محمد سيف الدولة
فى أهرام الاثنين 6 ديسمبر الجارى ، كتب د/عبد المنعم سعيد بنفسه إعلانا تسجيليا للدعاية لأمانة التنظيم بالحزب الوطنى فى صيغة مقال أعطاه عنوانا ((صيد سمكة القرش)) .
استلهم فيه الحوادث الأخيرة التى تمت فى شرم الشيخ والشبيهة بالفيلم الأمريكى الشهير (الفك المفترس) التى تدور حول سمكة القرش الشريرة التى تهدد مدينة آمنة وتتسبب فى قتل وجرح عدد من السياح .
وكيف قام فريق من المنقذين الطيبين الشجعان المهرة باصطيادها وقتلها لتخليص الناس من شرورها ، وإعادة الأمان المفقود الى المجتمع .
* * *
استلهم السعيد ذلك وقام بإسقاطه على الانتخابات الأخيرة :
• فالإخوان هم سمكة القرش .
• و أمانة تنظيم الحزب الوطنى هى أولئك الأبطال الشجعان الطيبين المهرة .
• أما العمل البطولى الذى قاموا به فهو إسقاط الاخوان .
• وسر نجاحهم كما هو وارد فى (المقال/ الإعلان) لم يكن هو التزوير بالطبع .
• وانما هو حسن الادارة والتنظيم .
• وأضاف السعيد كالمعتاد بعض التحابيش التحليلية لمحاولة إضفاء الطابع العلمى على الكلام .
* * *
كانت هذه هى خلاصة المقال الذى لا يمكن أن يمر بدون تعقيب لما فيه من مغالطات صريحة ومغرضة :
• فهو أولا يفتقد للحياد و الموضوعية من حيث انه مجرد إعلان دعائي مثل عشرات الإعلانات الأخرى التى تنشرها الأهرام يوميا لشركات الحديد والسيراميك وغيرها .
• وهو إعلان خال من أى اجتهاد أو إضافة ، فهو يكاد يكون نسخة طبق الأصل (قص ولصق) من تصريح أحمد عز أمين التنظيم بعد الانتخابات مباشرة ، حين طلب أن يكون المانشيت الرئيسى لانتخابات 2010 هو " نجاح الحزب الوطنى فى إسقاط الإخوان المسلمين ".
• كما ان السعيد يعلم جيدا أن كل الهزائم و التراجعات التى شهدتها كل التيارات السياسية المعارضة فى البلدان العربية : الإسلامية منها وغير الإسلامية ، تمت بفعل قهر الأنظمة الحاكمة البوليسية المستبدة ، وليس بسبب الاختيار الحر للناس .
• وأقرب مثل على ذلك هو انتخاباتكم الأخيرة التى تفخرون بها ، والتى قامت فيها أجهزة الأمن باعتقال أكثر من ألف عنصر من أنصار المعارضة ناهيك عن التزوير والتسويد وإغلاق اللجان وطرد المندوبين وترهيب المواطنين .
• ثم أنه نسى أن يذكر ان الصيادين المهرة فى أمانة التنظيم لم يكتفوا بصيد سمكة القرش فقط ، بل انهم صادوا كل الأسماك والأحياء البحرية الأخرى ، فلم يعد فى البحر أحدا سواهم .
• وكان أكثر ما أدهشنى فى هذا المقال الاعلانى الفج هو أن يقف السعيد هكذا أمام الرأى العام المصرى الشاهد بنفسه على جرائم التزوير الشامل الكامل ، فيتجاهل كل هذا ويدعى وبدون خجل أن حسن الإدارة والتنظيم هى التى مكنت الوطنى من النجاح .
• انها شجاعة بالغة وجرأة فائقة على لىّ الحقائق ، فضلا على ما فيها من تبذير وإسراف فى ما تبقى له من مصداقية لدى الآخرين .
• ولكن ما يهمني فى النهاية أن أؤكد عليه بوضوح ، هو انه حتى لو كانت المعارضة كلها كأسماك القرش التى تهاجم فقط حين تجوع وتكف حين تشبع ، فهى أرحم ألف ألف مرة من الحيتان التى أجوافها وضمائرها وذممها متسعة ، وتتطمع على الدوام فى التهام كل السلطات وكل الثروات وكل المناصب وكل شىء .
* * * * *
القاهرة فى 7 ديسمبر 2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق