بحث فى المدونة

الأحد، 10 يوليو 2011

احذروا الحوار مع الأمريكان ، فهو كمين

محمد سيف الدولة

Seif_eldawla@hotmail.com


أود أن أتناول هذه المسألة على محورين : الأول هو تذكير بحقيقة الأمريكان . والثاني هو أهدافهم من الدعوة إلى هذا الحوار
* * *

أولا ـ نعلم جميعا أن أمريكا قوة عظمى ، يصعب على الكثيرين تجاهلها أو رفض الحوار معها .

ولكنها تظل قبل ذلك وبعده عدونا الأول و الرئيسي :

• فهى التى قامت بتصنيع النظام المصري الساقط طوبة طوبة منذ 1974 حتى الآن

• وهى التى حرضت و ساعدت إسرائيل على احتلال سيناء عام 1967

• وهى التى منعت مجلس الأمن بعد النكسة من إصدار قرار يقضى بجلاء قوات الاحتلال من أراضينا وفقا لميثاق الأمم المتحدة التى يحظر احتلال أراض الغير بالقوة .

• وبدلا من ذلك عملت على إصدار القرار الباطل رقم 242 الذى يربط الانسحاب بشرط الاعتراف بإسرائيل ، او بالأصح بالتنازل عن فلسطين لليهود الصهاينة

• فلما قررنا مواصلة القتال لتحرير أرضنا المحتلة ، وقمنا بمعركتنا الكبرى فى أكتوبر 1973، قام الأمريكان بالتدخل مرة أخرى للحيلولة دون اكتمال النصر ، فدخلوا الحرب ضدنا ، و مدوا العدو الصهيوني بجسر جوى من الأسلحة ، وخططوا ونفذوا معه ثغرة الدفرسوار ، ثم أصروا على انسحاب قواتنا الى أماكنها الأولى قبل العبور ، مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية .

• ثم اخضعوا النظام وأرغموه بالتواطؤ و بالإكراه على توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل ، قاموا فيها بتجريد 2/3 سيناء من القوات والسلاح

• ثم قاموا بزرع قواتهم هناك بدلا من القوات الإسرائيلية تحت مسمى قوات متعددة الجنسية ، فخرجت إسرائيل ودخلت أمريكا ، وهم هناك الآن .

• ثم استكملوا خطوات القضاء على مصر الوطنية المستقلة ، مصر المقاتلة ، بالعمل على ضرب اقتصادنا الوطني وبيع القطاع العام الذى كان يدعم المجهود الحربى ، واستبداله باقتصاد تابع سيطروا عليه هم وأتباعهم من رجال الأعمال ، وهو الاقتصاد السائد فى مصر الآن ، حتى بعد الثورة .

• ثم اتفقوا مع النظام الساقط على ضرورة حظر أى تيار سياسي لا يعترف بإسرائيل ويرفض التفريط فى السيادة الوطنية ، وحرمانه من المشاركة فى العمل السياسي ، والعمل على تصفيته والقضاء عليه .

• وقاموا من أجل ذلك بالعدوان على كافة القوى الوطنية المصرية ، وعلى رأسها الإخوان المسلمون أنفسهم الذين طاردهم النظام المصري لسنوات طويلة وزج بهم فى السجون وقدمهم إلى المحاكمات العسكرية . وكله بأمر الأمريكان .

• وبعد ثورتنا المجيدة ، لم يتوقف شرهم ، بل أخذوا يحرضون الإدارة المصرية الحالية على الحيلولة دون وصول التيار الاسلامى أو أى تيار معاد لأمريكا ، للحكم لما يمثله من خطر على إسرائيل وعلى المصالح الأمريكية . وأخذوا يغدقون الأموال والمساعدات على عدد من الشخصيات والمنظمات من أجل خلق بديل مقبول لديهم .

• ناهيك عن سيل الاعتداءات والشرور والأضرار التي تطول الأمة منذ عقود طويلة على أيدى الأمريكان فى فلسطين و العراق والسودان والصومال ولبنان وأفغانستان من احتلال وتبعية ونهب للثروات وتخريب للاقتصاد وتقسيم للأوطان وزرع الفتن الطائفية وتمويل الحروب الأهلية وتدخل فى الشئون الداخلية....الخ ، الخ ، الخ

* * *

لكل ذلك ومثله الكثير يجب الامتناع عن الحوار مع الأمريكان ، بل يجب أن يكون خطابنا وحركتنا السياسية الرئيسية فى مواجهتهم وفى مواجهة مشروعهم وفى مواجهة تدخلاتهم لاحتواء ثورتنا .

* * *

ثانيا ـ ما هى أهداف الأمريكان من هذا الحوار ؟

أظن أنه يمكن تحديد أهمها فى الآتى :

1) هدف عاجل وخبيث يتمثل فى إزالة الآثار السلبية الناتجة عن تصريح السفيرة الامريكية الجديدة (آن باترسون) الذى ذكرت فيه أن هناك 600 منظمة مصرية طلبت دعما أمريكيا

وهو التصريح الذى أثار حالة من الغضب والاستياء والرفض الوطنى لدى معظم القوى السياسية .

وكاد هذا الغضب ان يترجم الى قرارات ذات شأن يمكن ان تضع حدا للعربدة التى تقوم بها الأجهزة الأمريكية على الأرض المصرية

ولذا جاء الإعلان عن الحوار مع الإخوان ، لإسكات أصوات الغاضبين ، فها هى أكبر قوة سياسية فى البلد تقبل الحوار مع الأمريكان فلماذا لا يفعل الآخرون مثلها ؟

فمثل هذا الحوار سيؤدى الى تبييض وجه رجال الأمريكان فى مصر ، و سيفتح الأبواب على مصراعيها لعديد من الأطراف الأخرى فى التواصل مع الأمريكان بلا حرج وبلا تعقيب .

وان لنا فى ذلك سابقة مبدئية أصيلة ، حين توافقت كل القوى الوطنية العربية على رفض زيارة فلسطين بتأشيرة إسرائيلية ، حتى لو كان الزائرون من الأخيار والمناضلين ، لان فى ذلك إعطاء ذريعة للأشرار العرب أن يطبعوا مع العدو على قدم وساق

* * *

2) الهدف الثانى قد يكون بمثابة (كمين) امريكانى محترم ومقلب من الوزن الثقيل للجماعة يهدف الى إضعاف شرعيتها وشعبيتها الوطنية لدى قطاعات كبيرة من الشخصيات والقوى والناس العادية التى عرفتها مجاهدة ضد المشروع الامريكى الصهيونى على امتداد عقود طويلة .

كما ان الحوار سيقدم على طبق من فضة مادة جديدة لمتعهدى الحملات السياسية والإعلامية ضد التيار الاسلامى ، وهو الأمر الذى بدأ بالفعل بمجرد إعلان كلينتون عن رغبتها فى الحوار .

ورغم ثقتنا فى صلابة المواقف الوطنية للإخوان ، إلا أن الحوار مع الأمريكان سيؤدى الى إثارة الريبة والشك لدى عدد من القوى السياسية الأخرى فى أن هناك صفقة ما قد تمت ، فتنشق الصفوف أو تزداد انشقاقا ، وسيفسر أى نجاح قادم للجماعة ، أن وراءه صفقة أو تواطؤ ثلاثى : امريكى عسكري اخوانى .

ولا زلنا نتذكر كيف أدى اختيار صبحي صالح فى لجنة التعديلات الدستورية الى اتهام لم ينقطع بوجود تواطؤ بين الجيش والجماعة . فما بالنا حين تدخل أمريكا على الخط ؟

* * *

3) الهدف الثالث هو جس النبض والتعرف على نوايا الجماعة مبكرا مبكرا ، بحيث لو ثبت انها لا تزال تتمسك بمواقفها الجذرية من دعم المقاومة و رفض الاعتراف بإسرائيل ، فسيكون على الإدارة الأمريكية ان تعتمد خطة ضغط فورية على الإدارة المصرية ضدها ، بدلا من الانتظار الى ما بعد الانتخابات ، فالضغط الآن أسهل وأضمن .

فلماذا نمنح عدونا مزايا هذا الاستطلاع المبكر ، ونمكنه من أخذ زمام المبادرة ؟!!

* * *

4) الهدف الرابع هو محاولة الضغط لتغيير الموقف من فلسطين واسرائيل وكامب ديفيد ، وهو الضغط الذي تجيده أمريكا بشدة ، والذي نجحت من خلاله فى تحقيق انجازات باهرة مع نظام السادات ومبارك ومنظمة التحرير الفلسطينية وغيرهم ، الى الدرجة التي أصبح لدينا عقدة دفينة من أن أي تواصل مع الأمريكان سينتهي حتما بمزيد من التنازلات العربية .

فالعكس مستحيل ، فلم يحدث أبدا أن تراجعوا هم أو قدموا لنا أى تنازلات ، منذ وعينا أن هناك بلدا تسمى أمريكا .

* * *

ولكن والأهم والأخطر من كل ما سبق هو ان الحوار سيرسى قاعدة باطلة و خطيرة ، لطالما قاومناها ، وهى أن على من يريد أن يشارك فى حكم مصر ، أن يتفاهم مع الأمريكان أولا ، ويحصل على مباركتهم .

* * *

وفقكم الله وسدد خطاكم

* * * * *



القاهرة فى 7 يوليو 2011

هناك تعليقان (2):

Dr. ra2ed يقول...

المشروع الامريكى الصهيونى فى المنطقة يسير بخطى سريعة جدا ولابد من مناهضته بكل قوة ولسنا بحاجة الى ان يقع اخواننا المسلمين فى ذلك الشرك المنصوب لهم بمهنيه عالية فى السياسة الدولية وكفانا تجاهل لهذا المشروع الامريكى الصهيونى المدمر للمنطقة العربية كلها وكفانا صياح وشعارات ومسميات فارغة المضمون فإن قطار الصهيونية يسير بسرعة وقد وصل الى المحطة التى تسبقنا مباشرة فقد رأينا بأم اعيننا السودانيين الجنوبيين بعد الاستقلال !!! عن السودان العربى يرفعون العلم الاسرائيلى مرفرفا بارض كانت من الاراضى العربية حتى يوم 9/7/2001 فلابد ان نستيقظ قبل ان يصل قطار الصهيونية الى صعيد مصر ليعلنها دولة قبطية مستقلة او ضم حلايب وشلاتين الى شمال السودان بينما المصريين مازالوا يتجادلون حول الدستور اولا ام الانتخابات اولا ويتحول ثوار التحرير الى الثوار الجدد ذوى النظرة الضيقة فتكون مطالبهم مجرد العيش بحرية فى بلادهم دون النظر لعمق المشروع الامريكى الصهيونى المعلن بأنه بحلول عام 2025 سيكون بامكان الامريكان تدمير اى بلد باكمله بضغطة زر واحد من خلال مشروعهم المسمى HAARP للتحكم فى المناخ بحيث يتم توجيه عواصف واعاصير الى البلد الذى يفكر بالخروج عن الحظيرة الصهيونية وحينها يتم اعلان مملكة اسرائيل الكبرى

almajedh يقول...

الرائد لايكذب أهله وقد بينت أستاذنا وأعذرت ، فجزيت كل الخير,,وإن أمريكا لن يغمض لها طرف حتى يكون لها موضع قدم في تحديد مسارات ثورتنا، وإفشال هذا لن يكون إلا بوعي نخبة الحكم القادمة ، والتي ينبغي أن تكون متحللة من عقلية التماهي مع الواقع والتفكير بمنطق الأمس لامنطق اليوم والغد ، الذي يبدأ فيه البناء لاستعادة دور حضاري عملت أمريكا على تطويع أمتنا من أجل قرن قادم بلاإسلام ، المؤامرة لاتزال مستمرة ولن تتوقف إلا وفقا لتحقيق توازن قوى ومصالح بيننا وبينها فهل تعي نخب الحكم في عهد الحرية قيمة استقلال القرار بعيدا عن المرور عبر أمريكا وإسرائيل ؟ تحياتي لك أستاذنا وكل تقديري