بحث فى المدونة

السبت، 23 فبراير 2019

لماذا يدافع ماكرون عن الصهيونية؟



قال "ماكرون" خلال كلمة ألقاها يوم الاربعاء 20 فبراير الجارى في باريس، خلال العشاء السنوي للمجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا ((ان معاداة الصهيونية هى شكل حديث من معاداة السامية.. وإن فرنسا ستعتمد في نصوصها ومراجعها تعريفا جديدا لمعاداة السامية يشمل أيضا معاداة الصهيونية لتصبح بذلك معاداة الصهيونية بمثابة معاداة للسامية))
وقال بأنه قبل اتخاذ قراره بشأن معاداة الصهيونية قد ((اتصل برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو وأعلمه بالقرار)).
***
·       لماذا يدافع ماكرون عن الصهيونية؟
·       هل يحتمى بالمنظمات الصهيونية الفرنسية بعد ان تراجعت شعبيته وانفجرت الانتفاضة الشعبية فى وجهه؟
·       ولماذا يستقوي غالبية حكام العالم بالصهيونية العالمية و(باسرائيل)، كلما اهتزت مراكزهم داخل مجتمعاتهم؟
·       ولماذا تعجز الجاليات العربية والاسلامية الضخمة فى امريكا واوروبا عن ان تؤسس حركات ومنظمات وجماعات ضغط قوية مماثلة تكون قادرة على التصدى للنفوذ المتصاعد للمنظمات الصهيونية العالمية؟
·       لقد كنا نتصور ان الحكام العرب هم وحدهم الذين يستجدون الاعتراف والحماية الدولية عبر بوابة التقرب الى (اسرائيل) والتطبيع والتحالف معها.
·       ولكن ها هو ماكرون يفعلها، ومن قبله فعلها ترامب منذ الايام الاولى، فكانت قراراته بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، وبنقل السفارة، وبتصفية القضية الفلسطينية فيما يعرف بصفقة القرن، وبقطع المساعدات عن الاونروا ثم عن السلطة الفلسطينية، كانت كلها قرارات تغازل اللويى الصهيونى الامريكى فى مواجهة ازماته الداخلية التى لا تنتهى.
·       وها هو "غوايدو" رجل امريكا فى فنزويلا يصرح بانه ينتوى اعادة العلاقات مع (اسرائيل)، فى مواجهة "مادورو" الرئيس الشرعى المعادى للامريكان المناهض لاسرائيل والداعم لفلسطين بلا حدود.
·       والقائمة تطول.
***
ولكن فلنراجع معا ماهية الصهيونية التى يتصدى "ماكرون" لحمايتها والدفاع عنها ضد مناهضيها من المواطنين والسياسيين الفرنسيين:
·       انها عقيدة ونظرية تنطلق من أن كل يهود العالم يشكلون امة واحدة، شعب واحد، فدينهم هو قوميتهم، وقوميتهم هى دينهم، ومن ثم فهى تجردهم من كل انتماءاتهم الوطنية والقومية الاصلية والطبيعية، وتصطنع لهم انتماءً بديلا باطلا وزائفا، لا يوجد له مثيل فى كل شعوب العالم.
·       وهى نظرية غارقة فى عدوانيتها وعنصريتها اذ تنطلق من انه ليس لليهود ارض ووطن سوى ارض فلسطين التى وهبها لهم وخصها بهم إلههم منذ آلاف السنين، بعد ان اصطفاهم وفضلهم على كل خلق الله من الاغيار الاشرار.
·       وهى تبنى على ذلك ان السكان الذين كانوا يقيمون علي هذه الارض منذ 14 قرنا واكثر هم احتلال عربى فلسطينى.
·       وان الحركة الصهيونية ما هى الا حركة تحرر وطنى نجحت فى تحرير جزء من ارضها المحتلة من الاستعمار العربى، وستظل تكافح الى ان تنجح فى تحرير باقى ارضها المحتلة التى هى كل فلسطين من النهر الى البحر فى احدى الروايات ومن النيل الى الفرات فى روايات صهيونية اخرى.
·       ويترجم الكيان الصهيونى المسمى (باسرائيل) يوميا هذه النظريات الباطلة الى اعتداءات وسياسات فى الارض المحتلة منذ ما يزيد عن قرن من الزمان:
·       فيحتل الارض، ويفرغها من اصحابها طردا وتهجيرا وقتلا وابادة.
·       فلولا العنف والارهاب والقتل والتصفية والتهجير والطرد والمذابح على غرار دير ياسين لما قامت (اسرائيل) على حد المقولة الشهيرة لمناحم بيجين.
·       ويمنع عودة المطرودين من اللاجئين الفلسطينيين رغم صدور القرار رقم 194 من الامم المتحدة عام 1948، الذى يلزم (اسرائيل) بذلك كشرط لقبول عضويتها بالامم المتحدة. بينما تفتح باب الهجرة الى فلسطين لكل من هب ودب من اليهود من كل بلاد العالم.
·       وتعتدى على الدول العربية المجاورة وتحتل اراضيها وتردعها وتهددها بالضرب والعدوان ان هى قدمت اى دعم للشعب الفلسطينى لاسترداد ارضه.
·       حتى المقدسات الدينية لم تنج من اعتداءاتها والتحرش بها والسعى الى الاستيلاء عليها وتهوديها.
·       وكله قائم على اكاذيب كبرى وادعاءات باطلة واساطير زائفة عن الشعب اليهودى وارض الميعاد.
***
·       كانت هذه بعض من معانى الصهيونية وممارساتها، وبالتالى فان فى أى دفاع عنها، من ماكرون أو من غيره، اعتناق لنظريتهم الاستعمارية العنصرية الاجتثاثية الباطلة، ومباركة لكل جرائم القتل والارهاب التى يرتكبونها فى حق الشعب الفلسطينى، كما أن فيها عداء صريحا للامة العربية بكل شعوبها، حيث ان كل الوجود العربى من المنظور الصهيونى هو وجود استعمارى غير مشروع سواء فى فلسطين او خارجها، كما ان فيه دعم لاحتلال اوطان الشعوب بالقوة بالمخالفة لميثاق الامم المتحدة، ودعم لاعمال العربدة والبلطجة التى ترتكبها (اسرائيل) كل يوم من عدوان أو تهديد لباقى الشعوب العربية من سوريا الى لبنان الى تونس الى العراق الى السودان.
·       ناهيك على ان الصهيونية بتلك الرؤية لا تهدد فلسطين والعرب فقط، بل يمتد تهديدها الى فرنسا ذاتها أو الى اى دولة فى العالم يتجه ولاء مواطنيها من اليهود الى كيان خارجها يسمى (باسرائيل). 
***
ان هناك انباء متداولة عن اتجاهات قوية داخل حركة السترات الصفراء، تناهض اسرائيل والصهيونية.
وهو ما يحتم علينا جميعا وفى القلب منا اشقائنا من جاليات دول المغرب العربى هناك، ان يبحثوا عن قنوات تواصل مع هذه الاتجاهات ويدعموها ويمدوها بالمواد والمراجع السياسية والعلمية والفكرية التى تكشف زيف وبطلان النظرية الصهيونية، وتعرض وتشرح الرواية الفلسطينية والعربية. وقد يجدون فى مؤلفات المفكر الراحل "روجيه جارودى" اجتهادات كثيرة فى هذا المجال، مثل كتابه "الاساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية" التى تعرض للمحاكمة بسببه، والتى يفند ويدحض فيها كل الخرافات الصهيونية التى أغرقوا بها الراى العام الغربى لعقود طويلة.
وعلينا ان نساعد الشعب الفرنسى وكل شعوب العالم على التعرف على الوجه الآخر للشعوب العربية، الوجه الحقيقى لنا، بدلا من تلك الوجوه الرسمية التى لا تمثلنا ولا تعبر عنا، والتى لا يشغلها سوى التواصل مع ماكرون وترامب وامثالهما لشراء شرعيتها وحماية عروشها بعقد صفقات سلاح بعشرات المليارات من دماء شعوبنا.

***** 
محمد سيف الدولة 



ليست هناك تعليقات: