لماذا
نرفض الانقلابات العسكرية ؟
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
1) نرفضها لأنها تحتكر السلطة وتستأثر
بإدارة البلاد، ولا تقبل اى مشاركة سياسية او شعبية، وتحكم بقوة السلاح وتنتهج
سياسة فاشية و بوليسية، وتستقوي بالخارج الذى يمدها بالسلاح ويمنحها شرعيتها فى
مواجهة الشرعية الشعبية والديمقراطية، وتتحول الى نظم تابعة لا محالة. ويعيش الناس
تحت حكمها فى خوف شديد، لا يأمنوا على حياتهم او حرياتهم او ممتلكاتهم.
2) ولان الدولة ليست جيشا او مؤسسة
عسكرية، لكى يحتكر العسكريون شئون الحكم فيها، وليس من المعقول او المقبول ان يمر
الطريق الوحيد لحكم البلاد عبر بوابات الكليات العسكرية.
3) ولان قيام الجيوش بالدفاع عن ارض
الوطن لا يعطيها الحق فى احتكار حكم البلاد.
4) ولان الشعوب والدساتير اختصت
الجيوش بالحق فى التسليح دونا عن غيرها من المواطنين، من اجل الدفاع عن اراضى
الوطن، وليس من اجل الاستيلاء على السلطة.
5) ولان تجاربنا مع الحكم العسكرى فى
الوطن العربى بائسة، قادت الامة، خاصة بعد 1973، الى الهزيمة والاستسلام للعدو
الصهيونى ومزيد من الاحتلال والتبعية ومزيد من الفقر والتخلف، ومزيد من الفرقة
والتقسيم التى انتهت بالحروب الأهلية والاقتتال العربى العربى.
6) ولأنه ليس صحيحا ان العسكريين هم
اكثر فئات الشعب وطنية، فالوطنية صفة عامة لا تقتصر على فئة دون أخرى، وتاريخنا ملئ
بالمفكرين والسياسيين والمناضلين الوطنيين من المدنيين، كما انه لا يخلو من
عسكريين انتهكوا الثوابت الوطنية كما فعل السادات ومبارك فى كامب ديفيد والتبعية
للامريكان.
7) ولأنها تستبدل ارادة الشعب صاحب
السيادة على الأرض والدولة، بإرادة حفنة من الضباط، ولأنها تستبدل قدسية الوطن
بقدسية الجنرال.
8) ولأنها تعصف بحقوق وحريات وكرامة
المواطنين، ولأنها تسقط آلاف الضحايا من القتلى والمعتقلين والمطاردين.
9) ولأنها تخضع كل مؤسسات الدولة
لمؤسسة واحدة فقط.
10)
ولأنها
تعطى السلطة لمن يحمل السلاح، وليس لمن تختاره الشعوب فى انتخابات حرة ونزيهة.
11)
ولأنها
تخلق نظاما عنصريا يسود العسكريين فيه على المدنيين.
12)
ولأن
من يأتى بقوة السلاح لا يمكن ازاحته الا بقوة السلاح مما يعرض الدول لمخاطرالحروب
الاهلية
13)
ولأن
الدولة المستبدة التى يحتكر حكمها فئة واحدة، تضعف مناعتها، وتكون عرضة للكسر
والهزيمة او الاستسلام والخضوع امام الضغوط الدولية، ودائما ما كانت الشعوب هى الأكثر
قدرة على الصمود وهزيمة الاحتلال، فيما لو اختلت موازين القوى العسكرية.
14)
ولأن
القوى الكبرى والمنتجة للسلاح، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، هى الأقدر
على تدبير ودعم الانقلابات العسكرية فى العالم الثالث.
15)
ولأنه
بعد أن فجرت الشعوب ثوراتها، وقدمت الضحايا والشهداء ثمنا لحريتها، لا يمكن حبسها وإعادتها
الى القمقم مرة أخرى، وادارتها كثكنة عسكرية.
16)
ولأن
المجتمعات البشرية قد استقرت اليوم على رفض وإدانة الانقلابات العسكرية، ولذا لا
يجرؤ نظام او حاكم واحد فى العالم اليوم ان يعترف بإنقلابه، بل يتبارى الجميع بما
فيهم قادة الانقلابات العسكرية على نفى هذه التهمة والوصمة عنهم، والادعاء بأنهم
جاءوا بإرادة شعبية.
17)
ولأن
قادة الانقلابات العسكرية، لا يشغلون مراكزهم ويكسبون صلاحياتهم وهيمنتهم وفقا لأفكارهم
ومواقفهم وانحيازاتهم الوطنية والشعبية والديمقراطية، وانما وفقا لمواقعهم
القيادية ورتبهم العسكرية.
18)
ولأن
قبول مبدأ تغيير الانظمة عن طريق الانقلاب العسكرى ولو مرة واحدة، سيفتح ابواب
جهنم للمزيد منها فى المستقبل.
19)
لأنه
لا ندية او مساواة او حوار او نقد او معارضة أو تعقيب أو مفاوضات أو حلول وسط مع
قادة الانقلابات، فغير مسموح الا بالخضوع والإذعان التام.
20)
ولأن
تجارب الشعوب ودروس التاريخ اثبتت ان هناك طريقين لا ثالث لهم للوصول الى الحكم او
لإسقاط النظم الفاسدة، إما الطريق الديمقراطى لمن استطاع اليه سبيلا، وإما الثورة
اذا اغلقت أمام الشعب كل منافذ وقنوات الديمقراطية.
***
لذلك نرفض الانقلابات العسكرية كإسلوب
لتغيير النظم وإدارة وحكم البلاد، رفضا مبدئيا مطلقا، وليس رفضا نفعيا انتهازيا
متغيرا وفقا لمصالحنا وتحالفاتنا فى كل حالة على حدا.
نرفضه حتى لو أسقط نظاما معادياً فى احدى
الدول المجاورة، لأننا
ببساطة لا نقبل ان تتدخل دول كبرى أو اقليمية لدعم انقلابات عسكرية تابعة وصديقة
لها فى بلادنا؟
ونرفضه فى دولنا حتى لو جاء لاسقاط نظاما حاكما نعارضه، فكيف تستقر
المجتمعات وتستقيم الحياة السياسية فيها، اذا قرر كل منا أن يستدعى الجيش، فى اى
وقت، لمواجهة خصومه السياسيين، وكيف نأمن ونضمن أن الانقلاب التالى لن يسقطنا نحن
ويعيد خصومنا؟
***
ليست المسألة هى تركيا او أردوغان، وإنما هى الموقف المبدئى من الانقلابات
العسكرية كاسلوب لتغيير النظم وإدارة وحكم البلاد، فى أى مكان وفى كل الظروف.
مع أهمية التأكيد بطبيعة الحال على أن مدنية الحكم ليست هى الشرط
الوحيد لرشده، فالاستقلال والوطنية والديمقراطية والعدل والنزاهة والعدالة
الاجتماعية، هى شروط لا تقل اهمية عن مدنيته.
*****
القاهرة فى 19/7/2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق