ضمانات فوق دستورية لاسرائيل !
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
جاء الخبر الرئيسى فى معظم الصحف المصرية ليوم الجمعة 2 سبتمبر 2011 ، ان الاسرائيليين يرغبون فى فتح حوار استراتيجى مع المجلس العسكرى حول معاهدة السلام قبل الانتخابات ، خوفا من توجهات الراى العام المصرى المعادية لاسرائيل وللمعاهدة بعد حادثة الحدود ، وخوفا من احتمالات المزايدة على المعاهدة فى الانتخابات المصرية القادمة والدعوة الى الغاءها .
كان هذا هو خلاصة الخبر كما اوردته معظم الصحف المصرية .
ولا يحتاج المرء لذكاء كبير ليستنتج ان اسرائيل تريد من المجلس العسكرى ان يضمن لها الالتزام باتفاقيات كامب ديفيد فى المستقبل بصرف النظر عن نتيجة الانتخابات .
بحيث يتم تجريد البرلمان والرئيس القادمين من صلاحية اجراء اى تعديل او مساس بالعلاقات المصرية الاسرائيلية .
و أن يتولى المجلس العسكرى مسئولية هذا الملف ، وما يرتبط به من ملفات اخرى قد ترى اسرائيل او الولايات المتحدة انها خطوط حمراء غير مسموح بالاقتراب منها .
وهو كلام له خلفيات كثيرة ، منها ما اعلنه الرئيس اوباما بعد الثورة من ان على اى حاكم جديد فى مصر ان يلتزم بالمعاهدة مع اسرائيل
وما سبق ان ذكره وزير الامن الداخلى الاسرائيلى آفى ديختر عام 2008 قبل الثورة بسنتين من أن خروج مصر من السلام خط أحمر على اى نظام مصرى جديد .
وتصريحات أخرى كثيرة .
* * *
صحيح ان المجلس العسكرى وكل حكوماته الانتقالية قد اعلنوا فور توليهم المسئولية انهم سيلتزمون بكل المعاهدات الدولية التى وقعها النظام السابق ، ولكن هذا الالتزام يشمل المرحلة الانتقالية فقط ، الى ان تنتقل السلطة والمسئولية الى برلمان ورئيس منتخبين و مستقلين تماما ، ومسئولين امام الشعب وحده ، تكون لهم كل الصلاحيات التى ينص عليها الدستور والقانون ، بما فيها الغاء المعاهدات او تعديلها او اعادة النظر فيها او حتى الالتزام بها كما هى . المهم انهم سيمارسون سلطاتهم وصلاحياتهم كاملة غير مقيدة او مشروطة .
ولذلك فان مصدر الازعاج فى هذه الانباء الواردة ، هى ان الصهاينة يطالبون بحقوق فوق العادة : فوق الدستور وفوق الارادة الشعبية المصرية و فوق السيادة الوطنية المحمية بالمادة الثالثة من الدستور ، فى استمرار لحالة الاستخفاف بمصر التى سادت لعقود طويلة !
انه من الغباء ان يتصورا انهم يمكنهم ان يفوزوا بمثل هذه الضمانات مع شعب فى حالة ثورة ، ثار ضد الخوف والاستبداد والقهر والخيانة ، شعب رفضت قواه الوطنية فكرة اعداد مبادىء فوق دستورية حول ما يسمى بمدنية الدولة تضمنها القوات المسلحة ، والتى كادت ان تحدث ازمة سياسية حادة بسببها ، قبل ان يتوافق الجميع على اعتبارها مبادىء استرشادية .
فكيف يمكن ان يتوقعوا ان نقبل من اسرائيل او من غيرها شروطا فوق دستورية و فوق سيادية .
* * *
نحن نعلم ان الضغوط الامريكية والغربية والاسرائيلية على المجلس العسكرى وحكومته لم تتوقف منذ الثورة ، ولكننا لا نعلم على وجه اليقين مدى استجابتهم لهذه الضغوط ، وان كانت بعض الشواهد السابقة لم تكن مبشرة ، فلقد تم التراجع عن توجهات وقرارات وطنية شجاعة مثل رفض الاقتراض من الخارج ، ورعاية المصالحة الفلسطينية ، والتوجهات المستقلة لوزارة الخارجية فى فترة نبيل العربى ، والمطالبة باعتذار اسرائيل على جريمة الحدود والاصرار على الكشف عن منظمات التمويل المدنى الامريكى . كل ذلك تم التراجع عنه بسبب الضغوط الخارجية .
و نحن لا نعلم ماذا يمكن ان يحدث فى الغرف المغلقة ، ولكننا نعلم علم اليقين ان الاصطفاف والضغط والاصرار الشعبى ينتصرون فى النهاية .
فهكذا اسقطنا نظام مبارك .
و ها هى اسرائيل لأول مرة منذ عقود طويلة تقبل التفاوض على تخفيف القيود العسكرية المفروضة على مصر فى سيناء ، بسبب مظاهرات الغضب حول السفارة بعد جريمة الحدود .
وتنازلات اسرائيل فى كل مفاوضات ستتناسب مع حجم الغضب وطول الاعتصام وعدد المتظاهرين ، فسنفوز ونحصد بقدر غضبنا وثورتنا .
ولذلك علينا ان نعلن فورا وبكل الطرق والوسائل موقفنا وردنا الشعبى على الدعوة الاسرائيلية لهذا الحوار الاستراتيجى :
· بأن لا احد فى مصر يملك ان يعطيكم أى وعود او ضمانات حالية تقيد السيادة الوطنية والقرار السياسى المستقل بعد الانتخابات .
· وان هناك اجماع شعبى وسياسى على ضرورة تحرير مصر من القيود العسكرية المفروضة علينا فى سيناء ، من اجل امتلاك مقومات الدفاع عنها ضد اى عدوان صهيونى جديد لاقدر الله.
· وان أكذوبة وفزاعة ان المطالبة بالغاء المعاهدة تعنى الحرب يجب ان تتوقف ، فمصر لم تبادر ابدا بالحرب الا لتحرير اراضيها المحتلة فى عام 1973
· وفيما عدا ذلك كنتم انتم دائما من يعلن الحروب ويبدأ بالعدوان ويحتل ويغتصب اراضى الغير
* * * * *
القاهرة فى 2 سبتمبر 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق