بحث فى المدونة

الاثنين، 19 أكتوبر 2009

معاهدة كامب ديفيد الاولى 1840


معاهدة كامب ديفيد الاولى عام 1840

بقلم / محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

في 15يوليو 1840 ابرمت كل من انجلترا وروسيا والنمسا وبروسيا وتركيا " معاهدة لندن " الشهيرة والتى بمقتضاها اعطى لمحمد على وخلفاءه حكم مصر وراثيا بشرط ان ينسحب بجنوده من بلاد العرب وسورية وجزيرة كريت و مناطق اخرى وكانهم يقولون له " لك ان تحكم مصر كما تشاء ، بل وتورثها ان رغبت ، ولكن عليكم ان تبقوا داخل حدودكم ، اياكم والعرب او المسلمون "
وفى عام 1979 وقعت مصر مع اسرائيل معاهدة صلح استردت بناءا عليها سيناء ـ ناقصة السيادة ـ في مقابل أن تكف يدها عن فلسطين وان تنسحب داخل حدودها وان تخرج بثقلها من الصراع ضد اسرائيل بل وان تعترف بها وتقيم معها علاقات طبيعية بما يعنيه ذلك من الاعتراف لها بحقها في ارض فلسطين . ليس ذلك فحسب بل و تم النص صراحة على أن لهذه المعاهدة الاولوية على اى اتفاقيات اخرى بين مصر والدول العربية .
اذن في معاهدة لندن 1840 (كامب ديفيد الاولى ) كان الهدف هو عزل مصر عربيا والثمن هو حكم مصر.
وفى معاهدة 1979 ( كامب ديفيد الثانية ) كان الهدف مرة اخرى هو عزل مصر عربيا وتحييدها في الصراع وكان الثمن هذه المرة هو سيناء .
اختلفت القوى وتغيرت الدول ، وتبدل الاشخاص ومضى الزمن ولكن المشروع الاستعمارى لم يتغير
لماذا ؟
لان الحقائق الجغرافية والتاريخية لم تتغير ، فامة عربية اسلامية بقيادة مصر هى قوة كبرى لا يمكن السماح به من المنظور الاستعمارى ، والتجارب السابقة اثبتت أن عزل مصر عن امتها العربية هو السبيل الوحيد لتطويع كلا منهما .
وما حدث بعد المعاهدتين يؤكد ذلك : فبعد اقل من خمسين عاما على معاهدة لندن وفى ظل نصوصها وتطبيقاتها نجحت بريطانيا في احتلال مصر، ونجحت في اخضاعها وابقاءها تحت سيطرتها سنوات طويلة تقترب من ثلاثة ارباع القرن ، و تم الزج بنا في حربين عالميتين ليس لنا فيهما ناقة ولابعير لزوم ضرورات( النظام العالمى القديم ) واعيد ترتيب المنطقة استعماريا ، وزرعت اسرائيل اثناء هذه السنوات عنوة ورغما عن انف جميع العرب . وظللنا حتى بعد الاستقلال نسدد فاتورة سنوات الاحتلال الطويلة ، واصبحنا نلهث محاولين اللحاق بمسيرات التنمية والتطور . و تفوقت علينا امما وبلادا كانت دوننا بكثير من حيت الامكانيات المادية والبشرية . وتراجع ترتيبنا في التصنيف العالمى الى المراتب الدنيا . لقد كان الثمن فادحا .
اما معاهدة الصلح بيننا وبين اسرائيل( كامب ديفيد الثانية ) فبعد توقيعها وفى ظل نصوصها ، شرعت اسرائيل فورا في اعادة ترتيب المنطقة فاجتاحت بيروت في 1982 وقامت باخراج وطرد القوات الفلسطينية منها الى تونس واليمن ، ليصبحوا ولاول مرة منذ بداية الصراع بعيدا عن حدود ارضهم المحتلة ، وليتم تسويتهم على نار هادئة ، و لكى يرغموا في النهاية على الاعتراف بالسيادة الصهيونية على معظم ارض فلسطين وعلى قبول اى شىء يعرض عليهم فيما تبقى منها.
ويصبح الموقف كالاتى : " مصر كبيرة وقوية العرب خارج الصراع ، وسلطات فلسطينية توافق على التسوية "
فلا يكون امام الاخرين الا آن يتوافدوا واحدا بعد الاخر الى جنة السلام الاسرائيلية الامريكية ، ويتم تثبيت ومباركة وجود اسرائيل من الجميع ، وتضيع فلسطين .
وتتواصل الاحداث و يتم ضبط الوضع العربى على ايقاع ( النظام العالمى الجديد ) وتتمكن الولايات المتحدة من السيطرة على اهم مفاتيح المنطقة وتصبح من مسلمات السياسة الرسمية العربية أن ما لا تقبله وتباركه امريكا يندرج تحت بند الحلول غير الواقعية .
وتضيع العراق ، ويتغول الصهاينة ، ويحاصرون ما تبقى من المقاومة الفلسطينية الباسلة ، ويبيدون اهالينا امام اعيننا فى غزة . والبقية تاتى ما لم ...


ما لم نواجه العدوان من جذوره واسبابه ولا نكتفى بآثاره
و نعمل على استرداد مصر من كامب ديفيد الثانية .


* * *


القاهرة فى 21 يناير 2009

الحملة الشعبية ضد الفيتو الامريكى المرتقب


الحملة الشعبية ضد الفيتو الامريكى المرتقب

هذه دعوة عاجلة لتشكيل حملات شعبية عربية ودولية على وجه السرعة فى اكبر عدد ممكن من البلدان بهدف الضغط المسبق على الدول الاعضاء فى مجلس الامن ، وعلى الخصوص الولايات المتحدة الامريكية ، من اجل الموافقة على تقرير جولدستون ، وعدم اصدار اى فيتو ضده . واتخاذ الاجراءا العقابية المناسبة ضد اسرائيل .
والاعضاء الخمسة عشر الحاليين فى المجلس هم :
الاتحاد الروسى والولايات المتحدة الامريكية والمملكة المتحدة وفرنسا والصين ( اعضاء دائمين )
واوغندا وفيتنام والنمسا وبوركينافاسو وكرواتيا واليابان وتركيا وكوستاريكا وليبيا والمكسيك ( اعضاء مؤقتين )
واتصور ان قائمة المهمات الاولية التى يمكن ان تقوم بها هذه الحملات هى :
• كتابة وتوجيه مطالبة محددة بهذا المعنى فى كل الاقطار العربية والاسلامية وفى ما تيسر من بلدان العالم
• تجميع اكبر عدد من التوقيعات عليها
• تشكيل وفود لمقابلة سفراء الدول الاعضاء فى المجلس
• تنظيم تجمعات شعبية ووقفات ومظاهرات سلمية امام مقار سفارات هذه الدول
• مطالبة جمعيات حقوق الانسان بالمشاركة فى هذه الحملة
• وكذلك اكبر عدد من الكتاب والصحفيين
• دعوة كل المؤسسات المناصرة للشعب الفلسطينى فى العالم للمشاركة فى الحملة
• نشر تقرير جولدستون بعد ترجمته باعداد كبيرة
• نشراعلانات فى الصحف الرئيسية للدول الاعضاء فى مجلس الامن بهذا الخصوص
• أية اقتراحات أخرى .
* * *
محمد سيف الدولة

القاهرة فى 17 اكتوبر 2009

الأحد، 18 أكتوبر 2009

مصر والردة المستحيلة الى ما قبل الميلاد


الصراع على مصر


والردة المستحيلة الى ما قبل الميلاد !

بقلم / محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com



 منذ بدايات عصر كامب ديفيد ، يدور فى مصر صراع شرس على انتماء مصر العربى ، وهويتها الحضارية الاسلامية ، ودورها فى التصدى للعدوين الامريكى والصهيونى .


انصار كامب ديفيد واصدقاء امريكا ، يعادون العروبة والاسلام والمقاومة ، مسلحون فى ذلك بشرعية السلطة .


وباقى الشعب وقواه الوطنية ، يدافعون عن التوحد مع الامة ، مسلحون فى ذلك بالشرعية التاريخية ونصوص الدستور .


 و هو صراع مستمر لم يتوقف لحظة ، ولكنه يشتد ويحتد فى اوقات العدوان على اى طرف عربى ، فنغضب نحن ونطالب بالتدخل والمساندة والمشاركة وقطع العلاقات وغلق السفارات والغاء المعاهدات والعودة الى الصف العربى


ويصمتون هم ويتجاهلون او يتواطأون وينادون بضبط النفس والحكمة وبر الامان .


 وفى سبيل تبريرمواقفهم المراوغة ، يكذبون ، فيقلبون الحقائق ويزيفون التاريخ .
ومن اجل ذلك يوظفون اعدادا من الكتاب والمثقفين ليديرون لهم الجانب الفكرى من الصراع .
ومن اول هؤلاء ، كان توفيق الحكيم عندما كتب فى السبعينات مقال بعنوان " حياد مصر " طالب فيه بأن على مصر ان تقف على الحياد بين العرب واسرائيل كما وقفت سويسرا على الحياد فى الحرب العالمية الثانية . فمصر ليست عربية . وانضم اليه حسين فوزى ولويس عوض يؤكدون ما قاله ، ويتحدثون عن الغزو العربى الاسلامى لمصر ، وعن مصر الفرعونية وحضارة 5000 سنة ..الخ . وتصدى لهم احمد بهاء الدين ورجاء النقاش وآخرين . وكانت معركة شهيرة انتصر فيها شرفاء الامة لهويتها وعروبتها .


 وتكررت هذه الحملات مع كل عدوان على أى جزء من الامة خلال الثلاثة عقود الماضية ، فهم يريدون ابراء ذمتهم من اى مسئولية للدفاع عن الشعب العربى ، بحجة اننا لسنا منهم ، وهم ليسوا منا .




 والآن ومع عدوان غزة الاخيرخرج لنا الف توفيق حكيم . وكلهم يكذبون .


وأهم ضحايا هذه الاكاذيب هو ابنائنا من الشباب الذين قد يصدقون هذه الاكاذيب ، وقد ينخدعون فيعتقدون بان مصر شىء وفلسطين شىء آخر . وانه ليس لمصر شأن بما يدور حولها .


 الى هؤلاء الابناء ، ساحاول ان اقدم قراءة موضوعية لتاريخ مصر الحقيقى لكى يعلموا ويتعلموا من نحن وما هى امتنا وما هى هويتنا ؟ حتى لا يضلون الطريق .


وسأبدأ بالجدول التالى الذى يلخص فترات احتلال مصر قبل الفتح العربى الاسلامى:


المحتل من الى مدة الاحتلال
العام التقويم العام التقويم
الهكسوس 1675 ق 1567 ق 108
قبائل ليبية 950 ق 730 ق 220
قبائل جنوبية 751 ق 656 ق 95
الفرس 525 ق 404 ق 121
الفرس 341 ق 332 ق 9
البطالمة 332 ق 30 ق 302
الرومان 30 ق 313 م 343
البيزنطيون 323 م 642 م 319




من هذا الجدول يتضح لنا الآتى :


 ان الحضارة المصرية القديمة العظيمة بدأت تضعف وتندثر منذ الالف الاول قبل الميلاد وبدأت مصر تدريجيا تفقد المقدرة على الاحتفاظ باستقلالها الى ان فقدته تماما ولمدة تزيد عن 9 قرون فى الفترة قبل الفتح الاسلامى .


 فبعد ان فتحها الاسكندر الاكبر عام 332 ق.م ، حكمها البطالمة 302 عاما متواصلة ، تلاهم الرومان لمدة 343 عاما ، ثم الروم الشرقيون او البيزنطنيون لمدة 319 عاما .


 و قبل ذلك و حتى فى فترات تحررها ، كانت مصر دائما مشتبكة فى حروب ومعارك للدفاع عن وجودها وامنها وحدودها ضد الاعداء الخارجيين .


 وكان هذا مؤشرا ودليلا ان هذه الارض الطيبة ، عليها ان تبحث عن مصيرها وامنها داخل نسيج اكبر اوسع منها ، يضمها هى وجيرانها الذين لم تختلف ظروفهم كثيرا ، حتى تستطيع ان تتصدى للحملات العدوانية المتكررة القادمة من الضفة الأخرى من البحر الابيض المتوسط . وان تحتفظ باستقلالها بعد ان تحققه ، وان تصنع نقلة نوعية حضارية جديدة قادرة على المنافسة والبقاء فى عالم اصبح شديد المراس .


 ولكن من اين لها ذلك ؟




 جاءت الاجابة مع الفتح العربى الاسلامى الذى نجح ، خلال بضعة قرون قليلة ، ان يفتح كل هذه الاقطار ويؤسس دولة امبراطورية مركزية كبرى ، ويصهر كل ما فتحه فى بوتقة واحدة ، وينتج نسيجا واحدا جديدا ، استوعب كل ما فات ، ولكنه اكثر تطورا و رقيا ، هو الامة العربية الاسلامية .


و اصبحت مصر جزءا لا يتجزأ من كل ذلك .


ولأول مرة تنتقل حدودها الآمنة بعيدا عنها الى اقاصى الشرق والغرب والجنوب ، ولتتبوأ بسبب ذلك مكانة القلب من هذه الامة الوليدة الفتية .
فمصرنا القوية القائدة التى يفخر بها العرب والمسلمون وكل شعوب العالم ، لم تصبح كذلك الا بسبب انتماءها الجديد الى امتها الاوسع والارحب بعد الفتح العربى والاسلامى .




 وظهرت هذه المكانة الخاصة بوضوح فى اثناء الحروب الصليبية 1096 ــ 1291 التى انكسرت فيها قوى العدوان على ايادى جيوش عربية اسلامية تحت قيادة مصرية ، وبعض التذكرة مفيد :


o فى عام 1187 نجح صلاح الدين الايوبى ، بعد ان وحد مصر وسوريا وشمال العراق ، فى ان يحرر القدس وعكا ويافا وصيدا وبيروت وعسقلان


o بين اعوام 1217 و1221 فشلت الحملة الصليبية الخامسة فى احتلال مصر




o فى عام 1244 نجح الصالح ايوب حاكم مصر وبجيش عربى فى تحرير القدس مرة اخرى بعد ان كان قد اعيد احتلالها فى عهد السلطان الكامل عام 1228


o فى عام 1249 فشلت الحملة الصليبية الأخيرة بقيادة لويس التاسع فى احتلال مصر وتم اسر الملك الفرنسي


o فى عام 1261 نجح قطز حاكم مصر وبقيادة جيش عربى فى هزيمة التتار فى معركة عين جالوت بعد سقوط بغداد عاصمة الخلافة العباسية عام 1258


o فى عام 1286 حرر السلطان بيبرس حاكم مصر انطاكية والكرك وقيسارية وارسوف ويافا


o فى عام 1289 استولى السلطان قلاوون حاكم مصر على امارة طرابلس واللاذقية


o فى عام 1291 حرر السلطان الاشرف خليل بن قلاوون حاكم مصر صور وحيفا وبيروت و عكا لتحرر بذلك آخر إمارة صليبية


هذه هى دروس التاريخ عن مصر والفتح الاسلامى والامة العربية والعدوان الاجنبى . وهى دروس وعاها جيدا قادة العدوان الغربى الحديث منذ قرنين من الزمان ، وتحركوا على هديها ولا يزالون .


 فها هو نابليون وهو بصدد السعى لضرب المصالح البريطانية فى الشرق ، يختار مصر ليبدأ بها ويحاول احتلالها عام 1798 . وتفشل محاولته بسبب المقاومة الوطنية وبسبب عدم سماح الانجليز له بذلك ، وضربهم لاسطوله فى الاسكندرية .


 ثم تتأكد هذه المكانة ثانية على يد محمد على حاكم مصر، الذى حاول تجديد شباب الامة بتاسيس دولة فتية جديدة تخلف الدولة العثمانية وتضم الحجاز والشام والسودان ، فتجتمع الدول الغربية وتحاربه وتنتصر عليه وتوقع معه " معاهدة كامب ديفيد الاولى " المشهورة باسم معاهدة لندن عام 1840 ، و التى سيسمحون له فيها بحكم مصر وتوريثها لذريته بشرط عدم الخروج الى العالمين العربى والاسلامى والانعزال عنهما تماما .


 و بعد عزل مصر محمد على ، تم احتلال معظم الاقطار العربية ، ثم العودة الى مصر ذاتها لاحتلالها عام 1882 .


 وكانت هذه هى باكورة مشروعات تقسيم وتجزئة الامة العربية التى اكتملت فى ترتيبات الحرب العالمية الاولى بمعاهدة سايكس بيكو وصكوك الانتداب الانجليزية الفرنسية الايطالية على اقطارنا . وتوطدت بزرع الكيان الصهيونى . وهى الترتيبات التى لم ننجح حتى الآن من التحرر من آثارها .


و بعد الحرب العالمية الثانية :


 ومع بدية حركات التحرر الوطنى بعد الحرب العالمية الثانية بدأت الامة العربية تستعيد ادراكها ووعيها بهويتها ، فتحررت معظم الاقطار ما عدا فلسطين . وتم تأسيس جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامى ، وتضامن العرب فى حروب 1948 و1956 و1967 و1973 والتفوا معا حول قضية مركزية هى قضية فلسطين . وتوحدوا ضد العدو الصهيونى وانشأوا اتفافية الدفاع العربى المشترك ..الى آخره .


 ولكن هذه الصحوة المؤقتة والناقصة سرعان ما ضربت مع انسحاب مصر من ميدان المعركة وانعزالها وعزلها عن امتها العربية بعد حرب 1973 بموجب اتفاقيات السلام المصرية الاسرائيلية المشهورة باسم كامب ديفيد .


 وبانسحاب مصر توالت الهزائم العربية : فطردت القوات الفلسطينية من لبنان عام 1982 ، واعترفت قيادتهم باسرائيل ، وتنازلت عن فلسطين 1948 ، وعجزت باقى دول الطوق العربية عن مواجهة اسرائيل بدون مصر ، وانتقل الصراع ضد الصهاينة الى صراع عربى ــ عربى ، واحتلت امريكا العراق 2003 ، وتغولت اسرائيل وتكررت اعتداءتها على لبنان وفلسطين . ونشطت مشاريع التفتيت فى السودان ولبنان والعراق .




 وانتقل الضعف الى مصر ذاتها وتراجع دورها الاقليمى ، وفقدت ارادتها الوطنية ، والبقية تأتى .


انه نفس الدرس التاريخى القديم الجديد ، ان انعزلت مصرعن الامتين العربية والاسلامية ، يضعف الجميع وينتصر الأعداء ، وتحتل الأوطان .


ان عزل مصر هو هدف دائم لأعداء الامة ، وهو عودة فاشلة ومستحيلة الى عصور ما قبل الميلاد ، عصور ما قبل الفتح العربى الاسلامى ، عصور ظلت مصر خلالها محتلة لأكثر من 9 قرون متصلة .


* * *


القاهرة فى 26 فبراير 2009

كيف نقرأ قرنا من الصراع ؟


كيــف نقــرأ قــرن من الصــراع ؟
1897 ــ 2009

بقلم / محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

منذ تأسست الحركة الصهيونية عام 1897 ، نجحت فى تحقيق ثلاثة اهداف كبرى وتكاد ان تنجح فى تحقيق الهدف الرابع . ولقد استغرق تحقيق كل هدف منها ما يقرب من ربع قرن . و دعونا نتذكر القصة منذ بدايتها :


الهدف الاول فى ربع القرن الاول 1897 ــ 1922 : ( الرخصة )


بعد ان نظم الصهاينة انفسهم فى مؤتمر بازل بسويسرا عام 1897، ارادوا ان يباركوا فكرة وطن قومى لليهود فى فلسطين ، برخصة رسمية من القوى الكبرى ومن الشرعية الدولية حينذاك . وهو ما تم بالفعل فى وعد بلفور 1917 وفى صك الانتداب البريطانى على فلسطين الصادر من عصبة الأمم عام 1922 والذى نص فى مادته الثانية على حق اليهود فى وطن قومى فى فلسطين . وكان ذلك هو هدفهم الاول الذى نجحوا فى تحقيقه . بعد محاولات متعثرة من الهجرات التسللية التى لم تنجح فى تهجير اكثر من 50 الف يهودى على امتداد القرن التاسع عشر .


فحققوا الهدف الأول .


الهدف الثانى فى ربع القرن الثانى 1922 ــ 1947 : ( التهجير )
بعد الحصول على الرخصة ، بدأوا فى تنفيذ الهدف الثانى وهو تهجير اكبر عدد ممكن من اليهود الى فلسطين ، وهو الامر الذى ورد صراحة فى المادة السادسة من صك الانتداب البريطانى . و قد اعتمدوا في ذلك على تمويل المنظمات والشخصيات الصهيونية الكبرى ، و اسسوا له صندوق خاص تحت اشراف المنظمة الصهيوينة العالمية . ونجحوا بالفعل ، تحت حماية الاحتلال البريطانى ، فى هذه الفترة ، فى تهجير ما يقرب من 500 الف يهودى الى فلسطين . ليرتفع عدد اليهود فيها من حوالى 60 الف عام 1917 الى ما يقرب من 650 الف عامى 1947/1948.


وحققوا الهدف الثانى .


الهدف الثالث فى ربع القرن الثالث 1947 ــ 1973 : ( بناء الدولة )
وتبدأ المرحلة الثالثة بالحصول على قرار من الامم المتحدة بدولة يهودية . وهو القرار المشهور باسم قرار التقسيم الصادر فى 29 نوفمبر 1947، والذى اعطى اليهود 56.4% من فلسطين و اعطى العرب 44.6 % منها ، فى وقت لم يكن يمتلك اليهود سوى 5.6 % من اراضى فلسطين . وليشرعوا فورا فى بناء دولتهم المسماة باسرائيل والتى نجحوا بالفعل فى بناءها بالاساليب الاتية :
 ارتكاب عدد من المذابح الارهابية مثل دير ياسين واخواتها والتى نجحوا بها فى تفريغ البلاد من حوالى 750 الف عربى
 الانتصار على جيوش الدول العربية مجتمعة فى حرب 1948 مستغلين تردى حالة العرب الخاضعين للاحتلال الاوروبى ، والاستيلاء على مزيد من الارض لتصل جملة ما يسيطرون عليه الى 77.4 %
 استقبال دعم هائل من الاموال والسلاح من امريكا والدول الاوروبية ضمنت لدولتهم البقاء والتفوق العسكرى على الجانب العربى .
 اغتصاب باقى فلسطين فى 1967 بالاضافة الى سيناء والجولان .
 تهجير 1.5 مليون يهودى اضافى الى فلسطين فى الفترة من 1949 الى 1973
 التحالف مع الولايات المتحدة وحلفائها التى اعطتهم دعمها الكامل كما أمدتهم بالحماية والغطاء الدوليين من خلال موقعها فى الامم المتحدة


وحققوا الهدف الثالث .


الهدف الرابع 1973 ــ 2009: ( الاعتراف )


وليبدأوا بذلك العمل على تحقيق هدفهم الرابع والمتمثل فى انتزاع الاعتراف الفلسطينى والعربى بشرعية دولة اسرائيل والذى يكادون ان ينجحوا فى تحقيقه :


 فلقد نجحوا بعد حرب 1973 فى اخراج مصر من الصراع واخذوا منها اعترافا كاملا بدولة اسرائيل بموجب اتفاقيات السلام المشهورة باسم كامب ديفيد
 ثم بعد ان طردوا القوات الفلسطينية من لبنان عام 1982 ، نجحوا بعد ضغوط 11 عاما ، فى ان ينتزعوا من القيادة الفلسطينية اعتراف بدولة اسرائيل وتنازل عن فلسطين 1948 بموجب اتفاقيات اوسلو 1993


 تلاها اعتراف الاردن باسرائيل بموجب اتفاقيات وادى عربة عام 1994


 ثم اخيرا اعترف النظام الرسمى العربى كله ممثلا فى جامعة الدول العربية بحق اسرائيل فى الوجود ، بموجب مبادرة السلام العربية الصادرة عام 2002


 من الذى بقى منا ، يرفض الاعتراف ويعوق تحقيق الهدف الصهيونى الرابع فى معركة القرن الطويلة ؟


 بقى الشعب العربى الأعزل ، صاحب الارض الذى لم يتغير موقفه ابدا فى هذا الصراع .


 وبقيت قوة مسلحة وحيدة صامدة فى الارض المحتلة ترفض الاعتراف وتقاوم ، هى غزة بقيادة حماس واخواتها من منظمات المقاومة .


 ان انهزمت لاقدر الله ، او استشهد اهلها جميعا ، سيكون الصهاينة بذلك قد انهوا ما يزيد عن قرن من الصراع لصالحهم ، وستموت القضية لعقود طويلة قادمة .


 وان انتصرنا بإذن الله ، تعثر المشروع الصهيونى بأكمله .


* * *


كانت هذه هى قصة قرن من الصراع ، لم يكف شعبنا فيه يوما واحدا عن المقاومة والاستشهاد ، وهو ما نجح حتى الآن فى تجريد الكيان الصهيونى من اى مشروعية حقيقية ، رغم كل الدعم الدولى الذى تلقاه .


فى هذا السياق التاريخى يجب ان نقرأ العدوان الاخير على غزة ، ونقرأ الاحداث الجارية ، ونحدد بوصلتنا للمستقبل .
فالمعركة تدور الآن حول الاعتراف باسرائيل وكل ما عدا ذلك تفاصيل او قضايا فرعية .
ليست القضية هى الانقسام الفلسطينى ، او الخلاف بين المتشددين والمعتدلين او الدور الايرانى والدور العربى ، او التنافس على المكانة الاقليمية بين دولة عربية هنا وأخرى هناك ، وليست ايضا مجرد صراع محدود على صواريخ حماس او المعابر او الاعمار .
إنما القضية الآن هى : هل سينجح العدو فى كسر واخضاع القلعة الاخيرة المسلحة ، الرافضة أن تتنازل له عن فلسطين ، ام سيفشل ؟


و بناءا على ذلك :
فانه انطلاقا من هذا المنطلق فقط ، علينا ان نحدد اهدافنا المرحلية و ندير معاركنا القادمة ، وهو ما يعنى اهمية تركيزنا الآن على ما يلى :


 عدم الانجرار الى معارك فرعية وهمية


 ادارة معاركنا فى المسائل التفصيلية والتكتيكية والمرحلية مثل : التهدئة و الحصار والمعابر ، و عيوننا على الهدف الاستراتيجى والمبدئى الرئيسى وهو عدم الاعتراف باسرائيل


 العودة الى الاشتباك مع مشروعية الكيان الصهيونى والمجسدة فى القرار 181 وما بنى عليه من القرار 242 واتفاقيات السلام العربية الاسرائيلية . وما يترتب على ذلك من إعادة المطالبة بكل فلسطين .


 العمل على اخراج كل الاطراف الفلسطينية من التزامات اوسلو المتمثلة فى: التنازل عن فلسطين 1948 ، والاعتراف باسرائيل ، والتخلى عن المقاومة والسلاح كطريق للتحرير ، وما اسفر عنها من اعتبار المقاومة ارهابا وسلاحها غير مشروع ، واعتبار العدوان الصهيونى دفاعا عن النفس .


 وترجمة ذلك فى رفض اى اتفاقيات أمنية جديدة لنزع السلاح الفلسطينى عامة وسلاح غزة على وجه الخصوص ، والاشتباك مع الاتفاقيات القديمة والضغط الشعبى لاخراج النظام الرسمى العربى منها .


 الدفاع بجدية وبكل الادوات عن حق المقاومة فى استيراد وتصنيع وحمل السلاح بكل انواعه .


 تحرير غزة من ادوات الضغط والاخضاع واهمها الحصار والمعابر المغلقة .


 مراقبة شعبية عربية لعمليات الاعمار حتى لا تتحول الى ادوات للاخضاع او قنوات للتطبيع و التجسس او وسائل للافساد والتخريب والاستقطاب الى معسكر التسوية .


 تصعيد التعبئة لمناصرة قضية فلسطين والمقاومة ، واتباع سياسة تصعيد شعبى عربى فى اوقات التهدئة ، من أجل أن نكون اكثر استعدادا اذا تكرر العدوان مرة أخرى ، لاقدر الله .


* * *


القاهرة فى 19 فبراير 2009

الصلح مع العدو والانشقاق الوطنى


الصلح مع العدو والانشقاق الوطنى

 محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

 ان الوحدة الوطنية فى اى مجتمع هى الشرط الاول الضرورى لتقدمه وتطوره ، وبغيابها يتهدد وجود المجتمع ذاته ، فيتجه افراده وجماعاته للاقتتال الداخلى بدلا من التعاون والتلاحم المشترك فى مواجهة مخاطر الخارج ومشاكل التنمية والبناء .
والوحدة بين الجماعة الوطنية لا تعنى التطابق والتماثل فى كل صغيرة وكبيرة ، وانما تعنى انه لا خلاف على المبادىء الاساسية التى يقوم عليها المجتمع ، وما عدا ذلك يتم التعايش معه وتسويته عبر الآليات الديمقراطية ، ان وجدت .
و الوحدة الوطنية لا تقتصر، كما هو شائع ، على وحدة طوائف الامة ، او وحدة المسلمين والاقباط ، فليس الخطر الوحيد الذى يهدد المجتمع هو الصراع الطائفى .
وانما قد يهددها ايضا استئثار قلة من المجتمع بجل ثرواته وهو ما يعرف بالاستغلال الطبقى او الصراع الطبقى .
وقد يهددها استئثار جماعة صغيرة بالحكم والسلطة وتقرير مصير البلاد ، واستبعاد الجميع ، وهو ما يعرف بالاستبداد
 ولكن اخطر ما يهدد الوحدة الوطنية هو انقسام المجتمع حول الموقف من عدو خارجى محقق ، مثل الموقف من الاستعمار و الاحتلال ، او من الاغتصاب ، او من مخاطر عدوان قادم ...الخ .
 ويشتد الخطر اذا كان الطرف الذى اختار مهادنة العدو او مسالمته هو السلطة ، فبذلك يقع المجتمع فى أزمة كبرى ، فالقوة الوحيدة التى تملك حق حمل السلاح وتجييش الجيوش والامر بالقتال لاتفعل ذلك ولا تريد . اما الشعب الاعزل فيجد نفسه بين شقى الرحى ، فلا هو بقادر على رد المخاطر والمشاركة فى الدفاع عن الوطن ، ولا هو من ناحية أخرى بقادر على رد السلطات وتقويمها ، لان ذلك يضعه تحت طائلة القانون .


 هذه هى بالتحديد الحالة التى تعيشها مصرنا الحبيبة الآن ، فالقيادة السياسية بعد حرب 1973 ، اختارات منفردة خيار الصلح مع عدو محقق ، قائم ، متربص ، ومستمر . وسحبت معها كل الدولة وانظمتها فى هذا الاتجاه وهذا الخيار .
وبقى الشعب وكل قواه الوطنية على يقين بان الكيان الصهيونى المسمى باسرائيل هو العدو الاول ، وهو العدو الحالى والسابق والقادم . ولم يقبل ابدا او يبارك او يشارك فى هذه المصالحة الظالمة .


 انها حالة مماثلة لما حدث عام 1882 عشية الاحتلال الانجليزى لمصر ، عندما اختار عرابى ورفاقه المقاومة ، واختار الخديو توفيق وحاشيته الهرب الى الاسكندرية والاحتماء بقوات الاحتلال ومباركتها .
 ومماثلة لما يحدث الآن فى فلسطين ، من اقتتال داخلى لاول مرة فى التاريخ الحديث ، بين طرف تنازل عن فلسطين وطرف يتمسك بها .
 و نفس الصراع موجود وقائم على امتداد الوطن العربى بين الانظمة الرسمية وبين جموع الامة ، بدرجة او بأخرى .
 وهو ايضا مماثل لما حدث فى مناطق كثيرة فى العالم ، اشهرها فرنسا فى الحرب العالمية الثانية ، حيث انقسم المجتمع الى جماعة فرنسية موالية للاحتلال الالمانى بقيادة الجنرال بيتان وبين مقاومة شعبية بقيادة الجنرال ديجول .
 ان هذا الانقسام فى اى مجتمع وبالتحديد فى مصرهو مشكلة المشاكل ، وهو العقبة الاساسية امام اى خطوة الى الامام فى أى مجال من مجالات الحياة . فان لم تحل هذه المشكلة ويتوافق المصريون شعبا وحكومة على من هو عدوهم الرئيسى ، وكيف يمكن مواجهته ، فان الانقسام سيستمر ويتعمق ويتحول ان عاجلا ام آجلا الى صراع يستنفذ حياتنا جيلا وراء جيل ، الى ان يحسم فى النهاية وبالضرورة لصالح الشعب وقواه الوطنية ، تماما كما حدث فى حالة الاحتلال البريطانى لمصر 1882ــ 1956
 ان الحالة التى نتحدث عنها ونعيش فيها الآن هى اخطر بكثير من الحالة التى تلت 1967 ، فوقتها توحد الجميع فى مواجهة العدو الى ان حققنا العبور فى 1973 ، كان الصراع وقتها مصرى صهيونى ، اما الآن فهو مصرى مصرى .


و لهذا الانقسام الوطنى آثارا خطيرة :


 اولها واخطرها هو سقوط شرعية السلطة عند الناس .
 فلا شك ان افضل المجتمعات هى تلك التى تتوج فيها الشرعية الوطنية والتاريخية بالشرعية القانونية ووتتوحد معها . وعلى سبيل المثال اكتسب الوفد شرعيته من ثورة 1919 ، و جاءت شرعية ثورة يوليو من تاميم القناة والعدوان الثلاثى ، واهتزت شرعيتها فى عام 1967 ، واستعادتها كاملة فى حرب اكتوبر ، لتهتز مرة اخرى بعد الصلح مع العدو فى كامب ديفيد .
 ان التزام الناس الحالى بالشرعية مصدره الخوف من سيف القانون ، وليس مصدره المبايعة الشعبية للسلطة . والخوف كما تعلمون لا يدوم .
 وسقوط الشرعية الوطنية عن السلطة الحاكمة ، يغرى الكثيرين بالبحث عن شرعيات أخرى بديلة ، فتتعدد الشرعيات والولاءات فى المجتمع الواحد وينفرط العقد .
 و تسعى كل الاطراف ، القوية والضعيفة ، الطيبة والشريرة الى استقطاع ما تستطيعه من الوطن المشترك لصالح مشروعاتها واجنداتها الخاصة . وتتصارع الاجندات .
 ومن آثار الصلح مع العدو ايضا ، لجوء السلطات الى حصار القوى الوطنية التى لا تقبل المشاركة فى نظام المصالحة ، ومنعها من المشاركة فى العملية السياسية ، بل وتاميم العمل العام كله ، وتفصيل نظام سياسى من حكومة ومعارضة على مقاس الصلح مع العدو .
 و يتهدد الاستقرار لغياب القبول الوطنى ، فتنشط الاجهزة الامنية وتتضخم ، ويحل الامن والاكراه محل الحرية والحوار .
 وتستبدل السلطات القوى الوطنية ، بالقوى صاحبة المصلحة فى الصلح مع العدو بحكم التجارة والبيزنس والدولار . انهم اصحاب راس المال ، وراس المال كما تعلمون جميعا ليس له وطن ، هكذا يتفاخر الراسماليون كل صباح . فان كان المكسب والربح فى الشغل مع اسرائيل او حتى مع الشيطان ، فعلى الرحب والسعة .
 وتكف السلطات من هذا النوع ، وبالتدريج عن الاهتمام بمشاكل الناس البسيطة ، لانها تعلم انهم فى الحساب الختامى ، فى الجبهة الأخرى ، مع المشروع الوطنى ، فهم اصحاب الارض والوطن . فتتدهور حياة المواطنين ويفقدون ابسط الحقوق فى السكن والتعليم والعلاج والعمل ، وتنحط دخولهم ، ويدخلون فى دوامات جهنمية تخطف منهم حياتهم سعيا وراء الرزق ولقمة العيش ، وينشغلون الى حين عن الاهتمام بالشأن الوطنى .
 وسرعان ما تكتشف السلطات بعد ان فقدت شرعيتها فى الداخل ، ان عليها ان تدعم شرعيتها فى الخارج ، فتتورط اكثر واكثر ، كل يوم مع معسكر الاعداء وحلفائهم .
 ويغرى كل ذلك العدو او الاعداء الخارجيين المتربصين باختراق هذا المجتمع المتصارع المفتت ، لشراء الانصار والتابعين واستقطاب العملاء والموالين ، عبر المعونات والتمويلات والمصالح .


 و فى هذه الاجواء ينشط اللصوص والانتهازيون ، وتكون لهم الغلبة ، فان كان الصلح مع العدو مشروعا ، فكل شيىء مباح حتى الجريمة . فتسود السرقة والنصب والاحتيال .
 ويتقدم المنافقون الصفوف ، فهذا زمنهم ، فهم مطلوبين دائما من الانظمة منزوعة الشرعية ، فحرفتهم الوحيدة هى تبرير المواقف وتزييف الحقائق والدفاع عن السلطان ظالما كان او مظلوما .
 و ينسحب العلماء والشيوخ والناس المحترمون ، بعيدا عن الاجواء الفاسدة ، يراقبون عن بعد فى حزن و حسرة و غضب . فتخسرهم الامة .
* * *
هذا ما تيسر الحديث عنه اليوم فى هذه الشئون ، والى لقاء قادم باذن الله


* * *


القاهرة فى 23 ابريل 2009

فلسطين لن تعود



أوباما :
" اسرائيل لن تزول ، وفلسطين لن تعود "


محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

اولا ــ خلاصة خطاب أوباما عن فلسطين :
 ان اسرائيل لن تختفى ولن تزول ، فلقد وجدت لتبقى
 و ان ما يسمى بفلسطين التاريخية عند العرب والمسلمين ، لن تعود
 وانه على الجميع ان يعترفوا بهذه الحقيقة .
 وان يعلموا ان امريكا ستظل حامية وضامنة لوجود اسرائيل وامنها
 وانها لن تعترف ابدا بشرعية اى طرف لا يقبل الاعتراف باسرائيل
 وان هذا هو موقف كل الامريكيين بكامل طوائفهم واطيافهم ، وهو موقف ثابت لن يتغير مهما حدث
 وان اى عنف ( مقاومة ) من جانب الفلسطينيين غير مقبول ، وغير مشروع .
 فليس امامهم الا التفاوض طريقا وحيدا لتحرير ما تيسر من الضفة الغربية وغزة .
وما عدا ذلك قابل للمناقشة مثل :
 دولة فلسطينية ما ، ايقاف بناء المستوطنات بشكل ما ، والقدس القديمة وطنا مشتركا لليهود والمسلمين والمسيحيين ...الخ
 ولتكن خريطة الطريق هى البداية
 كما ان على العرب تطوير مبادة السلام العربية فى اتجاه مزيد من الاقتراب من الاسرائيليين
 وان يبذلوا جهودا لدفع الفلسطينيين للاعتراف باسرائيل

كان هذا هو خلاصة ما جاء عن فلسطين فى خطاب أوباما ، مضافا اليه ومطعما ببضعة كلمات وتعبيرات من باب المجاملة . مثل الازمة الانسانية فى غزة ومعاناة الفلسطينيين ..الخ
و الان دعونا نسترجع معا بعض النصوص والوثائق القديمة للقياس والمقارنة :

ثانيا ــ خلاصة اتفاقيات اوسلو 1993:

 التنازل عن فلسطين 1948
 والاعتراف بمشروعية دولة اسرائيل وحقها التاريخى فى هذه الارض
 والقبول بان فلسطين هى الضفة الغربية وغزة فقط
 والتنازل عن المقاومة المسلحة كطريق لتحريرالارض المحتلة ( الضفة وغزة )
 واعتماد طريق المفاوضات طريقا وحيدا للحل
 ونزع السلاح الفلسطينى وتفكيك اى بني عسكرية فلسطينية

وكل ذلك مقابل :

 وعدا بالانسحاب التدريجى مع اعادة انتشار لقوات الاحتلال فى مساحات محدودة
 وان يتم الانسحاب بشكل متناسب مع انجاز السلطة الفلسطينية لمهماتها الامنية
 و ان يتم التفاوض على مراحل وصولا الى مفاوضات الحل النهائى التى لم يصلوا لها ابدا ولن يصلوا .
 فى هذه الاثناء ستتولى اسرائيل مسئولية الدفاع و ستسيطر على الحدود مع مصر والاردن وعلى والمعابر والطرق الرئيسية والمياه الاقليمية والمجال الجوى
 وستحتفظ بعدد من المستوطنات فى الضفة الغربية وستتكفل قواتها بحمايتهم
 وتؤجل قضايا القدس و اللاجئين والحدود والمياه ...الخ الى الحل النهائى
 و فى جميع الاحوال ستكون الدولة الفلسطينية ان قامت دولة منزوعة السلاح ، منزوعة السيادة .
* * * * *

ثالثا ــ بنود الميثاق الوطنى الفلسطينى التى قام بالغاءها المجلس الوطنى الفلسطينى بحضور الرئيس كلينتون فى 14 ديسمبر 1998:

 المادة 9 " الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين وهو بذلك استراتيجيا وليس تكتيكا "
 المادة 19 " تقسيم فلسطين الذي جرى عام 1947 وقيام إسرائيل باطل من أساسه مهما طال عليه الزمن لمغايرته لإرادة الشعب الفلسطيني وحقه الطبيعي في وطنه "
 المادة 20 " يعتبر باطلا كل من وعد بلفور وصك الانتداب وما ترتب عليهما وأن دعوى الترابط التاريخية والروحية بين اليهود وفلسطين لا تتفق مع حقائق التاريخ ولا مع مقومات الدولة في مفهومها الصحيح. "
 المادة 21 " الشعب العربي الفلسطيني معبرا عن ذاته بالثورة الفلسطينية المسلحة، يرفض كل الحلول البديلة عن تحرير فلسطين تحريرا كاملا ويرفض كل المشاريع الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية أو تدويلها. "
* * * * *


رابعا ــ من نصوص خريطة الطريق الامريكية الموقعة فى 2003 :
 تنشر القيادة الفلسطينية بيانا تعترف فيه بشكل لا يقبل التأويل ، حق اسرائيل بالعيش بسلام وأمن . وتدعو، فوراً، الى وقف الانتفاضة المسلحة وكل النشاطات العنيفة ضد الاسرائيليين في كل مكان . وتتوقف كل المؤسسات الفلسطينية عن التحريض ضد اسرائيل .
 تعمل الدول العربية باصرار من اجل وقف التمويل الشخصي والشعبي للتنظيمات المتطرفة، وتقوم بتحويل دعوماتها للفلسطينيين عبر وزارة المالية الفلسطينية.
* * * * *
خامسا ــ من رسالة تطمينات الرئيس الأمريكي بوش إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي فى 14 ابريل 2004 :
 " تعيد الولايات المتحدة التأكيد على التزامها القوي بأمن إسرائيل، بما في ذلك حدود آمنة يمكن الدفاع عنها ، وحماية وتقوية قدرة إسرائيل على الردع والدفاع عن نفسها بنفسها ضد أي تهديد أو مجموعة من التهديدات المتوقّعة."
* * * * *
سادسا ــ من نصوص الاتفاقية الامنية الاخيرة بين اسرائيل وامريكا 16 يناير 2009 :
 " وان الاعمال العدائية والارهابية ، بما في ذلك تهريب السلاح ، وتنمية قدرات الارهابيين من تسليح وبنية تحتية ، قد شكل تهديدا لاسرائيل، وان اسرائيل، مثل كل الامم ، لها حقها الكامل في الدفاع عن النفس، بما في ذلك الدفاع عن النفس ضد الارهاب من خلال التحرك المناسب. "
* * * * * *
الخلاصة :
اننا امام نفس الحديث ونفس المنطلقات ولكن بصياغات مخففة ، تأتى لنا هذه المرة بلسان الشرطى الطيب . و كلنا نعلم حيلة الشرطى الطيب والشرطى الشرير فى فنون الاستجواب والتحقيق والاستدراج وتطويع الارادات .
و لو كان هناك من فائدة او اضافة يمكن ان نستخلصها من خطاب أوباما ، فهى ان نكف عن المراهنة على الولايات المتحدة الامريكية . فالرابطة الامريكية الصهيوينة لا يمكن ان تنقطع ، كما أكد لنا بنفسه خيرة رجالهم ، مستر باراك حسين أوباما .
* * * * *
القاهرة فى 11 يونيو 2009





















خطاب اوباما امام الصهاينة



خطاب اوباما امام الصهاينة

محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

يتداول على النت ، فيديو بالصوت والصورة للخطاب الذى ألقاء الرئيس الامريكى "الطيب" ، باراك أوباما ، يوم 12 يونيو 2008 ، امام منظمة أيباك وهى " اللجنة الأمريكية الاسرائيلية للشئون العامة " ، وفيما يلى مقتطفات منه :
 يجب أن نستمر فى حصار حماس حتى يتوقفوا عن أعمالهم الإرهابية ، ويعترفوا بحق اسرائيل فى الوجود ، وان يلتزموا بالاتفاقيات السابقة .
 لا مكان على طاولة المفاوضات للمنظمات الارهابية ، وهذا كان سبب رفضى لانتخابات عام 2006 عندما كانت حماس منضمة للاقتراع
 وكلا من السلطات الاسرائيلية والفلسطينية قاموا بتحذيرنا فى وقتها من اقامة هذه الانتخابات
 ولكن هذه الادارة مضت قدما ، والنتيجة هى غزة تحت سيطرة حماس ، وصواريخ تمطر اسرائيل
 يجب على مصر ان تقضى على عمليات تهريب الاسلحة الى غزة
 أى اتفاقية مع الفلسطينيين يجب ان تحترم هوية اسرائيل كدولة يهودية
 دولة ذات حدود آمنة سالمة ومحصنة
 والقدس ستبقى عاصمة اسرائيل ولن تقسم
 إتحادنا قائم على مصالح وقيم مشتركة
 هؤلاء الذين يهددون اسرائيل يهددوننا
 اسرائيل كانت دائما فى الخطوط الامامية فى مواجهة هذه التهديدات
 سوف اتقدم للبيت الابيض بالتزام لا يتزعزع تجاه أمن اسرائيل
 والذى يبدأ بضمان كفاءة القدرة العسكرية الاسرائيلية
 سوف أضمن ان اسرائيل قادرة على الدفاع عن نفسها من اى تهديد ، من غزة الى طهران
 الدفاع المشترك بين اسرائيل وامريكا يعتبر مثال للنجاح ويجب ان يتعمق
 وكرئيس سوف أتقدم بمذكرة تفاهم تنص على تقديم 30 بليون دولار فى شكل مساعدات لاسرائيل خلال العقد القادم ، استثمارات لامن اسرائيل والتى لن يقدم مثلها لاى دولة أخرى
 وبالمضى قدما ، يمكننا ان نعزز التعاون فيما بيننا حول الدفاع الصاروخى
 وسوف نقوم بتصدير المعدات العسكرية الى حليفنا اسرائيل فى نفس اطار المبادىء التوجيهية لحلف شمال الاطلسى
 وسوف ادافع دوما عن حق اسرائيل فى الدفاع عن نفسها فى الامم المتحدة وحول العالم
 وكرئيس لن اقدم أية تنازلات اذا تعلق الامر بأمن اسرائيل
* * *
القاهرة فى 4 يوليو 2009

الكونجرس العدو


الكونجرس العدو

محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

يطاردنا الكونجرس الامريكى فى كل مكان ، ويعادينا على الملأ ، لا يستثنى منا أحدا ، صقورا كنا ام حمائم . فيتنافس رجاله كل يوم ، على تقديم مشروعات قوانين تستهدف وجودنا و أمننا القومى ، و هويتنا الحضارية ، واستقلالنا و سيادتنا ووحدتنا الوطنية ، ومناعتنا العسكرية ، واستقرارنا الاقتصادى ، وادوارنا الاقليمية وكل مقومات قوتنا وتطورنا . ويستبيحون لانفسهم التدخل فى كل صغيرة وكبيرة فى ادق تفاصيل حياتنا .
وحيث ان الوطن العربى يعيش حالة مراجعة للعلاقات العربية الامريكية ، بعد قدوم اوباما وتغير الرجل الشاغل لمنصب الرئيس ، فانه من اللازم والمفيد ان نتوقف عند كل المؤسسات الصانعة للسياسة الامريكية وعلى رأسها الكونجرس .
فهو من الناحية القانونية يمثل الشعب الامريكى و يعتبر المعبر الرسمى والواقعى عن المصالح الامريكية كما يراها الراى العام هناك ، حيث ان الطريق اليه يمر عبر صناديق الانتخابات و بدون تزوير .
وهو ما قد يفيدنا ايضا فى تقييم الحديث الذى يتكرر كثيرا من ان هناك اختلافا بين الشعب الامريكى وبين حكومته . واننا لا يجب الا نأخذه بجريرة ادارته ، وانه يتوجب علينا ان نتواصل معه لتغيير السياسة الامريكية تجاهنا ، كما تفعل جماعات الضغط الصهيوينة . فى تحليل يصل الى حد ان المشكلة فينا نحن !
* * *
وفى سبيل كل ما سبق ، فاننا سنقوم معا بجولة مع بعض من الامثلة والنماذج من القوانين ومشروعات القوانين الصادرة عن الكونجرس فى السنوات الاخيرة ضد عدد من الاقطار العربية :


وسنبدأ بالسعودية فهى القطر الاقرب الى الولايات المتحدة :
• فى أواخر شهر يوليو الماضى ، 2009 أرسل أكثر من 200 من أعضاء مجلس النواب الأمريكي ، رسالة إلى العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز ، أعربوا فيها عن خيبة أملهم من تجاهل السعودية ، طلب الرئيس الأمريكي باراك أوباما ، اتخاذ خطوات نحو تطبيع علاقاتها مع إسرائيل .
• وكانوا يقصدون فى ذلك ما صرح به وزير الخارجية سعود الفيصل من أن بلاده لن تنظر في الاقتراح المقدم من المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جورج ميتشيل ، لحين قبول إسرائيل لمبادرة السلام العربية، والمتعلقة بالانسحاب من كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة.
• وقد دعا اعضاء الكونجرس ، خادم الحرمين الشريفين الى الاقتداء بالرئيس المصرى السابق انور السادات ، وكذلك بالعاهل الاردنى الراحل الملك الحسين بن طلال .
*
• مثل آخر حدث فى 25 اكتوبر 2006 ، عندما تقدم السناتور أرلن سبيكتر بمشروع قانون " محاسبة المملكة العربية السعودية لعام 2007 " بغرض انهاء المملكة دعمها للمؤسسات التى تمول الارهاب وتحرض عليه ..الخ ، مطالبا لها بتقديم تعاون كامل وغير محدود ولا يعوقه شىء للولايات المتحدة بما فى ذلك المعلومات الاستخبارية فيما يتعلق بالجماعات المتشددة والعمليات الارهابية .
و يطلب من الرئيس الامريكى تقديم شهادة دورية امام لجان الكونجرس كل 6 شهور تفيد براءة ذمة الرياض وحسن سلوكها
كما يطالب المملكة بايقاف كل الاموال والتبرعات الى الجماعات الارهابية والمتشددة داخل المملكة وخارجها
وينتقد القانون دور السعودية ضد اسرائيل ، من حيث دعمها للانتفاضة ومقاطعتها الاقتصادية لاسرائيل بالمخالفة لشروط منظمة التجارة الدولية . كما ينتقد دعمها المالى لعدد من الاسر الفلسطينية
كما ورد فى نص القانون المقترح ان نصف اعداد المقاتلين الاجانب فى العراق يتسللون عبر الحدود السعودية
*
• وكان قد سبق فى 25 مايو 2005 ، ان بعث نائبان من مجلس النواب هما مايكل فرجسون وبنجامين كاردان ، برسالة الى الممثل التجارى الامريكى يطالبان فيها بوقف انضمام السعودية الى منظمة التجارة العالمية الى حين انسحابها من مقاطعة اسرائيل وتقديم عدد من التنازلات الاخرى .
* * *
الكونجرس ضد مصر الحليف الاستراتيجى لامريكا :
• فى فبراير الماضى ، تقدم 2009 النائب اليهودي الديمقراطي أنتوني وينر الذي يمثل ولاية نيويورك في الكونجرس ، بمشروع قانون ضد مصر ، يحمل اسم : " قانون الإصلاح السياسي ومكافحة الإرهاب في مصر". طالب فيه بحظر تقديم أية مساعدات عسكرية أمريكية لمصر، وتحويلها إلى مساعدات اقتصادية لا تستفيد منها القوات المسلحة المصرية . بالاضافة الى اخضاع المعونة الاقتصادية لمصر لرقابة مباشرة من "المراقب المالي العام الأمريكي". وذلك بسبب ما ادعاه من تراخيها في مراقبة أنفاق غزة ، بما يهدد امن اسرائيل .
• وذلك رغم ان وفود الكونجرس والمهندسين العسكريين الامريكان ، يقومون بجولات تفتيش دورية متلاحقة ، على الحدود المصرية ، فى ظل تعاون مصرى رسمى بلا حدود ، جاء بعد ضغوط مماثلة على قضية الانفاق منذ عام 2005 .


• و رغم العلاقات الاستراتيجية المشتركة ، ورغم الاشادة الامريكية الدائمة بان مصر كامب ديفيد هى اساس الاستقرار فى الشرق الاوسط ، فان مشروعات القوانين المماثلة ضد مصر ، اصبحت من التقاليد الراسخة فى يوميات الكونجرس الامريكى ، لم تتوقف عاما واحدا منذ 1982 .


• والذرائع متعددة : من الاصلاح الاقتصادى على طريقة البنك الدولى ، الى الاصلاح السياسى وحقوق الانسان ، الى الاعتراض على مسلسل فارس بلا جواد ، الى تقارير الحالة الدينية وملفات الاقباط والبهائيين ..الخ . ولكنها تصب فى النهاية فى القضية الاساسية وهى أمن اسرائيل ومصالحها . طبقا لقاعدة " اضغط هنا ، تحصد هناك " .
* * *
مع اسرائيل على الدوام :
• الانحياز الامريكى الكامل لاسرائيل ليس بجديد ، ولكننا نتناوله هنا فى سياق تقييم دور الكونجرس . ويكفينا فى ذلك تتبع حجم الدعم المالى والعسكرى التى يعتمدها الكونجرس كل عام فى اطار برامج المساعدات الخارجية والتى تتصدر اسرائيل فيها المرتبة الاولى على الدوام . ولكن فلنواصل لنسلح انفسنا ببعض تفاصيل العدوان :
• كان الكونجرس هو البرلمان الوحيد فى العالم الذى اصدر تأييدا صريحا للعدوان الصهيونى على غزة فى يناير 2009 ، وهو العدوان الذى استشهد فيه 1500 من أهالينا ، واصيب اكثر من 5000 ، ودمرت مئات البيوت والبنى التحتية فى كامل قطاع غزة .
• ولقد صدر بذلك قراران غير ملزمان من كل من مجلسى النواب والشيوخ ، ولقد أيد القرار فى مجلس النواب 390 صوت ضد 5 اصوات لا غير .
وقد طالب القراران باتخاذ عدد من الاجراءات كان على راسها : التعبير عن الدعم والالتزام القوي بقيام دولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية ذات حدود آمنة ، مع الاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها لحماية مواطنيها من صواريخ حركة حماس ، ويرى القرار أن حق الدفاع الإسرائيلي عن مواطنيها ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة .
• وهو قرار مكرر ومطابق لعديد من القرارات السابقة ، ففى يوليو 2003 اصدر الكونجرس قرار بأغلبية 399 صوت مقابل 5 اصوات يعبرون فيه عن دعمهم الصلب والمحكم لإسرائيل وأن اسرائيل لديها الحق في الدفاع عن نفسها وبكل قوتها لمحاربة الإرهابيين .
*
• فى مايو 2008 وافق كل اعضاء مجلس الشيوخ المائة ، و417 عضوا من مجلس النواب على قانون بعنوان " الاعتراف بالذكرى الستين لانشاء دولة اسرائيل واعادة تقوية الروابط والتعاون بين البلدين "
ويعترف القانون برغبة الشعب اليهودى فى انشاء الدولة الاسرائيلية المستقلة والحديثة ، وان قيام الدولة الاسرائيلية كان ثمرة المملكة الاسرائيلية التاريخية التى أسست على أرض اسرائيل قبل ثلاثة آلاف سنة ، عاصمتها مدينة القدس .
ولقد تضمن القانون ستة مواد لخصها عمرو عبد العاطى فى تقرير واشنطن فى الآتى :
1) الاعتراف بالأهمية التاريخية للذكري الستين لإعادة إنشاء دولة إسرائيل ذات سيادة واستقلالية لكي تكون وطناً قومياً لليهود.
2) إعادة التأكيد على الدعم لإسرائيل، والسعي لتحقيق سلام إسرائيلي مع دول الجوار.
3) إعادة التأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد التهديدات وحماية أمنها ووجودها.
4) مدح الانجازات الإسرائيلية في بناء مجتمع ديمقراطي تعددي، وجهودها في محاربة الإرهاب، والدول العدوانية من جيرانها.
5) إعادة التأكيد على روابط الصداقة والتعاون بين البلدين منذ ستين عاماً، والعمل والالتزام بتقوية تلك العلاقات.
6) التهنئة بأطيب الأمنيات للدولة الإسرائيلية والشعب الإسرائيلي والتمني لهما بمستقبل يتسم بالنجاح والازدهار والسلام .
*
• أصدر الكونجرس فى 8 اكتوبر 2004 " قانون تعقب معاداة السامية " ، و قد نص لاول مرة فى التاريخ على اعتبار ان نقد الصهيوينة واسرائيل هو احد اشكال معاداة السامية .
واوكل للخارجية الامريكية مهمة توثيق وتتبع القوانين والحركات المعادية للسامية فى انحاء العالم
ونص القانون على انشاء مكتب متخصص لهذا الشأن هو مكتب " المراقبة ومكافحة الحركات المعادية للسامية "
مع تكليفه بتقديم تقارير دورية عن هذه الحركات الى الكونجرس ، على ان يتضمن كل تقرير الجهد المبذول من الحكومات المختلفة فى مواجهة كل اشكال العداء للسامية فى بلدانها .
*


• الكونجرس يدعم جدار الفصل العنصرى فى مواجهة الادارة الامريكية :
حدث ذلك عندما اشارت كونداليزا رايس الى اعتراضها على الجادر العازل ، والمحت الى الولايات المتحدة قد تقوم بخصم تكلفة الجدار من قيمة المساعدات الامريكية لاسرائيل التى اعتمدتها فى ابريل 2003
فما كان من انصار اسرائيل فى الكونجرس الا انهم أكدوا للبيت الأبيض على لسان السيناتور تشارلز تشمر " انه إذا عارض الرئيس قرار الكونجرس وحاول عقاب اسرائيل التي تدافع عن نفسها ، فإن الكونجرس سوف يعمل جاهداً على إثبات وتأكيد أن هذه الإعتمادات هي في إطار المساعدات المعتادة والمقررة وهي غير كافية ويعمل على زيادتها ".
*
• فى اى صفقة للسلاح فى المنطقة ، يجب ان يقوم الرئيس الامريكى بتقديم تقرير عنها الى لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس ، على ان يتضمن هذا التقرير افادتين رئيسيتين :
الاولى : معلومات عن السلاح المباع الى احدى دول الشرق الاوسط او الخليج ، سواء كان سلاحا تقليديا او غير تقليدى .
الثانية : تأثير هذه المبيعات على التوازن العسكرى فى المنطقة .
* * *
ضد سوريا :
• فى شهرى اكتوبر ونوفمبر من عام 2003 وافق مجلسى النواب والشيوخ على قانون معاقبة سوريا ، وذلك باغلبية 398 ضد 4 فى مجلس النواب و89 صوت ضد 4 بمجلس الشيوخ
وطالب القانون سوريا بوقف دعمها للارهاب ، وسحب قواتها من لبنان ، ووقف جهود تطوير اسلحة الدمار الشامل ، والصواريخ بعيدة المدى ، ومنع تسلل الارهابيين الى العراق .
وطالب القانون الرئيس الامريكى بتوقيع العقوبات التالية اذا لم تستجب دمشق :
1) حظر بيع المنتجات التى يمكن استخدامها فى المجال العسكرى
2) حظر التبادل التجارى معها
3) وفرض قيود على الدبلوماسيين السوريين فى امريكا
4) وقيود على الطيران السورى
5) وتجميد الاصول السورية لدى الولايات المتحدة .


• بعد ذلك باقل من سنتين فى مايو 2005 اعلنت سوريا انها ستسحب قواتها من لبنان .
*
• فى 4 مارس 2009 طالب مشروع قانون بالكونجرس الأمريكي بتشديد العقوبات الدولية المفروضة على سوريا ، كما اتهم سوريا بدعم الإرهاب وتطوير أسلحة دمار شامل.
ويطالب مشروع القانون الذي تقدمت به النائبة الجمهورية المتشددة إيلينا روس ليتينين بـ " تشديد العقوبات ضد الحكومة السورية ، وتعزيز الالتزامات متعددة الأطراف لمواجهة السياسات التهديدية التي تمارسها الحكومة السورية، وإنشاء برنامج لدعم انتقال إلى حكومة منتخبة ديمقراطيًّا في سوريا".


• و بمناسبة الحديث عن سوريا و رغم ان الكونجرس هو موضوع حديثنا هنا ، الا انه تجدر الاشارة الى القرار الذى اصدره الرئيس الامريكى الجديد اوباما منذ بضعة ايام بتجديد العقوبات على سوريا . واقد ورد فى قراره ما يلى :
"على الرغم من التطورات الإيجابية خلال السنة الماضية ، مثل إقامة علاقات دبلوماسية وتبادل السفراء بين لبنان وسوريا ، تستمر تحركات بعض الأفراد في المساهمة في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في لبنان والمنطقة ، وتشكل تهديدًا مستمرًا واستثنائيًا للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة "
* * *
والعراق الحبيب :
• الولايات المتحدة كلها ضد العراق فيما عدا قلة قليلة من الشرفاء ، دمروه بحصار استمر 12 عاما ، ثم قاموا بغزوه فى عدوان قذر فى 2003 ، ولايزال الاحتلال جاسما على انفاسنا هناك ، واسفر حتى الان عن ما يقرب من مليون شهيد .
• وبالطبع قام الكونجرس على اكمل وجه بالدور المنوط به فى هذه الجريمة ، فاعتمد قرار الحرب ، واعتمد ميزانيات تمويلها على امتداد الست سنوات الماضية .
• ولكن زاد من فجوره وعدوانه الوحشى على امتنا ، ما اصدره مجلس شيوخهم فى اكتوبر 2007 ، باغلبية 75 صوت من 100 صوت ، من قرار غير ملزم بتقسيم العراق الى 3 دويلات سنية وشيعية وكردية . و هو القرار الذى تقدم به جوزيف بايدن النائب الحالى للرئيس الامريكى باراك اوباما .
• وكان ذلك هو اول تعبير علنى عن مشروع تفتيت الوطن العربى ، الذى يضمرونه لنا منذ عقود طويلة .
* * *


ضد السودان :
• فى اكتوبر 2002 تقدم الكونجرس بمشروع قانون يحمل عنوان " قانون سلام السودان " طلب فيه من الرئيس الامريكى بوش فرض عقوبات على السودان فى حالة عدم عودة السلام سريعا ، وعدم تفاوض الحكومة بحسن نية مع الجيش الشعبى لتحرير السودان . وتمثلت العقوبات المقترحة ما يلى :
1) خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية
2) وقف اى منح او قروض للحكومة السودانية
3) منع الخرطوم من الوصول الى عائداتها النفطية
4) حظر السلاح على السودان بقرار من مجلس الامن
5) تقديم مساعدات مالية للمناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة


• و بعد ثلاثة سنوات من هذا التاريخ ، فى عام 2005 ، وتحت مثل هذه الضغوط وغيرها ، وقعت السودان مع الجنوب اتفاقية نيفاشا التى تمهد لانفصاله .
*
• فى سبتمبر 2006 اقر الكونجرس بمجلسيه مشروع قانون اطلق عليه " قانون سلام دارفور " لفرض عقوبات على السودان ، على خلفية رفض الحكومة السودانية ارسال قوات دولية الى اقليم دارفور . وقد أيد القرار فى مجلس النواب 416 صوت ضد 3
وكان السودان قد اعلن رفضه لاعتباره ان ذلك شكلا من اشكال الاحتلال الغربى وانتقاص من السيادة السودانية ومحاولة للسيطرة على الثروات السودانية الجديدة.
وقد طالب القانون الامريكى بتعليق عضوية السودان فى الامم المتحدة ، وتوقيع عدد من العقوبات الاقتصادية والمالية ، وفرض عقوبات ضد مسئولين سودانيين محددين بتهمة ارتكاب جرائم حرب وابادة فى دارفور .
• و بعد ذلك التاريخ بثلاثة سنوات ، فى مارس 2009 ، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية قرارها بتوقيف الرئيس السودانى عمر البشير بناء على سبع اتهامات وجهها إليه كبير المدعين بالمحكمة تتعلق بمسئوليته المفترضة عن جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية فى نزاع دارفور .


* * * * *


وصلنا الى نهاية جولتنا مع الكونجرس العدو ، واريد أن أؤكد هنا ان ما سبق لم يكن توثيقا لكل ما صدر من الكونجرس ضدنا ، وانما كان مجرد قراءة لبعض الامثلة والنماذج للتأمل فى دلالتها واصولها العدوانية ، من جهة من المفترض انها تمثل الشعب الامريكى وليس ادارته .
وقبل ان نختم ، اتصور انه لا ضرورة للتذكير بأن حديثنا اليوم تناول مؤسسة امريكية واحدة فقط هى الكونجرس ، لم نتعرض فيها للمايسترو الكبير المسمى بالادارة الامريكية .
و بالطبع كلهم فى النهاية منظومة واحدة .
* * * * *
القاهرة فى 4 اغسطس 2009

لن نعترف باسرائيل

بقلم / محمد سيف الدولة

ردا على اوباما وكل انصار اسرائيل فى كل زمان ومكان :
 فلسطين ارضنا ، ارض عربية منذ الفتح الاسلامى ، اختصصنا بها على امتداد 14 قرن وعشنا عليها ولم نغادرها ابدا . وقاتلنا من اجلها جيل وراء جيل ، ونجحنا من قبل فى تحريرها من الغزو الصليبى 1096 – 1291

 و الادعاءات الصهيوينة بالحقوق اليهودية فى فلسطين هى ادعاءات كاذبة وكذلك كل الاساطير المزورة حول ارض الميعاد والامة اليهودية والشعب اليهودى

 و الوجود اليهودى الصهيونى الحالى على ارض فلسطين هو وجود غير مشروع يستند الى تواطؤ استعمارى ودولى على امتداد قرن من الزمان ، فوعد بلفور وصك الانتداب البريطانى والهجرات اليهودية الكبرى فى القرن العشرين وقرار التقسيم واعلان قيام دولة اسرائيل ، كلها غير مشروعة وتمت بالاكراه ضد رغبة الشعب العربى ورغما عنه فى ظل خضوعه لفترات طويلة من الاحتلال الاجنبى .

 ولقد اغتصب الصهاينة فلسطين من خلال ارتكاب ابشع انواع المذابح وحروب الابادة ضدنا لاخراجنا من اراضينا ، وما بنى على اغتصاب هو اغتصاب ولو طال به الزمن .
 لكل ذلك فان هذا الكيان الصهيونى المسمى بدولة اسرائيل هو كيان غير مشروع ودولته دولة غير مشروعة ولن تكون .

 وطول مدة الاغتصاب او قصرها لا يعطى اى مشروعية له ، فالاوطان لا تضيع بالتقادم .

 بالاضافة الى ذلك فان هذا الكيان قد تم زرعه بيننا لفصل مشرقنا عن مغربنا ، ولمنع توحد امتنا فى دولة واحدة ، وليكون عصا دائمة لتاديب شعوبنا والثوار والمجاهدين منا ، فهو عدوان علينا جميعا وليس على فلسطين وحدها .

 و ان استمرار وجود الكيان الصهيونى هو عدوان يومى متكرر على حقنا فى الوجود ، حقنا فى الاختصاص الهادىء باوطاننا وديارنا ، حقنا فى التحرر ، حقنا فى التوحد ، حقنا فى التطور والتقدم ، حقنا فى ان نعيش حياة آمنة طبيعية مثل باقى شعوب الارض

 وكل من اسس ودعم و ما زال يدعم اسرائيل هو مشارك فى العدوان علينا و هو عدو لنا .

 ان الامل الوحيد امامنا فى الحفاظ على وجودنا وفى استرداد حياتنا الطبيعية هو فى استرداد ارضنا المغتصبة وانهاء وجود الكيان الصهيونى

 وعلى ذلك فان المطالبة بالاعتراف باسرائيل تمثل تنازلا عن ارضنا وتهديدا لوجودنا واستسلاما لعدونا

 فالاعتراف يعنى القبول " بمشروعية" الدولة الاسرائيلية ، بمشروعية الاغتصاب الصهيونى لفلسطين ، والقبول بصحة الاساطير الصهيونية حول الامة اليهودية والشعب اليهودى وحقه التاريخى فى ارض الميعاد

 وهو ما يعنى التسليم بالعقيدة الصهيونية فى الصراع وبالتالى تبنى رؤية عدونا فى صراعنا معه ، انها الهزيمة العربية الكبرى التى يحلم بها الصهاينة منذ قرن من الزمان

 وهو يعنى الاعتراف بان الحركة الصهيونية حركة تحرر وطنى نجحت عام 1948 فى تحرير وطنها المغتصب من الاستعمار العربى الاسلامى والتى يحتفلون بذكراها كل عام فى عيد يطلقون عليه "عيد الاستقلال ".

 واذا كان هذا صحيحا ــ وهو ليس كذلك ــ فان الضفة الغربية وغزة ، هى الاخرى ، وبذات المنطق ، ارض يهودية مما يستوجب تحريرها عاجلا ام آجلا من الاحتلال العربى لها

 وسيكون وبالقياس وجودنا نحن ايضا هنا فى مصر وجودا غير مشروعا ، فنحن نمثل احتلالا عربيا اسلاميا لاراضى الغير

 وسيعطى الاعتراف ضوءا اخضر لكل القوى الطائفية فى المنطقة بالسعى لتكرار وتقليد التجربة الصهيونية ، وانشاء دولا محررة من الاحتلال العربى ، دولا كردية وشيعية وسنية ومارونية وزنجية وقبطية ..الخ . ان الاعتراف يؤدى الى تفتيت الامة .



 ان الاعتراف باسرائيل فى حقيقته هو عملية انتحار جماعى ، بموجبه تقرر الامة العربية الانتحار وتعترف بان وجودها على هذه الارض هو وجود باطل وغير مشروع على امتداد 14 قرن

 كما انه اذا كانت اسرائيل مشروعة ــ وهى ليست كذلك ــ فمن حقها ان تفعل ما تريد للحفاظ على وجودها وعلى امنها ، ان الاعتراف بها يجعل من المقاومة ارهابا ومن ارهابها دفاعا مشروعا عن النفس ، فاعترافنا بها يعطيها رخصة لقتل اهالينا وابادة شعبنا .

 ان الاعتراف هو جريمة تاريخية وعملية انتحار مجنونة ، ناهيك عن كونه استسلاما للعدو

 كما ان التنازل عن الاوطان ليس من صلاحيات احد ، فالاوطان ملكا جماعيا مشتركا لكل الاجيال الراحلة والحالية والقادمة . وليس للجيل الحالى بكامله ، حتى ان اراد ، الا حق الانتفاع بالوطن فقط ، فليس من حقه التنازل او التفريط او التصرف فيه

 ان هناك 50 جيلا قبلنا ناضل وقاتل واستشهد لكى تكون هذه الارض لنا

 فلسنا نحن الذى جلبناها لانفسنا لكى نملك حق التخلى عنها

 كما ان الاوطان ليست سلعا يمكن ان تباع او تستبدل ، وليست هناك اسواق نجلب منها اوطانا جديدة بدلا عن تلك التى فرطنا فيها .

 اما عن اعتراف الانظمة العربية ولو بالاجماع بدولة اسرائيل ، فهو اعتراف غير مشروع وانحياز للعدو، كما انه حق لا يملكوه

 خاصة وان من اعترف منهم ، انما فعل ذلك تحت الضغط والاكراه ، والاكراه يبطل الارادة وبالتالى يبطل الاعتراف

 و دول العالم ولو اجمعت على الاعتراف باسرائيل فان هذا لا يلزمنا بشىء .

 اما الامم المتحدة وما يسمى بالشرعية الدولية فلا يجب ان تكون مرجعية لنا على اى وجه ، فكل الشرعيات الدولية والقوى الكبرى على امتداد قرنين من الزمان هى التى سلبت منا حياتنا واحتلت اوطاننا وناصبتنا العداء ولا تزال ، انهم العدو الاصلى .

 كما ان هذه الدول الكبرى التى تدعونا للاعتراف باسرائيل ، لماذا لم تعترف هى بشرعية اعدائها ؟ لماذا لم تعترف فرنسا بالاحتلال الالمانى لاراضيها فى الحرب العالمية الثانية ؟ ولماذا لم تعترف امريكا بالاحتلال البريطانى لها فى القرن الثامن عشر ؟

 ان العجز المؤقت عن تحرير اراضينا ، وتاخر النصر بسبب اختلال موازين القوى لا يعطى مبررا للاستسلام وانما يفرض علينا الصمود لحين توفير شروط النجاح ولو جاءت من الاجيال القادمة .

 كما ان فى تاريخنا الحديث انتصارات كبيرة ومعارك تحرر ناجحة على امتداد الوطن العربى . وبعض معاركنا استمرت 130 عاما مثل الجزائر ، فهل نستسلم الان ؟؟
 كما ان فى تاريخنا القريب انتصارات حقيقية على الكيان الصهيونى وحلفاءه ، مصر 1973 ولبنان 2000 و انتفاضة فلسطين 2000 ولبنان 2006 وغزة 2009 ، فلماذا نستسلم ونحن قادرون على النصر ؟؟

 وشعوبنا والحمد لله واعية وجاهزة للاشتباك فى معارك التحرير، كما ظهر منها فى دعمها اللانهائى للمقاومة فى معركة غزة الاخيرة . فلماذا نخذلها ؟؟

 وانظروا حولنا لشعوب عظيمة قد تحررت وغيرت مصيرها ، شعوبا لا نقل عنها حضارة او وطنية ، انظروا للصين والهند وفيتنام وامريكا اللاتينية وغيرها .

 كما ان السلوك العدوانى المتكرر للعدو الصهيونى يقوى من قناعاتنا باستحالة القبول بوجوده على ارضنا ، فمذابح دير ياسين وكفر قاسم وغزة 55 وعدوان 56 و67 و82 وصابرا وشاتيلا وقانا وغزة 2009 وغيرها ، هو تاكيد لصحة مواقفنا المبدئية

 وبالاضافة الى كل ذلك فان الاعتراف العربى باسرائيل يفتح الباب لكل دول العالم ، ان تعيد علاقتها باسرائيل ، وهو ما حدث بالفعل بعد كامب ديفيد ، اذ اعادت اكثر من 80 دولة علاقتها باسرائيل ، وكان بمثابة ضخ لدماء جديدة فى اقتصاد كاد ان يحتضر ، ناهيك على انه قام بتخفيف العبء عن امريكا وحلفاءها . ان الاعتراف يطيل امد الكيان ويصعب مهمة انهاء وجوده على الاجيال القادمة .

 ثم الذين اعترفوا منا باسرائيل ماذا اخذوا فى المقابل ؟ لم ياخذوا شيئا ، انهم فاقدوا السيادة حتى على ابسط قراراتهم .
 وقولوا لنا : ماذا اخذت جماعة اوسلو لفلسطين ؟ لم تاخذ شيئا ولن تاخذ ، وحتى ان اعطوها شيئا ، سيعطونها مسخ دولة منزوعة السلاح ، منزوعة السيادة لا تملك الدفاع عن نفسها امام كتيبة صهيونية واحدة ، وستضطر الى الارتماء فى احضان اسرائيل وامريكا للحفاظ على بقائها .

 ان الذين يتصورون انهم باعترافهم باسرائيل ، انما يأخذون الممكن والواقعى الوحيد فى ظل موازين القوى الحالية ، الى ان تتغير الظروف الدولية فى المستقبل لصالح القضية ، انما هم واهمون ، فهم يتناسون تاريخنا على امتداد قرن كامل . فتسويات الحرب العالمية الاولى ما زالت قائمة حتى الان ، لم نستطع المساس بها رغم الاجماع على رفضها .

 وها هى مصر بجلالة قدرها وقوتها ومكانتها عاجزة عن انجاز تعديل طفيف فى الترتيبات الامنية المفروضة عليها فى اتفاقية كامب ديفيد منذ 1979 و التى تقيد ارادتها الى ابلغ حد وتمس سيادتها على ارضها .

 فلا تغامروا باوطاننا املا فى متغيرات مستقبلية لن تحدث . ما ستاخذونه من اسرائيل بالتسوية الان ، سيكون هو نهاية المطاف لعقود طويلة قادمة . هذا ان اعطتكم شيئا . ولن تفعل .

 واخيرا وليس آخرا ، تدور المعركة الان بعنف وشراسة ضد غزة بهدف اخضاعها وارغامها على الاعتراف باسرائيل ، ولن نتركها وحيدة فى الميدان تخوض معركتنا المشتركة .

 اننا نعلن نحن الموقعين ادناه اننا لن نعترف باسرائيل واننا فى هذا كلنا غزة
* * *
القاهرة فى12 فبراير 2009

















































































الامريكان يدخلون مصر




 الأمريكان يدخلون مصر
1974 ــ 1982

محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

تناولنا فى مقال سابق بعنوان " مصر والعدو الامريكى 1967 ــ 1973 "
حقيقة العدوان الامريكى على مصر فى هذه الفترة ، وكيف انه وضع امريكا فى مرتبة العدو الصريح لنا ، تماما ، مثل العدو الصهيونى ، بموجب قواعد ومواثيق القانون الدولى .
واليوم نستكمل الحوار ، ونتناول المرحلة التالية فى العلاقات المصرية الامريكية 1974 ــ 1982 . وسنجد فيها : انه بدلا من ان تقوم القيادة المصرية بتثبيت ما حققته من نصر فى الحرب ، وتعيد تنظيم الصفوف ، وتعد للجولة التالية فى معركة تحرير الارض المحتلة ، بالتنسيق مع الاصدقاء والحلفاء ، فى مواجهة العدوين الامريكى والصهيونى .
نقول بدلا من ذلك فانها اختارت الانحياز الى العدو الامريكى ، وتسليمه مقاليد الامور ، ومكنته من دخول مصر واختراقها .
وكان من نتيجة ذلك ان نجحت امريكا " العدوة " فى الفترة من 1974 ــ 1982 فى اختراق مصر من الداخل على وجه لم تكن لتحلم به :
1) فانشأت قواعد عسكرية لها فى سيناء
2) واصبحت هى المصدر الرئيسى لتسليح مصر .
3) و سيطرت على الاقتصاد المصرى .

والى حضراتكم بعض التفاصيل :

اولا ــ القواعد العسكرية الامريكية فى سيناء :

 تم التمهيد لذلك فى اتفاقية فض الاشتباك الثانى ، الموقعة بين مصر واسرائيل وبرعاية امريكية ، فى اول سبتمبر 1975 ، فقد نصت على ان تتولى الولايات المتحدة مهمة انشاء وادارة محطات الانذار المبكر فى سيناء من خلال 200 فرد مدنى امريكى متمتعين بالحصانة الجنائية والمدنية والضرائبية والجمركية.
 ثم كانت الطامة الكبرى فى اتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية الموقعة فى 26 مارس 1979 ، اذ قام الطرفان الامريكى والصهيونى بالتحايل على الطرف المصرى ، على الوجه التالى :
 كان الاتفاق المبدئى الوارد فى الاتفاقية الرئيسية ، ان مهمة مراقبة الوضع فى سيناء ، ستتولاه قوات من الامم المتحدة ، و من الدول غير ذات العضوية الدائمة فى مجلس الامن ، وقد ورد ذلك فى الفقرة الثامنة من المادة السادسة من الملحق الاول .
 ولكن الامريكان عدلوا هذا النص بالنص التالى ، والذى قبله للاسف المفاوض المصرى :
" فى حالة عدم الوصول إلى إتفاق بين الطرفين فيما يتعلق بأحكام الفقرة الثامنة من المادة السادسة من الملحق الأول ، فإنهما يتعهدان بقبول أو تأييد ما تقترحه الولايات المتحدة الأمريكية بشأن تشكيل قوات الأمم المتحدة والمراقبين ".
 وبالفعل استبدلت امريكا ، قوات الامم المتحدة ، بقوات سميت بالقوات متعددة الجنسية والمراقبين ، بموجب بروتوكول تم ابرامه بين الاطراف الثلاثة فى 3 اغسطس 1981 ، وتم الاتفاق على تفاصيله فى 31 يناير 1982 .
 وهى القوات الموجودة فى سيناء الآن ، ويبلغ تعدادها حوالى 2000 فرد ، وهى غير خاضعة للامم المتحدة ، وتتكون اسما من عشرة دول ، ولكن اغلبية القوات المقاتلة منها ( قوات المشاة ) من الولايات المتحدة بنسبة 40 % ، وباقى الدول المشاركة من حلفاء امريكا فى حلف الناتو وامريكا اللاتينية .
 وقيادتها المدنية الدائمة امريكية .
 وتتمركز فى قاعدتين عسكريتين فى شرم الشيخ جنوبا ، وفى الجورة شمالا .
 بالاضافة الى 30 نقطة تفتيش داخل الاراضى المصرية .
 ولا يجوز لمصر ان تطالب بانسحابها ، الا بعد التصويت الايجابى للاعضاء الخمسة الدائمين بمجلس الامن .
 وهى تتمركز فى مصر فقط ، اما اسرائيل ، فلم تسمح بوجود قوات على اراضيها ، ورضيت بمراقبين مدنيين فقط لا يتجاوز عددهم 50 مراقب معظمهم من الامريكان .
* *
الخلاصة : ان فى سيناء الآن ومنذ عام 1982 قوات تابعة للعدو الامريكى ، تراقب مصر وتنسق مع العدو الصهيونى . لا نملك الحق فى المطالبة بسحبها .

* * * * *

ثانيا ـ الامريكان هم المصدر الرئيسى للسلاح المصرى :

وتفصيل ذلك انه منذ 1975 وحتى تاريخه ، تتفضل الولايات المتحدة باعطائنا معونة عسكرية قيمتها 1.3 مليار دولار ، وبنسبة 2 : 3 لصالح اسرائيل ، وهو ما يمكنها من التحكم فى الميزان العسكرى لصالح اسرائيل من خلال :
 نوعية السلاح وحداثته .
 كميته
 قطع غياره
 التدريب والمتدربين والمدربين
 عدم السماح باعادة تصديره الا بموافقة امريكية
 قيود على استخدامه فيما يتعارض مع المصالح الامريكية .
 تحكم تقنى غير مباشر فى وجهة استخدام بعض الاسلحة ( الاهداف الموجهة اليها ) وعدد مرات الاستخدام .
* *
الخلاصة : ان عدونا الامريكى والحليف الاستراتيجى لعدونا الصهيونى ، اصبح له السيطرة الكاملة على الميزان العسكرى لصالح اسرائيل .
* * * * *

ثالثا ـ السيطرة الامريكية على الاقتصاد المصرى :

 كذلك استطاعت امريكا بتعاون كامل من الادارة المصرية خلال الفترة المذكورة وما تلاها من اعادة صياغة نظامنا الاقتصادى ، بما يتناسب مع النموذج المفضل والمحبب للامريكان فيما يتعلق بالدول النامية ، وبما يؤهلها كالمعتاد للتحكم فيه والسيطرة الكاملة عليه فى المدى المتوسط والبعيد .
 فبدأت فى ضرب دور الدولة فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، وتجريدها تدريجيا من املاكها العامة . وغل يدها عن التدخل فى ادارة وتخطيط العملية الانتاجية .
 واستبدالها بما يسمونه " بقوى السوق " . وهو الاسم التجميلى للقوى الراسمالية الاجنبية بشركاتها ومؤسساتها المتعددة
 و التى قد عادت الى مصر من اوسع الابواب بموجب قانون الانفتاح الاقتصادى الصادر فى 19 يونيو 1974 ، بعد انتهاء الحرب ببضعة شهور!
 و التى استطاعت بالتحالف مع رجال اعمال مصريين ( القطاع الخاص ) من احكام السيطرة تدريجيا على السوق المصرى الضعيف ، وربطه بالسوق العالمى ، رباط التابع بالمتبوع .
 وقد أشرف على ادارة كل ذلك ، بطبيعة الحال ، المؤسسات الشهيرة سيئة السمعة: البنك وصندوق النقد الدوليين بالاضافة الى هيئة المعونة الامريكية . وكلهم احفاد وابناء صناديق الدين العام الذين افقدوا مصر وغيرها استقلالها على مدى قرن كامل .
 عادوا الينا مرة اخرى بعد الحرب ، وباسم القروض والمساعدات والمعونة ، وضمانات السداد ، والاصلاح المالى والتكيف الهيكلى والتثبيت الاقتصادى ، وبضعة مصطلحات مشابهة ، وضعوا لنا اجندات وتعليمات اقتصادية محددة ، التزمنا بها ولا نزال .
 وبموجبها اغرقت مصر فى الديون ، وسلمت ادارة اقتصادنا الى مؤسسات العدو النقدية لضمان السداد . يفعلون فيه ما يشاؤون .
 ونتذكر جميعا ثورة الشعب المصرى فى يناير 1977 ، ضد قرارات غلاء الاسعار التى اتخذتها الحكومة المصرية تنفيذا لتعليمات صندوق النقد ، تلك الثورة التى نجحت فى ارغام الحكومة على التراجع مؤقتا ، ولكن لتعيد الكرة ولكن باساليب جديدة ، وصولا الى ما هو قائم الآن .
 واخيرا ، يكفى ان نعلم انه فى عام 1980 ، بعد سبع سنوات من الحرب ضد امريكا واسرائيل ، كان فى مصر حوالى 1100 خبير امريكى يعملون ضمن هيئة المعونة الامريكية ، يتدخلون فى كل صغيرة وكبيرة فيما يتعلق بشئوننا الاقتصادية ، بذريعة ادارة 800 مليون دولار معونة اقتصادية سنوية تدفعها امريكا لمصر .
* *
الخلاصة : أعاد الامريكان فى هذه المرحلة ، صياغة الاقتصاد المصرى ، مما مكنهم فى السنوات والعقود التالية فى احكام السيطرة عليه واغراق مصر فى التبعية الاقتصادية .
* * * * *
تفسير آخر للعلاقات المصرية الأمريكية :
هناك بالطبع من يقدم تفسيرات أخرى لما سردناه من احداث ووقائع ، واقصد بهم اخواننا من رجال النظام المصرى واصدقاء امريكا ، فهم ينطلقون من الآتى :
 ان الحرب انتهت ونحن الآن فى حالة سلام
 وان الدنيا تغيرت و موقف امريكا تغير ، وتحولت من عدو الى صديق وحليف استراتيجى
 وبهذا الشكل فان علاقتنا معها تحتمل كل ما هو قائم واكثر ، من تعاون عسكرى واقتصادى وسياسى ..الخ
 وهذا هو حال الدنيا كلها ، فكل دول العالم لها تحالفاتها وعلاقاتها المماثلة مع امريكا وغيرها .
 ثم عادة ما يقوم هؤلاء بختام تحليلاتهم باتهام امثالنا بالمزايدة وعدم الواقعية والانتماء الى أزمنة ومفاهيم بائدة وقديمة .
* *

وردا على هؤلاء ، نقدم الوثيقة التالية :

الانذار الامريكى لمصر والتحالف ضدها :

قامت الولايات المتحدة الامريكية ، بتوجيه انذار رسمى لنا فى 25 مارس 1979 قبل يوم واحد من توقيع معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية ، تبلغنا فيه انها اتفقت مع اسرائيل على انه اذا قمنا بانتهاك اتفاقية السلام أو هددنا بانتهاكها على المستوى العسكرى او السياسى او الاقتصادى ، فان الولايات المتحدة ستتدخل بنفسها عسكريا ضدنا وستدعم كل ما تقوم به اسرائيل من تدابيرفى مواجهتنا .
وهو ما عرف باسم مذكرة التفاهم الامريكية الاسرائيلية ، وفيما يلى جزء من نصوصها :
1) حق الولايات لمتحدة في اتخاذ ما تعتبره ملائما من اجراءات في حالة حدوث انتهاك لمعاهدة السلام او تهديد بالانتهاك بما في ذلك الاجراءات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية 0
2) تقدم الولايات المتحدة ما تراه لازما من مساندة لما تقوم به اسرائيل من اعمال لمواجهة مثل هذه الانتهكات خاصة اذا ما رئى أن الانتهاك يهدد امن اسرائيل بما في ذلك على سبيل المثال ، تعرض اسرئيل لحصار يمنعها من استخدام الممرات المائية الدولية وانتهاك بنود معاهدة السلام بشان الحد من القوات او شن هجوم مسلح على اسرائيل 0 وفى هذه الحالة فان الولايات المتحدة لامريكية على استعداد للنظر بعين الاعتبار وبصورة عاجلة في اتخاذ اجرءات مثل تعزيز وجود الولايات المتحدة في المنطقة وتزويد اسرائيل بالشحنات العاجلة وممارسة حقوقها البحرية لوضع حدا للانتهاك 0
3) سوف تعمل لولايات المتحدة بتصريح و مصادقة الكونجرس على النظر بعين الاعتبار لطلبات المساعدة العسكرية والاقتصادية لاسرائيل وتسعى لتلبيتها "
* * * * * *
خلاصة المقال :
بعد ان شارك الامريكان فى العدوان علينا والتحالف مع عدونا الصهيونى فى الفترة من 1967 حتى 1973 ، فان الادارة المصرية بدلا من ان تستعد للجولة التالية ، فتتحالف مع الاصدقاء وتواجه الاعداء ، وتعد العدة ، وتواصل معركة التحرير الحقيقى . فانها قامت بتمكين امريكا من امتلاك قواعد عسكرية فى سيناء ، واحتلال مركز المصدر الرئيسى للتسليح المصرى بما يصب فى مصلحة اسرائيل ، كما مكنتها من السيطرة على الاقتصاد المصرى واختراقه . كل ذلك رغم ان الامريكان لم يتخلوا عن عدائهم الصريح لمصر ، فجددوا انحيازهم الى العدو الصهيونى فى عام 1979 ، ووقعوا معه اتفاق تحالف عسكرى ضد مصر ، ووجهوا لنا انذارا رسميا صريحا مكتوبا بذلك .

وكانت تلك هى الاسس التى بنى عليها كل ما تلا ذلك حتى يومنا هذا .

* * * * * * * *

القاهرة فى 11 يوليو 2009