بحث فى المدونة

الخميس، 8 يناير 2015

نحن وحركة فتح فى ذكراها الخمسين

نحن وحركة فتح فى ذكراها الخمسين
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
ربما يكون الفصل الأخير فى تجربة حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية يكتب اليوم مع وصول رهاناتها على التسوية مع العدو الصهيونى الى طريق مسدود بعد ما يقرب من ربع قرن من انتهاجها هذا المسار وتخليها عن خيار المقاومة المسلحة وتنازلها عن فلسطين 1948.
أو ربما يفاجئنا جيل جديد من كوادرها وأنصارها بحركة تصحيح ثورية، يتطهر فيها من الأخطاء التاريخية والوطنية التى انتهجتها القيادة الفلسطينية فى أوسلو وما تلاها.
ولكن فى جميع الاحوال، لا يمكن ان نتجاهل الدور الكبير والمحورى الذى قدمته حركة فتح للقضية الفلسطينية منذ انطلاقتها الأولى فى مثل هذه الايام من عام 1965، ولا ان نتجاهل الدروس التى تعلمناها من معاركها وتضحياتها فى النصف الأول من عمرها، أو من رحلة التراجعات والتنازلات والمفاوضات فى نصف عمرها الأخير.
وربما يكون من أكبر خطايانا فى فلسطين وفى الوطن العربى، هو أن الأجيال أو الحركات الجديدة او التيارات السياسية، لا تهتم بدراسة تجارب من سبقوها او من يختلفوا معها، لاستخلاص الدروس المستفادة منها، من انتصاراتها أو هزائمها، من صمودها أو انكساراتها. فتركز فقط على الصراع و المنافسة بين الخصوم أو بين القديم والجديد، بين المولود وبين الراحل، بين الوريث والمورث. ونظل هكذا حتى نفاجأ بانتكاسة جديدة للحركة الجديدة، وربما لذات الأسباب التى كانت وراء انتكاسات الآباء والأجداد.
ولطالما تمنيت من أشقائنا فى التيار الاسلامى فى مصر إبان ثورة يناير، أن يدرسوا تجربة عبد الناصر فى الخمسينات والستينات، للتعرف على أسباب انتصاراتها وهزائمها، ايجابياتها وسلبياتها، بعيدا عن روح الاستقطاب والصراع السياسى. خاصة وأن التحديات التى واجهتها مصر فى تلك المرحلة لا تختلف فى محاورها الرئيسية عن ذات التحديات التى نواجهها اليوم.
كما تمنيت كذلك من المقاومة الاسلامية فى فلسطين ان تدرس تجربة منظمة التحرير وأسباب تعثرها وانهزام مشروعها وتخليها عن ثوابتها الوطنية التى صاغتها فى الميثاق الوطنى الاصلى الصادر فى 1968
خاصة وان الضغوط التى تتعرض لها المقاومة الآن، تتشابه فى كثير من الأمور مع الضغوط التى تعرضت لها فتح ومنظمة التحرير منذ 1970 حتى 1993، والتى نجحت فى كسر ارادتها وهزيمة مشروعها.
فلقد تعرضت لحصار الأنظمة العربية، سواء فى الأردن 1970، أو فى لبنان  1975ـ 1982، أو من مصر كامب ديفيد 1978 وما بعدها، أو غالبية الدول العربية منذ 1982 حتى 1993.
كما ان المنظمة قد تم تصنيفها ومقاطعتها دوليا كمنظمة إرهابية لسنوات طويلة قبل أن تعترف باسرائيل، تماما كما يحدث اليوم مع حماس والجهاد وحزب الله.
واشترطوا عليها فى تلك المرحلة الاعتراف بإسرائيل ونزع وإلقاء سلاحها وقبول القرار 242 والتنازل عن فلسطين 1948 والاكتفاء بالمطالبة بدولة فى حدود 1967.
وهى ذات الشروط التى تطلبها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبى والدول العربية من فصائل المقاومة اليوم.
كما تم استهداف قادتها بالتصفية والاغتيال مثل ابو جهاد وابو اياد وابو عمار وغيرهم، تماما كما يجرى اليوم مع قيادات المقاومة. وهكذا فى عديد من القضايا والظروف والتحديات.
فان أردنا أن نتجنب ذات المصير الذى آلت اليه حركة كانت وطنية ومناضلة ومقاومة ذات يوم، قبل أن تتراجع وتنهزم، فعلينا دراسة تجربتها للتعرف على العوامل التى أدت الى انكسار إرادتها وانقلابها 180 درجة على مشروعها الاصلى، الذى ناضلت من أجله طويلا وقدمت فى سبيله عديد من الشهداء والتضحيات. وأنا على ثقة اننا سنجدها تجربة ثرية فى أحداثها وتطوراتها ودروسها:
·       سنجد فيها دروسا هامة عن العلاقات الفلسطينية العربية، وعن غدر وحيل ومؤامرات ومخططات الأنظمة العربية، لتصفية القصية الفلسطينية وحصار مقاومتها والمشاركة فى القضاء عليها وإكراهها على الاستسلام. رغم كل القرارات الرسمية التى تدعى دعم فلسطين والفلسطينيين بل واعتبار م.ت.ف  هى الممثل الشرعى الوحيد للشعب الفلسطينى.
·       وسنتعلم كيف تستخدم عديد من الانظمة العربية لقضية فلسطين كورقة للتفاوض مع العدو، لتحقيق مصالح قطرية وذاتية، تنتهى ببيع القضية الأصلية والعصف بها.
·       وسنجد دروسا عن كيف يمكن أن تنتقل قيادات فلسطينية وطنية مناضلة من جبهة النضال، الى جبهة العمل مع العدو والتنسيق معه  ضد شعبها وقضيتها ومقاومتها.
·       وسنتعرف على الكثير من الفنون الدولية والصهيونية لكسر الإرادة بالحصار والنفى والاغتيال والتهميش والتجاهل وسياسات الترهيب والترغيب والعصا والجزرة التى يستخدمها الأعداء لهزيمة القيادات واخضاعها او شرائها واستقطابها.
·       وسنجد دروسا عن كيف يقوم العدو وحلفاؤه الدوليون والعرب بمنتهى البساطة، بالتخلص من الزعماء والقادة المستسلمين بعد أن يستخدموهم ويستنزفوهم ويستنفذوا أغراضهم منهم، سواء بالقتل أو العزل او التهميش والاحتقار.
·       وسنتعلم كيف أن طريق المهادنة والاستسلام كالبئر العميق ليس له قرار، من يدخله لا يمكنه التراجع، ويصبح كالعبد منزوع الإرادة والحيلة والخيارات أمام العدو.
·       وسنجد دروسا عن خطورة تفويض الشعوب للزعماء فى منظمات وحركات التحرر الوطنى ومعارك الاستقلال، والتوقيع لهم على بياض. وكيف يمكن لأى سوء يصيب الزعيم، ان يعصف بالقضية والمنظمة او الحركة، سواء مات أو اغتيل او انكسر او انحرف او خان. وسنقف مذهولين امام حجم القبول والمبايعة داخل كوادر المنظمة وقواعدها لخط الاستسلام لاسرائيل والاعتراف بها الذى انتهجته المنظمة منذ 1993.
·       وسنتعلم كيف تفسد الأموال الثورات والثوار وحركات المقاومة والمقاومين، وكيف يتحول الفدائيون الى موظفين ومرتزقة.
·       وسنتعرف على المآسى والمذابح التى تعرض لها شعبنا، حين تقرر القيادة إلقاء وتسليم سلاحها.
·       وسنتعلم أن الشعوب تتخلى عمن يخونها ويخون قضاياها، وتفرز بشكل تلقائى حركات بديلة. فلا توجد حركة او منظمة او فصيل مقدس. كله الى زوال مهما كان له من شعبية وقوة وسيطرة ونفوذ. وما انتفاضة الحجارة فى 1987 وما تلاها الا خير دليل على ذلك، ففى ذات العام الذى ألمحت منظمة التحرير عن استعدادها للتسوية والتنازل والاعتراف، فإذا بالارض فى الداخل تفرخ وتلد مقاومة بديلة، سرعان ما تبلورت بالتزامن مع اتفاقيات اوسلو الى عديد من حركات وفصائل المقاومة المسلحة الجديدة.
·       وسنتعلم ان من المحظورات الكبرى التى توافقت عليها القوى الدولية واسرائيل مع الانظمة العربية هو حظر اى توحد أو تواصل او مشاركة بين الشعوب العربية بحركاتها السياسية والوطنية وبين المقاومة الفلسطينية، فيجب عزلهم عن بعضهم البعض بكل الطرق والوسائل. وهى تجربة الاردن 1968ـ 1970 وتجربة لبنان 1970ـ 1982. وتجربتنا جميعا كل يوم. وهى من المحظورات التى يعتبر تحديها وكسرها أحد أهم شروط النصر لأى حركة مقاومة فى الأرض المحتلة.
·       وسنعيد الاعتبار لثوابتنا الوطنية ولخيار المقاومة والكفاح المسلح، وسندرك ان التسوية وهم وسراب، وأن اسرائيل تريد الأرض ولا تريد السلام، وانه لا امل فى المجتمع الدولى والامم المتحدة ومجلس الامن، ولا امل فى الانظمة العربية والنظام الرسمى العربى والجامعة العربية، وان الشعوب العربية وليس الأنظمة هى الداعم الوحيد المضمون لفلسطين وقضيتها ومقاومتها.
*****






ليست هناك تعليقات: