الاستعمار العربى لفلسطين
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
يحتفل الصهاينة فى مايو من كل عام بذكرى اغتصابهم لفلسطين، فى عيد
يطلقون عليه عيد الإستقلال !
والاستقلال يعنى أنه كان هناك محتل يستعمر هذه الأرض، و
أن اليهود الصهاينة قد نجحوا فى تحريرها منه .
من هو هذا المحتل ؟
انه الاحتلال العربي الذي إستوطن أرض اليهود منذ الفتح
الاسلامى .
أي أن خلاصة الموقف الصهيوني فى هذا الشأن هو الآتي :
1) هذه أرض اليهود
2) العرب غزاة
3) الوجود العربي الاسلامى في فلسطين هو وجود غير مشروع منذ 1400 عاما.
4) الحركة الصهيونية هي حركة تحرر وطني نجحت في تحرير أرضها من الاستعمار
الاستيطاني العربي .
5) دولة إسرائيل الحالية هي الدول المشروعة الوحيدة التي قامت على هذه الأرض
منذ آلاف السنين.
***
على ضوء ما سبق،
فإن الاعتراف بإسرائيل يعنى الاعتراف بالنقاط الخمس السابقة وما يترتب عليها من
استخلاصات ونتائج :
فإن كان الوجود العربي في فلسطين 1948 غير مشروع، فان
الوجود العربي الحالي في الضفة الغربية وغزة هو أيضا غير مشروع، فكلها أرض اليهود،
يتوجب تحريرها إن عاجلا أم آجلا، عندما تسمح موازين القوى والظروف الدولية
والإقليمية بذلك .
وهو ما يعنى أيضا أن الوجود العربي في مصر والشام
والعراق وباقي المنطقة، هو كله وجود غير مشروع، منذ الغزو العربي الاسلامى لأراضى
الغير من الشعوب الآمنة، وان على هذه الشعوب أن تسترد أوطانها إن عاجلا أم آجلا،
حينما تسمح موازين القوى و الظروف الدولية والإقليمية بذلك .
***
إن الاعتراف بإسرائيل بهذا المعنى هو الانتحار بعينه .
أمة تخرج إلى أمم وشعوب العالم، تعتذر لهم بأنها غازية
وباغية وتقر بأن وجودها غير مشروع، وتعدهم بالانسحاب في صمت.
***
ومن الغريب أن الأنظمة والحكام العرب،
يتعايشون فى صمت مع هذه النظرية الصهيونية، ومع الكيان الذى يتبناها، ولا يمانعون
أو يعترضون على الاحتفاء الدولى السنوى بهذه المناسبة، ولا يجدون فى ذلك خطرا
عليهم أو على بلادهم، بل أن بعضهم يهنئ قادة اسرائيل بها ويشاركونها اعيادها.
بينما فى الجانب الآخر، لا يعترف الصهاينة أو
الأمريكان أو حلفاءهم بأى جهة فلسطينية أو عربية
تنكر حق اسرائيل فى الوجود، أو ترفض تبنى النظرية الصهيونية فى الصراع، بل
ويتهموها بالارهاب، ويحاربوها ويعتدوا عليها ويعملوا على عزلها وحصارها بكل السبل.
وآخرها كان موقف الولايات المتحدة من
المصالحة الفلسطينية والتهديد بإيقاف الدعم المالى للسلطة الفلسطينية، والتخيير
بين المفاوضات مع اسرائيل وبين المصالحة مع حماس.
وقبل ذلك فعلوا نفس الشئ مع منظمة التحرير
الفلسطينية، فاتهموها بالارهاب وحاصروها واجتاحوا بيروت لاخراجها من لبنان ونفيها الى
تونس، وحللوا ذبح الفلسطينيين فى صابرا وشاتيلا، قبل ان تقوم المنظمة بالاعتراف
باسرائيل فى اتفاقيات اوسلو.
***
ومن الغريب أيضا الى أننا نشكو ليل نهار من شتى
أنواع السياسات والاعتداءات الاسرائيلية ونصرخ كل يوم، بانهم لا يريدون الانسحاب
من حدود 1967، ويهودون القدس، ويقتحمون المسجد الاقصى، ويستوطنون الضفة، ويتمسكون بيهودية
الدولة، ويرفضون حق العودة، ويعتقلون الاسرى، ويعتدون على غزة، ويغتالون القادة، و
يقيمون الجدر العازلة، ويغلقون المعابر، ويقيمون الحواجز...الخ
وتناسينا تماما ان كل هذه السياسات ستكون مشروعة
ان نحن سلمنا بشرعية دولة اسرائيل، لأنه سيكون من حقها فى هذه الحالة أن تدافع عن
وجودها وأمنها، وان تقاوم بكل الوسائل اى خطر يهددها، كما سيكون من المنطقى ان ترفض
اعطاء الفلسطينيين اى دولة مستقلة ذات سيادة، قد تستخدم فى المستقبل كقاعدة
للانطلاق لإعادة احتلال الارض اليهودية المحررة فى اسرائيل
وكلنا يتذكر جيدا ما قاله بيريز للمجتمع
الدولى فى مؤتمر دافوس الشهير عام 2009، حين استصرخ الحاضرين قائلا "من منكم يمكن
ان يسمح بان تكون هناك قوة مسلحة على حدودكم تمطر بلادكم وشعوبكم بالصواريخ ولا
تعترف بوجودكم و تعمل من اجل افنائكم؟"
***
ان النظام الرسمى العربى يعيش حالة شيزوفرينيا
صنعها بيديه وباستسلامه وبخوف حكامه، لأنه لو كانت اسرائيل مشروعة فكل شئ مباح بما
فى ذلك طرد الفلسطينيين وإبادتهم.
أما ان كنا جادين فى تحرير فلسطين و نصرتها،
أو فى انقاذ الشعب و الأرض والمقدسات، فالبداية الحتمية هى التطهر من جريمة الاعتراف بشرعية عدونا
ومغتصبنا المسمى باسرائيل.
وما عدا ذلك لا يعدو أن يكون لعبا على أرضه،
لن يؤدى الى شئ ولو بعد ألف عام.
*****
القاهرة فى 14 مايو 2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق