لا لزيادة القوات الأمريكية فى سيناء
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
أعلن البنتاجون أمس الموافق 10 سبتمبر 2015،
أنه بصدد زيادة عدد القوات الأمريكية فى سيناء، المشاركة فى قوات متعدد الجنسية
المعروفة باسم MFO. وتتضمن
الزيادة الجديدة مفرزة مشاة تتكون من 75 فردا، وفريقا جراحيا،
بالإضافة إلى مركبات وأجهزة
مراقبة، ومعدات أخرى مصممة لزيادة نطاق الحماية الذاتية لقوات حفظ السلام.
***
وكانت امريكا قد لوحت وهددت على امتداد الاسابيع الماضية
بانها تفكر فى سحب قواتها من سيناء، بسبب الخوف على سلامتها من الاعمال الارهابية،
وبسبب ان العلاقات المصرية الاسرائيلة قد وصلت الى حالة ممتازة، لم تعد تحتاج معها
الى الوسيط الامريكى.
وقد سبق وكتبت مقال، من بضعة اسابيع، فى هذا الصدد
بعنوان "لماذا ترفضون خروج MFO
من سيناء"، فندت فيها أعداد هذه القوات وطبيعتها،
ودورها المنحاز الى اسرائيل، وخضوعها الى الادارة الامريكية وليس الى الامم
المتحدة كما هو الحال فى الحالات الدولية المشابهة. وانتقدت رفض الادارة المصرية الطلب
الامريكى، وتمسكها هى واسرائيل بوجودها. وتساءلت هل سترضخ الادارة المصرية للضغوط
الامريكية المطالبة بزيادة عدد القوات وتسليحها، وتكليفها بمهام امنية لا تنص
عليها الاتفاقية، حيث تنحصر مهمتها الحالية فى الدور الرقابى فقط.
وبالفعل وللأسف الشديد، ووفقا لما أعلنه البنتاجون، فانه
من الواضح ان مصر قد رضخت الى الضغوط، ووافقت على دخول مزيد من القوات الامريكية
الى سيناء، فى حين كان المطلوب منها هو استغلال هذه الفرصة للخلاص من أحد القيود
التى فرضتها المعاهدة على سيادتنا الوطنية هناك.
***
ويتوجب
علينا جميعا كمواطنين ووطنيين وكقوى سياسية رفض هذه "الاتفاقية الاضافية"
للأسباب الآتية:
·
ان فى قبول زيادة القوات الامريكية، اعتراف مصرى
ضمنى بان قواتها المسلحة عاجزة عن توفير الحماية اللازمة لهذه القوات بشكل خاص،
وعاجزة عن فرض الامن والاستقرار فى سيناء بشكل عام. وهى الادعاءات التى كانت
ترددها اسرائيل كثيرا فى المحافل الدولية، بهدف تدويل ملف سيناء.
·
وهى اذا كانت بالفعل عاجزة كما يدعون، فكان
الاجدر بها ان تطالب بزيادة عدد وعتاد القوات المصرية هناك وليس الامريكية.
·
ان الحديث على محدودية عدد القوات الامريكية
الاضافية التى اعلن عنها البنتاجون، والتى لا تتعدى 75 جندى، فيه مغالطة وتضليل كبيرين،
فالمغزى يكمن فى المبدأ، ناهيك عن الطبيعة
الجديدة للادوار والمهام والتسليح .
·
كما ان الحديث على ان 75 جندى امريكى فقط
سيستطيعون توفير الحماية الامن للقوى متعددة الجنسية، افضل من مجمل القوات المسلحة
المصرية الموجودة اليوم فى سيناء، فيه اهانة بالغة لمصر وللجيش المصرى.
·
ان القبول بزيادة القوات الامريكية فى سيناء،
مثله مثل باقى الترتيبات العسكرية فى المعاهدة، يخالف المادة الرابعة من الدستور
التى تنص على أن السيادة للشعب المصرى وحده. كما يخالف نص المادة 139 التى تنص على
انه على رئيس الجمهورية ان يحافظ على استقلال الوطن.
·
ان القيود العسكرية والامنية التى فرضتها
علينا الامريكان واسرائيل بالإكراه، بموجب المعاهدة، هى السبب الرئيسى ان لم يكن
الوحيد، وراء كل ما تراه سيناء من جرائم، من ارهاب وتهريب وتجارة مخدرات وسلاح و
العبيد واعضاء بشرية. فهل يعقل ان نزيد من تواجدهم ونفوذهم وقيودهم هناك.
·
ان اى تعديل فى الاتفاقيات الدولية، باطل، ما
لم يتم التصديق عليه من برلمان شرعى وليد انتخابات نزيهة غير مزورة.
·
كما اننا قد ارسينا سابقة جديدة، يمكن ان
تتكرر كثيرا فيما بعد، كلما رأت امريكا واسرائيل مصلحة فى زيادة قواتها هناك.
·
ان ما يحدث الان هو أسوأ كثيرا مما فعله نظام
السادات/مبارك، الذى كان يعلنها صراحة، بان 99 % من اوراق اللعبة فى ايدى امريكا، أما
أن يتم الرضوخ لمزيد من القيود والشروط الامريكية، تحت شعارات مزيفة من الاستقلال
والوطنية، فهو اشد خطورة، لما فيه من تضليل للرأى العام الشعبى.
·
ان صمت القوى والأحزاب السياسية على سياسات النظام
فيما يخص العلاقات المصرية الاسرائيلية، قد اغراه بالتمادى فى تقديم التنازل تلو
الاخر فى ملف سيناء، فبعد ان قام بتنفيذ المطلب الاسرائيلى القديم بإنشاء المنطقة
العازلة على الحدود الدولية، وتهجير اهاليها وإخلاء الارض على الحدود مع كيان
عدوانى توسعى، تخصصه هو الاستيلاء على الاراضى العربية. يأتى اليوم ليقدم تنازل
جديد فى السيادة المصرية فى سيناء.
·
لقد كان المطلب الوطنى الثابت منذ 1979، هو
تحرير مصر من كافة قيود المعاهدة بما فيها الوجود والرقابة العسكرية الامريكية على
قواتنا هناك. اما المطلب الوطنى فى جزئية الـ MFO، على وجه التحديد، فكان استبدال القوات الحالية
التى تخضع للادارة الامريكية، بقوات تابعة للامم المتحدة. وهو المطلب الذى عبر عنه
صراحة السيد نبيل العربى حين تولى مسئولية وزارة الخارجية بعد الثورة مباشرة.
·
ان التنازل المصرى الجديد، فيه تحدى وردة عن أهم
مطالب ثورة يناير، و هو الاستقلال والتحرر من التبعية، وعلى رأسها اتفاقيات
وترتيبات وقيود كامب ديفيد، ولقد شهدت الساحات السياسية والمنابر الاعلامية، زخم من
الحوارات والمطالب فى هذا الشأن، خاصة بعد تكرار الاعتداءات على قواتنا هناك، فى
اغسطس 2011، واغسطس 2012، واغسطس 2013 وما بعدها.
·
كان خبراء النظام العسكريين والاستراتيجيين،
يردون دائما على مطالباتنا بالغاء او تعديل كامب ديفيد، بالدعوة الى التروى،
واتباع سياسة الخطوة خطوة للتغيير التدريجى لشروط المعاهدة وقيودها، أما اليوم،
فانهم يعملون فى الاتجاه العكسى والمضاد و يزيدون القيود قيدا جديدا.
·
وأخيرا وليس آخرا، فانه لا يجوز ان نعلم
أخبار ومعلومات تمس أخص شئون أممنا القومى، من البنتاجون، وليس من مصادرنا الرسمية
المصرية. وحتى هذه السطور، نكتبها بدون أن نعلم ما خفى من تفاصيل الاتفاق الثلاثى
الجديد، من حيث طبيعة القوات الاضافية ومهامها وتسليحها وتوزيعها الجديد، وهو ما
نتوقع ان يظل محظورا على المصريين، الا فيما يرد الينا من الصحف الامريكية
والعبرية.
*****
القاهرة فى 11 سبتمبر 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق