بقلم / محمد سيف الدولة
اصبحت اسرائيل وامنها هى الهدف والغاية الرئيسيين التى يجب على كل حى فى وطننا العربى ان يعمل من اجلها ويسبح بها ليل نهار .
اما طوعا او جبرا .
فالعربى الصالح هو العربى الذى يعترف باسرائيل .
وامن اسرائيل هو المعنى المقصود من شعار السلام المرفوع الآن
فعندما يقال ان السلام خيار استراتيجى ، يكون المعنى ان امن اسرائيل خيار استراتيجى وانه الاساس لاى استقرار فى المنطقة
ان هذا الامن هو القاعدة الوحيدة الحاكمة لسياسة الولايات المتحدة فى ادارتها للصراع العربى الصهيونى منذ عقود طويلة ، والحفاظ عليه هو التزام مقدس لكل الرؤساء والادارات الامريكية
حقها فى تجميد القوانين والمواثيق والقرارات الدولية اذا تناقضت مع ارادتها وسياستها
ومن اجله خطفت مصر من عالمها العربى والاسلامى بعد حرب 1973 واعيد صياغتها على كل الاصعدة على مقاس امن اسرائيل :
فتم نزع سلاح سيناء وحرمت القوات المسلحة المصرية من الاقتراب من الحدود المصرية الفلسطينية
و احتفظوا لاسرائيل بالتفوق العسكرى على مصر من خلال المعونة الامريكية التى تطبق قاعدة 2: 3 فى اى دعم عسكرى للطرفين . هذا فيما عدا اشكال الدعم الاخرى لها ، المعلن عنها والمحجوب .
و جعلوا لمعاهدتنا مع اسرائيل الاولوية على اتفاقية الدفاع العربى المشترك ، وحظر علينا الدخول فى اى التزامات جديدة تتناقض مع المعاهدة المذكورة .
وحرمت مصر من التسلح النووى فى وقت تملك فيه اسرائيل 400 راس نووى
وتم بيع القطاع العام لانه نجح فى دعم المجهود الحربى بعد حرب 1967
وصنعت باموال المعونة الامريكية طبقة رسمالية مصرية موالية لامريكا واسرائيل لتامين الجبهة الداخلية من المتطرفين امثالنا .
ووقعت اتفاقيات الكويز والبترول والغاز
وحرمت القوى الوطنية الرافضة للاعتراف باسرائيل من ممارسة العمل السياسى ، و حوصرت وطوردت
ومن اجل امن اسرائيل اغلق معبر رفح فى وجه الشعب الفلسطينى
ومنعت القوافل الشعبية المناصرة لفلسطين من الدخول الى سيناء او الاقتراب منها
ومنع التظاهر فى الشارع المصرى ضد اسرائيل
ووقعت مصر اتفاقية فيلادلفيا عام 2005 لتامين حدود غزة على الطريقة الاسرائيلية
واستجابت الحكومة المصرية للضغوط الامريكية الوقحة بشأن الحدود والانفاق
باختصار لقد تم صياغة نظمنا السياسية والاقتصادية والثقافية ، وطرق معيشنا وحياتنا من اجل غرض واحد هو حماية اسرائيل من خطر مصر الذى ظهر فى حرب 1973
وفى جبهة الصراع الفلسطينى الصهيونى فعلوا مثل هذا واكثر :
فاجتيحت بيروت عام 1982 وتم طرد ونفى القوات الفلسطينية من لبنان لتهديدها لامن اسرائيل
ووقعت اتفاقيات اوسلو 1993 لهذا الغرض ، و اصبحت الغاية الرئيسية للاتفاق هو القضاء على ما اسمته اسرائيل بالبنية التحتية للارهاب ، وكان هذا هو التفسير المنطقى الوحيد لقبول اسرائيل باعادة الاطراف الفلسطينية التى طردتها من لبنان عام 1982 الى الضفة وغزة الاقرب اليها والاخطر عليها
وعندما اخل ابو عمار بالاتفاق حوصر وقتل وعمدوا بدلا منه ابو مازن.
ثم انتقلوا الى غزة فحاصروها واجاعوها لاخضاعها وارغامها على الكف عن تهديد امن اسرائيل
ولما صمدت قرروا ابادتها
ولكن ما هو امن اسرائيل :
هو حقها فى الاحتفاظ بما اغتصبته من فلسطين 1948
وحقها فى استلاب كل ما تريده من باقى فلسطين فى اى وقت تشاء
حقها فى تهويد القدس وتغيير معالمها وتفريغها من المواطنين العرب
حقها فى ان تمارس عنصريتها على عرب 1948 الذين تعاملهم كمواطنين من الدرجة الثالثة وتحرمهم ابسط حقوق المواطنة
حقها ان تجلب اى يهودى فى العالم الى فلسطين وتحرم اصحاب الارض الحقيقيين من حق العودة
حقها فى بناء اى مستوطنات اسرائيلية جديدة وفى بناء جدر عازلة تحول الاراضى الفلسطينية الى معازل بشرية
حقها فى تجريد الضفة وغزة من ابسط مقومات السيادة والدفاع عن النفس
حقها فى التحكم فى المعابر والحدود والمياه وفى المطارات والموانى والطرق الرئيسية
حقها فى تجريف الارض الزراعية وهدم المنازل وانتزاع اشجار الزيتون .
حقها فى العدوان والغزو على الضفة وغزة ولبنان وسوريا والعراق فى اى وقت تشاء
حقها فى الاحتفاظ بتفوقها العسكرى على كل البلاد العربية والاسلامية مجتمعة
حقها فى التآمر على الامن القومى للدول العربية وخلق الفتن والحروب الاهلية والنزعات الانفصالية .
حقها فى كل الدعم الممكن من امريكا و الامم المتحدة وكل الشرعيات الدولية
حقها فى صياغة المواقف الرسمية العربية وملاحقة اى طرف عربى متمرد
حقها فى تجميد القوانين والمواثيق والقرارات الدولية اذا تناقضت مع ارادتها وسياستها
حقها فى الابادة والقتل والاغتيال والاعتقال والنفى والتجويع والحصار
نقول ان امن اسرائيل يعنى حقها ان تفعل كل ذلك بدون اى عقاب او تعقيب من اى طرف عربى والا كان حسابه عسيرا .
ولقد ظل كل هذا محجوبا عن العامة من الناس الى ان فضحه العدوان الصهيونى الحالى على غزة ، فاذا بالشارع العربى يدرك مصدوما حقيقة ما ضاع من امننا وكبريائنا الوطنى والقومى لصالح اسرائيل و امنها .
وهو اذ يعبرالان عن غضبه بتلقائية وعفوية ، ولكن بعد ان تتوقف المعارك وينجلى ترابها وايا كانت نتيجتها ستكون له حسابات اخرى مع ما اهدر من امننا ومع من اهدروه .
* * *
القاهرة فى 8 يناير 2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق