محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
نقلت وكالات الأنباء فى مطلع شهر يناير2011 ، طلب إسرائيل من الولايات المتحدة أن تدرس حظر الجماعة الإسلامية التركية المسؤولة عن إرسال أسطول الحرية الذى حاول كسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان طلب حظر مؤسسة حقوق الإنسان والحريات والإغاثة الإنسانية أثناء اجتماع يوم الثلاثاء مع وزيرة الأمن الداخلي الأميركية جانيت نابوليتانو .
انتهى الخبر المستفز .
* * *
و مبرر استعراضه هنا ، هو أهمية تسليط الضوء على الحظر المماثل المفروض فى مصر منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد 1979 على كل القوى الوطنية التى ترفض السلام مع العدو الصهيوني وترفض الاعتراف بشرعية إسرائيل .
فالثابت ان هذا الحظر كان بتعليمات أمريكية إسرائيلية واضحة وقاطعة و بمباركة رسمية مصرية وفقا لما ورد فى نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من المعاهدة المصرية الإسرائيلية التي جاء بها ما يلى :
يتعهد كل طرف " بالامتناع عن التنظيم أو التحريض أو الإثارة أو المساعدة أو الإشراك فى فعل من أفعال الحرب أو الأفعال العدوانية أو النشاط الهدام أو أفعال العنف الموجهة ضد الطرف الآخر فى أى مكان ، كما يتعهد بأن يكفل تقديم مرتكبى مثل هذه الأفعال للمحاكمة "
وهو النص الذي يجرمنا جميعا من حيث رفضنا الدائم لشرعية إسرائيل وللصلح معها ، ودعوتنا المتكررة لضرورة تحرير فلسطين ونصرة المقاومة الفلسطينية .
* * *
وبالفعل اشترط قانون الأحزاب رقم 36 الصادر سنة 1979 الموافقة على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية كشرط لقبول والترخيص لأي حزب جديد
وهو الشرط الذي ظل ساريا لثمان سنوات قبل أن تحكم المحكمة الدستورية بعدم دستوريته فى عام 1988
* * *
ولقد التزم حزب الدولة الوطني الديمقراطي و منذ نشأته الأولى فى مبادئه الرئيسية بمبدأ السلام خيار استراتيجي .
مع التذكرة بأن المعنى الفعلي لهذا المبدأ هو أمن إسرائيل خيار استراتيجي .
* * *
وبنظرة سريعة بسيطة للأحزاب التي نالت تراخيصها بسهولة ، سنجد ان معظمها أحزابا ورقية أو أحزابا ذات توجه ليبرالي ، لا تهتم كثيرا بشؤون الصراع العربي الصهيوني ، وتقبل بوجود إسرائيل من حيث المبدأ ، كما تقبل السلام معها ، مع بعض التحفظات على التوقيت والشروط . فهي تعلقه على تقدم مسيرة مباحثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية الجارية حول الضفة وغزة فقط .
* * *
ثم جاءت الممارسات اليومية والتطبيقات الفعلية للدولة منذ 1979 ، للتأكيد على التزامها الكامل بهذه الشروط ، وهو ما تمثل فى مطاردة عشرات الجماعات والتنظيمات والقوى وتقديمها للمحاكمة بتهمة معارضة اتفاقيات كامب ديفيد والإضرار بمصالح دولة صديقة
ولم يستثن أحدا من القوى الوطنية فى ذلك : بدءا باليسار فى السبعينات والناصريين فى الثمانينات والإسلاميين طوال الوقت .
* * *
ثم جاءت تأكيدات القادة الصهاينة أنفسهم على ذات المضمون مثل آفى ديختر وزير الأمن الاسرائيلى السابق الذى صرح ان خروج مصر من السلام خط أحمر ، وانهم خرجوا من سيناء بضمانات أمريكية بالعودة اليها فى حالة حدوث أى تغيير فى النظام ضد مصلحة اسرائيل
وهو ما أكد عليه صراحة مصطفى الفقى حين قال ان منصب رئيس الجمهورية فى مصر يجب ان يحظى بموافقة أمريكية وقبول اسرائيلى
مما يعنى انهم يتحكمون فى ضوابط و قواعد العمل السياسى وتداول السلطة فى مصر .
* * *
ثم جاءت مباركة الولايات المتحدة لنتائج انتخابات مجلس الشعب الأخيرة المزورة على قاعدة رفض أى اصلاح ديمقراطى قد يأتى بقوى معادية لاسرائيل الى السلطة.
وهو ذات الموقف الذى اتخذه الأمريكان من حماس فى الارض المحتلة ، رغم انها حظيت بالأغلبية عام 2006 فى انتخابات ديمقراطية شرعية .
* * *
وبالإطلاع على الموقف الأمريكي من قوى المقاومة العربية أمثال حزب الله وحماس والجهاد ، سنجد أنها كلها مصنفة كمنظمات إرهابية من حيث انها لا تقبل الاعتراف بإسرائيل .
* * *
بل أن أوباما حين ألقى خطابه الشهير في جامعة القاهرة فى يونيو 2009 ، كان على رأس رسائله إلينا ، ان إسرائيل باقية لن ترحل ، ومن يتصور عكس ذلك فهو واهم .
وكان أول ما قاله على وجه الإطلاق بخصوص الشرق الأوسط بعد تتويجه رئيسا للولايات المتحدة انه على حماس ان تعترف بحق إسرائيل فى الوجود وان تلقى سلاحها .
* * *
خلاصة كل ما سبق : هو أن كل أعداء إسرائيل محظورين سياسيا فى مصر والوطن العربي ، بأوامر أمريكية إسرائيلية ومباركة رسمية مصرية وعربية .
وأن هذه هى القاعدة الأولى والأساسية فى حياتنا السياسية ، والباقي تفاصيل .
فكل من يعارض النظام ، بدون أن يعادى أمريكا واسرائيل ، هو وجه مقبول ومشروع ، مهما بدا صاخبا .
* * *
ومن ثم وفى المقابل ، فانه يتوجب على كل القوى الوطنية التى تستهدف تغييرا حقيقيا أن تكسر هذا الحظر وتتحداه ، و أن تربط نضالها ضد النظام المستبد بنضالها ضد المشروع الامريكى الصهيوني ، وإلا فإنها لن تضيف جديدا .
* * * * *
القاهرة فى 13 يناير 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق