بحث فى المدونة

الأحد، 5 ديسمبر 2010

فى أهداف التزوير الشامل الكامل

محمد سيف الدولة

Seif_eldawla@hotmail.com

يعلم الجميع أن مبدأ التزوير هو ركن أصيل فى النظام السياسي المصري منذ عقود طويلة .

وتتواءم المعارضة مع هذه الحقيقة رغما عن أنفها .

فللحكومة فى كل دورة ما يقرب من 350 مقعدا أو يزيد .

تأخذهم بطريقتها .

والباقي يقبل الأخذ والعطاء .

وعلى هذا الأساس تدور وتدار الانتخابات كل خمس سنوات ، بمشاركة و إذعان الجميع .

فما الجديد هذه المرة ؟

الجديد هو حالة التزوير الشامل الكامل ، على وجه لم يحدث منذ انتخابات 1979 التى تمت بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد وحل مجلس 1976.

تزوير فى كل الدوائر ، ضد كل الأطراف والقوى والشخصيات والأحزاب .

تزوير لم يستثن أحدا .

تزوير يحصد 99 % من مقاعد المجلس .

وهو ما يستدعى منا التوقف قليلا لفهم الحكاية ، ولماذا قرروا أن يفعلوها هكذا ؟

* * *

فى ذلك أتصور انه يمكن تحديد أهدافهم ونواياهم هذه المرة فيما يلى :

1) ضمان ترشيح رئاسى مريح وآمن للرئيس مبارك فيما لو أمد الله فى عمره .

• وضمان احتياطي لترشيح مريح و آمن للابن الوريث فيما لو حدثت مفاجآت صحية للأب الرئيس .

• وكذلك ضمان انتقال و تسليم هادئ للسلطة فيما لو أصاب الرئيس أى سوء بعد التجديد له .

* * *

2) التخلص من باقى آثار المرحلة الماضية التى بدأت باحتلال العراق وما سببه من تفجير طاقات غضب ورفض كبيرة ، تزامنت مع الضغوط الأمريكية لإدارة بوش على النظام لتقديم بعض التنازلات الديمقراطية الداخلية ، كان على رأسها تخفيف حدة التزوير فى انتخابات 2005 ، مما أسفر مع عوامل أخرى عن :

• سيطرة المعارضة على ما يقرب من ربع مقاعد البرلمان لأول مرة منذ زمن بعيد .

• و تنامى وصعود قوة وتأثير الإخوان المسلمين .

• و ميلاد عدد من حركات التغيير الأكثر جرأة فى معارضة النظام .

• بالإضافة الى ظهور حركات احتجاج شعبية مطلبية فى الشارع لأول مرة.

• كما أسفر بشكل عام عن رواج غير مسبوق لخطاب معارض معادى للنظام فى معظم الأروقة السياسية والإعلامية والثقافية .

• وكلها أمور لم يكن من الممكن أن يسمح بها النظام فى الظروف العادية ، وقد آن الأوان لإعادة الأمور الى ما كانت عليه طبقا للأمر العسكري الشهير (((كما كنت )))

و الفرصة الآن سانحة فى ظل إدارة أوباما التى لا تضغط على النظام بما فيه الكفاية ، بسبب التنسيق معه فى قضايا أهم . و بسبب الخوف من نجاح التيار الاسلامى المعادى للغرب .

كما يتوجب انجاز هذه المهمة قبل انتهاء مدة هذه الادارة ، وعودة المحافظين الجدد المحتملة برذالتهم وضغوطهم وأوامرهم التى يجب أن تطاع .

على ان تكون تصفية المعارضة من البرلمان هى مقدمة لحملات أخرى متوقعة لتصفية باقى آثار المرحلة الماضية فى الساحات الإعلامية والسياسية والشعبية ، ومطاردة فلول المعارضين .

وكل ذلك سيتطلب سياسة جريئة و قاسية و عنيفة ، بسبب الصعوبات المعتادة فى إلغاء اى حقوق مكتسبة ومستقرة .

فلابد منذ البداية من ذبح بضعة قطط للمعارضة ، وأول قطة هى طردها من البرلمان .

* * *

3) ومن أهداف التزوير أيضا تخفيف حدة المعارضة تحت القبة ، لتخفيف حجم الأعباء والجهود التى كانت تبذل للتصدى لها .

* * *

4) و فتح الباب لرجال الأعمال والنظام لاستعادة حريتهم الكاملة فى تمرير ما يرغبون فيه من تشريعات وسياسات تخدم مصالحهم بدون تعقيب ولا معقبين ولا ضوضاء سياسى أو اعلامى .

* * *

5) ثم انه استعراض مفيد للقوة أمام الخارج ، يُظهر أن النظام فى كامل لياقته وقادر على فرض سيطرته الكاملة على كل صغيرة وكبيرة فى البلد .

مع الإدعاء بضآلة و ضعف كل حركات وجماعات الإصلاح والتغيير التى ظهرت فى الفترة الأخيرة بما فيها الإخوان ، وان لا حول لهم ولا قوة أمام جبروت النظام وقوته ، وهو ما يحمل رسالة ضمنية او صريحة للخارج بأن يكف عن تقديم أى دعم للمعارضة أو الرهان على أي منها ، وان يدرك أن مصلحته الكاملة مع النظام الحالى ورجالاته .

* * *

6) بالإضافة الى ذلك فان التزوير الشامل يساعد النظام على توزيع أكبر عدد من المقاعد على رجاله وأنصاره الكثيرين ، كهبات و إقطاعيات لضمان الولاء ، وتبادل المصالح ، والحفاظ على تماسك الحلف الحاكم والمسيطر ، وربما أيضا لتحصيل مقابل شراء المقاعد البرلمانية بأموال طائلة . وحيث أن عدد مقاعد المجلس محدودة ، فانه يجب عدم التفريط فى أى منها لهذا المعارض أو ذاك ، فهو هدر للإمكانيات المتاحة ، وتنازل بلا مقابل .

* * *

7) و بالإضافة الى ذلك فان إسقاط المعارضة له فوائد أمنية جمة مثل تجريدها من الحصانات القانونية لمقرات نوابها البرلمانيين ، التى كان لها دور كبير فى الخمس سنوات الماضية فى تفعيل الحراك السياسى والشعبى .

* * *

8) وأيضا التمكن من القيام بحملة متوقعة من الثأر و الـتأديب ، لكل من تجرأ فى الدورة البرلمانية السابقة فى التصدي للحكومة والحزب ورجالهم ، حتى يتعظ الآخرين فى المرات القادمة . حملات على وزن حملة أيمن نور بعد انتخابات الرئاسة أو الأحكام العسكرية لخيرت الشاطر وإخوانه .

* * *

9) وأتصور أن أصحاب قرار التزوير الشامل الكامل لم يعبأوا بردود الفعل المتوقعة خارجيا وداخليا لعدة أسباب : أولها أنه يعلمون جيدا الأجندة الحقيقية للأمريكان ويعلمون دورهم فيها . والثانى التقارير الأمنية التى تطمئنهم على أن كل الأمور تحت السيطرة . والثالث هو أن الإصلاح السياسي هو قضية نُخبَوية الى حد كبير لا تهم معظم المواطنين الغارقين فى همومهم المعيشية . والرابع هو الجبروت المسيطر عليهم واستخفافهم بكل من عداهم .

* * *

كان ما سبق هو حديث عن بعض أهداف النظام من التزوير الشامل الكامل للانتخابات الأخيرة .

والخطوة التالية الواجبة يجب ان تكون هى الحديث عما تنويه القوى الوطنية الشريفة فى الأيام القادمة .

* * * * *

القاهرة فى 2 ديسمبر 2010



ليست هناك تعليقات: