بحث فى المدونة

الأربعاء، 17 فبراير 2016

محمد حسنين هيكل

محمد حسنين هيكل
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

رحل محمد حسنين هيكل الذى أثرى المكتبة العربية بعشرات الكتب والمؤلفات، على رأسها مجموعته الموسوعية عن الصراع العربى الصهيونى التى اختار لها عنوان "حروب الثلاثين سنة". والتى فتحت للقارئ العربى نوافذ نادرة على بحور من المعلومات والوثائق والأسرار، كانت محجوبة ومحظورة وبعيدة عن متناول يديه. وكانت جزء رئيسيا من مكتبة أى مثقف أو سياسى أو كاتب أو مسئول مصرى أو عربى جاد، أياً كانت مرجعيته الفكرية والايديولجية، لم يستطع ان يتجاهلها حتى الذين اختلفوا معه. ولو لم يفعل هيكل شيئا سواها، لكان هذا كافيا.
أما عن أبرز مواقفه السياسي’ فهو موقفه الرافض والمناهض، حتى آخر يوم، لاتفاقيات كامب ديفيد واخواتها من اتفاقيات التسوية (السلام) العربية الاسرائيلية، وموقفه الصحفى الشجاع من اتفاقيات فض الاشتباك الاول فى 18 يناير 1974، حين انفرد بنشر خرائطها فى الاهرام، وما تضمنته من قبول السادات بانسحاب القوات المصرية التى عبرت فى حرب أكتوبر واعادتها مرة أخرى الى غرب القناة، مقابل انسحاب القوات الاسرائيلية من الغرب الى سيناء وانهاء الثغرة، وهو ما كان سببا فى اقالته من رئاسة تحرير جريدة الاهرام فى 2 فبراير 1974، والتى كانت مقدمة لاعتقاله والتحفظ عليه مع 1576 معارضا فى سبتمبر 1981.
فيما عدا ذلك، قد يختلف أو يتفق معه الكثيرون، خاصة أنه فى غالبية سنوات عمره كان لصيقا أو قريبا من السلطة ومراكز صناعة القرار فيها، فيما عدا صداماته مع السادات، وبعض انتقاداته لمبارك. وهو ما أثار حفيظة عديد من الشخصيات وحركات المعارضة التى عانت من استبداد وحصار ومطاردة وعصف السلطة على امتداد العقود والعصور المتتالية، مما جعلها تنظر بعين الريبة لكل من يقترب من السلطة فى أى عصر، وكل من يصمت على إجراءاتها القمعية تجاه معارضيها. وهو النقد الذى ظل يوجه اليه حتى شهوره الأخيرة.
ولكن ورغم ذلك، يجب أن نعترف أن حسنين هيكل هو واحد من الشخصيات القليلة والنادرة التى استطاعت أن تحفر اسمها وتحقق مكانتها وتصنع تاريخها بعد مغادرتها لدوائر السلطة، بل أن أفضل مؤلفاته هى تلك التى كتبها ونشرها من موقعه خارج السلطة وبعيدا عن أروقتها.
ولا شك اننا سنفتقد إطلالاته الاعلامية، والتى كان يحرص فيها دائما على إعطاء تحليلات او تلميحات أو اشارات أو انتقادات خارج السياق العام وغير مألوفة، قادرة على الدوام على أن تلقى ببعض الاحجار فى المياه الراكدة، وأن تفتح وتثير الحوارات بين المتابعين اتفاقا أو اختلافا، تأييدا أو نقدا .
كما نفتقد معه جيلا كاملا من المفكرين والكتاب والصحفيين من أصحاب المشروعات والمؤلفات والمواقف الفكرية والسياسية الموسوعية والعميقة، بعد أن أصبح غالبية من يتصدرون المشهد اليوم دون ذلك بكثير.
*****

القاهرة فى 17 فبراير 2016

هناك تعليق واحد:

TheMeso999 يقول...

الله يرحمه والبقلء لله. هذا الرجل اثر علي كثيرا عندما كنت كنت مراهقا في العراق والذي عشت فيه اول حياتي, وكنت استمع الى مقالته بصراحة من الاذاعة. الرجل لديه قابلية مذهلة للتحليل والاستنتاج ولم اجدها لحد الان في غيره, ولذا لم اهتم باحد بعد ان كبرت..