محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
160 ألف مصرى فقط يملكون 40 % من ثروة مصر
هذا ما ورد في تقرير التنمية البشرية العربية الصادر عن الأمم المتحدة عام 2007
مقابل 36 مليون مصرى يعيشون بأقل من 360 جنيه فى الشهر .
ليذكرونا بمقولة جان جاك روسو (( انى أرى بعين الخيال بلدا بأسره تحول الى أنقاض كلما رأيت قصرا جديدا يبنى فى العاصمة ))
* * *
هؤلاء هم الذين قاموا بتجريف مصر بتحالفهم مع النظام الساقط .
ثم كشفت التحقيقات بعد الثورة عن حجم فسادهم وإجرامهم .
وكيف قاموا بتكوين تشكيل عصابى طبقي لنهب ثروات البلد ومقدرات الناس الغلابة .
و ارتكبوا آلاف الجرائم من الكسب غير المشروع واستغلال السلطة والاستيلاء على المال العام و السرقة والنصب والاختلاس والغش والتدليس والتزوير والرشوة وغسل الأموال وخيانة الأمانات والتلاعب فى المزادات والمناقصات . بالإضافة الى الجريمة الكبرى المنصوص عليها صراحة فى المادة 98 (أ) من قانون العقوبات والتي تفرض عقوبة السجن المشدد على (( كل من أنشأ او أسس او نظم أو أدار جمعيات أو هيئات او منظمات ترمى إلى سيطرة طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات))
* * *
هؤلاء ، لا يوجد منهم فى السجون رغم مرور ثلاثة شهور على الثورة أكثر من 100 شخص !
فلقد تم القبض على المرتشين فقط
أما الراشين ، فلم يقترب أحدا منهم حتى الآن
ساعدتهم على ذلك سيطرتهم على المنابر الإعلامية من صحف وفضائيات
بالإضافة الى شبكة مجهولة من المصالح والعلاقات الداخلية والخارجية .
وقد بلغ جبروتهم أن قاموا بادعاء الثورية ومحاولة تصدر الصورة وركوب الثورة
وهم الذين لم يخرج نفرا واحدا منهم ليعارض النظام قبل سقوطه ولو بربع كلمة ،
بل كانوا حلفاءه وشركاءه على الدوام .
* * *
وبعد كل ذلك يأتى منهم من يطالب من أمثال نجيب ساويرس وأقرانه ، بالتصالح معهم حتى لا نخيف المستثمرين المصريين والعرب والأجانب . .
وقد كنا نتصور انها مجرد ثرثرة لن تؤثر ، ومطالبات لن تمر ، وان يوم حسابهم قريب لا محالة .
كنا نظن ذلك الى ان أعلن المجلس العسكرى فى يوم 16 مايو خلال ندوة "ثورة 25 يناير ـ آفاق النمو الاقتصادى" ، بدار هيئة الشئون المالية ، انه بصدد إصدار قانون مصالحة مع رجال الأعمال يتم إعداده حاليا ، لبث الثقة فى الاستثمار، وإبراء الذمة مع رجال الأعمال الذين تعاملوا مع الحكومة وقاموا بشراء أراضى وأقاموا مشروعات مع الحكومة .
* * *
وبالطبع تم التمهيد لهذا التوجه بعشرات الأخبار والتقارير التى أخذت تنهمر علينا فى الأيام والأسابيع الماضية عن تدهور الاقتصاد المصرى واقترابه من منطقة الخطر وخسارة البورصة و تأثر السياحة و هروب الاستثمارات ، وانخفاض الاحتياطي من النقد الاجنبى ...الخ
كل ذلك من أجل تمهيد الرأى العام الطيب ليتقبل المصالحة مع سارقيه ، ويقول عفا الله عما سلف ، ولنبدأ صفحة جديدة .
* * *
ساعد على ذلك أيضا أن الكثيرين بعد الثورة قد تجنبوا تماما أي حديث جاد عن طبقة رجال الأعمال واكتفوا بالتصدي لبضعة حالات فردية بخطاب إعلامي صاخب و مضلل .
وقد يكمن سر هذا التجاهل المتعمد فى نفوذ رجال الأعمال وتمويلاتهم .
وربما بسبب الحماية الأمريكية والدولية لهم .
او ربما بسبب الانشغال بالمعارك الخطأ بين المسلمين والمسيحيين أو بين الليبرالي والاسلامى .
او بسبب عدم الرغبة فى إغضاب القنوات الفضائية والصحف المشهورة ، تجنبا للطرد من جنتها ، وكلها تحت سيطرة رجال الأعمال أعضاء نادى الـ 160 الف .
* * *
ولكن فى جميع الأحوال يجب أن نتذكر دائما أن نظام مبارك كان له ثلاثة مرتكزات رئيسية ، ان لم نهدمها جميعا ضاعت ثورتنا :
1) الأولى هى سيطرة رجال الأعمال على الثروة والحكم والمجتمع .
2) و الثانية هى سيطرة الأمريكان على مصر
3) و الثالثة هى إجبارنا على إخلاء ثلثى سيناء من السلاح ، وتهديدنا المستمر بإعادة احتلالها مرة أخرى ، لإخضاع إرادتنا وتوجيه سياستنا الداخلية والخارجية فى كل صغيرة وكبيرة .
* * *
واستمرار أى من هذه المرتكزات سيجعل منا مجرد نسخة معدلة من نظام مبارك .
* * *
وعليه فانه يتوجب علينا أن نرفض المصالحة مع سارقى مصر و أن نقاوم القانون قبل إصداره و أن نطالب بالتعجيل بفتح ملفات الآلاف من رجال الأعمال الفاسدين ، حتى ينالوا عقابهم ، وحتى نجنب الثورة شرورهم .
* * * * *
القاهرة فى 19 مايو 2011
هناك تعليق واحد:
إرسال تعليق