فلنبقيهم خائفين
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
حذرت الجهات الأمنية الصهيونية منذ بضعة أيام ، ابريل 2010، مواطنيها من الذهاب إلى سيناء ، وحثت الموجدين منهم هناك على العودة فورا . وعللت ذلك بأن لديها معلومات تفيد بأن هناك مخاطر على حياتهم .
* * *
انتهى الخبر الذي أرغب في التوقف عند أهم دلالاته وهى أنهم "يهربون حين يخافون" .
* * *
فرغم أن الصهيونية حركة استعمارية إحلالية حتى النخاع ، تخصصها هو قتل البشر والحلول مكانهم والاستيلاء على أراضيهم ومساكنهم ومزارعهم .
ورغم أنهم يأتون من كل جحور الأرض إلى فلسطين لاستيطانها وطرد سكانها .
ولكنهم عندما يخافون على حياتهم و أمنهم ، يرحلون ويهربون كالجرذان .
هذا هو مربط الفرس :
لأنه يضعنا أمام مهمة واضحة وبسيطة ، وهى أنه علينا أن نبقيهم دائما فى حالة خوف ، وان نفقدهم أدنى شعور بالاستقرار .
فان هذا وحده كفيل بمنع قدوم هجرات جديدة إلينا .
بل وكفيل بإرغامهم على الهجرة المعاكسة .
وكفيل بإدخال الاضطراب على حياتهم الهادئة ، وبالتهديد المستمر لوجودهم على أراضينا ، مما يحول دون اغتصابها بالتقادم .
كما أنه يجعل من فاتورة أمنهم ، غالية وعالية ، مما يرهق كيانهم اقتصاديا ويرهق ميزانية حلفائهم .
* * *
و نظرة سريعة على معدلات الهجرة اليهودية إلى فلسطين ، يؤكد على أنها كانت دائما تتصاعد بعد هزائمنا حين يشعرون بالأمان :
• فقبل وعد بلفور وعلى امتداد القرن التاسع عشر بأكمله ، لم يتمكنوا من تهجير أكثر من 50 ألف يهودي إلى فلسطين .
• ولكن بعد الوعد ، وانتصار بريطانيا راعيتهم الأولى حينذاك ، وصدور صك الانتداب البريطاني على فلسطين ، نجحوا في تهجير نصف مليون يهودي فى ربع قرن فقط من 1922 حتى 1947.
• وبعد حرب 1948 ، واغتصابهم 78 % من فلسطين ، والتزام القوى الكبرى الثلاثة : أمريكا وبريطانيا وفرنسا بأمن إسرائيل ووجودها ، فيما عرف باسم الإعلان الثلاثي الصادر عام 1950 .
• نقول بعد ذلك نجح الصهاينة فى تهجير حوالي مليون وربع يهودي إلى فلسطين من عام 1949 الى 1967 .
• وبعد انتصارهم على الدول العربية مجتمعة فى 1967 ، وشعورهم الهائل بالتفوق والأمن ، قاموا باستقدام ربع مليون يهودي في الفترة من 1968 حتى 1973.
• وعلى العكس من ذلك ، بعد حرب أكتوبر ، تضاءلت الهجرة اليهودية ، فلم يأتينا منهم فى الفترة من 1974 إلى 1988 أكثر من 285 ألف يهودي .
• أي أنه بعد انتصارهم فى 1967 هجَّروا ربع مليون في خمسة سنوات .
• ولكن بعد هزيمتهم في 1973 ، استغرق تهجيرهم لعدد مقارب ، 14 سنة ، أي حوالي ثلاثة أضعاف المدة .
• وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي ، وانفراد أمريكا ، حليفتهم الكبرى بالعالم ، هاجر إلى فلسطين حوالي مليون يهودي فى الفترة من 1989 إلى 2000 .
• و لكن مع انتفاضة الأقصى عام 2000 تراجعت الهجرة الى فلسطين ، وزادت الهجرة المعاكسة .
• وحدث نفس الشيء عام 2007 بعد حرب لبنان في يوليو 2006 .
• والآن في عام 2010 ، ومع الطمأنينة الصهيونية بإستتباب الأمن في الضفة الغربية بالتعاون والتنسيق الامنى مع السلطة الفلسطينية ، وبالتحالف الدولي الامريكى الصهيوني ضد غزة وحصارها اقتصاديا وتسليحا .
• نقول ، أدى ذلك إلى تجرؤ الصهاينة علينا ، فأقدموا على سلسلة من الإجراءات التى ما كان لهم ان يتخذوها لو أن المقاومة مشتعلة .
• مثل التحرش بالمسجد الأقصى ، وهدم منازل المقدسيين ، وضم الحرم الابراهيمى وإصدار القرار 1650 القاضي بترحيل ما يقرب من 70 ألف فلسطيني ، وبناء مزيد من المستوطنات فى القدس الشرقية ، والإعلان الصريح على انها جزء من عاصمة إسرائيل الموحدة وانها غير قابلة للتفاوض .
• ناهيك عن الحرية المطلقة فى ضرب قوافل إغاثة فى السودان ، واعتقال سفن فى البحر المتوسط ، وضرب الأنفاق على الحدود المصرية الفلسطينية ، والتهديد بإعادة سوريا الى العصر الحجري . واغتيال قيادات المقاومة ...الخ
• انهم يفعلون كل ذلك ويزيد ، لأنهم لم يعودوا خائفين ، بل على العكس تماما ، هم يدركون ويستغلون الى ابعد مدى الخوف العربى .
* * *
لذا ، فإن أولى خطوات التصدي للصهاينة فى كل المراحل ، ومهما كانت الظروف ، هي الحرص على إبقائهم خائفين على الدوام .
* * * * *
القاهرة فى 26 ابريل 2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق