بحث فى المدونة

السبت، 25 فبراير 2017

هذه الحركة الانفصالية فى سيناء

هذه الحركة الانفصالية فى سيناء
محمد سيف الدولة

ماذا يريد هؤلاء القوم فى سيناء، أياً كانت أسماؤهم؛ داعش او ولاية سيناء او أنصار بيت المقدس؟
انهم يريدون فى النهاية الانفصال بسيناء عن مصر، لإقامة دويلة او إمارة تحت حكمهم.
وفى حالة نجاحهم فى ذلك لا قدر الله، سنجد سيناء فى اليوم التالى لانفصالهم، فى قبضة اسرائيل.
هذه هى حقيقة المعركة الدائرة فى سيناء، فى ظل الفراغ الأمنى والعسكرى الذى خلقته كامب ديفيد.
وما عدا ذلك تفاصيل.
***
1)   لا يغير من الموضوع شيئا ماهية الرايات الأيديولوجية والانتماءات الطائفية او القبلية لهذه الجماعات، أو الذرائع والادعاءات التى تطلقها فى رسائلها الاعلامية.
***
2)   كما لا يغير منه طبيعة النظام الحاكم فى مصر؛ فحتى فى ظل حكم الثورة المضادة، لا يمكن ان يقبل المصريون او ثوار يناير بكافة اطيافهم ومرجعياتهم وانتماءاتهم انفصال سيناء عن مصر، وهو ما ثبت وتأكد من مشاركة كافة القوى الوطنية بدون استثناء فى الدفاع عن تيران وصنافير والتصدى لمحاولة السيسى التفريط فيها، ولم يتخلف احد عن هذه المهمة الوطنية بذريعة ان الارض المصرية لا تستحق الدفاع عنها اذا كانت محكومة من قِبًّل نظام مستبد.
فالدفاع عن الاوطان ووحدة سلامة أراضيها واجب وطنى وشعبى مقدس، لا يتوقف على طبيعة النظام الحاكم. هو واجب فى ظل الأنظمة الديمقراطية او المستبدة، وفى ظل حكم الثورات او الثورات المضادة.
***
3) كما انه لا يغير من الموضوع شيئا، عمق الظلم والاستبداد والانتهاكات الامنية والاخلاء والتهجير وهدم المنازل التى يتعرض لها الاهالى هناك، فستظل سيناء مصرية، مهما ارتكبت الأنظمة والحكومات من جرائم تجاه شعوبها.
صحيح ان مثل هذه الممارسات تضعف الانتماء الوطنى وتساعد على خلق حاضنة شعبية لهذه الجماعات، ولكنها لا تعطي اى شرعية وطنية او دستورية او ثورية للمطالبة أو للمطالبين بها بالانفصال عن مصر.
ان الانفصال بسيناء مرفوض حتى لو كان النظام ينتهك حقوق اهالينا هناك ويعصف بحرياتهم...
لأنه اذا استبد النظام بالشعب استلزم الامر الثورة عليه لإسقاطه وليس التمرد على الدولة للانفصال عنها.
***
4) وفرق السماء والأرض بين الحركات الثورية والحركات الانفصالية. أهمها ان من شروط أى ثورة ان تشمل كل أراضى الوطن ومحافظاته، ولا تقتصر على جزء واحد منه. كما لابد أن تحمل مشروعا وبرنامجا يرفع الظلم عن الجميع ويتبنى مصالح و مطالب واحتياجات كل الشعب وليس قطاعا واحدا منه. لأنها تدرك أن الأوطان تكوينات تاريخية تقدمية، تشكلت عبر أجيال متعددة بعد ان عجزت كل التكوينات والاطوار الاجتماعية الأضيق منها والسابقة عليها مثل القبلية والعشائرية والقُطرية ان تحقق الامن والاستقلال والاستقرار للناس او تلبى احتياجاتهم المتعددة والمتجددة ابدا.
وبالطبع هذا لا يعنى ان تستسلم الشعوب لما تتعرض له من اضطهاد السلطات بحجة الحفاظ على الوطن والوطنية، ولكن يعنى ان تعمل الشعوب وقواها الحية على تحرير الاوطان من مستعمريها أو ظالميها فى اطار الحفاظ على وحدة أراضيها.
***
5) لكل ذلك وغيره الكثير، فان الحركة الانفصالية القائمة فى سيناء هى حركة معادية لمصر وللمصريين أياً كانت طبيعة النظام الحاكم، وأياً كانت الرايات التى يرفعها او الأسباب التى يدعيها الانفصاليون، ولذا فاننى أكاد اقطع بأن هؤلاء ليسوا سوى أدوات (لاسرائيل) فى سيناء او على اقل تقدير هم مخترَقون من اجهزتها الاستخبارية حتى النخاع.
***
6) أضف على ذلك طبيعتهم الوحشية، ولا أقول الارهابية، لأننى لم أعد أطمئن الى مثل هذا التوصيف، بسبب الاضطراب والخلط الشديد الذى يحيط به، بعد ان اصبح الجميع يستخدم تعبير الارهاب والارهابيين والجماعات الارهابية لوصف أعدائه أو خصومه السياسيين، وتستخدمه اسرائيل لوصف المقاومة، وتغزو امريكا وحلفاؤها اوطاننا بذريعة مكافحة الارهاب.
اما الوحشية فهى الوصف المناسب للعمليات الإجرامية التى تعلن هذه الجماعات الانفصالية تبنيها مثل تبنيها لتفجير الكنيسة البطرسية وقتل واستهداف المسيحيين فى العريش .
وهى جرائم تتوافق تماما مع المخططات الصهيونية لتفجير الصراعات الطائفية فى مصر والأقطار العربية والتى وردت بالتفصيل فى عديد من الوثائق الصهيونية، اشهرها وثيقة بعنوان "استراتيجية اسرائيل فى الثمانينات" قمت بنشرها منذ عدة سنوات بعنوان " الوثيقة الصهيونية لتفتيت الامة العربية".
***
7) أما قيامها باطلاق صاروخين أو ثلاثة على (اسرائيل)، فهى لا تعدو أن تكون عمليات مسرحية لإضفاء طابع وطنى مزيف على نفسها، وهى لعبة لا تنطلى على احد، بعد أن ظلت لما يزيد عن أربع سنوات تقتل و"تطخطخ" فى الجنود المصريين بدون ان تطلق رصاصة واحدة على اسرائيل.
كما ان المستفيد الوحيد من مثل هذه الصواريخ هى (اسرائيل) التى تستخدم مثل هذه الحوادث لادعاء غياب الامن على حدودها وللمطالبة بتدويل قضية  الأمن فى سيناء.
أو قد يكون المستفيد منها كل من السلطة المصرية و(اسرائيل) معا، لتبرير وتمرير تحالفاتهم الامنية وشراكتهم الاستراتيجية فى مواجهة ما يسمونه بالمخاطر المشتركة.
***
8) ان التحديات والمخاطر القائمة منذ سنوات فى سيناء، والتى تتصاعد وتتعمق وتتعقد يوما بعد يوما، تتطلب برنامجا وطنيا وشعبيا يتضمن ثلاثة أهداف رئيسية:
الأول هو احياء وتصعيد المطالبات الوطنية بتحرير مصر وسيناء من قيود كامب ديفيد، بما يسمح بانتشار القوات المسلحة المصرية بالأعداد والتسليح والانتشار اللازمين على كامل ارض سيناء لمواجهة كافة انواع المخاطر والجرائم وانتهاك السيادة، بدون انتظار تصاريح أو أذونات من اسرائيل!
الثانى هو تنظيم مواجهة شعبية ضد هذه الحركات والجماعات الانفصالية بممارساتها الطائفية والوحشية وآخرها استهداف اخوتنا من المسيحيين هناك.
الثالث هو الدفاع عن اهالينا هناك فى مواجهة اى انتهاكات امنية ترتكبها السلطة وقواتها تعرض حياتهم للخطر أو تمس حقوقهم وحرياتهم وكرامتهم، من أجل الدفاع عن آدميتهم والحفاظ على وطنيتهم، ولتجنب تراكم اى مشاعر للكراهية لديهم قد تستغل لصناعة حاضنة شعبية للانفصاليين.
*****

القاهرة فى 25 فبراير 2017




ليست هناك تعليقات: