بحث فى المدونة

الاثنين، 19 أكتوبر 2009

معاهدة كامب ديفيد الاولى 1840


معاهدة كامب ديفيد الاولى عام 1840

بقلم / محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

في 15يوليو 1840 ابرمت كل من انجلترا وروسيا والنمسا وبروسيا وتركيا " معاهدة لندن " الشهيرة والتى بمقتضاها اعطى لمحمد على وخلفاءه حكم مصر وراثيا بشرط ان ينسحب بجنوده من بلاد العرب وسورية وجزيرة كريت و مناطق اخرى وكانهم يقولون له " لك ان تحكم مصر كما تشاء ، بل وتورثها ان رغبت ، ولكن عليكم ان تبقوا داخل حدودكم ، اياكم والعرب او المسلمون "
وفى عام 1979 وقعت مصر مع اسرائيل معاهدة صلح استردت بناءا عليها سيناء ـ ناقصة السيادة ـ في مقابل أن تكف يدها عن فلسطين وان تنسحب داخل حدودها وان تخرج بثقلها من الصراع ضد اسرائيل بل وان تعترف بها وتقيم معها علاقات طبيعية بما يعنيه ذلك من الاعتراف لها بحقها في ارض فلسطين . ليس ذلك فحسب بل و تم النص صراحة على أن لهذه المعاهدة الاولوية على اى اتفاقيات اخرى بين مصر والدول العربية .
اذن في معاهدة لندن 1840 (كامب ديفيد الاولى ) كان الهدف هو عزل مصر عربيا والثمن هو حكم مصر.
وفى معاهدة 1979 ( كامب ديفيد الثانية ) كان الهدف مرة اخرى هو عزل مصر عربيا وتحييدها في الصراع وكان الثمن هذه المرة هو سيناء .
اختلفت القوى وتغيرت الدول ، وتبدل الاشخاص ومضى الزمن ولكن المشروع الاستعمارى لم يتغير
لماذا ؟
لان الحقائق الجغرافية والتاريخية لم تتغير ، فامة عربية اسلامية بقيادة مصر هى قوة كبرى لا يمكن السماح به من المنظور الاستعمارى ، والتجارب السابقة اثبتت أن عزل مصر عن امتها العربية هو السبيل الوحيد لتطويع كلا منهما .
وما حدث بعد المعاهدتين يؤكد ذلك : فبعد اقل من خمسين عاما على معاهدة لندن وفى ظل نصوصها وتطبيقاتها نجحت بريطانيا في احتلال مصر، ونجحت في اخضاعها وابقاءها تحت سيطرتها سنوات طويلة تقترب من ثلاثة ارباع القرن ، و تم الزج بنا في حربين عالميتين ليس لنا فيهما ناقة ولابعير لزوم ضرورات( النظام العالمى القديم ) واعيد ترتيب المنطقة استعماريا ، وزرعت اسرائيل اثناء هذه السنوات عنوة ورغما عن انف جميع العرب . وظللنا حتى بعد الاستقلال نسدد فاتورة سنوات الاحتلال الطويلة ، واصبحنا نلهث محاولين اللحاق بمسيرات التنمية والتطور . و تفوقت علينا امما وبلادا كانت دوننا بكثير من حيت الامكانيات المادية والبشرية . وتراجع ترتيبنا في التصنيف العالمى الى المراتب الدنيا . لقد كان الثمن فادحا .
اما معاهدة الصلح بيننا وبين اسرائيل( كامب ديفيد الثانية ) فبعد توقيعها وفى ظل نصوصها ، شرعت اسرائيل فورا في اعادة ترتيب المنطقة فاجتاحت بيروت في 1982 وقامت باخراج وطرد القوات الفلسطينية منها الى تونس واليمن ، ليصبحوا ولاول مرة منذ بداية الصراع بعيدا عن حدود ارضهم المحتلة ، وليتم تسويتهم على نار هادئة ، و لكى يرغموا في النهاية على الاعتراف بالسيادة الصهيونية على معظم ارض فلسطين وعلى قبول اى شىء يعرض عليهم فيما تبقى منها.
ويصبح الموقف كالاتى : " مصر كبيرة وقوية العرب خارج الصراع ، وسلطات فلسطينية توافق على التسوية "
فلا يكون امام الاخرين الا آن يتوافدوا واحدا بعد الاخر الى جنة السلام الاسرائيلية الامريكية ، ويتم تثبيت ومباركة وجود اسرائيل من الجميع ، وتضيع فلسطين .
وتتواصل الاحداث و يتم ضبط الوضع العربى على ايقاع ( النظام العالمى الجديد ) وتتمكن الولايات المتحدة من السيطرة على اهم مفاتيح المنطقة وتصبح من مسلمات السياسة الرسمية العربية أن ما لا تقبله وتباركه امريكا يندرج تحت بند الحلول غير الواقعية .
وتضيع العراق ، ويتغول الصهاينة ، ويحاصرون ما تبقى من المقاومة الفلسطينية الباسلة ، ويبيدون اهالينا امام اعيننا فى غزة . والبقية تاتى ما لم ...


ما لم نواجه العدوان من جذوره واسبابه ولا نكتفى بآثاره
و نعمل على استرداد مصر من كامب ديفيد الثانية .


* * *


القاهرة فى 21 يناير 2009