محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
نقلت لنا وكالات الانباء فى الايام الماضية بضعة اخبار سارة عن انزال علم اسرائيل و اخلاء مقر سفارتها ، ونقل محتوياتها الى اسرائيل على متن طائرتين عسكريتين اسرائليتين ، لتتطهر سماء مصر لاول مرة منذ عام 1979 من العلم الصهيونى
كانت سفارتهم الاولى فى شارع محى الدين ابو العز بالمهندسين ، ثم انتقلوا الى مكانهم الحالى المطل على كوبرى الجامعة والذى مكثوا فيه لعقود طويلة .
ولطالما ناضلت ، الحركة الوطنية قبل الثورة على امتداد اكثر من 30 عاما ، من اجل طرد السفير او اغلاق السفارة بعد كل عدوان صهيونى على فلسطين او لبنان ، ولكن دائما ما كانت جهودها تبوء بالفشل على ايدى جناحى امن النظام : امن الدولة والامن المركزى
ولما قامت الثورة بدا للوهلة الاولى ان هواها مصرى داخلى بحت ، فلم تبرز اى شعارات معادية لامريكا ولاسرائيل الا فيما ندر ، الى ان قامت اسرائيل بعدوانها الاول بعد الثورة على غزة فى 7 ابريل 2011 واسقطت 17 شهيدا ، لتفاجأ ببضعة آلاف من متظاهرى التحرير يغيرون وجهتهم الى مقر السفارة بالجيزة ، ليتوقف العدوان فورا ، ويعود الشباب الى مواقعهم فى التحرير لاستكمال مهام الثورة .
ولكن لم تلبث اسرائيل ان قامت بعدوان جديد على جنودنا من حرس الحدود المصريين فيسقط خمسة شهداء منهم فى 18 اغسطس 2011 ، لتغضب مصر كلها وتطالب المجلس العسكرى وحكومة شرف بسحب سفيرنا او طرد سفيرهم او اغلاق السفارة او اى قرار يعيد لمصر ولو جزء صغير من كرامتها ، فتمتنع الادارة المصرية عن اى رد فعل ، فيعود الشباب الى كوبرى الجامعة ليفرضوا هذه المرة حصارا حول السفارة لعدة ايام ولا يتفرقوا الا مع هلول عيد الفطر المبارك ، ليفاجأوا ان محافظ الجيزة بتكليف من المجلس العسكرى قد استغل اجازة العيد فى بناء جدار خرسانى عازل حول منطقة السفارة ، فيعودون بعد العيد مباشرة الى السفارة لهدم الجدار ، وفى ليلة ملحمية ينجحون باستخدام وسائل بدائية فى هدم هذا الجدار وتسلق العقار لاسقاط علم اسرائيل ورفع علم فلسطين . ثم تتوالى الاحداث بتدخل قوات الامن ومحاولات اقتحام مديرية الامن من تلك العناصر المشبوهة التى تظهر على الدوام فى مسارح الاحداث لافساد التظاهرات وحرفها عن مسارها . ويتم اعلان حالة الطوارىء فى اليوم التالى و يسقط 3 شهداء من المتظاهرين ويعتقل العشرات منهم ويقدمون للمحاكمة .
وقتها خرجت غالبية وسائل الاعلام بحملات هجوم حادة على المتظاهرين وعلى هدم الجدار واقتحام السفارة ، وخرجت المصري اليوم بمانشيت كبير بعنوان (( الثورة تغسل يدها من موقعة السفارة )) .
فرغم انها كانت من اشرف القضايا التى تظاهرنا من اجلها بعد الثورة ، الا ان الجميع ظلمها وظلموا شبابها وتجاهلوا معتقليها الذين لم يجدوا اى دعم قانونى او حقوقى مماثل لما يتلقاه اى معتقل فى تظاهرات اخرى اقل شأنا وقيمة .
واليوم مع توالى الاخبار على اخلاء السفارة ونقل محتوياتها الى اسرائيل وليس الى مقر آخر بديل ، وانزال العلم والحديث على رفض الكثيرون تأجير مقر جديد للصهاينة .. نقول مع كل ذلك فان ابنائنا من الشباب يستحقون منا اليوم كل انواع رد الاعتبار . خاصة من جيل الآباء الذى عجز طوال حياته عن الاقتراب من هذه المنطقة المحرمة ولو فى وقفة سلمية ، نقدمها لهم شكرا وعرفانا باسم كل المصريين وعلى الاخص اهالى الشهداء الخمسة بل وكل شهداء فلسطين .
صحيح ان العلاقات المصرية الاسرائيلية لا تزال مستمرة ولم يتغير فيها شيئا على المستوى الرسمى ، والطريق لا يزال طويلا ، ولكننا بلا شك قد انتصرنا فى جولة السفارة بفضل هذا الشباب الوطنى البطل ، فشكرا لكم .
*****
القاهرة فى 24 مارس 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق