بحث فى المدونة

الثلاثاء، 31 مارس 2015

فلسطين تكشف الجميع

فلسطين تكشف الجميع
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
فى ذكرى يوم الارض، وفى شرم الشيخ، مدينة "السلام"، مدينة كامب ديفيد، وعلى بعد امتار من فلسطين المحتلة منذ 1948، من اخطر عدو واجهته الامة منذ قرون، اجتمع الحكام العرب ليقرروا شن حملة عسكرية على الحوثيين فى اليمن. بعد ان كانوا قد قاموا قبلها ببضعة شهور بالانضمام والمشاركة فى الحملة الامريكية الاستعمارية الثالثة ضد العراق المسماة بالتحالف الدولى.
وبعد بضعة شهور من مشاركتهم، صمتا او تواطؤً، فى العدوان الاخير على غزة، الذى اسقط ما يزيد عن 2000 شهيد فى اكبر مذبحة ضد الفلسطينيين منذ صابرا و شاتيلا .
وبعد بضعة شهور أيضا من اجتماعهم فى القاهرة مع آخرين، فيما سمى بمؤتمر اعمار غزة، للاتفاق على انه لا اعمار قبل نزع سلاح المقاومة، وقبل تسليمها الى سلطة اوسلو "الشرعية".
وبعد سنوات قليلة من مشروعهم لادارة واحتواء واجهاض الثورة اليمنية، بما سمى بالمبادرة الخليجية، التى أدت الى ما فيه اليوم.
وبالتزامن مع اتفاقهم على اجهاض الحلم العربى و الاطاحة بالثورات العربية، ومطاردة ثوارها بكافة الطرق والوسائل، بما فيها القتل والقنص والاعتقال وتكميم الافواه. الأمر الذى لم يستطيعوا اخفاؤه فى قمتهم الأخيرة، فكان  التجاهل التام لذكر كلمة واحدة عن الربيع العربى او الثورات العربية، مما كشف مدى كره وعداء حكام العرب لثورات العرب، ربما فيما عدا أمير الكويت الذى لم يكتف بالصمت، بل هاجم الربيع العربى صراحة!
***
فى قمتهم هذه غابت فلسطين تقريبا، من كلمات حكام الدول الرئيسية مثل مصر و السعودية، الا من بضع كلمات معدودة مستهلكة عن الدولة الفلسطينية فى حدود 1967 وفقا لمبادرة السلام العربية.
ليظهر بوضوح لكل من يهمه الأمر أن فلسطين لم تعد قضية العرب المركزية، بل اصبحت على العكس هى قضية العرب "الهامشية" بامتياز.
وربما كان بان كى مون الامين العام للأمم المتحدة هو الوحيد الذى انتقد اسرائيل، وذكر عدوانها على غزة، وضرورة اعمارها وفك الحصار عنها. ربما تصور انه بذلك يجامل العرب وقادتهم وجامعتهم فى يوم قمتهم، فاذا به يكتشف ان لا احداً سواه معنى بالِشأن الفلسطينى.
فيما عدا ابو مازن بطبيعة الحال، ممثل السلطة الفلسطينية، الذى تحدث عن سعيه لنيل الحماية الدولية للفلسطينيين فى مواجهة اسرائيل، ولم يتجرأ على مطالبة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، بحماية عربية، لانه يعلم ان أياديهم والقبر فى كل ما يخص فلسطين.
ولكنه حين اراد الاستنجاد بالدعم العسكرى العربى، طلبه فى مواجهة المقاومة الفلسطينية، حين طالب "بعاصفة حزم" لفلسطين فى مواجهة الانقسام، مسجلا رقما قياسيا فى التماهى مع المطالب والاحلام الاسرائيلية.
***
ليس فيما سبق اى دفاع عن داعش العراق، او عن حوثيي اليمن؛ فالاولى حركة طائفية ارهابية وحشية ومشبوهة. والثانية حركة طائفية قبلية اقصائية، تابعة ومخترَقة، تخدم مشروعا أجنبيا ايرانيا يبنى نفسه على انقاض المشروع العربى التحررى.
ولكن من ناحية أخرى هذه الانظمة العربية التابعة للأمريكان والمتحالفة معهم، والمتصالحة مع العدو الصهيونى، والمستأثرة بثروات البلاد والعباد، والمستبدة بكل خلق الله من شعوبها، لا تعبر عنا.
انهم يتقاتلون ويقتلون بعضهم البعض باسمنا ونحن براء منهم جميعا، ليس فيهم من يمثلنا، لا فى اليمن ولا خارجها.
***
وربما كانت هذه هى المرة الاولى التى يسمع فيها الرأى العام العربى ان دولا مثل السعودية والخليج لها انياب عسكرية، وانهم قادرون على الحرب والقتال مثل باقى دول العالم. فالمتعارف عليه انها تعيش تحت حماية الغرب منذ نِشأتها على ايدى الامبراطورية البريطانية. ولقد ظهر هذا جليا فى عديد من الاحداث والازمات، أبرزها كان ما سمى بحرب تحرير الكويت، التى استدعى مشايخها الخواجة الامريكانى لكى يخلصهم من صدام، ومن يومها لم تغادر القوات الامريكية المنطقة. وآخرها ما صرحت به الادارة الأمريكية مؤخرا على لسان بريت ماجيرك، مبعوث اوباما الخاص لقوات "التحالف السعودى"، بأن ((واشنطن تؤكد أنها ستحارب بكل قوتها من يعتدي على السعودية)) .
وبالتالى ان كانت لديكم مثل هذه القدرات القتالية، فلماذا تخاذلتم امام اسرائيل وسمحتم لها بالبقاء والسيطرة والتمدد والتغلغل والسيادة والتفوق العسكرى فى المنطقة.
ولقد انتفضت السعودية فورا لمواجهة الخطر الايرانى/الحوثى على حدودها الجنوبية قبل مرور اسابيع عن وقوعه. وماذا عن الخطر الصهيونى القابع فى قلب الامة على حدود مصر وسوريا والاردن ولبنان، منذ ما يزيد عن ستة عقود؟
ثم ان اى حرب تسمح بها الولايات المتحدة وتدعمها، وتباركها اسرائيل، ويؤيدها الاتحاد الاوروبى، هى حرب مشكوك فى غاياتها ونواياها الحقيقية.
هكذا فكر الرأى العام العربى.
***
ان كل ادعاءات الوطنية والقومية و الاسلام أو ادعاءات الدفاع عن الامن القومى العربى او الوطنى، التى لا تبدأ وتمر عبر بوابة تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيونى وتحرير الوطن العربى من الهيمنة الامريكية، عبر استراتيجيات وانحيازات وتحالفات وسياسات ومواقف واضحة وجلية و" حازمة"، هى دعوات زائفة، صادرة من حكام وأنظمة تابعين لا يمثلون الامة ولا الشعوب ولا يعبرون عن مصالحها.
كذبوا علينا فى السبعينات، وقالوا أن حرب اكتوبر هى آخر الحروب، واذا بنا نكتشف انها لم تكن سوى آخر الحروب الشريفة. لأننا منذ توقفنا عن مقاتلة عدونا الصهيونى، ضربت الأمة سلاسل قذرة، لم تتوقف ابدا، من الحروب العربية/العربية والصراعات الطائفية، والحروب الامريكية بالوكالة، بدءا بحروب الخليج الأربعة 1980، 1991، 2003، 2014. وانتهاءً بحروب اسرائيل واعتداءاتها المتكررة على لبنان وفلسطين فى غياب كامل لاى موقف عربى رسمى.
وفى كل ذلك لم نسمع أبدا عن أى عواصف عربية او نشم رائحة أى حزم عربى.
***
لو كان المنصب هو المعيار، فهى قمة عربية بلا شك. اما لو كان المعيار هو استقلال الامة ووحدتها وطموحات شعوبها فهو مؤتمر القاع العربى بامتياز.
*****


الثلاثاء، 24 مارس 2015

الاقتصاد الحر و سنينه

الاقتصاد الحر و سنينه
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

الرأسمالية، الاقتصاد الحر، اقتصاد السوق، ريادة القطاع الخاص، طمأنة رجال الاعمال، تشجيع الاستثمار، تسهيلات للمستثمرين.
هذه الاسطوانة المشروخة التى يرددها السيسى وحكومته ونظامه ورجال اعماله و إعلامه وضيوف مؤتمره الاقتصادى من صندوق النقد والبنك الدوليين، والشركات متعددة الجنسية، ومنظمة التجارة العالمية، وشبكات المصالح الأجنبية والعربية، ومنظمات التصنيف الائتمانى، وغرفة التجارة الامريكية، وكل لصوص العالم الذين حضروا مؤتمر شرم الشيخ، مدينة السلام، مدينة كامب ديفيد، المدينة الأكثر أمانا وتأمينا فى مصر، لقربها من "اسرائيل" ولكونها الشاطئ المفضل لسائحيها.
هذه الاسطوانة أو النظرية أو السياسة أو التوجه أو الرؤية أو الانحياز أو المدرسة، سمها ما شئت، التى أبلانا بها السادات منذ 1974، ورسخها مبارك، تحت رعاية وتعليمات الولايات المتحدة الامريكية.
انه الانفتاح الاقتصادى إياه، الذى خرب بيوت المصريين والذى فتح الابواب لرؤوس الاموال الاجنبية لتخترق الاسواق المصرية وتضرب وتصفى القطاع العام وتدمر الصناعات الوطنية وتنهب مقدرات البلاد، وتغرق مصر فى الديون، وتصنع طبقة رأسمالية مصرية تابعة ووكيلة وشريكة، تحتكر مع رجال السلطة الثروة والنفوذ فى خدمة المصالح الاجنبية، وتزرع التبعية والمعاناة والفقر والبطالة والعشوائيات والمرض والجهل.
***
·       فى السبعينات مع تسليم مصر من بابها للولايات المتحدة، ومع الصلح مع اسرائيل، تم ضخ مليارات الدولارات والريالات والاستثمارات فى مصر، اضعاف مضعفة مما يتحدثون عنه اليوم فى المؤتمر الاقتصادى، وكانت النتائج كارثية.
·       ومع الانفتاح الاقتصادى تم منح سيل من الاعفاءات الضريبية والجمركية للمستثمرين، فماذا حصد المصريين؟
·       وبعد حرب الخليج الثانية 1991 كوفئت مصر مبارك على قيامها بدور المُحَلل والمِحرِم للقوات الامريكية لاحتلال الخليج واختراق المنطقة تحت ذريعة تحرير الكويت، بإلغاء مليارات الدولارات من ديونها للأمريكان ودول الخليج ونادى باريس، ورغم ذلك استمر الخلل الاقتصادى والظلم الاجتماعى فى أبشع صوره.
·       وفى العشرين عاما الماضية، تم بيع وخصخصة القطاع العام بالمليارات، فأين ذهبت هذه الاموال؟
·       ان قصص نهب المال العام أراضي البلاد وثرواتها وقروض البنوك، فى ظل سياسات وتوجهات وريادات المستثمرين ورجال الاعمال والقطاع الخاص واقتصادهم الحر، أصبحت موثقة ومعروفة ومنشورة فى كل مكان، فهل نسينا ؟!
***
ان النظام الرأسمالى عموما وفى مصر على وجه التأكيد هو نظام اقتصادى مفترس و قاتل وطبقى ومستغل ومصاص لدماء الشعوب، و ليس له قلب ولا وطن ولا دين ولا عقيدة ولا اخلاق ولا ضمير ولا رحمة. بل له اله واحد هو "الربح" والمكسب بأى وسيلة، وبرنامجه وأدواته فى ذلك معلومة ومحفوظة :
·       حرية السوق بأقل ضوابط.
·       وبلا خطة إنتاج وطني.
·       وبلا التفات او اهتمام او مراعاة للاحتياجات الرئيسية للمجتمع او للمواطنين.
·       ربح بلا أى أولويات وطنية أو اجتماعية او شعبية .
·       فقط الربح والربح ثم الربح .
·       و سوق استهلاكي بلا ترشيد.
·       و بيع بلا تسعيرة .
·       و إلغاء للحماية الجمركية للصناعات الوطنية، وللعملة الوطنية (تعويم الجنيه).
·       وحرية للتملك بلا حدود ولا ضوابط.
·       و دخول وثروات بلا أسقف وبلا ضرائب إضافية او تصاعدية .
·       و حرية مطلقة فى تجارة الأراضي والعقارات وتأسيس المنتجعات والقرى السياحية والمشاريع الترفيهية.
·       و حق الاقتراض لنخبة محددة ومحدودة من رجال الاعمال، من البنوك بأقل ضمانات.
·       مع حق التصالح بدلا من المحاكمات فى اى جرائم مالية او فساد.
·       و حرية الاستيراد بلا ترشيد للاولويات أو للعملة الصعبة وبلا ترشيد  للاستهلاك.
·       و حرية الاستثمارات الأجنبية بلا حدود وبأقل ضوابط .
·       مع رفع اى قيود على تحويل الأموال الى الخارج.
·       وحق التوكيلات لأى منتجات أجنبية ولو كانت تضرب الصناعات الوطنية المماثلة.
·   وحق الاستثمار والتجارة والبيزنس حتى مع (اسرائيل) فى الكويز والغاز والبترول وغيرها ولو كانت ضد المصالح الوطنية والقومية.
·       والاحتفاظ بسوق من العاطلين للتحكم فى الأجور، لخلق بطالة مقصودة ومنهجية.
·       و الحق فى التعيين بلا عقود.
·       و الحق فى الفصل بلا قيود أو تعقيب.
·       و الانحياز الكامل للقطاع الخاص على حساب القطاع العام.
·       و بيع أو تخريب و افساد ما تبقى من القطاع العام ليفقد القدرة على المنافسة.
·       ومنع الدولة من الدخول بثقلها لتأسيس او دعم أو حماية اى صناعات وطنية.
·       وإغراقها فى قروض وديون دائمة ومستمرة.
·       وأن  يقتصر دورها على تقديم الخدمات التى لا تغرى القطاع الخاص.
·   والخضوع الكامل لتعليمات نادى باريس ودوله، ومؤسسات الاقراض الدولى، والالتزام بقائمة من المحظورات من أمثال :
·       لا دعم للسلع والخدمات.
·       لا علاج مجانى للمواطنين.
·       انهاء وتصفية التعليم المجانى بالتدريج الا فى المراحل الأساسية.
·       لا بناء لمساكن الفقراء.
·       لا لتعيين موظفين جدد، بل عليها ان تتخلص من الحاليين او تقليص اعدادهم.
·       و لا تصدى أو مواجهة للفوارق بين الطبقات.
·       و لا حدود قصوى او دنيا للأجور، فالسوق والقطاع الخاص هما الذين يحددوها.
·       الخ...
·       أى بالمختصر المفيد، لا للعدالة الاجتماعية، لأنها تهدد حرية السوق و قوانينه، وتغضب مؤسسات الاقراض الدولى، وتخيف المستثمرين وتقلل ارباحهم.
***
لقد هَرِمَ مفكرو مصر وكتابها وقواها الوطنية وتياراتها السياسية على امتداد اكثر من 40 عاما، وهم يناضلون ضد هذه الانحيازات الاقتصادية والطبقية، وصدرت مئات الكتب والدراسات والبرامج والتصورات والرؤى والبدائل من مفكرين راحلين و باحثين معاصرين مرموقين، ضد هذه السياسات العقيمة المعادية لمصالح وحقوق واحتياجات غالبية المصريين. و لذلك جاء هدف العدالة الاجتماعية، على راس اهداف وأحلام ثورة يناير.
 واذا بجرة قلم وتحت ذريعة هيبة الدولة وأمنها القومى، وفى غياب اى رقابة برلمانية او حياة سياسية وديمقراطية، يتم العصف بكل ذلك، ويتم تجديد البيعة مرة أخرى الى هذا الإله/الصنم، الشرير و الفاشل، المسمى بالاقتصاد الحر.
***
ربما كان هذا مفهوما ومتوافقا مع طبيعة النظام الذى لم يسقط ولم يتغير، ولكن العجب العجاب هو حالة الصمت التى ضربت أولئك الذين وهبوا حياتهم للنضال ضد استغلال الرأسمالية والنظام الراسمالى والرأسماليين.
وسبحان مغير الاحوال.
*****


لماذا يخشون صلاح الدين ؟

لماذا يخشون صلاح الدين ؟
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

فى شهر مارس من عام 2015، وفى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى ورئيس الوزراء ابراهيم محلب ووزير التربية والتعليم محب الرافعى، تم الغاء درس "صلاح الدين الايوبى" من منهج اللغة العربية للصف الخامس الابتدائى، فى اطار تغييرات أخرى  تستهدف تطهير المناهج التعليمية من الموضوعات التي يمكن أن تحث على العنف أو تشير إلى أي توجهات سياسية أو دينية أو أي مفاهيم يمكن أن تستغل بشكل سيئ،.
ولكن لماذا تم الغاء هذا الدرس بالتحديد؟
هذا ما سنحاول البحث عن اجابته معا، بعد ان نقرأ معا نص الدرس الملغى فيما يلى :
((بعد تناول العشاء جلست أسرة أمير أمام التليفزيون تتابع نشرة الأخبار وفى أثناء الاستماع للنشرة دارت تعليقات ومناقشات وفجأة صمت الجميع وارتفعت أصوات الطلقات النارية والانفجاريات المدوية، وتصاعدت ألسنة اللهب من المنازل، وتوالت صور الأطفال في عمر الأزهار وقد قتلوا وشردوا، وشيوخ وعجائز لا حول لهم ولا قوة سقطوا صرعى . تأثر أفراد الأسرة تأثراً بالغاً بمناظر القتلى والجرحى، وأمير وأميرة يتابعان المشاهد بحزن شديد، وجذب انتباه أمير وأميرة رسالة قصيرة من أحد المشاهدين مكتوبة في أسفل شاشة التليفزيون (أين أنت يا صلاح الدين؟)
سأل أمير والده : من صلاح الدين ؟ 
قال الأب: صلاح الدين الأيوبي بطل عظيم من أبطال المسلمين، ولد في عام 532ﻫ (خمسمائة واثنين وثلاثين) من الهجرة بقلعة تكريت ببلاد العراق، وقد نشأ على حب الفروسية ومكارم الأخلاق، واهتم بالعلم والعلماء، وتحصين البلاد ضد الأعداء من الصليبيين فحين داهموا الأرض العربية في الشام، واحتلوا مدينة القدس، استطاع أن يوحد صفوف العرب من مسلمين ومسيحيين، وهزم الصليبيين في موقعة (حطين) في عام 583ﻫ  (خمسمائة وثلاثة وثمانين) من الهجرة، وخلص البلاد العربية من خطر هؤلاء الصليبيين، وأعاد القدس إلى أهلها.
قال أمير: أريد يا أبى أن أعرف المزيد عن حياة هذا البطل.
قال الأب: إن حياة صلاح الدين مليئة بالمواقف الرائعة. فمن هذه المواقف: أنه بعد أن انتصر في موقعة حطين وقع كثير من الرجال والنساء الصليبيين في الأسر فعفا عن النساء والأطفال والشيوخ وسمح لهم بمغادرة البلاد وقبل أن يغادروا بيت المقدس جاءت مجموعة من الأميرات وتشبثن بردائه وبكين وطلبن منه أن يعفو عن أزواجهن، فرق لحالهن وعفا عن الأسرى.
أضاف الأب: إن صلاح الدين الذي تتجسد في شخصيته مبادئ الحضارة العربية الإسلامية التي تنادى بالحب والسلام والصفح والتسامح.
إن سلوك صلاح الدين مع هؤلاء الأميرات ينبئ عن حسن خلقه وتمسكه بالمبادئ الإسلامية.
قالت الأم : المواقف كثيرة يا أمير فابحث في المكتبة عن سيرة هذا البطل؛ لتعرف المزيد.
علقت أميرة قائلة: وأنا يا أمي سأبحث عن أبطال آخرين لا يزالون يدافعون عن القدس مثل صلاح الدين.))
***
انتهى الدرس، والسؤال الآن هو ما هى يا تُرى تلك المعانى التى رأت وزارة التعليم المصرية، خطورتها على تكوين شخصية ووعى الطفل المصرى ؟
·       هل لطمس القضية الفلسطينية وحقيقة ان هناك عدوا اسرائيليا مجرما وبربريا لا يزال يقتل الفلسطينيين ويحتل اراضيهم؟
·       هل لان صلاح الدين حارب من اجل فلسطين رغم انه من تكريت العراق، بما يرسخ قاعدة خطيرة ومحظورة فى هذا العصر وهى ضرورة دفاع العرب والمسلمين عن بعضهم البعض؟
·       هل لأنه قاتل وانتصر على الذين احتلوا بلاده، مما يعلى من قيم الوطنية والتحرر والاستقلال والايمان بحتمية النصر، التى لا تتناسب مع حالة الهوان والاستسلام والتبعية والهزائم المتتالية لأنظمة الحكم العربية؟
·       هل لأن صلاح الدين حارب "اسرائيل عصره" ولم يعترف بها ؟
·       هل لما ذكره الدرس من إعادته القدس الى "اهلها"، بما يتناقض مع الرواية الصهيونية بان القدس ارض يهودية منذ آلاف السنين؟
·       هل لأن في الدرس تحريض للشباب على المشاركة فى تحرير فلسطين، وهو ما يهدد امن اسرائيل ويضر بالعلاقات المصرية الاسرائيلية "الحميمة" و يتعارض مع نصوص اتفاقيات كامب ديفيد؟
·       هل لما ذكره الدرس من تجسيد شخصية صلاح الدين لمبادئ الحضارة العربية الاسلامية، التى اصبحت اليوم حضارة سيئة السمعة متهمة بالحض على الارهاب؟
·       هل بهدف تجريد الاجيال المصرية الجديدة من الوعى بحقيقة دور مصر ومسئوليتها التاريخية فى قيادة الامة والدفاع عنها؟
·        أم  لتجريدهم من الوعى بالهوية والتاريخ العربي والاسلامي، والروابط الوثيقة بين مصر و فلسطين، فى زمن يتم فيه شيطنة كل ما هو فلسطينى؟
·       هل لما جاء فى ختام الدرس من بحث "أميرة" عن أبطال آخرين لا يزالون يدافعون عن القدس فى اشارة ضمنية الى المقاومة الفلسطينية التى يعتبرها النظام المصرى واسرائيل وامريكا، جماعة ارهابية؟
·       أم انهم يريدون التماهى مع المطالبات الاسرائيلية الامريكية الحثيثة، بإعداد جيلا جديدا لا يعادى امريكا واسرائيل؟
***
لقد قام دواعش العراق بالاعتداء على آثار حضارتها القديمة وتدميرها، فهل يسعى النظام فى مصر هو الآخر الى محو هويتنا الحضارية وتزييف التاريخ؟
ايا كانت أسبابهم ودوافعهم، فانه مما لا شك فيه أنه صلاح الدين سيبقى ويعيش أطول منهم جميعا.
*****