الطائفية والاعتراف باسرائيل
• اعطى اعتراف مصر باسرائيل بموجب اتفاقيات كامب ديفيد ، الضوء الاخضر لكل الاطراف والقوى الطائفية فى المنطقة ، لتكرار نموذج الكيان الطائفى اليهودى الصهيونى ، بكيانات مماثلة ومشابهة ، قبطية او اسلامية او مارونية او شيعية او كردية او سنية او درزية او بربرية او زنجية ..الخ
• وعادة ما تبدأ هذه المشروعات بحالة من الاحتقان الطائفى ، تغذيها ممارسات خاطئة من كل الاطراف ، ويتطور الأمر الى حرب اهلية ، تتدخل خلالها الدول الاستعمارية الكبرى ، لتفرض حمايتها على الكيان الوليد الى ان يقف على قدميه ويتحول الى امر واقع .
• و تختلف العقبات امام نجاح وتمرير المشروع الطائفى من قطر الى آخر ، حسب عدد كبير من المعطيات ، فقد تكون المسألة اسهل فى لبنان او السودان ، وقد تحتاج الى التدخل العسكرى الامريكى فى حالة العراق ، وقد تتعثر طويلا فى بلد مثل مصر ، ولكنها دائما ذات الأجندة .
* * *
• قبل الاعتراف باسرائيل ، لم تكن فكرة تكرار المشروع الصهيونى مغرية لأحد ، فالمنطقة بأسرها تلفظه : ورغم مائة عام من الدعم الغربى ، ورغم الانحياز الكامل من عصبة الامم والامم المتحدة للمشروع ، ورغم التفوق العسكرى الكبير ، ورغم الانتصارات الحربية المتتالية ، ورغم اعمال القتل والابادة التى لم تتوقف ، نقول رغم كل ذلك ، الا ان المشروع الصهيونى ظل مشروعا خطرا على اصحابه ومهاجريه ومستوطنيه ، لان العالم العربى شعبا وارضا ظل يرفض التنازل عن ارضه ويرفض الاعتراف بمشروعية الاغتصاب الصهيونى ، وظل يقاتله جيلا بعد جيل .
• وهو ما وضع الكيان الصهيونى ومن فيه فى حالة خطر داهم ومستمر ، يهدد وجوده و يعوق الهجرات اليهودية الجديدة اليه ، بل ويشجع الهجرة المعاكسة ، ولكن وهو الاهم اصبح نموذجا لا يغرى أحدا لتكراره .
• ولذلك عندما طالب بن جوريون عام 1954 ، المارونيين فى لبنان بالانفصال وتاسيس دويلة مارونية تدعمها اسرائيل ، فشل فشلا ذريعا ، ولم يجد من يستجيب له ، فمن ذا الذى يزج بقومه فى اتون جحيم لا ينتهى من الحروب والصراعات . ومن ذا الذى يستبدل انتماء موضوعى وتاريخى الى امة عريقة ، باستقلال زائف وانفصال غير مضمون العواقب .
• فكانت كل الدعوات الطائفية تتكسر دائما على صخرة ، اننا شعب واحد عشنا معا فى وطننا المشترك قرونا طويلة ، . وليس امامنا من بديل الا ان نحل مشاكلنا وصراعاتنا معا فى اطار الامة الواحدة وداخلها .
* * *
• كان ذلك كذلك الى ان اعترف السادات باسرائيل وتبعه من تبعه من الفلسطينيين والعرب ، وتنازلوا للصهاينة عن 78 % من ارض فلسطين التاريخية ،عندئذ فقط انتبه كل الطائفيين فى المنطقة ، الى ان نموذج الدويلة الطائفية يمكن ان ينجح وان يمرر وان يلقى فى النهاية اعترافا ودعما من المجتمع الدولى ، بل من شعوب المنطقة ذاتها .
• و انه اذا كان اعتراف العرب باسرائيل ، جاء بعد قرن من الصراع والحروب ، فان الوضع فى حالة الكيانات الطائفية الجديدة سيكون ايسر واسرع .
• فهناك الآن اسرائيل ، القوة الاقليمية الاولى فى المنطقة ، تبارك وتدعم . وهناك المجتمع الدولى بقيادة الولايات المتحدة ، يبارك ويدعم ، وقد اصبح الآن اكثر خبرة فى كيفية تصميم وتنفيذ وانشاء مثل هذه الكيانات .
• وبالفعل ومنذ منتصف السبعينات وحتى الآن ، نشطت القوى الطائفية فى المنطقة بدعم صهيونى غربى كامل ، وأخذت خطط ومشروعات التفتيت والتقسيم تتداول سرا و علانية ، وكادت بعضها ان تحقق نجاحا كاملا كما بالعراق والسودان ، والبقية قد تأتى ، لاقدر الله ، ان لم نتصدى لجذور المسألة .
* * *
صحيح ان الطائفية هى ظاهرة مركبة ، وراءها عوامل كثيرة ومتعددة ، ولكن يأتى على رأسها الاعتراف العربى بمشروعية قيام دولة لليهود فى فلسطين تسمى دولة اسرائيل .
* * * * *
القاهرة فى 10 فبراير 2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق