بحث فى المدونة

الخميس، 17 سبتمبر 2015

العصر الذهبى للعلاقات المصرية الاسرائيلية

بعد 37 سنة من كامب ديفيد: العلاقات المصرية الاسرائيلية فى عصرها الذهبى
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

بعد ما يزيد عن ثلث قرن على توقيع اتفاق كامب ديفيد، واربع سنوات على ثورة شعبية حقيقية، تغيرت أمور كثيرة، وبقيت الاتفاقيات المصرية الاسرائيلية ثابتة، عصية على التغيير، تحتل مكانة "محرمة" على الجميع وفوقهم، فوق الشعب والدولة والرؤساء والأحزاب والثورة، وفوق الدساتير والقوانين.
تعلوها لافتة هائلة وصارمة مكتوب عليها "ممنوع الاقتراب، ممنوع اللمس."
لتتأكد ظنوننا سنة بعد سنة، وعقد وراء عقد، أن المعاهدة مع اسرائيل هى المصدر الرئيسى للتشريع فى مصر، وهى العامود الرئيسى للنظام المصرى، والمحظور الأكبر على الجميع.
تستطيع ان تسقط الرؤساء، وأن تطالب باسقاط النظام، ولكن محظور على الجميع الاقتراب من كامب ديفيد.
بعد الثورة فى 2011، هبطت علينا مئات الوفود الاجنبية، الامريكية والاوروبية، وكان السؤال الأول والرئيسى للجميع، هل تلتزم بالسلام مع اسرائيل؟
وفى الشهور القليلة  التى سبقت 30 يوينو 2013، كان السؤال الرئيسى الذى وجهه "جون ماكين"الى جبهة الانقاذ ، ما موقفكم من معاهدة السلام؟
وبالطبع جاءت اجابات الجميع مرضية ومطمئنة للامريكان والاوروبيين وكل حلفاء اسرائيل!
وفى السنتين الماضيتين، كان للتقارب غير المسبوق مع اسرائيل، والتنسيق معها أمنيا واستراتيجيا، الدور الأكبر فى بناء الشرعية والقبول الامريكى والدولى للنظام الجديد.
قبل ثورة يناير، صرح الدكتور/مصطفى الفقى المستشار السابق لمبارك، بأن اى رئيس لمصر يجب أن توافق عليه امريكا وتقبل به اسرائيل.
وبعد الثورة، لم تختلف الأمور.
لكن الاضافة التى يقدمها النظام الحالى تحت قيادة عبد الفتاح السيسى، عمن سبقه، بما فيهم السادات والمبارك، انه يطرح ويتعامل مع المعاهدة، على انها من أهم الثوابت السياسية لمصر، ويكرر دائما بأنها اصبحت فى وجدان كل المصريين، بعد أن كان النظام منذ عام 1979 يتعامل معها، بقاعدة "مُكره أخاك لا بطل".
وفى نقاش مع أحد "خبرائهم" العسكريين السابقين، قال : اننا فى مصر كنا نتعامل دائما مع اسرائيل على انها تحدى، ولقد آن الأوان لأن نتعامل معها على انها فرصة. (!)
***
لقد ذهب السيسى الى أبعد مدى وصل اليه أى رئيس سابق فى التقارب مع اسرائيل والتنسيق معها:
·       قام بإخلاء الحدود الدولية، وقام بتهجير سكانها، لينفذ الطلب الاسرائيلى القديم بانشاء منطقة عازلة، رغم ما يمثله ذلك من خطر جسيم مع عدو متخصص فى اغتصاب واستيطان الاراضى العربية.
·       انحاز الى اسرائيل فى عدوانها على غزة فى صيف 2014، وشارك فى احكام الحصار عليها، فهدم الانفاق التى رفض مبارك هدمها، مع اغلاق المعبر العربى الوحيد لأهلها.
·       علق اعادة اعمار غزة، على شرط نزع سلاح المقاومة، حين اشترط ان تتسلم السلطة الفلسطينية مسئولية غزة، وهى التى تلتزم بموجب اتفاقيات اوسلو، بنزع السلاح الفلسطينى.
·       وجه اعلام الدولة، لشيطنة والطعن فى كل ما هو فلسطينى، لتصبح فلسطين هو العدو، واسرائيل قطر شقيق.
·       قام أنصاره، برفع عدة دعاوى قضائية لتصنيف المقاومة الفلسطينية كمنظمات ارهابية، فى اول سابقة مصرية أو عربية من نوعها.
·       اعرب عن تفهمه للمخاوف الاسرائيلية من الاتفاق النووى الايرانى.
·       وفى سابقة هى الأولى من نوعها، قامت اسرائيل بالدور الرئيسى، بالتعاون مع اللوبى الصهيونى فى امريكا، بالضغط على الادارة والكونجرس الامريكيين، لاستئناف المساعدات العسكرية لمصر، بعد ان كانت منذ السادات تحرض على وقفها او ربطها بحزمة من الشروط والمطالب الاسرائيلية.
·       تروج أبرز مراكز الابحاث الصهيونية فى الولايات المتحدة، للنظام المصرى وتدافع عنه. مثل معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى.
·       ردد نتنياهو عدة مرات ان هناك علاقات ومصالح وتحالفات استراتيجية بينه وبين مصر ودول عربية أخرى، فى مواجهة العدو المشترك المتمثل فى الارهاب الفلسطينى. وهو ما يكرره أيضا عديد من القادة والكتاب الاسرائيليين.
·       ذكر البنتاجون أن أسباب الافراج عن الطائرات الاباتشى لمصر، هى الدفاع عن الامن المصرى الاسرائيلى الامريكى المشترك.
·       من ضمن الاسباب التى ذكرتها الولايات المتحدة لسحب قواتها من سيناء، ان العلاقات المصرية الاسرائيلية أصبجت ممتازة اكثر من اى وقت مضى، ولم تعد فى حاجة الى وسيط امريكى.
·       صرح السيسى لمنابر اعلامية اوروبية انه فى حالة قيام دولة فلسطينية على حدود 1967، فانه على استعداد لارسال قوات مصرية لطمأنة اسرائيل.
·       اعاد احياء الخطاب العنصرى التضليلى الذى استخدمه السادات لتبرير بيع فلسطين فى كامب ديفيد، بان مصر ضحت وتأذت كثيرا من اجل فلسطين، وانه آن الأوان ان تنتبه لمصالحها.
·       يتفاخر أمام الاعلام والوفود الغربية بأنه كثير الاتصال برئيس الوزراء الاسرائيلى.
·       وقال لقناة فرنسا 24 ((لن نسمح ان تستخدم اراضينا لشن هجمات على اسرائيل جارتنا)) وان ((انشاء المنطقة العازلة كان ضرورة قديمة تأخرت كثيرا)) وانه ((من كان يتوقع منذ 40 سنة ان السلام بين مصر واسرائيل سيستقر بهذا الشكل؟))
·       هو ساداتى حتى النخاع فيما يتعلق بالعلاقات مع اسرائيل؛ قال بالنص، أمام مؤتمر دافوس فى يناير 2015((مكانش حد قادر يسافر فى عقل ووجدان الرئيس السادات، لما طرح تصوره للسلام، مكانش حد قادر يشوف ده، لكن الزمان والتغير والسنين أكدت صواب رؤيته وعبقرية فكرته))
·       أعاد السفير المصرى لاسرائيل، بعد أربع سنوات من سحبه على خلفية العدوان الصهيونى على غزة فى نوفمبر 2012.
·       أعاد فتح مقر جديد للسفارة الاسرائيلية بعد أربع سنوات من اغلاق مقرها، ورضخت ادارته للمطلب الاسرائيلى بإعادة فتحها فى ذات يوم اغلاقها على أيدى شباب الثورة فى 9 سبتمبر 2011، كرسالة مكايدة وتحدى للمصريين الذين حاصروا السفارة غضبا لاستشهاد 5 جنود مصرين على ايدى اسرائيل فى 18 اغسطس 2011
·       حرص وزير البترول المصرى، الذى اصبح اليوم هو رئيس الوزراء الجديد، على طمأنة اسرائيل بعد اكتشاف حقل الغاز المصرى، بأن الاكتشاف الجديد لن يؤثر على مشروعات استيراد مصر للغاز الاسرائيلى.
·       وعديد من الأمثلة والدلائل الأخرى...
·       ولكن الأخطر من كل ذلك، انه يؤدى هذا الدور، تحت شعارات ورايات الوطنية والاستقلال، بينما كان كل من السادات ومبارك على الأقل واضحين، يعلنان صراحة أن 99% من أوراق اللعبة فى أيدى أمريكا.
*****
القاهرة فى 17 سبتمبر 2015


ليست هناك تعليقات: