بحث فى المدونة

الأحد، 4 مارس 2012

لا جديد ، فلا تزال امريكا تحكم مصر

محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

امرت الولايات المتحدة المجلس العسكرى بالسماح بسفر المتهمين الامريكان ، فقام بدوره بتكليف المستشار عبد المعز ابراهيم بالغاء قرار منعهم من السفر ، الذى كلف بدوره دائرة قضائية جديدة بهذا الامر ، فاصدرت القرار المطلوب بعد ان تنحت دائرة المستشار محمد شكرى عن نظر القضية . وفى بضع ساعات تم تهريب المتهمين من مصر على متن طائرة عسكرية امريكية وسط ذهول وصدمة جموع المصريين الذين شاهدوا كرامتهم تمتهن امام اعينهم فى وضح النهار .

***

ولم تكن هذه هى السابقة الاولى بعد الثورة فلقد عشنا مواقف مشابهة من قبل مثل الصمت امام جريمة قتل جنودنا على الحدود ، ومثل الموقف من قرض صندوق النقد ، ومثل سيل التطمينات المهينة التى قدمها الجميع لوفود التفتيش الامريكية عن التزامنا بذات المعاهدات والسياسات التى انتهجها نظام مبارك.

***

ولكن الازمة الاخيرة كشفت للراى العام المصرى ، كثيرا من المستور عن حقيقة العلاقات المصرية الامريكية التى حاول الجميع تجاهلها او تجنب الخوض فيها منذ بداية الثورة : كشفت ان امريكا لا تزال فوق الجميع ، فوق مصر والمصريين وفوق الثورة والثوار وفوق الدستور والقانون ، وفوق السلطة التنفيذية ، ان لم تكن هى السلطة التنفيذية الفعلية فى البلاد . و فوق السلطة التشريعية التى التزمت الصمت تماما فى الازمة الاخيرة . وفوق السلطة القضائية الضحية الاولى فى هذه الازمة .

ولو اردنا التعبير عن حقيقة هذه العلاقات فى صيغ دستورية لكتبنا ان مصر جزء من الشرق الاوسط الجديد وليست جزء من الامة العربية . وان امن مصر القومى جزء لا يتجزا من الامن القومى الامريكى . وان الشريعة الاسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع فيما لا يخالف المصالح الامريكية . وان السيادة للشعب المصرى بما لا يتعارض مع السيادة العليا للولايات المتحدة الامريكية . وان نظام مصر الاقتصادى هو النظام الذى ترتضيه وتختاره لنا الولايات المتحدة وفقا لتوصيات صندوق النقد الدولى. وان على الشعب دعم الصناعة الوطنية بما لا يضر بالصناعة الامريكية على شاكلة فلتشترى المنتج المصرى ان لم تجد المنتج الامريكى . وهكذا..

وهذا ليس كلاما مجازيا او نوع من المبالغة او التضخيم للامور او التطرف فى تناولها ، ولكنه للاسف حقيقة الامور على ارض الواقع .

***

وما زاد الازمة اشتعالا هو فضح العلاقة غير الشرعية بين المجلس العسكرى والقضاء . فلقد اكتشفنا انه لايزال قادرا على اللعب و التدخل والتوجيه والسيطرة داخل اروقته . وهو ما اثار الشك فورا فى حجم التدخلات التى تمت منذ بداية الثورة ، سواء فى محاكمة مبارك ورجاله أو فى محاكمة قتلة الثوار. او فى تقرير من الذى يحاكَم ، ومتى ، وعلى اى تهم ، وطبيعة العقوبة او البراءة التى يقررها لكل متهم .

ولكن الاخطر من كل ذلك هو العصف بثقة المصريين فى نزاهة الانتخابات البرلمانية الاخيرة التى تمت تحت اشراف لجنة رأسها المستشار عبد المعز ابراهيم صاحب قرار تهريب الامريكان ، وهو ما سيلقى ايضا بظلالا كبيرة من الشك على نزاهة الانتخابات الرئاسية القادمة.

***

ان الطائرة العسكرية الامريكية التى غادرت مصر مساء الخميس الحزين لم تذهب فقط بالمتهمين الامريكان ، بل ذهبت بمزيد من كرامتنا الوطنية وسيادتنا الشعبية . وذهبت بثقتنا فى قضاء مصر بعد الثورة . وذهبت بثقتنا فى شرعية برلمان الثورة وبثقتنا فى شرعية رئيسنا القادم . وقطعت شعرة معاوية الاخيرة مع المجلس العسكرى . واخيرا ذهبت باوهام كل من كان يتصور بان مصر بلدا مستقلا يمكن النهوض بها بدون الاصطدام مع الولايات المتحدة الامريكية .

*****

القاهرة فى 2 مارس 2012


هناك تعليق واحد:

lamya ahmed يقول...

للاسف لا يزال هناك خونه لبلدهم واصلهم ولا يزالوا تحت امرة امريكا واوامرها هذا الشيء الذي يجعل البلاد العربيه ضعيفه ومذلوله لهم انه شيء مخزي وعار علينا نحن العرب