تفجير خطوط نقل الغاز كما حدث فى الشهور الاولى لثورة يناير.
·      ماذا سيقول اليوم أولئك الأفاقون المضللون الذين دأبوا على وصف ثورة يناير "بالربيع العبرى"؟ هل سيخجلون ويبتلعون ألسنتهم، أم سيذهبون للاحتفال مع نتنياهو؟
*****
الهوامش
القاهرة فى 19 فبراير 2018


الخميس، 8 فبراير 2018

انتحار ابراهيم عيسى



انتحار ابراهيم عيسى
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
حين يتهم ابراهيم عيسى فى برنامجه الجديد، حوش عيسى، على قناة وثيقة الصلة بالأجهزة الأمنية.. حين يتهم عمليات المقاومة الفلسطينية عامة بالعنف والارهاب ويشبهها بداعش، ويصف عملية ميونيخ 1972 على وجه الخصوص بالعملية الارهابية ويصف من نفذوها بالارهابيين(1)، وحين يحتفى الصهاينة به وبما قاله، ويستدلوا به على صحة اتهاماتهم للمقاومة الفلسطينية بانها ارهابا (2)، فاننا نكون للأسف الشديد بصدد عملية "انتحار وطنى" فى وضح النهار.
***
لم أشارك من قبل فى تحليل ظاهرة "عيسى"، بكل توافقاته أو مشاغباته مع السلطة، وبكل انتقاداته لها أو تغزله فيها، التى كانت تنتهى دائما بالعودة الى أحضانها واللعب على ارضها وفقا لقواعدها، فى وقت فرضت فيه الحظر والحصار الشديدين على آلاف من الكتاب والصحفيين والاعلاميين والسياسيين الذين رفضوا التفاوض معها أو التنازل لها.
كما أن ظاهرة "المثقف برخصة" معتمدة من الأنظمة والسلطات توهبها أو تسحبها أو تجددها متى شاءت، هى ظاهرة منتشرة وكثيفة، لا وقت عندنا لمتابعتها والتعليق عليها، وان كان ابراهيم عيسى واحقاقا للحق، يتميز عن الكثير منهم بقدر أكبر من الثقافة والشطارة.
                                                                     ***
ولكن حين تمتد "شطارته" الى  تزييف وتشويه تاريخ و عمليات وحركات المقاومة للعدو الصهيونى، فان هذا يستوجب وقفة نذكره فيها بالثوابت والحقوق الوطنية، وبالحدود الفاصلة بين معسكرى الأصدقاء والأعداء:
1)   ان المشروع الصهيونى هو أكبر مشروع ارهابى شاهده العالم فى العصر الحديث، يمثل العنف والارهاب ركنا اصيلا فى عقيدته وليس مجرد وسيلة. وهو ما يعلمه أى طفل فلسطينى وعربى يعيش بيننا، بدءا بمذابحه التى لم تنقطع فى فلسطين منذ عام 1948و حتى يومنا هذا، ومرورا باعتداءاته ومذابحه على مصر نفسها، ليس فى 1956 و1967 فحسب، بل فى غزة 1955 ومدرسة بحر البقر ومصنع أبو زعبل وقتله للاسرى المصريين واسقاطه لطائرة سلوى حجازى، والقائمة تطول.
2)   اضافة بالطبع الى عمليات القتل والاغتيال التى يقوم بها ضد القيادات الفلسطينية وانصار المقاومة فى أى مكان خارج الارض المحتلة ليس أولها اغتيال أبو جهاد فى تونس عام 1988، وليس آخرها اغتيال المهندس محمد الزواوى فى تونس ايضا عام 2016.
3)   ناهيك عن اغتيال علماء الذرة المصريين والعرب على امتداد ما يزيد عن نصف قرن.
4)   كما أن الصهاينة يشنون كل يوم غارات واعتداءات على من يرون فيهم تهديدا لأمنهم القومى، ضربوا المفاعل النووى فى العراق وضربوا مصانع فى السودان، ولا يزالوا يضربون سوريا كل يوم.
5)   كما أنه فيما يتعلق  بالكيان الصهيونى على وجه التحديد، الذى له طبيعة غير مسبوقة من حيث هو استعمار استيطانى "احلالى"، لا مجال للحديث عن صهاينة ابرياء، او صهاينة مدنيين او صهاينة رياضيين، فكل صهيونى يعيش فى الارض المحتلة اغتصب مكان ومنزل وهواء ومضمار للركض كان يمتلكهم مواطن فلسطينى.
6)   كما اننا حين نفرض حظرا على اللاجئين الفلسطينيين المطرودين من ارضهم، فى القيام بعمليات ضد (اسرائيل) خارج فلسطين، فاننا انما نحمى ونكافئ الصهاينة على تشريد اصحاب الارض الحقيقيين ونؤمنهم من العقاب ودفع الثمن.
7)   كما ان فى ذلك اعفاء لملايين اللاجئين الفلسطينيين من مسئولية وحتمية المشاركة فى معارك المقاومة والتحرير.
8)   كما أن العدو الأصلى هو الحركة الصهيونية العالمية، التى تأسست قبل (اسرائيل) بنصف قرن وقامت بتأسيسها، ولا تزال تحشد لها الدعم والداعمين على مستوى العالم، فهى وشبكاتها ومراكزها وقياداتها واعضائها أهداف مشروعة للمقاومة والمقاومين ولو كانت تقع خارج الأرض المحتلة، وفى الادعاء بغير ذلك مطالبة بتأمين وحماية مصادر القوة الرئيسية الداعمة لدولة الاحتلال.
9)   كما أن فى وصف المقاومة بالعنف والارهاب، انحياز الى ذات الادعاءات الصهيونية والامريكية، وترديد لذات خطابها الذى تطالب فيه برأس المقاومة الفلسطينية وبنزع سلاحها، توحد بينها وبين داعش كما ادعيت أنت فى برنامجك تماما.
10)         ان ألف باء الصراع العربى الصهيونى، هو اننا نواجه مشروعا استعماريا كبيرا بقيادة الولايات المتحدة الامريكية وقاعدتها العسكرية الاستراتيجة الرخيصة المسماة بـ (اسرائيل) ، والذي يستهدفون فيه تجريد العرب من السلاح ومن القوة والحفاظ على التفوق العسكرى لاسرائيل، وامدادها بسيول من الأموال والسلاح لنجاح مشروعهم، ويشنون علينا اليوم حملة جديدة لتصفية القضية الفلسطينية فيما يعرف بصفقة القرن، فتأتى أنت لتشارك فى حملاتهم لإدانة المقاومة والعنف، وتجردنا أنت الآخر من الحق فى المقاومة وحمل السلاح، بدلا من أن تطالب بتوسيع دائرة المواجهة لتشمل (اسرائيل) ومن يقف وراء (اسرائيل).
***
وأخيرا أعتذر للقراء الأعزاء عن اضطرارى لتكرار مجموعة من البديهيات التى يعلمونها ويحفظونها عن ظهر قلب هم وأبناؤهم.
*****

الهوامش

القاهرة فى 8 فبراير 2018
  


الأحد، 4 فبراير 2018

هل دنس سلاح الطيران الصهيونى سيناء؟


هل دنس سلاح الطيران الصهيونى سيناء؟
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
  • لماذا لم تصدر مصر تكذيبا رسميا؟
  • وكيف تسمح بانتهاك سيادتها الوطنية؟ وعلى يد العدو الصهيونى؟
  • ولماذا تلجأ مصر لاسرائيل؟ ولا تقوم بتوجيه هذه الضربات العسكرية بنفسها؟
  • ولماذا تسمح بتبييض وجه الجماعات الارهابية وتظهرها بمظهر المعادى لاسرائيل؟
  • وهل سنعلم اولادنا فى المدارس ان (اسرائيل) تساعدنا فى سيناء؟

***
  لم يصدر أى بيان رسمى مصرى لتكذيب ما ورد فى التحقيق الصحفى المنشور فى نيويورك تايمز بتاريخ 3 فبراير 2018، عن قيام الطيران الاسرائيلى بتوجيه ضربات للجماعات الارهابية فى سيناء بموافقة مصرية صادرة من عبد الفتاح السيسى.
مصر الرسمية التى دأبت على اصدار بيانات التكذيب لعشرات المقالات والتقارير الاجنبية بما فيها تلك التى تصدر من الامم المتحدة، والتى تنتقد حقوق الانسان فى مصر وآخرها تقرير النيويورك تايمز حول التسريبات التليفونية عن توجيه أجهزة الأمن للاعلاميين، التزمت الصمت تماما تجاه التحقيق المذكور.
بما يرجح صحة ما ورد  فيه حتى اشعار آخر، ويؤكد مرة أخرى على الحرص الشديد  لدى السلطة المصرية الحالية على عدم اغضاب (اسرائيل)، وعدم التجرؤ على نفى ما تقوم بتسريبه من حين لآخر عن عمق العلاقات الامنية والعسكرية بينهما. هذا الحرص العميق الذى ذهب بعبد الفتاح السيسى الى إهانة الشعب المصرى وجنوده وشهداءه ونضاله بالادعاء فى خطابه فى الذكرى السنوية الأخيرة لنصر اكتوبر بأن مصر حاربت فى 1973 من اجل السلام! وكأنه يقدم اعتذارا ضمنيا للاسرائيليين عن مشاركته فى ذكرى الاحتفال بقتالهم والانتصار عليهم.
وهى ذات الدوافع التى جعلته فى خطابه السنوى الاخير بالأمم المتحدة يشيد بنتنياهو كرجل سلام مع قيامه فى المقابل بتشويه الفلسطينيين الذين قال ان عليهم أن يثبتوا للعالم انهم يريدون السلام، والأمثلة متعددة على ما أسميناه فى عديد من الكتابات بالعصر الذهبى للعلاقات المصرية الاسرائيلية.
***
ماذا يمكن أن نقول عن هذه الكارثة الوطنية الكبرى اذا كانت قد حدثت بالفعل؟
أى كلمات تلك التى يمكن ان نسطرها لوصف السماح لطائرات العدو الصهيونى التى قتلت مئات المصريين وآلاف الفلسطينيين والعرب، ودمرت الطائرات والمطارات المصرية فى 1967، وارتكبت مذابح بحر البقر ومصنع ابو زعبل، ان تعربد فى المساء المصرية بمباركة من رئيس الدولة.
وهذا العدو الذى لا يزال يحتل ارض فلسطين، ولم تمر سوى اسابيع قليلة على جريمته الكبرى المشتركة مع الامريكان للاستيلاء على مدينة القدس الشريف وما تبقى من فلسطين؟
المسألة لا تحتاج الى تعليق، فالصدمة والرفض والغضب والامتعاض الشديد قد أصاب كل من قرأ الخبر أو علم به.
ولكننى أود هنا أن ابدى ثلاث ملاحظات رئيسية:
الأولى هى ان اكبر دعم يمكن ان يقدمه السيسى للجماعات الارهابية فى سيناء، هو بسماحه للطيران العسكرى (الاسرائيلى) بان يقصفهم. لسبب واضح وبسيط وهو ان الصهاينة فى الوجدان الشعبى المصرى والعربى هم دائما الأشرار، و ضحاياهم هم دائما الاخيار ايً كانت هوياتهم او مرجعياتهم.
وبالتالى سيتعاطف الناس على الدوام مع من تقصفه الطائرات الاسرائيلية. واذا تم تخييرهم بين دعم الجماعات الارهابية ودعم "الضربات المصرية الاسرائيلية المشتركة" فينحازون الى الطرف الاول حتى ولم تواتهم الجرأة على اعلان ذلك.
لقد كنا دائما ما نهاجم الجماعات الارهابية لأنهم يقتلون الجنود المصريين ولا يوجهون رصاصاتهم الى العدو الصهيونى الذى يبعد عنهم امتارا قليلة، ونتهمهم انهم ليسوا سوى أصابع شريرة للاستخبارات الصهيونية، فجاءت رواية نيويورك تايمز لتقول عكس ذلك، فهل من مُكذب؟
***
الملاحظة الثانية والاهم هى انه اذا صدقت الرواية، ويا ليتها لا تصدق، فان السؤال الأول الذى يتبادر الى الذهن، هو لماذا تحتاج مصر الى الطيران الاسرائيلى ليقوم بمهامها العسكرية نيابة عنها؟ ولماذا لا تقوم قواتها وطيرانها العسكرى المصرى بتوجيه هذه الضربات منفردة؟
والاجابة المعلومة لكل المتخصصين والمحجوبة على غالبية المصريين، هى أن (اسرائيل) للاسف تفرض قيودا حديدية على اعداد وتسليح الجيش المصرى فى سيناء بموجب الملحق الامنى من اتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية، ومن الواضح، ان صدقت الرواية المذكورة، ان (اسرائيل) ورغم ما يدعيه كل من نتنياهو والسيسى من عمق العلاقات، لا تزال ترفض حلحلة هذا القيود واطلاق يد مصر وحريتها فى نشر واستخدام ما تريده من قوات وطائرات ومطارات واسلحة لفرض الأمن والاستقرار فى سيناء.
فهى تقيد قواتنا وتسليحنا وتمنعنا من الدفاع عن اراضينا وحمايتها كما ينبغى، لتتقدم هى للقيام بهذا الدور. يا للعار.
***
الملاحظة الأخيرة، هى أن استمرار صمت نخبة مصر ومفكريها وقواها الوطنية الحية عن سياسات الاقتراب والتحالف المصرى الاسرائيلى غير المسبوقة التى يقودها السيسى والتى فاقت عصرى السادات ومبارك بمراحل، ستكون بمثابة مشاركة ومباركة منهم فى عملية، تجرى على قدم وساق، لاختراق وتضليل الرأى العام المصرى والأجيال الجديدة، بهدف إعادة تشكيل وعيه وضرب وتصفية ثوابته الوطنية المستقرة  تمهيدا لتمرير تطبيع شعبى مع العدو الصهيونى، عجزت جماعة كامب ديفيد على امتداد 40 عاما على تمريره.
فهل هناك من يود أن يرى شباب مصري يقع فى غرام (اسرائيل) ويحتفى يوما ما، بقواتها الطيبة التى تساعدنا فى تحقيق الأمن فى سيناء؟ انتبهوا أيها السادة.
***
وفى الختام سنظل ننتظر صدور تكذيبا رسميا من السلطة المصرية.
*****
القاهرة فى 4 فبراير 2018





السبت، 3 فبراير 2018

انتخابات بالإكراه


انتخابات بالإكراه
محمد سيف الدولة

بالإكراه سيقوم عبد الفتاح السيسى باعتلاء مقاليد الحكم فى مصر لأربع سنوات أخرى على الاقل، بالانتهاك والتحدى لكل القواعد والممارسات الدستورية والقانونية والسياسية المنظمة لأى انتخابات حقيقية نزيهة، ليعيد الى مصر ما قد انقطع على أيدى ثورة يناير، من احتكار رجلا واحدا لراس كل السلطات الى ما شاء الله.
***
كانت الصورة فى الأيام الماضية شديدة الوضوح؛ اعتقال وتشويه سامى عنان، الاعتداء البدنى على هشام جنينة، توقيف وترحيل وتهديد احمد شفيق، تلفيق قضية ماسة بالشرف لخالد على، الحكم بالسجن 6 سنوات على أحمد قنصوة، اختيار مرشح صورى لتحليل وشرعنة الانتخابات، كلمات التهديد والوعيد الصريحة التى وردت فى خطابه يوم الأربعاء 31 يناير الجارى، والتى شن فيها هجوما حادا على ثورة يناير، وأضاف القوى المدنية لأول مرة الى قائمة "أهل الشر" الذى يتحدث عنهم كثيرا، والتى كانوا حتى تاريخه يقتصرون على الاخوان المسلمين، واتهم كل المعارضة بالجهل فى شئون الدولة وعدم الصلاحية للمشاركة فى الحكم أو حتى ابداء الرأى، واتهمها بتهديد أمن مصر واستقرارها، وتوعدها باتخاذ اجراءات بوليسية ضدها تماثل مع ما فعله مع الاخوان المسلمين..الخ
مع ما واكب كل ذلك على امتداد عدة اسابيع من توظيف كل مؤسسات الدولة وكبار رجالها وكافة موظفيها لجمع توقيعات لحملة "علشان تبنيها" بالاضافة الى مئات الالاف من تفويضات الترشيح التى يكفى 25 الف منها، قيام اكثر من 500 نائب من برلمان الاجهزة الامنية لتفويض السيسى، هرولة كل الصحف والقنوات الفضائية لشيطنة اى مرشح جديد بمجرد ان يعلن عن نيته على خوض انتخابات الرئاسة.
***
ولكننا لم نكن نحتاج الى الانتظار الى ما قبل الانتخابات الرئاسية 2018 لكى نكتشف نية السيسى للتلاعب بها والاستيلاء على حكم مصر بلا منازع، فلقد كانت الحكاية واضحة وجلية منذ الايام الأولى لظهوره فى المشهد السياسى وقيامه وباقى جماعة الثورة المضادة، بسلسلة من السياسات والاجراءات التى مهدت لما نحن فيه اليوم :
·       تجريد الشعب المصرى من السلاح الوحيد الذى كان يمتلكه لمواجهة استبداد السلطة وجبروتها، بتجريم الحق فى التظاهر الذى انتزعته ثورة يناير بعد عقود من الحظر، ودفعت في سبيله اثمانأً باهظة من الدماء والشهداء. والزج بمئات من "الجناح المدنى" من شباب الثورة فى السجون والمعتقلات، ناهيك عن عشرات الآلاف من الاسلاميين.
·       تصفية اى وجود لشخصيات أو احزاب أو اطراف محسوبة على ثورة يناير، من اجهزة الدولة والحكومة، فتتم اقالة وزارة حازم الببلاوى التى تشكلت بعد 3 يولية 2013 والتى كانت تضم شخصيات محسوبة على ثورة يناير مثل كمال ابو عيطة وحسام عيسى، بعد ان استنفذ اغراضه منها، واستخدمها كغطاء وساتر لبضعة شهور ليخفى نواياه بالعصف بشركائه وحلفائه فى جبهة 30 يونيو، واقصائهم من الحياة السياسية.
·       مع فرض حصار امنى وسياسى وإعلام على احزابهم وقياداتهم، وإغراق المشهد بأحزاب ديكورية تابعة، تأتمر بأوامر الأجهزة الأمنية.
·       تسييس الاحكام القضائية وصدور احكام ادانة بالمؤبد والإعدام بالجملة، وتوسيع مدد الحبس الاحتياطى الى ما شاء الله، لتكون سيفاً على رقاب اى معارضة سياسية.
·       عودة التعذيب بأبشع صوره، واستحداث ظاهرة اجرامية جديدة لم يرها المجتمع المصرى من قبل، وهى ظاهرة الاختفاء القسرى.
·       انحياز الدولة له انحيازاً كاملاً فى الانتخابات الرئاسية 2014 مع التلاعب فى نتائجها، وعلى الاخص فى أعداد المشاركين والناخبين، لكى يدعى انه حصل على نسب مشاركة وتأييد لم تحدث فى انتخابات 2012.
·       تكليف الاجهزة الامنية بتشكيل برلمان موالى تماما للسيسى ومعادى لثورة يناير، مع استبعاد اى شخصيات تتسم بقدر ولو قليل من احترام الذات واستقلالية القرار، الى درجة استبعاد شخصيات عامة كانت ضمن الحملة الرئاسية الاولى للمشير.
·       تأميم الاعلام الرسمى والخاص، وادارته عبر خطاب اعلامى موحد، يشرف عليه ويوجهه ضباط تابعين لأجهزة الامن. وحظر الظهور فيه على أى صاحب رأى مخالف أو معارض. واختيار أردأ العناصر الامنية ليتصدروا المشهد السياسى والاعلامى.
·       وتشكيل ترسانة من الهيئات الاعلامية والصحفية لفرض القبضة الحديدة على الاعلام والاعلاميين والصحفيين، واختيار عناصرها من العناصر المعروفة بتبعيتها للأجهزة الامنية.
·       الضغط والحصار والتهديد للصحف الخاصة وملاكها وهيئات تحريرها، لتفريغها من أى كتابات أو كتاب معارضين جذريين.
·       فرض الحظر على مئات المواقع الإلكترونية المعارضة والمستقلة، واستحداث تشريعات تتيح للسلطات مطاردة ومحاكمة وتجريم رواد وسائل التواصل الاجتماعى .
·       اطلاق حملات اعلامية لتشويه وشيطنة وكراهية ثورة يناير وكل من شارك فيها من الشخصيات والتيارات والقوى الوطنية.
·       الانتهاك اليومى للنص الدستورى القاضى بان السيادة للشعب وحده، بممارسات وقرارات وخطابات اعلامية وسياسية، تؤكد على ان السيادة للرئيس والدولة والجيش والشرطة، وتعتبر اآ حديث عن الشعب حديث مكروه ومعادى.
·       والعودة الى زمن الفرعون والزعيم الاوحد وعصور "انا الدولة والدولة أنا"، وتخوين كل من يعارضه وتعريضه الى مخاطر جمة.
·       استنفار كل مؤسسات الدولة واعلامها للترويج والتبرير والدفاع عن كل قراراته وسياساته حتى لو كانت تتضمن التفريط فى ارض الوطن أو التحالف مع اسرائيل أو الخضوع التام للرئيس الامريكى، أو الاذعان لتعليمات صندوق النقد الدولى من تعويم للجنيه والغاء الدعم ورفع الاسعار وافقار الناس.
·       كسر ما تبقى من استقلال للقضاء، من خلال تحدى احكامه الباتة النهائية، لارسال رسالة الى الجميع بانه لا صوت يعلو على صوت عبد الفتاح السيسى، وهو ما ظهر جليا فى صفقة تيران وصنافير.
·       نزع ما تبقى من استقلال الهيئات القضائية وهيئات التدريس بالجامعات، باصدار تشريعات جديدة تلغى حقها فى اختيار وانتخاب قياداتها، وتستبدله بالتعيين بقرارات يصدرها رئيس الجمهورية.
·       والانتقام من اى قضاة او رؤساء مستقلين للهيئات الحكومية، مثلما حدث مع المستشارين هشام جنينة واحمد الدكرورى.
·       حظر العمل السياسى بالجامعات، الذى كان من اهم مكتسبات ثورة يناير التى استطاعت ان تعيد الجامعة الى سابق عهدها ودورها فى الاعداد والتربية الوطنية والسياسية لالاف الطلبة، وهو الدور الذى كان قد الغاه انور السادات بعد اتفاقيات كامب ديفيد فى 1978 بموجب اللائحة الطلابية 1979 التى حظرت العمل السياسى بالجامعة.
·       مع اعادة الحرس الجامعى مرة اخرى، بعد أن تم الغته ثورة يناير، ليعود هذه المرة فى شكل شركات أمن خاصة تابعة للاجهزة الامنية .
·       تأميم النقابات المهنية وعلى الأخص نقابة الصحفيين، وقمع دورها التاريخى كمنبر واسع للحريات وكحاضنة لكل التيارات السياسية ولكل اصوات المعارضة فى مصر، الى مجرد مؤسسة تابعة للنظام تأتمر بتعليمات وتوجيهات الأجهزة الأمنية. من خلال اقتحام قوات الامن لحرمها وتلفيق قضايا لقياداتها النقابية.
***
لقد قام بتوظيف أخطاء الاخوان وأخطائنا جميعا والانقسام الحاد بين جناحى الثورة المدنى والاسلامى، لاجهاض ثورة يناير وتصفية منجزاتها الديمقراطية من انتخابات نزيهة واشراف قضائى حقيقى ومنع التزوير واطلاق الحريات السياسية والنقابية والاعلامية والصحفية بلا اسقف، مع الحق فى تداول السلطة وحق تشكيل الاحزاب والنقابات المستقلة وحق تنظيم المظاهرات وعقد الاجتماعات... فقام بالقضاء على كل هذه الحقوق والمكتسبات، تحت غطاء القضاء على الاخوان المسلمين، ليكتشف الجميع اليوم ان رقبة ثورة يناير وثوارها هى التى كانت مستهدفة وليس رقبة الاخوان وحدهم.
لقد كانت خريطة الطريق المعلنة هى اعداد دستور جديد وانتخابات رئاسية وبرلمانية حقيقية تشارك فيها القوى المدنية التى اشتكت وغضبت لاقصاء الاخوان لهم، ولكن الخريطة الفعلية كانت هى تصفية ثورة يناير ومكتسباتها وحرياتها والقضاء على ثوارها، مع اقصاء أشد قسوة وعنفا لكل القوى السياسية المصرية، لا فرق فى ذلك بين مدنى واسلامى.
***
للاسف لم يتعظ عبد الفتاح السيسى وجماعته مما جرى لحسنى مبارك وجماعته. فمصر تعيش اليوم حالة من الغليان قريبة الشبه بأجواء ديسمبر 2010 بل أسوأ منها بكثير. حفظها الله من كل سوء.
*****

القاهرة فى 3 فبراير2018