هكذا يتغير العالم
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
طرأت حالة تغير كبيرة على معنوياتنا ومواقفنا جميعا بعد الأحداث الأخيرة .
انقلبنا من حالة الإحباط واليأس إلى الأمل والحماس والتسابق على المشاركة في الأسطول التالي .
انقلبنا من النقيض إلى النقيض في لحظة واحدة .
وهى اللحظة التي تلقينا فيها نبأ العدوان الصهيوني على أسطول الحرية وسقوط شهداء وجرحى .
* * *
قبل الأحداث ، كاد الكثيرون أن يفقدوا الأمل في فك الحصار على غزة وفى انفراج الأزمة .
فمنذ فُرِضَ الحصار، لم تكف القوى الوطنية عن الضغط على الإدارة المصرية : فشكلت اللجان ، وأطلقت القوافل ، ونظمت الوقفات السلمية والتظاهرات الجماهيرية ، ورفعت القضايا وحصلت على أحكام قضائية ضد الحكومة .
ولكن رغم كل ذلك وغيره ، لم يحدث أي جديد : فلقد أحكم الصهاينة الحصار . وتمادى النظام المصري ، فأنشأ الجدار الفولاذي ، ورفض استقبال قافلة جورج جالوى البرية ، وزج بأنصار فلسطين في السجون والمعتقلات ، ولفق لهم التهم .
وأعطت باقي الأنظمة العربية ظهرها للموضوع .
وأصاب المواطن العادي الملل من متابعة هذا المسألة بلا جدوى .
وانشغلت القوى السياسية بملفات أخرى .
وكادت غزة أن تدخل في بحر النسيان .
وظهر الأمر وكأن الحصار سيدوم إلى الأبد ، وأنه لا أمل .
* * *
و فجأة يقرر بضعة أشخاص من شتى بقاع الأرض ، أن يقتحموا الحصار ويواجهون الصهاينة .
قرروا ذلك وهم عُزَل من أي سلاح سوى مبادئهم و عقائدهم ، وغضبهم ضد الظلم ، وشجاعتهم البالغة .
فتقدموا الصفوف ، لم يستأذنوا أحدا ، لم يستجدوا حقوقهم ، لم يحسبوا العواقب .
فنجحوا فى تحقيق إنجازا لم تحققه مئات الحركات والمبادرات السابقة الحذرة المحتاطة ، المرنة ، المُسايِسة .
و نجحوا فى فضح الأشرار الصهاينة أمام العالم أجمع .
و فى إرغام الإدارة المصرية على فتح المعبر ولو الى حين .
وقدموا دمائهم الشريفة الطاهرة ثمنا لذلك .
ولكن الأهم من كل ذلك ، نجاحهم في إطلاق القوة الكامنة العميقة داخل الشعوب .
ففي لحظة ، استيقظ الجميع ، وقرروا مواصلة الاشتباك مع العدو .
* * *
ليست هذه هى المرة الأولى ولن تكون الأخيرة .
حدث ذلك من قبل مع الحرب على غزة ، ومع حرب لبنان وانتفاضة الأقصى والعمليات الاستشهادية وانتفاضة الحجارة وغيرها الكثير .
و لازلنا جميعا نتذكر مشهد محمد الدرة ، وكيف فجر حينها غضبة شعبية هائلة على امتداد الوطن العربي والعالم ، إمتدت آثارها لسنوات تالية .
* * *
• إن هذه الطاقة الكامنة داخل كل الشعوب ، تمثل قوة حقيقية موجودة وقائمة ولكنها غير مرئية ، لا يراها المعتدون والظالمون ، و لا ترصدها أجهزتهم الأمنية والاستخبارية ، وان فعلت ، فهي لا تتمكن من حسابها وقياسها وتقدير حجمها ودرجة خطورتها .
• وهى قوة مصدرها ، الشعور المتراكم بالظلم والقهر على أيدي الأعداء الخارجيين والداخليين .
• و يغذيها ويبلورها ، العمل الدءوب طويل النفس ، من قبل النخبة والدعاة من القوى الوطنية والسياسية على امتداد عقود طويلة .
• ولكنها مع ذلك تظل كامنة .
• فإن نجحنا فى إخراجها وتفجيرها ، فإننا لا يمكن أن ننهزم أبدا .
• وهى لا تظهر إلا فى الأزمات الكبرى .
• أو كرد فعل على الاعتداءات بالغة القسوة والإجرام اللامتناهى .
• أو تأثرا بالبطولات بالغة الشجاعة .
• كما إنها لا تدوم إلا بمواصلة الفداء والتضحية والاستشهاد .
* * *
القاهرة فى 3 يونيو 2010
هناك تعليق واحد:
عندما ندرك فجأة أننا جميعا أخوة في البشرية ، عندها تلتحم الجينات الوراثية التي هبطت في صلب سيدنا آدم و سيدتنا حواء تحمل معها معين البشرية
جمعاء، حينها نقف في وجه الظلم ، نلفظ
القهر و العبودية لغير الله وحده.
نفهم الحقيقة الواحدة أننا جنس بشري واحد ، فليس هناك من أتى من الفضاء الخارجي ، جميعا جئنا من جنة الميعاد
و بعضنا سيرجع إليها و الأغلبية ستذهب
لسقر أو جهنم بأولويات الأفعال المشينة
عندما ندرك تلك الحقيقة سنعرف بالتحديد اين تقع بلدي المحبوب!
إرسال تعليق